group-telegram.com/Deerayah/611
Last Update:
تمعر وجهه 2 / 2
إن حالة الاحتفاء بالمشاعرتُعتبر طبيعية لدى الإنسان إذ أنها تطرب جانب "ما" لديه، والمستجد في الأمر درجة الغلو والمبالغة في رفع قيمة المشاعر وتوظيف أدوات التأثير على الإنسان بتهييجها وإذكاء المشاعر لديها، وهنا يبدأ التأمل والنقاش حول ظاهر عبادة المشاعر.
تُعتبر ظاهرة الفردانية والذاتانية" -حسب تعبير باول فيتيز- من أظهر الحالات التي عززت تقديس المشاعر لدى الأجيال المتأخر؛ إذ أن ضعف أو غياب المؤسسات الاجتماعية المعهودة(المسجد - الأسرة- المدرسة…) في بناء المجتمع مع الإعلاء من قيمة الذات الثناء عليها وأنها تستحق أكثر مما أوتيت وإن لم تنل هذا الاستحقاق فإنها حزينة مظلومة - وأحيانا لا تشير إلى من هضمها حقها! - وتستمر بدعوى المظلومية، فهذه العوامل المركبة من حالة اجتماعية وفردية تعتبر بيئة خصبة ومثالية وجاذبة لتعالي المشاعر وتقديمها حتى على المجتمع بدوائر تأثيره القريبة المماسة والمتوسطة والبعيدة، ومما يُذكر في هذا السياق أن الفرد في العصر الحديث عايش السرديات الكبرى(التنوير - الحداثة - الماركسية…) وجعلها معقد آماله وطموحه وخلاصه فسعى بخطى حثيثة لإنجاحها لكن باء سعيه بالفشل والبوار، فانكفأ على ذاته يفتش عن معنى يجعله سعيداً ويدفعه للحياة لكن نتيجة تراجع السرديات الكبرى أقوى من أن يقاومها فأل أو طموح جديد، وكان نتيجة ذلك شعور الإحباط واليأس يدفع الفرد إلى الاحتفاء بالذات فحسب، وما بعده فليجرِ عليه الطوفان، إلا أن حالة الغلو الذاتي والفرداني تخالف طبيعة الإنسان فكلما توغلت الذاتية والفردانية شعر بالوحشة والاغتراب، فالتمس من المشاعر ما يضمد تلك الوحشة ويداويها، فأحياناً تكون الجماهير وحياة الشهرة ما يجد فيها مشاعره، وأحياناً يتطلب شعور اللطف والحنان والاهتمام وتنميق الكلام والمبالغة في المظاهر قد تُوجد في نفسه الشعور بالرضاء، ومما يلاحظ أن نمطاً من المُثل بدأت تخْفت ويقلّ الاحتفاء بها مثل حب التضحية والإيثار على حساب منظومة مشاعر النرجسية وحب الذات والأنانية، والملاحظة الأخرى أن البيئة المثالية لطغيان المشاعر هي حالة الرفاه النسبي في المجتمعات الرأسمالية مع غياب السرديات الكبرى التي تفسر معنى الحياة.
أ.عبدالله السليم
https://www.group-telegram.com/us/Deerayah.com
BY دراية للعلوم الإنسانية
Share with your friend now:
group-telegram.com/Deerayah/611