group-telegram.com/Deerayah/655
Last Update:
لماذا الدراما ؟
قيل في نعت الإنسان أنه"كائن حكّاء" يستحسن الفكرة أو القضية المرتبطة بحبكة وحكاية، يدور مع أحداث الحكاية ويزيد في خياله ويهذّب حتى تتكون لديه أسطورة يصوغ منها ملاحمه وتاريخه وهويته ورؤيته للحياة.
الدراما هو ذلك الجزء الذي يصوغه المتحدث والقاصّ والكاتب والأديب مما احتف بأحداث الحياة ليحاكي عقول متلقيه من سامع ومشاهد، وهنا تبرز أهمية الدراما وقوة تأثيرها في الخطاب، وأُشير إلى الجزء الخافت في موضوع الدراما؛ إذ يغفل كثير من الناس أن ما يحتف من أحداث الرموز من قصص وأخبار حصرية ومصادر مطلعة هي جزء من الدراما، قصص البطولات في الحكايات الشعبية كأبي زيد الهلالي ولكل قوم حكاياتهم ورموزهم هي جزء من الدراما، الأخبار الحصرية عن المشاهير والرموز التي تعج بها الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي هي جزء من الدراما، المسرحيات الجوّالة في الميادين العامة هي جزء من الدراما،الأفلام القصيرة التي تعزز قيمة أو تناقش مشكلة وفيها حبكة هي دراما، أما عن المسرحيات المصورة والأفلام السينمائية فهي أشهر نموذج درامي حاضر، المُراد من تعدد الأمثلة لفت الانتباه سعة هذا الفن وعدم حصرة في جانب، مع الإقرار أن الأفلام السينمائية الدرامية هي أكثر فنٍ نالت نصيب واسعًا من الاهتمام؛ بفعل طبيعة الحياة الاجتماعية للمجتمعات الحديثة مثل النزوع إلى الفردانية إذ أصبحت وسائل العصر ومستجداته وتطبيقاته تدفع لهذا الاتجاه الفرداني، فأضحت الأفلام- للغارق فيها-أقوى تأثيرًا من البيئة المحيطة للفرد، واتسعت منصات العرض الدرامية من صالات عامة إلى تلفاز في البيت إلى منصات شخصية في هاتف كل فرد، وقد اتسم فن الدراما بسمات جعلته غاية في التأثير منها: أن الدراما لحظة مفارقة عن الحياة الطبيعية بتشذيب مالا يعُرف معنى لوقوعه في الحياة الطبيعية إلى الحتمية الدرامية، فيركن الفرد إلى المعاني الإنسانية التي يخشى أو يتمنى حدوثها، وأظن أنه كلما نزعت ظروف الحياة إلى استخدام المرء كآلة، نزع الإنسان وقت فراغه إلى ما يعيد إنسانيته من الخيال الرحمة والعطف والحب وغيرها من المعاني الإنسانية التي تعج بها الدراما، فيجد المتلقي إشباعًا في قيمهِ أو نزواته، وأحياناً يصوغ من الدراما مواقفه وتصرفاته وليس في هذا مبالغة! - وسنتحدث لاحقاً عن شيء من أدوات تأثير الدراما - بل تُشكّل هويته وتؤثر على مبادئه ومعتقداته؛ يشهد لهذا أن الدراما كانت حكراً في البلدان الشيوعية في أيدي صناع القرار فظهر لديهم المسرح الاشتراكي والدراما الفكرية التي تعزز القيم الشيوعية وذاك بسبب قناعتهم بعمق تأثير وسيلة الأعمال الدرامية.
تحرير أ. عبدالله السليم
https://www.group-telegram.com/us/Deerayah.com
BY دراية للعلوم الإنسانية

Share with your friend now:
group-telegram.com/Deerayah/655