Telegram Group Search
الحمد لله وحده.

اللهمَّ؛ أنا الذي أساء، وأنت الذي يعفو، لا يعفو إلا أنت!
الحمد لله وحده.

لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت حياة قريش وفارس والروم مستقرة منتظمة، اجتماعيا وسياسيا ودينيا.
لكن هذا الاستقرار في "مؤسسات" هذه الأنظمة، لم يكن على وفق مراد الله تعالى، مالك الأرض ومن عليها.

فكانت بعثته صلى الله عليه وسلم إصلاحا لهذا الفساد على الأرض، وإن اقتضى ذلك زعزعة استقرار هذه الأنظمة على الباطل، ولو بسفك الدم.
الحمد لله وحده.

طلع الفجر، فذهب تعب الليلة كله، وكذلك كل ليلة!
الحمد لله وحده.

بعض الناس يقتبس كلام غيره بلا نسبة، وهذا غلط وغير جائز، ولا شك أنه يدخل في تشبع المرء بما لم يعط، فيكون كلابس ثوبين من الزور، كما حكَم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويدخل أيضا في آفة محبة أن يحمد بما لم يفعل، وهو مذموم بحكم القرآن.

وقد نبهت مرات متعددة كثيرة، بسبب تكرار السؤال: أنني أجيز لأي شخص أراد أن ينقل كلامي ولا أشترط أن ينسبه لي، لكن يكفيه أن يكتب أنه منقول، حتى لا يقع في المحظور.
هذا؛ مع أنني لا أعلم سببا لترك ذكر المصدر، لكن لا حرج.

وكل ما سبق، خير من سارق متقعر، دأب على أخذ كلام غيره فيعيد ترتيبه، ويتفاصح به ويتعالم، فيخطئ، ويعرفه المتفطنون.
وهذه بعض مفاسد مواقع "الإعجابات" هذه، نسأل الله صدق النية، وسلامة القلب من الآفات، ونعوذ بالله من سمعة الكذب.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
الحمد لله وحده.

وتقبل علينا الليلة الثالثة والعشرون، وما أدراك ما هي.
ولو قيل لي: اختر ثلاث ليال هي الأقوى في أدلتها، والأكثر في القائلين بها من العلماء، أنها ليلة القدر، لكان من بينها ليلة 23 رمضان، وقد:

(1) قال رسول الله ﷺ: (التمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر) [رواه البخاري ومسلم].
وليلة ثلاث وعشرين هي من ليالي الوتر، إذا كان العدُّ من بداية العشر.

(2) جاء حديث فيها خاصة، وهو ما:
روى الإمام مسلم في صحيحه، أن رسول الله ﷺ قال: (أُريت ليلة القدر، ثم أنسيتُها، وأُراني صُبحَها أسجدُ في ماءٍ وطين).
قال عبد الله بن أنيس راوي الحديث، رضي الله عنه: فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانصرف وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه.
فكان عبد الله بن أنيس يقول: ثلاث وعشرين، أي: هي ليلة القدر.

(3) وممن جاء عنه تحري ليلة ثلاث وعشرين خاصة، أو أنها هي ليلة القدر، ما:
1- صحَّ عن عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، بإسناد جليل: (أنها كانت توقظ أهلها ليلة ثلاث وعشرين).

2- وصحّ عن ابن مسعود رضي الله عنه، بإسناد جليل، أنه أمر بتحريها في ثلاث ليال، منها ليلة ثلاث وعشرين.

3- وصحَّ، إن شاء الله، عن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، الفقيه بالقرآن، الذي دعا له النبي ﷺ أن يفقه الدين، أنه قال: (أُتِيتُ في رمضان وأنا نائمٌ فقيل: إن الليلةَ ليلة القدر)!
قال ابن عباسٍ: (فقمت وأنا ناعس، فتعلَّقتُ ببعض أطناب فسطاط رسول الله ﷺ، فأتيت النبي ﷺ وهو يصلي، فنظرت في الليلة فإذا هي ليلة ثلاث وعشرين).

4- وربّما مِن أجل ذلك، كان ابن عباس رضي الله عنهما: (يرشُّ على أهله الماء ليلة ثلاث وعشرين)، كما صحَّ عنه أيضًا، إن شاء الله.

5- وورد عن بلال بن رباح، رضي الله عنه، مؤذّن رسول الله ﷺ، أن سئل عن ليلة القدر فقال: (ليلة ثلاث وعشرين).

6- وعن عبد الله بن أُنيس صاحب رسول الله ﷺ أنه سئل عن ليلة القدر، فقال: (سمعت رسول الله ﷺ يقول: "التمسوها الليلة"، وتلك الليلة ليلة ثلاث وعشرين)، وسبق أيضا ما صح عنه في صحيح مسلم.

وعن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه أيضًا، أنه قال لرسول الله ﷺ: (يا رسول الله، إني رجل شاسع الدار، فائمرني بليلة أنزل فيها)، يعني لتحري ليلة القدر، فقال له النبي ﷺ: (انزل ليلة ثلاث وعشرين).

7- وجاء عن معاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنه، صاحب رسول الله ﷺ أنه قال: (ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين).

8- وعن الإمام الفقيه العظيم، والتابعي العابد الجليل: سعيد بن المسيب، رحمه الله، كذلك.

9- والإمام الفقيه المتقن الصالح: أيوب بن أبي تميمة، سيّد شباب أهل البصرة كما قال عنه الحسن البصري، حتى إنه قد صحَّ عنه رحمه الله أنه كان: (يغتسل في ليلة ثلاث وعشرين، ويمس طيبًا).

10- وصحّ عن مكحول، الفقيه الدمشقيّ، الإمام العابد، وعالم أهل الشام في زمنه، وشيخ الزهري وربيعة وغيرهما، أنه (كان يراها ليلة ثلاث وعشرين)، فحدثه الحسن بن الحر، عن عبدة بن أبي لبابة، أنه قال: [هي] ليلة سبع وعشرين، وأنه قد جرب ذلك بأشياء، وبالنجوم.. فلم يلتفت مكحول إلى ذلك، وثبت على أنها ليلة ثلاث وعشرين!

11- وقال الإمام الشافعي، رحمه الله، أعظم من حُفظ الفقه عنه بعد التابعين: (كأني رأيتُ، والله أعلم، أقوى الأحاديث فيه: ليلة إحدى وعشرين، أو ليلة ثلاث وعشرين).

وسبق مرارا أن الحريص، هو الذي يجتهد في الليالي كلها، الأوتار والأشفاع.
فاللهم لا تحرمنا، وأعنَّا على ما بقي، يا ربُّ يا كريم.
لا تكسل.
الحمد لله وحده.

رأيت طفلا في الخامسة من الجيرة قبيل المغرب وفي يده طعام مصنَّع من الذي أفسدوا به صحة وذوق الناس، فسألته مازحا وهو الذي يزعم أنه يصوم: (انت ليه مش صايم)؟
فأجابني جادًا: (معلش هاكل دي وأصوم على طول).. فضحكت، وتذكرت علي جمعة والأطفال..
الحمد لله وحده.

ليلتنا هذه طيبة، مباركة إن شاء الله.
أنصحك لله: لا تكسل، وخذ نفسك الليلة بالقوة والعزم والجد ومعالي الأعمال.
الحمد لله وحده.

(إن الله خلق الخلق؛ ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ويخافوه.
ونصب لهم اﻷدلة الدالة على عظمته وكبريائه؛ ليهابوه ويخافوه خوف الإجلال.
ووصف لهم شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن عصاه؛ ليتقوه بصالح الأعمال).
ابن رجب.
الحمد لله وحده.

الليلة الرابعة والعشرون، بداية (السبع الأواخر).
ليلة 24 من رمضان، هل تكون ليلة القدر؟

س1/ هل يمكن أن تقع ليلة القدر في ليلة أربع وعشرين؟
ج1/ نعم هذا ممكن، وشرحت لك، مرارا، قوة ذلك، من حديث رسول الله ﷺ، رغم أنها ليلة زوجية.
وأيضًا: فقد قال بهذه الليلة، خاصة: طائفة من أهل العلم، وهو قول مشهور في عدد من علماء البصرة.
وأخيرا: انتبه، ولا تغفل أنها أولى ليالي السبع الأواخر أيضا.

س2/ لكن المشهور هو (الليالي العشر الأواخر)، فما خصوصية (السبع الأواخر)؟
ج2/ سأبين لك، إن شاء الله، شأن السبع الأواخر، وشأن ليلة أربع وعشرين خاصة، فقد:

(1) اختصَّ رسول الله ﷺ السبع الأواخر بذكرها، أن نتحرَّى فيها ليلة القدر، كما:
■ روى البخاري ومسلم أن رجالا من أصحاب النبي ﷺ أُروا ليلة القدر في المنام، في السَّبع الأواخر، فقال رسول الله ﷺ: (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها، فليتحرها في السبع الأواخر).
وتبدأ السبع الأواخر بليلة أربع وعشرين.

■ وروى مسلم في صحيحه أن رسول الله ﷺ قال عن ليلة القدر: (التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يُغلبنَّ على السبع البواقي).

(2) جاء اختصاص (ليلة أربع وعشرين) في كلام رسول الله ﷺ، وهو ما:
1- روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلةَ القدر، في تاسعةٍ تبقى، في سابعةٍ تبقى، في خامسةٍ تبقى).

2- وروى البخاري في صحيحه بعده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هي في العشر الأواخر، هي في تسع يمضين، أو في سبع يبقين) يعني ليلة القدر.

■ وقد فسر لنا ابن عباس نفسه، رضي الله عنهما، معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (سبع يبقين) و(سابعة تبقى)، فقد ذكر البخاري بعد هذين الحديثين قول عبد الله بن عباس وهو هو راوي الحديث: (التمسوا في أربع وعشرين).
قال العلماء: (ظاهره أنه تفسيرٌ للحديث فيكون عمدةً).

(3) أما الصحابة والسلف والأئمة، الذين ترجَّح عندهم أن (ليلة أربع وعشرين هي ليلة القدر)، فقد:
1- ورد عن بلال بن رباح، مؤذّن رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
2- وعن أبي هريرة، حافظ الإسلام، صاحب رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
3- وعن أنس بن مالك، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4- وأمر بتحريها عبد الله بن عباس، الإمام الفقيه، العالم بالتفسير، صاحب رسول صلى الله عليه وسلم، كما سبق ذكره من صحيح البخاري.
5- وعن يزيد بن رومان، الإمام في القرآن والحديث والعبادة، وهو من رجال الجماعة، فلمَّا شكّكه بعض الناس في ذلك، قال: (تريد أن تخدعني؟ هكذا سمعتُ)!
6- وهو قول مشهور في البصريّين، فيُذكر عن الحسن البصري، رحمه الله.
7- وكان أيّوب السختياني يجمع بين الليلتين 23، و24، من باب الاحتياط، ويقول: (ليلة ثلاث وعشرين ليلة أهل المدينة، وليلة أربع وعشرين؛ ليلتنا)، يعني: أهل البصرة.
8- كذلك كل العلماء الذين يحسبون الليالي الوترية بحسب المتبقي من العشر الأواخر، لا بحسب بدايتها، فقولهم في الليلة الوترية السابعة، هو أنها ليلة أربع وعشرين، وقد سبق أن هذا هو شرح أبي سعيد الخدري رضي الله عنه لكلام رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وقد قال رضي الله عنه: (نعم، نحن أحق بذلك منكم)، لما قيل له: (أنتم أعلم بالعدد منا)، وهذا رواه مسلم في صحيحه.

9- قد ذُكر أن القرآن قد بدأ نزوله في ليلة أربع وعشرين من رمضان، وفيه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه لا يصح.
لكن القول بأن القرآن بدأ نزوله في ليلة أربع وعشرين، هو قول كثير من العلماء والأئمة، وهو من ضمن أدلة بعض العلماء على أن ليلة أربع وعشرين: أولى أن تكون ليلة القدر.

أخي..
إنّ في الغفلة عن ليلة أربع وعشرين خطرا كبيرا، وقد رأيتَ أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ قد خصَّها بالذِّكر، فلا تحرم نفسك.
وسبق الشرح مرات:
لقد اختلف الصحابة والسلف والأئمة في تعيين ليلة القدر، وأن سبب اختلافهم هو تعدد النصوص الصحيحة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما اختلفوا في فهم وشرح المقصود بالليالي الوترية، والعدّ من آخر الشهر طريقة صحيحة عند العرب، استعملها الصحابة، بل: طريقة شرعية استعملها رسول الله ﷺ.
فالمسلم الحريص، لا يكسل عن أي ليلة من العشر!
فالأجر جزيل، والعطاء واسع، والعمل يسير على من يسره الله عليه، فكلها ليالي قليلة، وسويعات!
اللهم ارزقنا ثوابها تامًّا، ولا تحرمنا!
الحمد لله وحده.

نحن الذين نريد أن نحارب أهواءنا.
نزاعنا مع أنفسنا مستمر، ونزالنا مع شهواتنا دءوب!
حربنا ونزاعنا ونزالنا.

شهواتنا وغفلاتنا ودنيانا ومتاعنا، وحياتنا الدنيا.. الحلوة الخضرة، التي حُذرنا منها، على لسان نبي..
لكن؛ أنفسنا وأهواؤنا والشياطين وأعوان الشياطين، ونحن.

ما زالت أنفسنا تخدعنا، ونخادعها.
تأخذ منا ونأخذ منها.
نقهرها مرة، فتغلبنا مرات!
وإنما نريد أن نزاحم أهل الإيمان على نصيب في الجنة.

اللهم بدد غفلتنا يا رب!
غفلتنا عن مستقبلنا الذي لا ريب فيه:
وقفتنا أمام ربّ كريم.. وهو عدل، رءوف رحيم .. وهو شديد العقاب.. لا تخفى عليه خافية.. وهو السَّتِير الحليم.
اللهم سترَك يا رب، اللهم حلمَك يا رب.. اللهم عفوك يا رب، اللهم قوتك يا رب، اللهم نصرتك يا رب، اللهم معونتك يا رب، اللهم معونتك يا رب، اللهم.. اللهم!
لا إله إلا أنت.
الحمد لله وحده.

الليلة الخامسة والعشرون، إحدى ثلاث ليال فقط قامها رسول الله ﷺ بأصحابه.
ليلتنا هذه هي ليلة 25 من رمضان، فتأمل يا طالب ليلة القدر:

(1) جاء عن رسول الله ﷺ، ما:
1- روى البخاري في صحيحه أنه ﷺ قال عن ليلة القدر: (إنها في العشر الأواخر، في وتر).
وعند البخاري أيضًا، قال ﷺ: (التمسوها في العشر الأواخر، في وتر).
وقد سبق أن المعنى الأشهر من معاني الوتر، أنها الليالي الفردية، إذا بدأنا العدَّ من أول العشر، وليس من الآخر.

2- وروى البخاري ومسلم في الصحيحين:
أنه ﷺ قال لأصحابه: (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها، فليتحرها في السبع الأواخر).
وفي صحيح مسلم أنه ﷺ قال: (التمسوها في العشر الأواخر - يعني ليلة القدر - فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يغلبن على السبع البواقي).
وقد علم كل إنسان نفسَه، إن كان عجز أو ضعف!
وليلة خمس وعشرين؛ هي إحدى ليالي السبع الأواخر من رمضان، وقد خُصَّت هذه الليالي بالذِّكر.

■ ولم يكن السبب في الحث على السبع الأواخر، هو رؤيا الصحابة فقط، بل لمعنى آخر من الفضل، ويدلُّ على ذلك ما:
روى البخاري في صحيحه: أن أناسا أروا ليلة القدر في السبع الأواخر، وأن أناسا أروا أنها في (العشر الأواخر)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (التمسوها في السبع الأواخر).

(2) جاء اختصاص ليلة خمس وعشرين بالذِّكر أيضًا، فقد:
1- روى البخاري في صحيحه أن رسول الله ﷺ خرج يخبر بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين فقال: (إني خرجت لأخبركم بليلة القدر، وإنه تلاحى فلان وفلان، فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم، التمسوها في السبع، والتسع، والخمس).
وقد سبق أنَّ الخمس هي ليلة خمس وعشرين، على اعتبار العدِّ من أول العشر، وهو القول المشهور.
وقد جاء عن الإمام مالك بن أنس رحمه الله تفسير الخامسة هنا، بأنها: (ليلة خمس وعشرين).

2- وقد قام رسول الله ﷺ بأصحابه عدة ليال من رمضان، قبل أن يدع هذا، خشية أن تُفرض، منها ليلة خمس وعشرين، كما جاء عن بعض الصحابة، منهم أبو ذر رضي الله عنه.
ومنهم النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وقد خطب للناس بذلك على منبر حمص، فقال: (وقمنا معه ليلة خمس وعشرين ...) رواه أحمد في المسند وغيره.

فالأمر كما ترى، قد خصَّ رسول الله ﷺ ليلة خمس وعشرين أن نلتمس فيها ليلة القدر.
وقام هو ليلة خمس وعشرين بأصحابه، ﷺ، ضمن ثلاث ليال فقط!
وهي ليلة وترية، وقد أمرنا بالالتماس في الأوتار.

وقد سبق مرارا، أن الحريص هو الذي يقوم الليالي كلها، ولا يفرط في ليلة واحدة، فإن الأجر جزيل، والعمل قليل.
ونحن والله فقراء محتاجون، فمن العيب الاعتماد على اجتهادك الذي قد يخطئ!
فاللهم اجمع علينا شملنا.
وذلل قلوبنا بين يديك!
واقبلنا يا كريم!
الحمد لله وحده.

ليلتنا هذه والله طيبة ساكنة، فخذ حظك منها وأكثر، وحسِّن ما استطعت، وادع لإخوانك ونفسك، واذكر الله وتذلل له، ولا تغفل عنها أو تكسل، إياك.
حتى متى .. ؟!

خطب المنذر بن سعيد البلوطي (ت: 355هـ)، رحمه الله وعفا عنه، يوما،
فأعجبته نفسه،
فقال:
حتى متى؛
أعظ .. ولا أتعظ،
وأزجر ... ولا أزدجر؟!
أدل على الطريق المستدلين؛
وأبقى مقيما مع الحائرين؟!
كلا؛
إن هذا لهو البلاء المبين!

اللهم فرغبني لما خلقتني له.
ولا تشغلني بما تكفلت لي به!!
الحمد لله وحده.

تنبيه خاص مؤكد بليلة ست وعشرين.
ليلة السادس والعشرين من رمضان، إحدى أرجى الليالي عندي أن تكون ليلة القدَر والشرف، والعطاء الجزيل!

(1) هي إحدى ليالي السبع الأواخر، وقد سبق أن في السبع الأواخر حثًّا خاصًّا، كما قال لأصحابه: (من كان متحريها، فليتحرها في السبع الأواخر)، وهو في الصحيحين.
وكما في صحيح مسلم قوله : (التمسوها في العشر الأواخر - يعني ليلة القدر - فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يغلبن على السبع البواقي).

(2) خصَّها رسول الله ﷺ بالذِّكر، كما:
1- روى البخاري في (باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر)، قول رسول الله : (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في "خامسة تبقى").
فقد حسب رسول الله ، بالليالي الباقية.
وقد روى البخاري بعده قول ابن عباس صراحة: (التمسوا ليلة أربع وعشرين)، فهو تفسير (سابعة تبقى).
فتكون: (خامسة تبقى)، في كلام رسول الله ، هي: ليلتنا هذه، ليلة ست وعشرين، بلا شكّ.

2- روى مسلم في صحيحه:
عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال: (التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة).
قال أبو نضرة للصحابي أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (يا أبا سعيد، إنكم أعلم بالعدد منا).
فأجابه: (أجل، نحن أحق بذلك منكم)!
فسأله أبو نضرة: (ما التاسعة والسابعة والخامسة)؟
فقال أبو سعيد الخدري: (إذا مضت واحدة وعشرون، فالتي تليها ثنتين وعشرين وهي التاسعة، فإذا مضت ثلاث وعشرون، فالتي تليها السابعة، فإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة).

■ أقول:
فهذا نحن، قد مضت خمس وعشرون، فالليلة الآتية هي (الخامسة)، التي أمرنا رسول الله أن نلتمس فيها ليلة القدر.
وهي ليلة ست وعشرين.

■ ولا بأس أن نتذكر جزءا من فتيا شيخ الإسلام ابن تيمية التي سبق نشرها، فقد سئل شيخ الإسلام رحمه الله عن ليلة القدر، وهو معتقل بالقلعة قلعة الجبل سنة 706، فأجاب رضي الله عنه:
(الحمد لله. ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، هكذا صحّ عن النبيّ أنه قال: (هي في العشر الأواخر من رمضان)، وتكون في الوتر منها.
- لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فتُطلب ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين.
- ويكون باعتبار ما بقي، كما قال النبي : (لتاسعة تبقى، لسابعة تبقى، لخامسة تبقى، لثالثة تبقى)، فعلى هذا: إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع، وتكون الاثنين وعشرين: تاسعة تبقى، وليلة أربع وعشرين: سابعة تبقى، وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح... ).

■ فالخلاصة: أنَّ قول النبي : (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ... في خامسة تبقى)، معناه: ليلة (ست وعشرين) الآتية، وبذا فسر أبو سعيد الخدري الحديث، وهو أعلم بالعدد منَّا، وقد صام مع رسول الله رمضان.

فإن قلت لي: فلماذا هي من أرجى الليالي عندك؟
أقول لك: لأنَّ كثيرًا من الناس يغفل عنها، أو يتهاون بها، مع أن رسول الله قد خصّها بالتنبيه، في حديثين، في الصحيحين!

ومع ذلك فيعتني بها المحبون، والصادقون فيما يطلبون، والحريصون، وليلة القدر شريفة جدًّا.. وثوابها عظيم جدا، وسلعة الله غالية.

فلا يبعد أن يخص الله بها من يخصّه.
فاللهم لا تحرمنا..
واقبلنا في الطائعين يا كريم!!

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
الحمد لله وحده.
اللهم إني أعوذ بك من فجاءة نقمتك، وتحول عافيتك!
اللهم انصر عبادك، واخذل أعداءك!
الحمد لله وحده.

ليلة سبع وعشرين من رمضان.
وما أدراك ما ليلة 27 من رمضان!
هي أرجى ليالي العشر عند الجماهير من الأمَّة، من السّلف والأئمَّة، والعلماء والعامَّة، أن تكون ليلةَ القدر!

(1) هي من العشر، ومن السبع:
1- روى البخاري ومسلم في الصحيحين أنه ﷺ قال: (التمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كلِّ وتر).
2- وروى البخاري ومسلم في الصحيحين أنه ﷺ قال: (من كان متحريها، فليتحرها في السبع الأواخر)، وروى مسلم في صحيحه عنه ﷺ قال: (التمسوها في العشر الأواخر - يعني ليلة القدر - فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يغلبن على السبع البواقي).
■ وليلة سبع وعشرين، فيها كل ذلك، فهي وتر من العشر الأواخر، إذا كان العدُّ من بداية العشر، وهي من السبع الليالي البواقي.

(2) ولها خصوصية، فيحلف عليها صحابي كبير:
روى الإمام مسلمٌ في صحيحه عن زر بن حبيش، أنه سمع أبيّ بن كعب يقول عن ليلة القدر: (والله الذي لا إله إلا هو، إنها لفي رمضان، ووالله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله ﷺ بقيامها، هي ليلة صبيحة سبع وعشرين).
قال زرّ: يحلف ما يستثني.
وأبيٌّ رضي الله عنه، هو الصحابي الذي أمر اللهُ نبيَّه أن يقرأ عليه القرآن، فكان يحلف بالله أنها ليلة سبع وعشرين، ولا يستثني، يعني: لا يقول إن شاء الله!
ويقول: (أمرنا بها رسول الله)، صلى الله عليه وسلم!

(3) ممن كان يرجو أو يرجِّح أن ليلة سبع وعشرين هي ليلة القدر:
1، 2- عمر بن الخطاب أمير المؤمين، وحذيفة بن اليمان، رضي الله عنهما، وعدد من الصحابة:
فقال زر بن حبيش: (كان عمر وحذيفة، وناس من أصحاب رسول الله ﷺ لا يشكون أنها ليلة سبع وعشرين ، تبقى ثلاث)، ثمَّ قال زرٌّ للسائل: فواصِلْها، وسيأتي شرحه، إن شاء الله.

3- أبي بن كعب، رضي الله عنه، كان يقول: (ليلة القدر ليلة سبع وعشرين)، وكان يحلف عليها ولا يقول: (إن شاء الله)، كما سبق.

4- أبو هريرة، حافظ الإسلام، رضي الله عنه.
5- معاوية بن أبي سفيان، صاحب رسول الله ﷺ فقد قال: (ليلة القدر: ليلة سبع وعشرين)، رواه أبو داود.

6- جابر بن سمرة، صاحب رسول الله ﷺ.
7- عبد الله بن عباس، الفقيه المعلّم، صاحب رسول الله ﷺ، محتملا أن تكون هي أو تكون ليلة (23) فإنه قال: (لسبع مضين، أو سبع بقين).

8- زر بن حبيش .. الإمام التابعي.
في خلق يكثرون ويطول ذكرهم من التابعين.

9- وهو جادة مذهب الإمام أحمد بن حنبل.
10- وهي رواية عن أبي حنيفة.
كما قال ابن حجر في فتح الباري: (هو الجادة من مذهب أحمد، ورواية عن أبي حنيفة) اهـ.

■ لطيفة:
روى عبد الرزاق في مصنفه: عن الثوري، عن عبد الله بن شريك قال:
رأيت زرَّ بن حبيش، وقام الحجَّاجُ على المنبر، يذكر ليلة القدر، فكأنه قال: إن قوما يذكرون ليلة القدر .. فجعل زرٌّ يريد أن يثب عليه، ويحبسه الناس..
قال زر:
(هي ليلة سبع وعشرين، فمن أدركها فليغتسل، وليفطر على لبنٍ، وليكن فطرُه بالسَّحر).

قلتُ: معنى كلام زر، أن يفطر الإنسان على لبن عند المغرب، ويواصل العبادة، حتى السَّحر، ثم يجعل طعامه عند السَّحر، فقد جاء عنه رحمه الله قوله صراحة: (فواصِلها)، وهذا هو مراده بالوصال، والله أعلم.

وقد سبق مرارًا، أن الحريص هو الذي يقوم الليالي كلها، ولا يحرم نفسه من الأجر الجزيل، مهما كان القول، لأن الأقوال مختلفة، وأدلتها قوية، قريبة من التكافؤ.

ونحن أفقر من أن نفرّط في ثوابٍ ليلة واحدة، هو ثوابٌ خيرٌ من ثواب ألف شهر من العبادة، والعمل محتمل، بل: قليل!
وما بقي إلا القليل!

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
الحمد لله وحده.
سبحانك أن تردَّ من أرادك، وجاءك واقفًا ببابك.
فاللهمَّ أنزل رحمتك على قلوب عبادك فتذل وتخشع.
أنت الذي يرزقهم الخشوع، وأنت الذي يثيبهم عليه!
لا حول ولا قوة إلا بالله!
الحمد لله وحده.

إياك!
إياك أن يزدحم الخلق والعبيد في الأقطار على باب الله ليلة سبع وعشرين، ولا تكون فيهم.

بل بادر، وبكّر، وزد، وألح، وخذ مكانك، ودع اللهو، واطرد الكسل، وادع الله، و{سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السمآء والأرض أعدت للذين ءامنوا بالله ورسله}.
الحمد لله وحده.

تأتي ليلة الثامن والعشرين من رمضان، وقد أجهد كثير من الناس أنفسهم في ليلة سبع وعشرين، وحق لهم.
لكنهم يعاملون أنفسهم في ليلة ثمان وعشرين أسوأ معاملة!
الحمد لله وحده.

ليلة ثمان وعشرين من رمضان (ثالثة تبقى)؛ لعلها يصدق أنها: ليلة المحسنين!
وهي ليلة كأنها: ليلة برهان صدق الإقبال على الله في العشر الأواخر، خير ليالي العام كله.
فأحسن إلى نفسك في ليلة ثمان وعشرين من رمضان، ليلتنا هذه.
واحذر نفسك ليلة الثامن والعشرين!

ليلة الثامن والعشرين هي (ثالثة تبقى)، فهل تكون ليلة القدر، وتكون العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر؟!

1- قد روى الطيالسي والبيهقي في شعب الإيمان حديثا عن رسول الله ﷺ فيه الأمر بتحري ليلة القدر في (ثالثة تبقى)، وهي ليلة ثمان وعشرين، ليلتنا هذه.

وتذكَّر أن:
2- ليلة الثامن والعشرين: هي ليلة وترية، باعتبار ما بقي، إن كان الشهر تامًّا.
لأنها الليلة الثالثة من نهاية الشهر، والثالثة وتر.

3- وقد أمرَنا رسول الله ﷺ بالتماس ليلة القدر في الأوتار من العشر الأواخر، وعلَّمنا أيضًا أن نعدَّ من نهاية الشهر، كما فعل هو بنفسه ﷺ.
قال ﷺ: (تحروا ليلة القدر، في الوتر من العشر الأواخر من رمضان).
وقال ﷺ: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى).
والحديثان في صحيح البخاري.

4- وهذه الطريقة في العد والحساب، أعني أن نحسب من نهاية الشهر، هي طريقة صحيحة عن رسول الله ﷺ، كما جاء في الصحيحين البخاري ومسلم.

وكما أكَّدها شرح الصحابة رضوان الله عليهم، كما جاء عن ابن عباس في صحيح البخاري، وعن أبي سعيد الخدري في صحيح مسلم.
فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما صريح قوله: (التمسوا في أربع وعشرين).
وقد سبق كل ذلك مفصَّلًا.

5- لو كان الشهر تامًّا:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية، بعد أن قال إن ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر:
(لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فتُطلب ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين.
■ ويكون باعتبار ما بقي، كما قال النبي ﷺ: «لتاسعة تبقى، لسابعة تبقى، لخامسة تبقى، لثالثة تبقى».
فعلى هذا: إذا كان الشهر ثلاثين [يكون ذلك ليالي الأشفاع]) انتهى كلام شيخ الإسلام.

5- لو كان الشهر ناقصًا:
قال ابن حزم الظاهري رحمه الله، أحد أذكياء المسلمين وعظمائهم، في المحلى، عن ليلة القدر:
(... إلا أنه لا يدري أحدٌ من الناس أيّ ليلة هي من العشر المذكور؟
إلا أنها في وتر منه ولا بد.
فإن كان الشهر تسعًا وعشرين:
فأوّل العشر الأواخر بلا شك: ليلة عشرين منه؛ فهي إما ليلة عشرين، وإما ليلة اثنين وعشرين، وإما ليلة أربع وعشرين، وإما ليلة ست وعشرين، وإما [ليلة ثمان وعشرين]؛ لأن هذه هي الأوتار من العشر الأواخر ...) انتهى المراد نقله عن ابن حزم.

■ أقول:
تأتي ليلة الثامن والعشرين من رمضان، وقد أجهد كثير من الناس أنفسهم في ليلة سبع وعشرين، وحق لهم.
لكنهم يعاملون أنفسهم في ليلة ثمان وعشرين أسوأ معاملة!

وتأتي هذه الليلة وتبدأ فيها مشاعر الوداع، وهذا صواب.
لكن الواجب أن يحسن الإنسان في الوداع ويجتهد، سواء من أحسن الاستقبال ومن لم يحسن!
فكيف إذا علم أنه لم يحسن؟!

أفي أول الفريضة وآخرها؟!

إياك أن تستغني عن رحمة الله وبركاته، فإن من استغنى عن الله؛ وكله إلى ما ظنَّ أنه يغنيه!
هذا زمن شريف.. وهذا موسم لم ينفضّ!
وليلة القدر لا سبيل إلى الجزم بها.
والمريد: لا يترك ليلة واحدة، من حرصه وصدق طلبه لليلة الشريفة، عسى أن تكون منجية له يوم الميزان.

أستغفر الله!
بل المريد يصنع لنفسه ليلة ذلٍّ وانكسار، واطّراحٍ على باب الملك الغنيّ، حتى إن كان رأى فوات ليلة القدر برؤية الملائكة بعينيه!
لأن إرادة المريد إنما هي لله، لذات الله.
ولأن المريد: يعلم حاله، ويعلم حقيقته، وحقيقة ما هو مقدم عليه غدا، وحقيقة مطلوب مولاه منه، ويعلم شرف الزمان!

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك!
2024/10/06 17:23:11
Back to Top
HTML Embed Code: