Telegram Group Search
اللهم عفوك وعافيتك!
اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك!
نعوذ بك من موت القلب وتبلد المشاعر والإعراض عن آلام المسلمين وجراحاتهم!
نعوذ بك أن نركن إلى الدنيا أو أن تستبد بنا الفانية!
اللهم عفوك اللهم غوثك اللهم مغفرتك اللهم عونك! اللهم نصرك وتأييدك !
نعوذ بك من الغفلة وحمأة الذل ومرابض السفه !
Forwarded from نُتف واضحية (خبيب الواضحي)
العزوف عن تعلُّم الدّيانة  |•

أفضيتُ اللّيلةَ إلىٰ شيخِنا الفقيهِ محمّدٍ سُكْحالٍ بشيءٍ في نفسي ... فقال لي عفوًا:

«العزوفُ عن التّعلُّم الّذي نشهدُه: شيءٌ مخيف!

إذا صدَف النّاسُ عن تعلُّم الشّرعِ فمَن لهم في الفتوىٰ؟ ومَن لهم في الإرشادِ؟ فهم نُهْبةُ الأفكارِ الضّالّةِ المضلّةِ، نُهبةُ المذاهبِ الهدّامةِ، نُهبةُ الانحرافِ الخطيرِ، نسأل الله العافية.

إنّي ـ واللهِ العظيمِ ـ لو أتيح لي أن أَخطُبَ في المنابرِ، لكانت أكثرُ خطبي عن التّعلُّمِ، فالتّعلُّمِ، تعلُّمِ الدّينِ التّعلُّمَ الرّصين، الّذي به يبينُ للإنسانِ الطّريقُ المستقيم.

كيف تعبُدُ الأمّةُ ربَّها عبادةً صحيحةً وهي علىٰ جهالةٍ؟ أم كيف تعرفُ رسالتَها العظيمةَ؟ وكيف تؤدِّيها للنّاسِ»؟! انتهىٰ.

•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•

نُتف واضحية
نص نفيس من شيخنا أبي روح حفظه الله:
Forwarded from بوارق من الكتاب (خبيب الواضحي)
= تابع

* عبرة:

❏ ولهٰذا المعنىٰ مِن شواهدِ القرآنِ والسّنّة ما لا يضبطُه التّقييدُ، وإذا تأصّل: وُزِن به ما يُشِيعُه كثيرٌ مِن النّاسِ اليومَ علىٰ أنّه هو السّنّةُ المحضةُ، ومقتضى المنهاجِ السّويِّ، يجتثّونه اجتثاثًا: مِن البتِّ في هِجرانِ مَن تلبَّس ببدعةٍ أو أَعلَن خلافًا لما دلّ عليه القرآنُ والسّنّةُ في بابٍ مِن الأبوابِ ممّن ثبَت دينُه بيقينٍ، وإذا عُلِم أنّه خلافُ ما تقرَّر في هٰذه الآيةِ وأمثالِها وهو في القرآنِ والسّنّةِ كثيرٌ: تبيَّن أنّه خلافُ حكمِ اللهِ عزّ وجلّ الّذي رضي لعبادِه المؤمنين أن يعاملوا به. وما هو إلّا مِن فسادِ الفهمِ، المفضي إلى الظُّلم، والبغيِ في الحكمِ.

❏ وقد أوجب قولَهم ذٰلك ولوازمَه الفاسدةَ خللٌ منهم في التّصوُّر يتتابَعون عليه، وخللٌ في الإرادة.

- أمّا خللُ التّصوُّر فأمران:

الأوّل: قصورٌ في النّظر، واستعجالٌ لأواخرِ الأمورِ قبلَ استتمامِ أوائلِها، قذَف بهم في الاشتغالِ بساحاتِ الخلافِ دونَ ضبطٍ لمواضعِ الوفاقِ، ومباني الحقائقِ، ألا ترىٰ أنّهم جعَلوا الأمورَ العارضةَ الّتي تُذكَرُ في مواطنِها المخصوصةِ: هي الأصولَ المستقرّةَ الّتي يعاودونَ الحديثَ فيها، ويدندنون حولَها، ويحاكمون إليها، وإذا ما نُوزِعوا فيها صاحوا: رُدّت السّنّة بالأهواءِ، وانتشرت البدعُ! وإذا رُدّ عليهم قالوا: قد صار أهلُ السّنّةِ غرَضًا لكلِّ أثيمٍ! وقد قلتُ يومًا لبعضِهم:

ولستَ أنت السُّنّةَ، الزَمْ حَدَّكا
فلم يَرُدُّ سنّةً مَن رَدَّكا


والأصولُ الشّرعيّةُ المستقرّةُ شيءٌ غيرُ العوارضِ، ولا تُفهَم العوارضُ حقَّ الفهمِ ولا يُعرَفُ تفسيرُها تمامَ المعرفة، ولا يمكنُ استعمالُها استعمالًا صحيحًا، إلّا بالأصولِ، والأصولُ عن القومِ غائبةٌ، لأنّها تحتاجُ إلىٰ كثيرٍ مِن تحرّي مرادِ اللهِ ورسولِه، وطلَب العلمِ، والقومُ أخَذوا منهجَهم مِن كتبِ الرّدودِ، لا مِن كتابِ المعبود، فصار فهمُهم خلافَ ما أراد اللهُ ورسولُه ...

والآخر: أن ترَكوا التّعويلَ علىٰ ما في الكتابِ والسّنّة، باستقراءِ الأحوالِ، وتتبُّع المواقع، لأنّه أمرٌ شاقٌّ لا يكادُ يقتدرُ عليه إلّا الأفذاذ، فتركوه واكتفَوا دونه بآثارٍ مرويّةٍ عن بعضِ السّلفِ، يحتفُّ بها مِن موجِباتِ التّقييدِ والتّخصيصِ والتّأويلِ والبيان ما يحتفُّ، ويجوزُ عليها الخطأُ، وهم يؤاخذون غيرَهم بترك الاشتغالِ بالوحي، ويرمونهم بالتّقصير في التّعويلِ عليه، ويتلون: ﴿فإن تنازعتم في شيءٍ فردّوه إلى اللهِ والرّسول﴾! وإذا ذاكَرتَ أحدَهم بآيةٍ في موضوعٍ يراودك عليه، أو قرَّرتَ عليه معنًى قرآنيًّا مستمرًّا: رأيتَه ينظُرُ إليك تدور عيناه!

- وأمّا خلل الإرادة: فمترتِّبٌ عن خللِ التّصوُّر، وهو سوءُ الظّنِّ بأهل العلم، وتهمةُ البُرآءِ، وحملُهم علىٰ أضيق المحامل، ثمّ نصبُ الباغين أنفسَهم حكّامًا على الخليقة، يعدّون أنفسَهم حماةَ الحقيقة!

ومِن أعيبِ العيبِ أن يصفَ المرءُ أخاه بما هو فيه، ويبغي البرآءَ العنَتَ، وأن يجعلَ عِرضَه كلَأً يستبيحُ به الأعراضَ المصونةَ!

إنّ الرّجلَ متىٰ ما اشتَغَل بتعرُّفِ نفسِه، وتكميلِ فضائلِها، وإصلاحِها، شغَلته أوهامُه الكثيرة، ونقصُه المستفحلُ، وما يعلمه عن نفسِه مِن ضعفِ الهمّةِ، وسوءِ النّيّة، وقلّةِ الصّدق، ورقّة الدّين، ونقصِ اليقين، شغلتْه عن كلِّ شيءٍ، وإنّ ذٰلك لهو منهاجُ المناهجِ، الّذي لا يقيم العاقلُ في دربٍ سواه.
Forwarded from مجالس السلف
• قال خالد الربعي:
عجبت لثلاث آيات ذكرهن الله في القرآن:

‏﴿ادعوني أستجب لكم﴾: ليس بينهما حرف وكانت إنما تكون لنبيٍّ؛ فأباحها الله لهذه الأمة.

والثانية قف عندها ولا تعجل: ‏
﴿اذكروني أذكركم﴾ فلو استقرّ يقينها في قلبك ‌ما ‌جفّت ‌شفتاك.

والثالثة: ‏﴿الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا﴾.


[الدُّرّ المنثور]

مجالس السلف
خير ما تحسن به إلى نفسك أن تعرف ربك، فمن عرفه أحبه ولا بد، وزهد في غيره وبطل تعويله عليه رغبا ورهبًا..
وباب المعرفة به تعالى قرآنه المنزل، ونبيه ﷺ الذي تحقق بالقرآن خلقا وحياة ونورا! ولن يشرق في قلبك نور القرآن إلا بقدر معرفتك بالذي اصطفاه الله تعالى لحمل أنوار هذا القرآن!
ولا يزال قلبك يطالع سمته وسنته ويتضلع من كوثر شمائله ونفحات أخلاقه وما كان عليه من الحال التي تسطو ببوارق الحب والجلال على قلبك فلا تكاد تقيم لغيره ﷺ اعتبارا، إلا من قربك منه ودلك عليه وعلمك سبيل الوصول إليه!
وهما الهجرتان اللتان من صدق في القيام بهما=تخفف من الخلق، وفرغ من أثقال النفس ومن غبار الأغيار، وطاب له الإقبال ونَعِم بالمعية وذَهاب الوحشة! اللهم عونك وعافيتك ونورك!
في الحياة ما لا يمر إلا بالعفو والصفح، وإنه لشديد، وما لا يُقبل إلا بالتسليم، وإنه لعظيم!
فإن بسطت يد الفكر والسؤال لتفهم، تلعثمت فيك نفسك وتضرمت بوسواسها، وآل أمرها إلى الضعف والعجز!
ومتى تلقيت القدر من يد الله سكنت ولبستك هدأةٌ بقيعية، وإن تلقيته بإناء العقل انكسر لضعف بنية الفخَّار!
وقد ذكر ربنا خلقتك في سورة " الرحمن" مشبها بالفخار، فارفق بضعفك وارحم نفسك!
فقال له ربنا سبحانه: ارجع ، فقل له- " يعني لسيدنا موسى عليه السلام"-يضع يدَه على متن ثورٍ، فله بكل ما غطتْ به يده بكل شعرة سنة.
قال سيدنا موسى : أي رب! ثم ماذا ؟ قال : ثم الموت.
قال : فالآن!

هكذا يبصر السادة من المصطفين الأخيار حقيقة الدنيا، ويتهيأون دومًا للرحيل إلى الآخرة، فيكون الموت بوابتهم للقاء ربهم والتنعم بجواره ، مرتحلين عن دار الغصص ومرابض الكذب والغدر ومحافل التكالب على الحطام!

ثم ماذا؟
هذان هما الحرفان اللذان يُنهضان العبدَ من عثرته ويوقظانه من غفلته!
ثم ماذا، إن ظلمتَ فطغيتَ، أو سطوتَ فاعتديتَ، أو خُضت في ردغات الخبال، أو تركتَ الصلوات منشغلا عن ربك، وركبت المحرمات؟!
ثم ماذا؟!
ثم ماذا إذا أوتْ نفسك إلى سعير الباطل واجترأت على اللحاق بـ "وكنا نخوض مع الخائضين"؟!
ثم ماذا؟!
" وأنَّ إلى ربِّك المُنتهى".

وهما أيضًا الحرفان اللذان يجلوان القلب ويحملان العبد إلى شهود المصير ولمح فَجْر العاقبة وأنوار الوصول إلى الله، فيهون عليه تعب صومه عن الدنايا، وترحل عنه أثقال اللحظة الخانقة، والدمعة الكاوية!
رجاءَ جمال العوض وفرحة الوصول وأنوار اللقاء بالله تعالى الملك الحق المبين!
" فاصبر إن العاقبة للمتقين"!

سيمضي هذا كله ويرتحل هذا كله!
هذا أحد! جبل يحبنا!
هذا الإصغاء العظيم إلى مشاعر الحجر، والنفاذ الباهر في أعطاف الجبل، وسماع خفقاته من وراء ستار الصخر اليابس والقسوة الظاهرة=شيء يسطو بالقلب ويمده بما لا طاقة لبيان به!

عليه صلوات الله وسلامه
قِران الإيمان بالله واليوم الآخر شائع في الكتاب والسنة، وهو باب عظيم في النظر؛ فإن الإيمان بالله تعالى لا يثمر ثمراته المباركة في النفس والروح والعالم إلا باستحضار الآخرة!
وكم ممن يحسن الاستناد على ما يعتقده إيمانًا فيأتي الأمر حين يأتيه واثقًا من نيته وصفاء قصده، غير أنه لو استحضر انهيار العوالم وفناء الأكوان ووقوفه وحده بين يدي الله ليسأله: لم فعلت!
لطارت سواكن نفسه خشوعًا ولترك كثيرًا مما فعل وهو يحسب أنه على شيء!
وانظر حال السقريين-عياذًا بالله-تركوا الصلاة وامتنعوا عن إطعام المسكين وخاضوا مع الخائضين في ردغات الخبال، وهذه ظلمات شداد ما تلبسوا بها لولا " وكنا نكذب بيوم الدين"..
نعم! إن فراغ القلب من مشهد الآخرة مفسدٌ له، ولو قال إني وإني!
فاللهم عافيتك وعونك ورحمتك!
وكذلك ما استقام لصالح ترك لحرام، أو مشهد العفو، أو أطاق حمل مرارة الصبر، أو مال بقلبه عن الفانية إلا لأن قلبه يعاين أو كالذي يعاين مشهد الآخرة، فخفَّ مهرولا إلى الله، تائبًا مستغفرًا نادمًا، وقد يُسِّرت له اليسرى، وحُفِظ من تقلبات النفس ورعوناتها ووثباتها..
وكل ذلك لأنه أخروي غيبي ربانيٌّ، ليس دنيويا طينيا أرضيا!
هذا "الشيخ" فلان الذي يتكلم في كبرى مسائل الشريعة فقها أو اعتقادا، كمسائل التكفير والتبديع والتفسيق، والقتل والقتال، والنوازل المركبة السياسية أو الاقتصادية وغيرها، لا يخلو أن يكون إما عالمًا وإما ليس بعالم بل من الدعاة أو الوعاظ المذكّرين.
فإذا كان عالمًا، ففي أي علمٍ هو عالم؟ أفي الحديث وعلومه، أم في الفقه ومسائله، أم في أصول الفقه، أم في العقيدة والكلام، أم في التفسير؟ هل له في هذه العلوم دراسة ومشيخة وشهد له علماء محققون فيها، أم له فيها بحوث أو كتب أو دروس؟ أم عامة كلامه أشذاب من هذه العلوم في مسائل معدودة أو عموميات أو تعليقات على كتب عامة ليست من كتب مسائل العلم كفنٍّ وبحث، أو - وهذا أفضلهم طريقة - شروح ركيكة يعاني فيها شرح بعض كتب العلم التي للمبتدئين بتكلف؟
على أنه لو كان من العلماء بالمعنى الذي يجاوز ما ذكرناه من هذه الحال؛ لم يكفِ أن يتكلم في هذه المسائل، فإن رتبة ما ذُكر هي رتبة عوام العلماء والمدرسين، وليست رتبة الفقهاء المحققين المجتهدين، المطلقة أيديهم في علوم الشريعة كلًّا وجزءًا يتصرفون فيها بالاستنباط والتنزيل، مع ما تحتاجه النوازل من علم صحيح بالواقع، وبكثير من العلوم المعاصرة.
وإن لم يكن هذا "الشيخ" فلان عالمًا؛ كان من الوعاظ الدعاة، أو من المثقفين أو المفكرين بالتعبير الحديث، فكيف يسوغ له الكلام في هذه المسائل التي لا يقدم على الكلام فيها إلا أفراد المجتهدين وخواص العلماء، وليس عوام العلماء فضلا عن المبتدئين الوعاظ الذين ليسوا بعلماء أصلا!
إذا تصورتَ هذا التصور علمتَ أن عامة المتكلمين وكلامهم في هذه المسائل هو من الاجتراء، ومن الجهل الذي لا قيمة له في العلم، الذي لا يدل على قصور صاحبه العلمي فقط، بل وعلى أزمة أخلاقية وسلوكية عنده.
ومن أمارات النفس الذهبية؛ الفرح لأخيه، والحزن لحزنه، والسعي في حاجته قولا وفعلا وبذلا ودعاء، ورقْم اسمه في دفاتر الضراعة، والإكثار من ذكر فضله والتنويه بمعروفه ونسبة الفضل إليه، واستنبات الخصال الحميدة فيه، وستر عيبه، وسد خَلته، وإعانته على لأواء الدنيا وتعب السير ومشقة المكابدة
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣)


لم يستوحش الرسول- صلى الله عليه وسلم- من تكذيبهم، وخفاء حاله وقدره عليهم.. وأيُّ ضررٍ يلحق مَن كانت مع السلطان مجالسته= إذا خفيتْ على الأخسِّ من الرعية حالته؟!

الإمام أبو القاسم القشيري رحمه الله
نفسك منك، وأخصُّ الأشياء نسبًا إليك، فحرامٌ عليك ذَوْقُها؛ فإنك إن ذقتها فعَجِبْتَ ونسَجْتَ من أوهام خيالاتك أنك أنتَ أنت، خيرًا وتميُّزًا=سرى سَمُّ ذلك الكِبر فيك فسَلَب من القلب الحياء والحياة، وبقيتَ تعتقد أنك أحسن الناس! وإنك حين يمسَّكَ الكِبْرُ=أكْذَبُهم وأشْأَمُهُم ظُلمًا لنفسه، وجَهْلًا بها.

إنما شأنك الدوران في فلك: (أبوء لك بنعمتك عليَّ)-فتشهد مِنَّتَه ونعمه تعالى عليك -وأبوء بذنبي- فتعلم أن تلك النِّعَم ليست باستحقاقٍ منك.

كتب الولي العارف يوسف بن الحسين إلى الإمام الجنيد رحمهما الله: لا أذاقك الله طعم نفسك؛ إنك إن ذقتها لا تفلح أبدا.
﴿وقُلْ رَبِّ﴾ أيْ: أيُّها المُوجِدُ لِيَ المُدَبِّرُ لِأمْرِي المُحْسِنُ إلَيَّ ﴿أدْخِلْنِي﴾ في كُلِّ مَقامٍ تُرِيدُ إدْخالِي فِيهِ حِسِّيٍّ ومَعْنَوِيٍّ، دُنْيا وأُخْرى ﴿مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ يَسْتَحِقُّ الدّاخِلُ فِيهِ أنْ يُقالَ لَهُ: أنْتَ صادِقٌ في قَوْلِكَ وفِعْلِكَ؛ فَإنَّ ذا الوَجْهَيْنِ لا يَكُونُ عِنْدَ الله وجِيهًا ﴿وأخْرِجْنِي﴾ مِن كُلِّ ما تُخْرِجُنِي مِنهُ ﴿مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾

ولَمّا كانَ الصِّدْقُ في الأُمُورِ قَدْ لا يُقارِنُهُ الظَّفَرُ؛ قالَ (تَعالى) ﴿واجْعَلْ لِي﴾ أيْ: خاصَّةً ﴿مِن لَدُنْكَ﴾ عِنْدِكَ ﴿سُلْطانًا﴾ حُجَّةً وعِزًّا ﴿نَصِيرًا


البقاعي
‏" لا حول ولا قوة إلا بالله"..
‏كنز من كنوز الجنة كما في الحديث الصحيح، وهي كلمة المهاجر عن ضعفه إلى ربه، استغاثةً واستعانةً، ونشيد القلب الذي فرغ من الأضداد والأغيار، وقطع العلائق الحاجبة، وأخذ بالأسباب غير مُعَوِّلٍ عليها، فتصرَّف بالله وحده، وعمل لله وحده، فاستقام على صراط الهدى، محفوظًا من رؤية نفسه، أو الركون إلى ضعفها والإخلاد إلى الأرض، بمن فيها وما فيها!
‏وكل ما كان بالله كان، وكل ما لم يكن به لا يكون، وما عملته لله مستعينًا بالله قرت به عينك، ولاحت لك ثماره العاجلة بالهداية الإلهية والهدايا والتحف الربانية، التي تصلك من ربك حفظًا ومعيةً وتأييدًا ونصرًا.
‏فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
‏لا بد أن يكون للإنسان لهَجٌ بالاستعاذة من الكبر؛ لأن مثل مثقال الذرة منه حاجبٌ عن الجنة، نسأل الله العافية!
‏يقول سيدنا أبو القاسم ﷺ : " لا يدخل الجنةَ مَن كان في قلبه مثقالُ ذرةٍ من كِبر ".
‏وهو مرض يتلون ويتخذ له وجوها كثيرة، وأصباغًا مختلفة، ويتدسس مستخفيًا إلى أغمض ما في النفس، ولربما احتج واجتهد في حشد الأدلة، شأنَ إبليس!
‏ولا نجاة إلا بالفرار إلى الله تعالى والتضلع من ذلة الضراعة واقتفاء أثر السيد المصطفى والخليل المُقَدَّم ﷺ في أحواله وشمائله وغضبه ورضاه وكلامه وسكوته..
‏وأنت واجدٌ فيه ﷺ مع جلالة القدر وتقدمه العالمين بأبي هو وأمي ﷺ =تمام فقره لله، ولياذه به، وفراره إليه، وخلوصه من كل ما يضاد العبودية، فلا ينتصر لنفسه وهو هو، ولو فعل لكان انتصاره حقًّا، ولكن تجرد فكان غضبه لله، وفرحه بالله، ونطقه لله، وصمته لله، وعفوه لله، وعطاؤه لله، لا ينشغل بنفسه ولا يجعلها حجابًا بين الناس وبين ربهم أبدا!
‏وانظر في تلقيه وقبوله إسلام من آذوه وعاندوه وحاربوه، كسيدنا خالد، أو سيدنا عمرو، أو سيدنا أبي سفيان، رضي الله عنهم، تلقاه بأحسن التلقي، غير لائمٍ ولا مثرِّب، ولا معاتب!
‏لأن شغله في هدايتهم ووصولهم إلى الله تعالى وحده، وليس شغله بنفسه عليه صلوات الله وسلامه، فهو عبد الله ورسوله حقا وصدقًا ﷺ
‏" وهل يكبُّ الناس على وجوههم، أو قال: على مناخرهم في النار=إلا حصائد ألسنتهم"؟!
‏وهذا السؤال من سيدنا رسول الله ﷺ كأنَّ الذنب الوحيد الذي يُدخل أهل النارِ النارَ هو ما تعلق باللسان!
‏وهذا لو أنعمتَ النظرَ مشهودٌ في الناس؛ فالأخفُّ الأَهْوَنُ الأيْسر على غير من رحم الله، هو تحريك اللسان، وتناثر الكلمات من الفم واليد لا يبالي بها صاحبها، افتراء أو خوضًا، أو كذبا وفجورًا، أو غيبة ونميمةً، ولكل ذلك لذةٌ في النفس الخبيثة التي لا تقيم للآخرة ومشهد القيامة وزنًا!
‏حتى إذا بُعِثر ما في القبور، وكُشِفت السرائر، ونُشرت دواوين الأعمال برز هنالك شرر اللسان وثقل الحروف الموبقة لصاحبها!
‏ وود الذين حملتهم ألسنتهم على الاستخفاف والقيل والقال؛ أن لو كانوا خُرسًا لما يرون من هول الحشر وعظم العذاب!

‏اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا وشرور ألسنتنا! واجعلنا من الذين آثروا ذكرك على الخوض، وعمروا أوقاتهم بمحبتك، وشغلتهم بك عمن سواك، سالمين معافين! اللهم آمين
ليس من شرف المعدن أن تُعرِض وتُبقي من خلفك حروف الذم وأبيات الشكوى من الناس والزمان!
فهذا مما أبغضه من أخلاق الناس
متى أعرضتَ فاهجر هجرًا جميلا، فيه بيان خبئك وسريرتك وما يليق بك، ولا تُبقِ من خلفك نُؤيًا، أو طللًا تتلو عليه قصائد الشكوى والشك والذم، وكن كما قال أبو الطيب يخاطب قلبه:
حببتك قلبي قبل حبك من نأى
وقد كان غدَّارًا؛ فكن أنت وافيا!
والأصل:
أن ما كان لله فهو يرتفع إليه، قد علمه ورآه، وهذا حسب المحب والله!
وما لم يكن له فهو طللٌ دارس تجُرُّ عليه الريح ذيولَ النسيان والمحو، وتُلحقه بأصله: التراب والفناء!
وكلنا يغدو، وكلنا مرتحل فانٍ!
ورحم الله محمود حسن إسماعيل فقد قال يصف قبرا:

قبرٌ بمدرجة الرياح مُعفَّرُ!
البوم ضيفُ تُرابِه والقُبَّرُ!
2024/11/15 02:27:59
Back to Top
HTML Embed Code: