Telegram Group Search
ما من ناقدٍ من نقاد الحديث إلا ووقع منه تساهل في مواضع، بما فيهم البخاري ومسلم، يستوي في هذا: الحكم على الأحاديث والحكم على الرجال، والعبرة بغلبة حكم الناقد أو بكثرة تساهله لا ببعض أحكامه، والغالب على أحكام الترمذي الاستقامة وموافقة نقاد الحديث إلا في القليل الذي لا يسلم منه أحد، وقد وجدتُه يعلّل أحاديث صححها الشيخان أو أحدهما، ويتكلم في رواةٍ احتج بهما الشيخان أو أحدهما، ونفَسه في نقد الروة معتدل بالجملة، لكنه يلين العبارة في الراوي فيظهر بمظهر المتساهل! 

فلا يستقيم انتزاعُ وصفٍ عام من أمثلة قليلة وبناء تصنيف كلي عليه، ثم نزع الثقة بأحكام الترمذي بدعوى تساهله في التصحيح، بل ربما قدم بعضُ الناس أحكام المعاصرين على حكمه! والغريب أن يصف الترمذي بالتساهل في التصحيح من هو غارقٌ في تصحيح المنكرات من المتأخرين والمعاصرين! 
 
 ثم إن الترمذي يجري في التصحيح على الأبواب لا على مجرد الإسناد، وهذا ملحظ ينبغي التفطن له في الأحاديث التي تُعقّب فيها. 

وهذا فيما يصرح فيه بقوله: «حسن صحيح»، أو «حسن صحيح غريب»، أما ما يحسّنه فقط، أو يقرن معه: «حسن غريب»، وهو أضعف من مجرد قوله: «حسن»؛ فله فيه اصطلاح خاص لا يجري على قاعدة المتأخرين في التحسين؛ لأنه لم يشترط سوى رفع التهمة عن الراوي، فلا يحسن رميه بالتساهل لتحسينه أحاديث أقوام ضعفاء؛ لأنه لم يشترط توثيق الراوي لما يحسّنه من أحاديث.
#فوائد_حديثية (٣٦)
رابط مجموعة تفاعلية لمشروعنا في شروح كتب الحديث، وأتلقى فيها أسئلتكم وإشكالاتكم: https://www.group-telegram.com/ahlahadeeth
درسنا الساعة 10 ليلًا بإذن الله، وسيكون هذا هو الموعد الثابت بعد اليوم، وينضم إليه درس آخر في التعليق على موطأ مالك برواية أبي مصعب الزهري نحدد موعده قريبًا إن شاء الله.
Live stream started
Live stream finished (1 hour)
عاصر الإمام البخاري فتنة خلق القرآن التي بدأت على يد المأمون (198- 218)، ثم المعتصم (218- 227)، ثم الواثق (227-232)، وهؤلاء الثلاثة كانوا على عقيدة المعتزلة مع تشيُّع يسير فيهم، وهم الذين حملوا الناس على القول بخلق القرآن وامتحنوهم وآذوهم وأكرهوهم عليه بالقتل والتعذيب والحبس.

وقد أوذي في هذه الفتنة شيوخ البخاري الكبار كأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وزهير بن حرب ونُعَيم بن حماد، في آخرين، وأجاب بعضُهم مكرَهين، وامتنع بعضهم فعُذّب وأوذي، ومنهم من قُتل وصُلب وعُلّق رأسه كأحمد بن نصر الخزاعي، ومنهم مَن مات في حبسه كنُعَيم بن حمّاد.

ومع ذلك لم يظهر أي تأثير لعقيدة السلطة على صحيح البخاري، لا من جهة الاعتزال، ولا من جهة التشيُّع، بل عقد الإمام البخاري في صحيحه كتابًا بعنوان "التوحيد والرد على الجهمية" خصَّصه للمنافحة عن مذهب أهل الحديث والرد على مخالفيهم في تلك الأبواب التي وقع بها الامتحان والفتنة مما يُعدُّ ردًا مباشرًا على عقيدة السلطة! مع العلم أن فترة تأليف الصحيح كانت في ظل فتنة خلق القرآن واشتدادها والسوطُ حامٍ على ظهور المحدثين! ومع ذلك لم يبال البخاري بإرهاب السلطة وصنّف ضد هواها.

وفي هذا أبلغ رد على تهويسات بعض كتّاب الحداثيين وبعض كتّاب الشيعة الذين يفسرون اختيارات الإمام البخاري في الرواة والمرويات بمجاملة السلطة والسعي في إرضائها.
#فوائد_حديثية (٣٧)
«إعلاء حديث الجارية» نسخة دار المهذب
Live stream started
Live stream finished (1 hour)
Forwarded from حمد المصطفى
ترقبوا قريباً يتم الإعلان عن موعد الدرس
Forwarded from محمد وائل
سلام عليكم شيخنا
ما رأيك في من يقول أن الألباني ليس له أن يصحح أو يضعف الحديث حتى لو كان محدثا لأن التصحيح والتضعيف يكون للحافظ لا المحدث وهذه رتبة أعلى
وأنه لم يحفظ رواية واحدة بإسنادها إلى رسول الله
وأنه لا يجوز قول صححه الألباني إلا إذا ألف كتابا جامعا للأحاديث ويسندها بإسناده إلى رسول الله بدون التعرض لأسانيد أصحاب السنن ويخالف تصحيحاتهم وتضعيفاتهم في كتبهم
اعلم أن هذه أقوال باطلة لكن أحببت أن أسمع ردكم شيخنا العزيز
هذا كلام دكتور حسان عوض، وقد رددت عليه:

١- الدكتور حسان عوض لا يحسن الكلام في الحديث ولا يعرفه وليس هذا فنه، فلا يُقبل منه تقييم غيره وهو شبه العامي، وكلامه في الألباني جاري من موقع مذهبي مؤدلج لا من منطلق نقدي محض، يدل على ذلك كذبه على الألباني بأنه لا يحفظ رواية مسنَدة واحدة، وهذا سُخف لا ينبغي الاشتغال بإبطاله؛ لأن كل من له اشتغال بالحديث من المبتدئين -فضلًا عن الألباني الذي حقق وخرّج ونقد وحكم على آلاف الأحاديث- يحفظ عشرات الأسانيد المشهورة التي رويت بها مئات الأحاديث! ومَن لا يحفظ سلاسل:
مالك، عن نافع، عن ابن عمر.
وعن عبد الله بن دينار، عنه.
وعن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه.
وعن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
وعن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عنه.
وعن الزهري، عن أبي سلَمَة بن عبد الرحمن، عنه.
وعن سُمَي مولى أبي بكر، عن أبي صالح السمّان، عنه.
وعن أيوب السختياني، عن ابن سيرين، عنه.
وعن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عنه.
وعن الزهري، عن عروة، عن عائشة.
وعن هشام بن عروة، عن أبيه، عنها.
وعن صالح بن كيسان، عن عروة، عنها.
وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم، عنها.
وعن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم، عنها.
وعن أبي النضر، عن أبي سلَمَة، عنها.
وعن سعيد المقبُري، عن أبي سلمة، عنها.
وعن عبد الله بن يزيد المدني، عن أبي سلمة، عنها.
وعن يحيى بن سعيد، عن عَمرة بنت عبد الرحمن، عنها.
وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر.
وعن أبي الزبير المكي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
... إلخ إلخ
فهذه الأسانيد تُروى بها مئات المتون الصحيحة، ويعرفها أصغر مشتغل بهذا العلم، وهي مبثوثة في كتب وتخريجات الألباني بكثرة.

ومن مارس كتب الألباني المطولة كالسلسلتين وغيرهما لا يشك بحذقه بالأسانيد وخبرته الواسعة بالرجال، يدل على ذلك: تصويبه لتحريفات أسماء الرواة، وكشفه للمبهمين والساقطين من الإسناد، ومعرفته بعيوب الرواة وما تُعل به مروياتهم، وتمييزه لمشكل الأسانيد... وغير ذلك من دقائق معرفته بالأسانيد والرجال التي لا تتأتى ممن لا يحفظ إسنادًا واحدًا، كما يزعم هذا الأفاك! 

٢- ومما يدل على فرط جهله وغفلته: اشتراطه أن لا يتكلم في الأحاديث إلا الحفاظ، وهذا شرطٌ منبتٌ لا قدم له، وليس كل حافظ ناقد، ولا كل مُسنِد ناقد، ومن الحفاظ من لا يعرف في النقد شيئا، وكذلك من المُسنِدين، فالعبرة في الكلام في الأسانيد: إتقانُ قواعد نقد الأخبار وتمييز الصحيح من الضعيف وفق مباني أهل الحديث وطريقتهم في النقد، حتى لو لم يكن حافظا على طريقة أئمة عصر الرواية! فيكفي أن يعرف طرق البحث في دواوين الرجال والتراجم والمصنفات الحديثية مع معرفة تامة بمناهج المصنفين واطلاع واسع على كتب الحديث، واشتراط شيء فوق ذلك تعنت لا يلتفت إليه. 
 
 ٣- الشهادة للألباني بأنه محدث ناقد شيء، والكلام في منهجه شيء آخر، والذي ننكره على الدكتور حسان عوض هو تجريد الألباني من كونه محدثا وأهلا للكلام في الأسانيد والحكم على الأخبار، أما منهجه النقدي فهو يسير على طريقة المتأخرين في النقد، مثله مثل عشرات المتأخرين المشتغلين بنقد الأخبار.
2024/10/07 13:37:21
Back to Top
HTML Embed Code: