Telegram Group & Telegram Channel
ومنها مسألة عمل المولد، والتي ليس غرضي فيها هنا الكلام في حكمها، ولكن فقط وصف الخلاف فيها، لكثرة ما وقع من اشتباه القائلين فيها، وخوض الأكثر فيها من غير أن يعقلوا عامة المقدمات المذكورة فضلا عن أن يحققوها، وبذلك تعلم أن الكلام في العلم ليس بسهل ولا يسير لمن رام فيه التحقيق ولم يرض بالقصور والضعف، فضلا عن التقصير الذي هو التخليط والاشتباه والتمويه، وهذا أقبح.
==
فالمولد:
لا شك أنه وقع فيه الخلاف، فهو خلاف ثابت متحقق في الخارج، منكره معاند.
لكن هذا منفك عن سواغ الخلاف فيه.
فالخلاف فيه سائغ أم غير سائغ؟ هذا بحث آخر.
والاستدلال بالوقوع على السواغ: خطأ كما تبين لك.
ومن ثم قال بعض العلماء إن الخلاف فيه غير سائغ مع قوله بالإعذار، كما هي طريقة شيخ الإسلام، وكما لدى بعض المالكية المطردين على أصول مالك في التشديد في أصل البدع وذرائعها.
فتبين أن القول بعدم سواغ القول بالمولد: قول صحيح من جهة البناء العلمي، ولا يرد عليه ثبوت الخلاف في المولد.
ثم هل الحكم بسواغ الخلاف على قول من يقول ببدعيته متصور؟ نعم. كسائر الأقوال الخلافية السائغية لدى المخطئة.
فتحقق أن نفس سواغ الخلاف في المولد ونحوه مختلف فيه، بين من يسوغه ومن لا يسوغه مع الاتفاق على المنع، أما من يبيحه فالسواغ مقدمة بدهية لديه بلا إشكال.
فهذا كالخلاف في نحو المعازف، هل الخلاف فيه سائغ أم لا؟ فنفس هذا الخلاف سائغ.
قد يقال إن عمل المولد هو قول المذهب الأربعة، فإذا سلم أن خلافه سائغ وساعدناكم على جواز الخروج على الأربعة، فكيف يكون قول الأربعة غير سائغ؟
فالجواب من وجوه: الأول: أنه إذا سلم أنه قول الأربعة فليس قولهم حجة لازمة، والبحث بحث حجيات، فلا يصح الاستدلال بمجرده على السواغ.
الثاني: وهو المنع، وهو الحق، فإن أصل المسألة وأصل البحث فيها حادث بعد الأربعة إجماعا، فليس للأئمة الأربعة قول فيها.
فقصارى ما يقال إن قول الفقهاء من المذاهب الأربعة بنوع من التخريج على أصول هؤلاء الأئمة.
فهنا يقال: وفي المذاهب الأربعة من خالف هؤلاء في هذا التخريج وحكموا بالمنع، لاسيما من الحنابلة والمالكية، بل وبعض الحنفية، بل بعض مخالفيهم أجل رتبة منهم لأنهم موصوفون بالاجتهاد المطلق أو في المذهب فهم أقعد بأصول هؤلاء الأئمة.
وليس للكثرة هاهنا مدخل في الترجيح، لأن قوة المقلدين متقاربة، وهي يغر توارد المجتهدين الذي لأجله ندر أن يتفق الأربعة مثلا على غير سائغ. فكيف والخلاف محقق بين المتأخرين. فلم يبق إلا الشهرة، وهي نسبية، وليست حجة.
فالغرض أن من يسلط الإنكار على من يقول بعدم سواغ المولد أصلا، ومن ثم يرتب عليه عدم جواز الإنكار على المولد لأنه خلافي: غالط في فهم المسألة، مشتبه في أن وقوع الخلاف في المولد يستلزم أن الخلاف سائغ، وأن من يمنعه لابد أن يلتزم سواغ القول الآخر، وقد تبين أن هذا كله خطأ.
ومن ثم نعم يصح للعالم الذي يختار بدعية المولد أن يختار أن الخلاف فيه غير سائغ فينكر على فاعله. وكون أن للإنكار آدابا وأحكاما فهذا صحيح مسلم يجب التزامه من كل أحد، لاسيما مع الإقرار بأن عامة المخالفين مقلدون أصلا، ثم إن وقوع الخلاف في نفسه يورث شبهة قوية لدى المخالف تنفع في الإعذار كما ذكرناه في انفكاك الإعذار عن السواغ وهو كثير في مسائل الخلاف غير السائغ في الأصول والفروع، ثم أن للمصالح والمفاسد مدخلا في ذلك فقد يترتب على البدعة المفضولة مصالح دينية أخرى خصوصا مع رجحان انشغال القابل بأضداد ذلك من الملهيات غير الدينية فضلا عن المحرمات، وهذا النظر الثالث في الإعذار أحسن من النظرين الأولين لأنه يفيد إضافة الثواب للمحتفل مع إعذاره، وإن كان ثوابه لجهة أجنبية لكنها متلبسة بالمولد في الخارج، وتلك الثالثة طريقة الشيخ التي ذكرها في كتاب الاستقامة، وهي فقه عال، ذكرناه قديما في كتابات أخرى.
ثم يقال: الإنكار لا يسوغ في مسائل الخلاف، فهذا أولا في السائغ، وقد تبين لك ما هذا البحث، أما غير السائغ فيسوغ فيه الإنكار من العالم بأنه غير سائغ وإن كان الإنكار سيبقى ناقصا لأنه في غير المعلوم الضروري قد يعتذر المنكَر عليه بالتقليد، لكن المقصود أن الإنكار لا ينحصر في الضروري، ولكن يدخل فيه غير السائغ ولكنه في درجة أقل لأن الإعذار ثابت في كثير من غير السائغ، وهو نادر في الضروري فافترقا.
ثم الإنكار في مسائل الخلاف السائغ فيه تفصيل آخر، حققه غير واحد من العلماء، وهو أنه إن أريد بالإنكار القطع بالتخطئة فضلًا عن التأثيم أو التفسيق فلا شك أن هذا باطل بل هو بغي محرم. ولكن لا يلزم من ذلك عدم التناصح والبيان، بل والمناقشة والبحث من قادر عليه، فمنع هذا والقول إنه من الإنكار في مسائل الخلاف: باطل، مخالف لعمل السلف والخلف، فكلام السلف وتناصحهم في مسائل الخلاف أكثر من أن يحصى، وأما عند الخلف فهو موضوع الخلافيات والطرق، بل تعمقوا فيه بما هو مذموم، كما يعلم في موضعه. فمجرد النقاش والدعوة والتناصح هذا حقٌّ يقع بين أصحاب الخلاف السائغ.



group-telegram.com/amr_basioni/1151
Create:
Last Update:

ومنها مسألة عمل المولد، والتي ليس غرضي فيها هنا الكلام في حكمها، ولكن فقط وصف الخلاف فيها، لكثرة ما وقع من اشتباه القائلين فيها، وخوض الأكثر فيها من غير أن يعقلوا عامة المقدمات المذكورة فضلا عن أن يحققوها، وبذلك تعلم أن الكلام في العلم ليس بسهل ولا يسير لمن رام فيه التحقيق ولم يرض بالقصور والضعف، فضلا عن التقصير الذي هو التخليط والاشتباه والتمويه، وهذا أقبح.
==
فالمولد:
لا شك أنه وقع فيه الخلاف، فهو خلاف ثابت متحقق في الخارج، منكره معاند.
لكن هذا منفك عن سواغ الخلاف فيه.
فالخلاف فيه سائغ أم غير سائغ؟ هذا بحث آخر.
والاستدلال بالوقوع على السواغ: خطأ كما تبين لك.
ومن ثم قال بعض العلماء إن الخلاف فيه غير سائغ مع قوله بالإعذار، كما هي طريقة شيخ الإسلام، وكما لدى بعض المالكية المطردين على أصول مالك في التشديد في أصل البدع وذرائعها.
فتبين أن القول بعدم سواغ القول بالمولد: قول صحيح من جهة البناء العلمي، ولا يرد عليه ثبوت الخلاف في المولد.
ثم هل الحكم بسواغ الخلاف على قول من يقول ببدعيته متصور؟ نعم. كسائر الأقوال الخلافية السائغية لدى المخطئة.
فتحقق أن نفس سواغ الخلاف في المولد ونحوه مختلف فيه، بين من يسوغه ومن لا يسوغه مع الاتفاق على المنع، أما من يبيحه فالسواغ مقدمة بدهية لديه بلا إشكال.
فهذا كالخلاف في نحو المعازف، هل الخلاف فيه سائغ أم لا؟ فنفس هذا الخلاف سائغ.
قد يقال إن عمل المولد هو قول المذهب الأربعة، فإذا سلم أن خلافه سائغ وساعدناكم على جواز الخروج على الأربعة، فكيف يكون قول الأربعة غير سائغ؟
فالجواب من وجوه: الأول: أنه إذا سلم أنه قول الأربعة فليس قولهم حجة لازمة، والبحث بحث حجيات، فلا يصح الاستدلال بمجرده على السواغ.
الثاني: وهو المنع، وهو الحق، فإن أصل المسألة وأصل البحث فيها حادث بعد الأربعة إجماعا، فليس للأئمة الأربعة قول فيها.
فقصارى ما يقال إن قول الفقهاء من المذاهب الأربعة بنوع من التخريج على أصول هؤلاء الأئمة.
فهنا يقال: وفي المذاهب الأربعة من خالف هؤلاء في هذا التخريج وحكموا بالمنع، لاسيما من الحنابلة والمالكية، بل وبعض الحنفية، بل بعض مخالفيهم أجل رتبة منهم لأنهم موصوفون بالاجتهاد المطلق أو في المذهب فهم أقعد بأصول هؤلاء الأئمة.
وليس للكثرة هاهنا مدخل في الترجيح، لأن قوة المقلدين متقاربة، وهي يغر توارد المجتهدين الذي لأجله ندر أن يتفق الأربعة مثلا على غير سائغ. فكيف والخلاف محقق بين المتأخرين. فلم يبق إلا الشهرة، وهي نسبية، وليست حجة.
فالغرض أن من يسلط الإنكار على من يقول بعدم سواغ المولد أصلا، ومن ثم يرتب عليه عدم جواز الإنكار على المولد لأنه خلافي: غالط في فهم المسألة، مشتبه في أن وقوع الخلاف في المولد يستلزم أن الخلاف سائغ، وأن من يمنعه لابد أن يلتزم سواغ القول الآخر، وقد تبين أن هذا كله خطأ.
ومن ثم نعم يصح للعالم الذي يختار بدعية المولد أن يختار أن الخلاف فيه غير سائغ فينكر على فاعله. وكون أن للإنكار آدابا وأحكاما فهذا صحيح مسلم يجب التزامه من كل أحد، لاسيما مع الإقرار بأن عامة المخالفين مقلدون أصلا، ثم إن وقوع الخلاف في نفسه يورث شبهة قوية لدى المخالف تنفع في الإعذار كما ذكرناه في انفكاك الإعذار عن السواغ وهو كثير في مسائل الخلاف غير السائغ في الأصول والفروع، ثم أن للمصالح والمفاسد مدخلا في ذلك فقد يترتب على البدعة المفضولة مصالح دينية أخرى خصوصا مع رجحان انشغال القابل بأضداد ذلك من الملهيات غير الدينية فضلا عن المحرمات، وهذا النظر الثالث في الإعذار أحسن من النظرين الأولين لأنه يفيد إضافة الثواب للمحتفل مع إعذاره، وإن كان ثوابه لجهة أجنبية لكنها متلبسة بالمولد في الخارج، وتلك الثالثة طريقة الشيخ التي ذكرها في كتاب الاستقامة، وهي فقه عال، ذكرناه قديما في كتابات أخرى.
ثم يقال: الإنكار لا يسوغ في مسائل الخلاف، فهذا أولا في السائغ، وقد تبين لك ما هذا البحث، أما غير السائغ فيسوغ فيه الإنكار من العالم بأنه غير سائغ وإن كان الإنكار سيبقى ناقصا لأنه في غير المعلوم الضروري قد يعتذر المنكَر عليه بالتقليد، لكن المقصود أن الإنكار لا ينحصر في الضروري، ولكن يدخل فيه غير السائغ ولكنه في درجة أقل لأن الإعذار ثابت في كثير من غير السائغ، وهو نادر في الضروري فافترقا.
ثم الإنكار في مسائل الخلاف السائغ فيه تفصيل آخر، حققه غير واحد من العلماء، وهو أنه إن أريد بالإنكار القطع بالتخطئة فضلًا عن التأثيم أو التفسيق فلا شك أن هذا باطل بل هو بغي محرم. ولكن لا يلزم من ذلك عدم التناصح والبيان، بل والمناقشة والبحث من قادر عليه، فمنع هذا والقول إنه من الإنكار في مسائل الخلاف: باطل، مخالف لعمل السلف والخلف، فكلام السلف وتناصحهم في مسائل الخلاف أكثر من أن يحصى، وأما عند الخلف فهو موضوع الخلافيات والطرق، بل تعمقوا فيه بما هو مذموم، كما يعلم في موضعه. فمجرد النقاش والدعوة والتناصح هذا حقٌّ يقع بين أصحاب الخلاف السائغ.

BY قناة الشيخ / عمرو بسيوني


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/amr_basioni/1151

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

Also in the latest update is the ability for users to create a unique @username from the Settings page, providing others with an easy way to contact them via Search or their t.me/username link without sharing their phone number. In addition, Telegram's architecture limits the ability to slow the spread of false information: the lack of a central public feed, and the fact that comments are easily disabled in channels, reduce the space for public pushback. If you initiate a Secret Chat, however, then these communications are end-to-end encrypted and are tied to the device you are using. That means it’s less convenient to access them across multiple platforms, but you are at far less risk of snooping. Back in the day, Secret Chats received some praise from the EFF, but the fact that its standard system isn’t as secure earned it some criticism. If you’re looking for something that is considered more reliable by privacy advocates, then Signal is the EFF’s preferred platform, although that too is not without some caveats. Telegram has gained a reputation as the “secure” communications app in the post-Soviet states, but whenever you make choices about your digital security, it’s important to start by asking yourself, “What exactly am I securing? And who am I securing it from?” These questions should inform your decisions about whether you are using the right tool or platform for your digital security needs. Telegram is certainly not the most secure messaging app on the market right now. Its security model requires users to place a great deal of trust in Telegram’s ability to protect user data. For some users, this may be good enough for now. For others, it may be wiser to move to a different platform for certain kinds of high-risk communications. Since January 2022, the SC has received a total of 47 complaints and enquiries on illegal investment schemes promoted through Telegram. These fraudulent schemes offer non-existent investment opportunities, promising very attractive and risk-free returns within a short span of time. They commonly offer unrealistic returns of as high as 1,000% within 24 hours or even within a few hours.
from us


Telegram قناة الشيخ / عمرو بسيوني
FROM American