group-telegram.com/bawarik/145
Last Update:
قول الله في أوائل سورة آل عمران: (واللهُ يؤيّد بنصرِه مَن يشاء إنّ في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار) بعد أن وصَف حالَ الفئتين المقتتِلتين المؤمنين والكافرين، وبان بذلك قلّةُ ما بيدِ المؤمنين، ورقّةُ حالِهم، وضعفُهم في الأسبابِ الظّاهرة ... ثمّ أظفرهم اللهُ على عدوِّهم، فكان في ذلك آيةٌ للنّاسِ، كما قال اللهُ في أوّل الآية، فعقّب بهذا الكلام الشّريف الفخيم المؤدّب، فانكشف به أنّ معيارَ النّصرِ ليس قوّةَ السّلاح، وإنّما هو قوّة الصّلاح، ولزومُ سبيل الفلاح، فقوّة السّلاحِ يمدّها الغُرور، وقوّة الصّلاح يكلؤُها الغفور الشّكور، وفي تعبيرِه بـ(يؤيّد) الّذي يدلّ على التّجدُّد: ما يطرُدُ المسألةَ إلى زمانِنا هذا.، وإلى ما شاء الله.
ثمّ أدَّب اللهُ المؤمنين أن لا يذهبوا مع الشّائعات، ولا يعملوا على الأوهامِ، فيكونوا كالّذين قالوا: لا قِبَلَ لنا بعدوِّنا! فيتركوا ما أمرهم الله به مِن الجهاد، وإنّما عليهم أن يعتبروا بما جَرى مِن لطفِ اللهِ للمؤمنين السّابقين، فإنّه مقتضى حكمتِه وقوّتِه.
ولكن، أنّى لأكثر النّاسِ أن يدركوا الحقيقةَ أو يضبطوا النّفوسَ في أحلكِ الأيّام! وإنّما هَمُّ أحدِهم اللّغوُ والضّربُ ذاتَ اليمين وذاتَ الشّمال، وكم ممّن يملأ شدقيه صباحَ مساءَ يتخوَّضُ في ما لا يحسن، ويوشك أن يكذِّبَه اللهُ بنصرِ الّذين آمنوا، كما نصَر الّذين آمنوا.
وإنّما يصيبُ الصّوابَ في هذه المآزق مَن رزَقه الله بصَرًا فأحسن البصرَ به، وقليلٌ مّا هم.
وفي هذا التّذييل من الآيةِ تنبيهٌ على مراتبِ النّاس في المعرفة والفهم، ولا سيّما مضايق الحكم، وأنّ كثيرًا مِن النّاسِ ليسوا بأهلٍ للخوضِ في الأمور، وإنّما الّذي يلزمهم ديانةً الإمساكُ، والإقبالُ على اللهِ ودعاؤُه والعملُ الصّالح.
والله أعلم.
BY بوارق من الكتاب
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/bawarik/145