Telegram Group & Telegram Channel
#فائدة

النحو علمٌ يَعصم الفَهمَ والإفهامَ مِن الخطأ، ويحوز البيانَ والتبيُّنَ عن الخطَل.
أما عِصْمةُ اللسان فهي أَمَارةُ عِصمةِ الفَهم والبيان.

وعلمُ النحو استوى على سُوقِه وتمّتْ كلمتُه وتَوطَّدتْ أركانُه واستوسقَتْ أصولُه قبل تمام القرن الثاني. والعربُ حاضرون، والسلائقُ غضَّة، والقرائحُ صحيحة.

والذين قاموا عليه -مِن لدن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه حتى سيبويه- عربٌ خُلَّصٌ، وإنْ لا يَكُنْ بعضُهم عربيَّ النسَب فهو عربيُّ اللسان ما تفتَّقت قريحته بغير العربية ولا غُذِيَ عقلُه بسواها.

وإنْ لا تَكُنْ عربيةُ الطبقة الأخيرة منهم سليقةً كعربية أشياخِهم فإنَّ خِلاطَ أهلِ السليقة والأخذَ عنهم فَمًا لِفَمٍ وشُهودَ أحوالِهم= قام لهم مَقام السليقة في معرفة مقاصد اللسان ومعهود الخطاب.

وما جدَّ في النحو بعد هؤلاء إنما هو تشقيق وتثوير وتفريع وترتيب، ذلك؛ وبناءُ السالفين نُصُبٌ إليه يُوفِضون.

مَن لم يَعِ كل ذلك عند البحث والنظر خبَطَ خبْطَ عشواء وركِبَ عمياء.

قال ابن جني مستطردًا معرِّفًا بقدر سيبويه ومنزلته من علم العربية، وتأمَّلْ آخرَ كلامِه:
(فإن قيل: وما الذي سوغ سيبويه هذا وليس مما يرويه عن العرب روايةً وإنما هو شيء رآه واعتقده لنفسه وعلل به؟ قيل: يدل على صحة ما رآه من هذا وذهب إليه ما عرفه وعرفناه معه: من أن العرب إذا شبهت شيئًا بشيء مكَّنَتْ ذلك الشبَهَ لهما، وعَمَرَتْ به الحال بينهما... ‌فلما ‌رأى ‌سيبويه ‌العربَ إذا شبَّهت شيئًا بشيء فحملته على حكمه عادت أيضًا فحملت الآخر على حكم صاحبه، تثبيتًا لهما وتتميمًا لمعنى الشبه بينهما حكم أيضًا لجر "الوجه".

ولما كان النحويون ‌بالعرب ‌لاحقين، وعلى سَمْتِهم آخذين، وبألفاظهم مُتَحلِّين ولِمعانيهم وقُصُودِهم آمِّين، جاز لصاحب هذا العلم [يعني سيبويه!] الذي جمع شَعاعَه، وشَرَعَ أوضاعَه، ورسمَ أشكالَه، ووسَمَ أغفالَه، وخَلَجَ أشطانَه، وبَعَجَ أحضانَه، وزَمَّ شواردَه، وأفاءَ فواردَه= أن يرى فيه نحوًا مما رأوا، ويَحْذُوَهُ على أمثلتهم التي حَذَوا، وأن يعتقد في هذا الموضع نحوًا مما اعتقدوا في أمثاله. لا سيما والقياسُ إليه مُصْغٍ وله قابل وعنه غير متثاقل. فاعرف إذن ما نحن عليه للعرب مذهبًا، ولِمَن شرح لُغاتِها مُضْطَرَبًا، وأن سيبويه لاحقٌ بهم وغيرٌ بعيد فيه عنهم).



group-telegram.com/ayuobh/887
Create:
Last Update:

#فائدة

النحو علمٌ يَعصم الفَهمَ والإفهامَ مِن الخطأ، ويحوز البيانَ والتبيُّنَ عن الخطَل.
أما عِصْمةُ اللسان فهي أَمَارةُ عِصمةِ الفَهم والبيان.

وعلمُ النحو استوى على سُوقِه وتمّتْ كلمتُه وتَوطَّدتْ أركانُه واستوسقَتْ أصولُه قبل تمام القرن الثاني. والعربُ حاضرون، والسلائقُ غضَّة، والقرائحُ صحيحة.

والذين قاموا عليه -مِن لدن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه حتى سيبويه- عربٌ خُلَّصٌ، وإنْ لا يَكُنْ بعضُهم عربيَّ النسَب فهو عربيُّ اللسان ما تفتَّقت قريحته بغير العربية ولا غُذِيَ عقلُه بسواها.

وإنْ لا تَكُنْ عربيةُ الطبقة الأخيرة منهم سليقةً كعربية أشياخِهم فإنَّ خِلاطَ أهلِ السليقة والأخذَ عنهم فَمًا لِفَمٍ وشُهودَ أحوالِهم= قام لهم مَقام السليقة في معرفة مقاصد اللسان ومعهود الخطاب.

وما جدَّ في النحو بعد هؤلاء إنما هو تشقيق وتثوير وتفريع وترتيب، ذلك؛ وبناءُ السالفين نُصُبٌ إليه يُوفِضون.

مَن لم يَعِ كل ذلك عند البحث والنظر خبَطَ خبْطَ عشواء وركِبَ عمياء.

قال ابن جني مستطردًا معرِّفًا بقدر سيبويه ومنزلته من علم العربية، وتأمَّلْ آخرَ كلامِه:
(فإن قيل: وما الذي سوغ سيبويه هذا وليس مما يرويه عن العرب روايةً وإنما هو شيء رآه واعتقده لنفسه وعلل به؟ قيل: يدل على صحة ما رآه من هذا وذهب إليه ما عرفه وعرفناه معه: من أن العرب إذا شبهت شيئًا بشيء مكَّنَتْ ذلك الشبَهَ لهما، وعَمَرَتْ به الحال بينهما... ‌فلما ‌رأى ‌سيبويه ‌العربَ إذا شبَّهت شيئًا بشيء فحملته على حكمه عادت أيضًا فحملت الآخر على حكم صاحبه، تثبيتًا لهما وتتميمًا لمعنى الشبه بينهما حكم أيضًا لجر "الوجه".

ولما كان النحويون ‌بالعرب ‌لاحقين، وعلى سَمْتِهم آخذين، وبألفاظهم مُتَحلِّين ولِمعانيهم وقُصُودِهم آمِّين، جاز لصاحب هذا العلم [يعني سيبويه!] الذي جمع شَعاعَه، وشَرَعَ أوضاعَه، ورسمَ أشكالَه، ووسَمَ أغفالَه، وخَلَجَ أشطانَه، وبَعَجَ أحضانَه، وزَمَّ شواردَه، وأفاءَ فواردَه= أن يرى فيه نحوًا مما رأوا، ويَحْذُوَهُ على أمثلتهم التي حَذَوا، وأن يعتقد في هذا الموضع نحوًا مما اعتقدوا في أمثاله. لا سيما والقياسُ إليه مُصْغٍ وله قابل وعنه غير متثاقل. فاعرف إذن ما نحن عليه للعرب مذهبًا، ولِمَن شرح لُغاتِها مُضْطَرَبًا، وأن سيبويه لاحقٌ بهم وغيرٌ بعيد فيه عنهم).

BY أيوب الجهني


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/ayuobh/887

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

The last couple days have exemplified that uncertainty. On Thursday, news emerged that talks in Turkey between the Russia and Ukraine yielded no positive result. But on Friday, Reuters reported that Russian President Vladimir Putin said there had been some “positive shifts” in talks between the two sides. Ukrainian President Volodymyr Zelensky said in a video message on Tuesday that Ukrainian forces "destroy the invaders wherever we can." At the start of 2018, the company attempted to launch an Initial Coin Offering (ICO) which would enable it to enable payments (and earn the cash that comes from doing so). The initial signals were promising, especially given Telegram’s user base is already fairly crypto-savvy. It raised an initial tranche of cash – worth more than a billion dollars – to help develop the coin before opening sales to the public. Unfortunately, third-party sales of coins bought in those initial fundraising rounds raised the ire of the SEC, which brought the hammer down on the whole operation. In 2020, officials ordered Telegram to pay a fine of $18.5 million and hand back much of the cash that it had raised. On February 27th, Durov posted that Channels were becoming a source of unverified information and that the company lacks the ability to check on their veracity. He urged users to be mistrustful of the things shared on Channels, and initially threatened to block the feature in the countries involved for the length of the war, saying that he didn’t want Telegram to be used to aggravate conflict or incite ethnic hatred. He did, however, walk back this plan when it became clear that they had also become a vital communications tool for Ukrainian officials and citizens to help coordinate their resistance and evacuations. The S&P 500 fell 1.3% to 4,204.36, and the Dow Jones Industrial Average was down 0.7% to 32,943.33. The Dow posted a fifth straight weekly loss — its longest losing streak since 2019. The Nasdaq Composite tumbled 2.2% to 12,843.81. Though all three indexes opened in the green, stocks took a turn after a new report showed U.S. consumer sentiment deteriorated more than expected in early March as consumers' inflation expectations soared to the highest since 1981.
from br


Telegram أيوب الجهني
FROM American