Telegram Group Search
كيف واسى الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنصاره حين مُنعوا من الحج؟

جاء في رسالة «بعض فوائد صلح الحديبية» للشيخ محمد بن عبد الوهاب: "الحادية والثمانون: العبرة في كون الكفار ولاة البيت، ورسول الله ﷺ وأصحابه مطرودون عنه".

وقال أيضاً: "الثانية والثمانون: العبرة في [كون الكفار الذين يحجون ويعتمرون]، والرسول ﷺ وأصحابه ممنوعون".

قد يبدو للناظر للوهلة الأولى أنها فوائد جرت على الخاطر من النظر في الخبر فحسب.

والحق أن الشيخ كان يواسي أنصاره لأنهم حرموا من الحج والعمرة، وذلك من أعظم أذى المخالفين لهم.

قال الشيخ سليمان بن سحمان في «الضياء الشارق»: "وكذلك ما جرى في حرب أشراف مكة لهذه الدعوة الإسلامية، والطريقة المحمدية، وذلك أنهم من أول من بدأ المسلمين بالعداوة، فحبسوا حاجّهم فمات في الحبس منهم عدد كثير، ومنعوا المسلمين من الحج أكثر من ستين سنة".

فستون عاماً أهل السنة والحديث حرموا من الحج، لذلك كان الشيخ يسليهم بما حصل مع النبي ﷺ والصحابة، لمَّا صُدُّوا عن البيت في الحديبية.

وكثير من فوائد المجدد في مصنفاته لها علاقة بأحداث وقعت له أو لأنصاره يشير إليها إشارة، ويغفل كثيرون عن الربط بينها وبين تلك الأحداث، لعدم معرفتهم بتاريخ الدعوة.

قال الدكتور مأمون عبد السلام في مقال له بعنوان: «الخصيان. أصل العادة وتاريخها وانتشارها» نشر في «مجلة الرسالة» بتاريخ: ١٣/ ٤/ ١٩٣٦ العدد [١٤٥]: "وقد رجع بعض العرب إبان الحرب الوهابية الأولى إلى عادتهم في الجاهلية وهي خصاء الأسرى، وذلك أن الشريف غالب أمير مكة أسر أربعين رجلا من قبيلة يمنية وهي قبيلة تدين بالمذهب الوهابي، وكان في حرب معهم فأمر بأن يخصوا ثم يفك أسرهم فماتوا من جراء ذلك سوى اثنين رجعا إلى قبيلتهما بعد أن التأمت جراحهما؛ وقد امتلأ قلباهما بالحقد والضغينة فقتل أحدهما ابن عم الشريف غالب في إحدى المعارك، وأما الآخر فقتل وهو يحاول اقتحام خيل الشريف ليقتله بنفسه".

وهذا شيء من فجور الخصوم الذين قال فيهم المجدد: "هم بدأونا بالتكفير والقتال".
إلى من قطع رحمه بسبب المال تأمَّل هذا الحديث…

من يسمع استفتاءات الناس وقصصهم ويعايشها يجد أن كثيراً منهم وقعت القطيعة بينهم وبين أرحامهم بسبب الخلافيات المالية، سواءً على ميراث أو شراكة في مال أو وصية أو عتب على قريب يسَّر الله عليه فلم يساعد في الملمات، أو هروب من أقرباء لئلَّا يطالبوا قريبهم بشيء من النفقة لأنه ميسور الحال وهم ليسوا كذلك.

بعض هذه الصور يدخل فيها القضاء والفتوى، ولكن بابي هنا الوعظ والتنبيه على معنى غفل عنه كثير من الناس.

تأمَّل هذا الحديث وهو قول رسول الله ﷺ: «من سره أن يُبسط له في رزقه، أو يُنسأ له في أثره، فليصل رحمه» رواه البخاري ومسلم من حديث أنس، وخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنهم جميعاً.

وكأنَّ الحديث يقول لك إن ذلك الرزق الذي تخاف على نقصه من أرحامك هو معوَّض من ربِّ العالمين، والرزق ليس المال فقط، بل سماحة النفس والتوفيق للطاعة والعلم النافع من أعظم الرزق.

وقد ورد في الحديث: «إن أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم الكاشح» رواه أحمد.

وسبب فضلها أن فيها خَلَفين، خَلَف الصدقة: «اللهم أعط منفقاً خلفاً» وخَلَف صلة الرحم: «من سره أن يُبسط له في رزقه أو يُنسأ له في أثره فليصل رحمه».

والتنازل أحياناً عن بعض الحقوق حفاظاً على الألفة ليس ضعفاً، ففي الحديث: «وما ازداد عبد بعفو إلا عزاً» هو ليس واجباً، ولكنه خير {والصلح خير}.

وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: "أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: «لئن كنت كما قلت، فكأنما تُسِفُّهم المَلَّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك»".

فهذا ليس ضعفاً، بل أمر محمود شرعاً.

وكثير من الناس تمَلَّكهم المال، فصار غاية بدلاً من أن يكون وسيلة، فبدلاً من أن يصير باباً للتقرب لله عز وجل وصلة الرحم وانشراح الصدر، صار باباً للإثم وقطيعةِ الرحم وضيقِ الصدر بالخصومات والتدابر بين الأقرباء.

فهذا مال لم تملكه، بل هو تملَّكك وأكَلك.
قال الذهبي في «تاريخ الإسلام»: "وأما عساف فقتله بقرب المدينة النبوية في ربيع الأول من هذه السنة ابن أخيه جماز بن سليمان، وفرح الناس".

عساف الذي فرح الناس بقتله هو الذي دافع عن النصراني الذي سب النبي ﷺ في زمن ابن تيمية، وألف ابن تيمية لأجله كتاب «الصارم المسلول».

ونحن نفرح بقتل هذا الكلب.

وأذكر قديماً أنهم كانوا ينشرون صوراً للسجون في السويد وأنها تشبه الفنادق، فأرجو أن يوضع قاتله في غرفة تشبه الفندق (ولا يوجد عندهم إعدام).

وإذا كانت الحكومة السويدية لا تنفق عليه فأرجو أن ينشروا رقم حسابه في السجن، حتى يتبرع له المسلمون، ويعيش مرتاحاً في سجنه.
بين صيام الدوبامين والموعظة التقليدية 👇
استخراج معنى حديث «العلماء ورثة الأنبياء» من القرآن الكريم...

قال تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين} [الطور].

وقال سبحانه: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير} [المجادلة].

في الآية الأولى أن المرء ترتفع درجته تبعاً لأبيه إذا كان أباه أصلح منه واتَّبع هو أباه على الإسلام بالجملة.

وفي الآية الثانية أن العلماء يرفعهم علمهم درجات.

فاستفيد من مجموع هذا أن العلماء يرفعهم علمهم الذي ورثوه عن الأنبياء، كما يرفع اتِّباع الابن لأبيه الأصلح منه على الإسلام من درجته.

والابن يرث أباه، فكان العلماء وارثي الأنبياء، فهذه وراثة رفعت، وتلك وراثة رفعت، ولكن وراثة العلماء للأنبياء أعظم.

فالأنبياء يخرجون الناس من الظلمات إلى النور ويهدونهم إلى الخير، وكذا يفعل العلماء.

واليوم كثير من الناس العلم عندهم الإغراق في علوم الآلة، دون الوصول إلى المقصد من هداية الخلق، أو الركون إلى التقليد مع وجود إرث النبي ﷺ الفاصل في الخلاف، فمثل هؤلاء وإن سماهم الناس علماء فليسوا هم ورثة الأنبياء.
هل رأيت أعرابياً يصنف كتاباً بعنوان: (الأعراب أعظم إيماناً وتقوى) وكأنه يعارض الآية: {الأعراب أشد كفراً ونفاقاً}؟

وهل رأيت شاعراً يكتب كتاباً بعنوان: (والشعراء يتبعهم المتقون) معارضةً للآية: {والشعراء يتبعهم الغاوون}؟

هذا مع أن الفريقين حظوا باستثناء في النصوص، فحمد الأتقياء منهم الله على ذلك، واكتفوا بذلك وسألوه أن يكونوا من المستثنين.

الأمر ليس دفاعاً عن سنة رسول الله ﷺ، بل تأثُّر بالموجات النسوية، بدليل قولها: (كاملات عقل ودين)، وهذه قضية لا تستفاد من مجرد تضعيف الحديث، فإثبات الكمال يحتاج أدلة مستقلة، وادِّعاؤه هكذا محض نرجسية اعتدنا عليها من كثير من النساء العصريات، اللواتي يعتقدن أن خير الملائكة نزل بأفضل وحي على خير البشر حتى يخضع الأمر في الأخير لتقييمهن فيقلن: (هذا الدين كرم المرأة) أو (فيه أمور تحتاج إصلاحاً) العبد العاقل يرى ذنوبه ويستحي من ربه ويبصر تقصيره ويرجو السلامة بالعفو والرحمة، ومن لا عقل له يفكر بهذه النرجسية مقتدياً بإبليس في حمقه.

أرادت أن تنفي النقص عن نفسها فذهب دينها كله.

ولا تظنن هذه النرجسية قادمة من تعظيم للذات، بل إن المرء إذا كره نفسه على حقيقتها حاربها وأنكر خصائصها وأنكر وجودها، واخترع لنفسه وهماً يعيشه وهو يعلم ذلك.

الحديث كل ما فيه ذكر قضية قطعية شرعية من أمر الشهادة وتنصيف شهادة المرأة وتركها الصلاة وقت الحيض.

وذكر قضية واقعية لا ينكرها إلا مكابر، من كثرة اللعن وكفران العشير.

هذا ما يتعلق بالأمر من قضايا شرعية وواقعية.

وأما ما سوى ذلك فأكاد أجزم أنه يسهل قبوله من (دراسات غربية) أو (أوراق علمية) أو حتى أمثلة شعبية من حضارات أخرى، بينما عند الحديث يأتي التعنت استغلالاً للموجات التشكيكية الباردة المنتشرة.
لا تسفه نفسك ( اعرف قيمة حياتك وقيمة ما تفعل ) 👇
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
في الواقع لا خصوصية للمجتمع الكويتي.

قانون جيهان لا يصلح للاستخدام البشري.

وقد دمر آلاف الأسر على مدى أربعين عاماً، كل ذلك تحت قناع كذبة (فقه مالكي) وهو فقه ملفق.

المحامي المتحدث يقول لك أحياناً يأخذون بالشهور القمرية في القانون وأحياناً بالشهور الميلادية، والعلة في ذلك تدور مع مصلحة المرأة (المتوهمة) وجوداً وعدماً.

ومن تلفيقهم ما وضعوه في أمر الحضانة، حيث أخذوا من الفقه المالكي أن الصبي يكون في حضانة أمه حتى يبلغ.

ثم قالوا بأن الحضانة تبقى للطفل حتى سن الخامسة عشر، وليس هذا مذهب المالكية ولا مذهب أي أحد، بل المالكية أوسع المذاهب في علامات البلوغ.

وقد بسطت الكلام عن هذه القوانين وانقطاع صلتها بالفقه على أي مذهب في هذه الصوتية:

https://www.group-telegram.com/alkulife.com/13353

وقد تكلم غير محام بنحو كلام المحامي إبراهيم الكندري هنا عن أثر القانون السلبي على المجتمع.

هنا ذكرت كلام المحامي عبد الوهاب السلامة:

https://www.group-telegram.com/alkulife.com/13436

وهنا ذكرت كلام المحامي سعود الهدبة:

https://www.group-telegram.com/alkulife.com/13327

وهنا ذكرت كلام المحامي أحمد حسين والمحامي حسين العبد الله والدكتور نايف حجاج:

https://www.group-telegram.com/alkulife.com/10360

ومن العجيب والمؤسف أن نجد المحامين أكثر كلاماً في هذا الموضوع من طلبة العلم والمشايخ، خصوصاً المتخصصين بالفقه.
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
لفت نظري قول المتكلم: (ما بعرف هذا عقيدته جبرية عقيدته أيش، والله ما بعرف).

ذكرتني هذه الكلمة بما ذكره ابن تيمية عن جماعة من الصوفية في زمانه، من أنهم أيدوا التتر تحت ستار العقيدة الجبرية.

قال ابن تيمية في رسالته «الفرقان بين الحق والبطلان» صـ٦٠٦: "فمنتهى الجهمية المجبرة إما مشركون ظاهرا وباطنا وإما منافقون يبطنون الشرك؛ ولهذا يظنون بالله ظن السوء وأنه لا ينصر محمدا وأتباعه كما قال تعالى: {ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا} وهم يتعلقون بقوله: {لا يسأل عما يفعل} وبأنه {يفعل ما يشاء} ولذلك لما ظهر المشركون التتار وأهل الكتاب كثر في عبادهم وعلمائهم من صار مع المشركين وأهل الكتاب وارتد عن الإسلام إما باطنا وظاهرا وإما باطنا وقال: إنه مع الحقيقة ومع المشيئة الإلهية. وصاروا يحتجون لمن هو معظم للرسل عما لا يوافق على تكذيبه بأن ما يفعله من الشرك والخروج عن الشريعة وموالاة المشركين وأهل الكتاب والدخول في دينهم ومجاهدة المسلمين معهم هو بأمر الرسول".

ثم ذكر قصصاً يندى لها الجبين في إعانتهم للتتر، ثم قال في صـ٦٢٤: "فهؤلاء العباد الزهاد الذين عبدوا الله بآرائهم وذوقهم ووجدهم لا بالأمر والنهي منتهاهم اتباع أهوائهم {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} لا سيما إذا كانت حقيقتهم هي قول "الجهمية المجبرة" فرأوا أن جميع الكائنات اشتركت في المشيئة ولم يميزوا بعضها عن بعض بأن الله يحب هذا ويرضاه وهذا يبغضه ويسخطه؛ فإن الله يحب المعروف ويبغض المنكر فإذا لم يفرقوا بين هذا وهذا نكت في قلوبهم نكت سود فسود قلوبهم، فيكون المعروف ما يهوونه ويحبونه ويجدونه ويذوقونه ويكون المنكر ما يهوون بغضه وتنفر عنه قلوبهم كالمشركين الذين كانوا {عن التذكرة معرضين} {كأنهم حمر مستنفرة} {فرت من قسورة} ولهذا يوجد في هؤلاء وأتباعهم من ينفرون عن القرآن والشرع كما تنفر الحمر المستنفرة التي تفر من الرماة ومن الأسد، ولهذا يوصفون بأنهم إذا قيل لهم قال المصطفى نفروا. وكان الشيخ إبراهيم بن معضاد يقول -لمن رآه من هؤلاء كاليونسية والأحمدية- يا خنازير يا أبناء الخنازير ما أرى لله ورسوله عندكم رائحة {بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة} كل منهم يريد أن يحدثه قلبه عن ربه فيأخذ عن الله بلا واسطة الرسول {وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته} وبسط هذا له موضع آخر".

ومعلوم أن الأشعرية الذين منهم البوطي جبرية، ولكن ليس كلهم يطرد مع عقيدته حتى يصل إلى هذا الحضيض، فكثير منهم يعصمه التناقض عن هذا الدرك.

ولكن تبقى العقيدة الفاسدة باباً لتبرير الشر لصاحبها إن أراد.

والنصيرية لا يختلفون عن التتر، بل هم أشد.
دراسة بعنوان: ”انخفاض معدل المواليد في البلدان المتقدمة: هناك حاجة إلى إعادة تفكير جذرية في السياسات“

أعدَّتها المكتبة الوطنية الأمريكية للدواء.

تجد في مقدمتها اعترافات واضحة وكافية للمنصف.

فتجدهم يقولون إننا بحاجة للمواليد للتنمية ورعاية الآباء في سن الشيخوخة.

ويذكرون أن من أسباب زيادة المواليد في البلدان النامية ضعف تعليم المرأة!

هكذا ذكروها بصراحة.

حيث قالوا: "ترتفع معدلات الخصوبة بسبب عدم إمكانية الحصول على وسائل منع الحمل وانخفاض مستويات تعليم الإناث بشكل عام".

وقالوا أيضاً: "غالباً ما يعني التعليم العالي والوظائف المهنية أن المرأة تنجب أطفالاً في وقت متأخر من حياتها، وهذا يمكن أن يؤدي إلى مفارقة ديموغرافية اقتصادية".

إذن نمط الحياة الذي رسمته الرأسمالية للمرأة تعليماً وخروجاً لسوق العمل ثم زواجاً متأخراً يهدد الخصوبة في المجتمعات، أي يهدد بقاء البشر، وقد تتحول المجتمعات إلى الشيخوخة، حيث يكون الشباب فيها أقلية.

وهكذا تدمِّر الرأسمالية نفسها.

أكتب هذا تضامناً مع تغريدة كتبها شخص اسمه عبد الله مشاط على موقع اكس، يتكلم فيها عن انخفاض معدل الخصوبة في المجتمع السعودي في السنوات الأخيرة، حيث قال: "أكبر خطر يهدد مستقبل أي مجتمع:

نسبة هبوط معدل الخصوبة آخر 5-10 سنين كبيرة جداً بالتحديد من 2017

نعم ما زلنا فوق معدل الاستبدال، ولكن سرعة الهبوط لا تبشر بالخير، خصوصاً مع تأخر الزواج وارتفاع تكلفة المعيشة.

الحل موجود وسبق ذكرناه، ولكن هذا الموضوع مهم، وغالبًا الالتفات له يأتي متأخرًا".
الحسن البخاري والإفراط بالفذلكة 👇
خمسة آثار نفيسة ثابتة في صفة الجنة لم يذكرها ابن القيم في «حادي الأرواح»…

من عجيب أمر صفة الجنة في دين الإسلام: أن الإنسان مهما سمت أمانيه وزادت رغباته فإنها تبقى دون الجنة، وكذا النار مهما علت مخاوفه فإنها تبقى دون النار، ولا عجب من غفلة كثير من أرباب الدنيا عن تذكرها والنظر في تفاصيل نعيمها، غير أن العجب من غفلة كثير من المشتغلين بالعلم عن ذلك، وهي الغاية التي حولها يدندنون، وكل شغلهم لا نفع فيه إن لم يكن قائداً إليها، حتى إن الفردوس الأرضي الفاني يُذكر ويطرق الأذهان أكثر منها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وقد جمع ابن القيم في كتابه النفيس «حادي الأرواح» جمعاً نفيساً غاية في صفة الجنة وما يتعلق بذلك من مسائل، وعلى عادته استوعب الباب، إلا شيئاً يسيراً أعرض هنا لشيء من ذلك، عسى الله عز وجل أن يكرمنا بفضله ومنِّه وكرمه وألا يجعل تشوُّقنا مآله الخيبة.

والاستدراك في الأحاديث المرفوعة (أحاديث رسول الله ﷺ) بل والموقوفة (أخبار الصحابة) عسير على ابن القيم، وإنما يتيسر ذلك في آثار التابعين، وقد نصَّ الدارمي في رده على المريسي: أن الناس ما زالوا يحتجون بآثار التابعين (يعني في الغيبيَّات)، وأمر الجنة لا يُستبعد فيه عامة ما يذكرون، ففي ذلك النص الجامع: أن الله أعدَّ لعباده فيها «ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر».

الأثر الأول: قال ابن أبي الدنيا في «صفة الجنة»: "٥٦- حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: «كم من أخ يحبُّ أن يلقى أخاه يمنعه من ذلك شغل، عسى الله عز وجل أن يجمع بينهما في دار لا فِرقة فيها».
ثم يقول مالك: «وأنا أسأل الله يا إخوتاه أن يجمع بيني وبينكم في دار لا فَرَق فيها، في ظل طوبى ومستراح العابدين»".

أقول: هذا إسناد في بعض رواته كلام يسير، غير أنهم رواة مواعظ مالك بن دينار.

هنا مالك بن دينار يذكر (نعيم الأخوَّة) ذلك النعيم المغفول عنه، إذا تحدَّث الناس عن نعيم الجنة فغالباً يُذكر الطعام والشراب والقصور والحور وغيرها، ويُنسى هذا النعيم، مع ذكره في القرآن: {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين} [الحجر].

يقول مالك إن المرء ربما اشتغل عن إخوانه بشغل، وهذا الشغل إما شغل دنيا، فهذا لا يقرِّبه إلى لقاء لا شغل فيه، وإما شغل آخرة، فهذا يقرِّب إلى لقاء لا فراق فيه ولا ملل، وذلك في الجنة، فلا يعتب المرء على أخيه في ذلك، والمؤمن بركته على أخيه عظيمة يدعو له في الدنيا ويصلي عليه إن مات ويشفع له في الآخرة إن حصلت شفاعة، وذلك خير من إعطاء الدنانير والدراهم لو كان الناس يعقلون.

الأثر الثاني: قال ابن أبي الدنيا في «صفة الجنة»: "٢٩٣- حدثنا الحسن بن حماد الضبي، حدثنا ابن فضيل، عن محمد بن سعد الأنصاري، عن أبي ظبية الكلاعي، قال: «إن السحابة لتُظلُّ السرب من أهل الجنة فتقول: ماذا أمطركم؟ فما أحد يريد شيئا إلا أسالته عليه، حتى إن بعضهم ليقول: أمطرينا كواعب أترابا»".

أقول: هذا إسناد قوي، وأبو ظبية الكلاعي تابعي حمصي كبير، سمع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأدرك خطبته، فيغلب على الظن أنه حمل هذا الخبر عن أصحاب النبي ﷺ، إذ لا شيوخ له غيرهم.

وهذا الأثر في نعيم الحور والكواعب الأتراب، ومَن علِم عظيم فتنة النساء وأثرها على الناس فهم فائدة هذا التشويق وهذا الخير العميم، والذي حسدت النصارى أهل الإسلام عليه، فصيَّروه شبهةً وما في قلوبهم إلا الحسد.

ففي تفسير قول الله تعالى: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله} [النساء] أن اليهود حسدت النبي ﷺ على كثرة نسائه، فذُكر لهم ما ذُكر من شأن داود وسليمان -عليهما الصلاة والسلام- وقد كانوا أكثر نساءً.
=
قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
خمسة آثار نفيسة ثابتة في صفة الجنة لم يذكرها ابن القيم في «حادي الأرواح»… من عجيب أمر صفة الجنة في دين الإسلام: أن الإنسان مهما سمت أمانيه وزادت رغباته فإنها تبقى دون الجنة، وكذا النار مهما علت مخاوفه فإنها تبقى دون النار، ولا عجب من غفلة كثير من أرباب الدنيا…
=

الأثر الثالث: قال سعيد بن منصور في سننه: "1170- حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن حسان بن أبي الأشرس، عن مغيث بن سمي؛ في قوله عز وجل {طوبى لهم وحسن مآب} قال: شجرة في الجنة ليس من أهل دار إلا يظلهم غصن من أغصانها، فيها من ألوان الثمر ويقع عليها طير أمثال البخت، فإذا اشتهى الرجل طائرا دعاه حتى يقع على خِوانه، فيأكل من أحد جانبيه شواءً، والآخر قديدا، ثم يطير فيذهب".

وهذا خبر صحيح، أول الإسناد كوفي ثم ينتهي إلى رجل شامي، وهو مغيث بن سمي تابعي من الشام.

الأثر الرابع: قال ابن أبي الدنيا في «صفة الجنة»: "٢٤٧- حدثنا داود بن عمرو الضبي، حدثنا عبد المؤمن بن عبيد الله، قال: سمعت الحسن وسأله رجل عن أهل الجنة: هل فيها خيل؟ قال: «لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين»".

وهذا إسناد صحيح إلى الحسن البصري، وهو أصح شيء في الباب، وقد ساق ابن القيم أخباراً مرفوعة لا تثبت في الباب وبيَّنها.

وكثير من الناس ممن ربوا حيوانات وتعلقت نفوسهم بها يسألون عن هذا، وفي الدنيا أعمار الحيوانات قصيرة، أما في الجنة فخلود ولا موت، فلأهل الجنة دواب، كما أن لهم في الدنيا دواباً.

الأثر الخامس: قال ابن أبي الدنيا في «صفة الجنة»: "٢٥٩- حدثنا خالد بن خداش، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثنا الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد: أن الحور العين يتغنين لأزواجهن يقلن: نحن الخيرات الحسان أزواج شبان كرام، ونحن الخالدات فلا نموت، ونحن الناعمات فلا نبأس، ونحن الراضيات فلا نسخط، ونحن المقيمات فلا نظعن. في صدر إحداهن مكتوب أنت حبي وأنا حبك، انتهت نفسي عندك فلا نرى مثلك".

وهذا إسناد مصري، عدا خالد بن خداش، وخالد بن يزيد المتكلم هنا هو فقيه إسكندراني والإسناد إليه قوي.

وهذا ذكره ابن القيم غير أنني أردت التنبيه على صحته

وفي الباب ما روى ابن أبي الدنيا: "٢٥٠- حدثنا خالد بن خداش، ثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثني سعيد بن أبي أيوب، قال: قال رجل من قريش لابن شهاب: هل في الجنة من سماع؟ فإنه حبب إلي السماع قال: إي والذي نفس ابن شهاب بيده، إن في الجنة لشجرا حمله اللؤلؤ والزبرجد، تحته جوار ناهدات يتغنين بالقرآن، يقلن: نحن الناعمات فلا نبأس، ونحن الخالدات فلا نموت، فإذا سمع ذلك الشجر صفق بعضه بعضا، فأجبن الجواري، فلا يدرى أصوات الجواري أحسن أم أصوات الشجر".

ورجاله ثقات.
2025/02/11 05:06:26
Back to Top
HTML Embed Code: