Telegram Group & Telegram Channel
﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾

﴿بَلْ هُوَ﴾ أي: ما جاء به الرسولُ عليه الصلاة والسلام ﴿قُرْآنٌ مَجِيدٌ﴾ أي: ذو عظمةٍ ومجد، ووَصْف القرآنِ بأنَّه مجيدٌ لا يعني أن المجد وصْفٌ للقرآن نفسه فقط، بل هو وصْفٌ للقرآن ولِمَن تحمَّل هذا القرآنَ فحمله وقام بواجبه من تلاوته حقَّ تلاوته، فإنَّه سيكون له المجد والعِزَّة والرِّفعة.

وقوله تعالى: ﴿فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ يعني بذلك اللوحَ المحفوظَ عند الله عز وجل الذي هو أمُّ الكتاب؛ كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد ٣٩]. هذا اللوح لو سألَنا سائلٌ: من أيِّ مادَّةٍ هو؟ ماذا نقول؟
* طالب: نقول: الله أعلم.
* الشيخ: نقول: الله أعلم.
يعني لو قال: هل من خشب؟ من حديد؟ من زجاج؟ من ذهب؟ من فضة؟ ما ندري، هو لوحٌ كتب الله به مقاديرَ كلِّ شيءٍ، ومن جُملة ما كتب به أنَّ هذا القرآن سينزل على محمد ﷺ، فهو ﴿فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾.

قال العلماء: ﴿مَحْفُوظٍ﴾ لا يناله أحدٌ، محفوظٌ عن التغيير والتبديل.

والتبديلُ والتغييرُ إنما يكون في الكتب الأخرى؛ لأنَّ الكتابة من الله عز وجل أنواعٌ، وأرجو أن تنتبهوا لهذا: النوع الأول: الكتابة في اللوح المحفوظ، وهذه الكتابة لا تُبَدَّل ولا تُغَيَّر، ولهذا سَمَّاه الله لوحًا محفوظًا، لا يمكن أن يُبَدَّل أو يُغَيَّر ما فيه؛ لأنَّه هو النهائي.

الثاني: الكتابة على بني آدم وهُم في بطون أمَّهاتهم؛ لأنَّ الإنسان في بطن أمِّه إذا تَمَّ له أربعة أشهرٍ بعثَ الله إليه ملكًا موكَّلًا بالأرحام فينفخ فيه الروح بإذن الله، لأنَّ الجسد عبارة عن قطعة من لحم إذا نُفِخت فيه الروح صار إنسانًا، ويؤمَر بأربع كلمات: بكَتْب رِزقه، وأجَله، وعمله، وشقيٌّ أو سعيدٌ.

هناك كتابة أخرى حوليَّة؛ كلَّ سَنَة، وهي الكتابة التي تكون في ليلة القَدْر؛ فإنَّ الله سبحانه وتعالى يُقَدِّر في هذه الليلة ما يكون في تلك السَّنَة؛ قال الله تبارك وتعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان ٤]، فيُكتَب في هذه الليلة ما يكون في تلك السَّنَة.

هناك كتابة رابعة، وهي كتابة الصُّحُف التي في أيدي الملائكة، وهذه الكتابة تكون بعد العمل، والكتابات الثلاث السابقة كلُّها قبل العمل، لكن الكتابة الأخيرة هذه تكون بعد العمل، يُكتَب على الإنسان ما يعمل من قولٍ بلسانه أو فعلٍ بجوارحه أو اعتقادٍ بقلبه، فإنَّ الملائكة الموكَّلين بحفظ بني آدم -أي: بحفظ أعمالهم- يكتبون؛ قال الله تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾.

لكن هذه الكتابة الأخيرة تختلف عن الكتابات الثلاث السابقة؛ لأنها كتابة ما بعد العمل حتى يُكتَب على الإنسان ما عَمِل، فإذا كان يوم القيامة فإنَّه يُعطى هذا الكتاب؛ كما قال تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾. يعني تُعطَى الكتابَ ويُقال: أنت، اقرأْ وحاسبْ نفسَك.

قال بعض السلف: لقد أَنْصفك مَن جعلك حسيبًا على نفسك.
وهذا صحيح، أيُّ إنصافٍ أَبْلغ مِن أن يُقال للشخص: تفضَّل، هذا ما عَمِلْتَ، حاسبْ نفسَك؟! أليس هذا هو الإنصاف؟! أكبرُ إنصافٍ هو هذا، فيوم القيامة تُعطى هذا الكتابَ منشورًا مفتوحًا أمامك ليس مغلقًا، تقرأ، ويتبيَّن لك أنك عملتَ في يوم كذا في مكان كذا: كذا وكذا، شيءٌ مضبوطٌ ما يتغيَّر، وإذا أنكرتَ هنا مَن يشهد عليك؟ ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ﴾ يقول اللسان: نطقتُ بكذا، ﴿أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، تقول اليد: بطشتُ، تقول الرِّجل: مشيتُ، بل يقول الجِلد أيضًا، الجلود تشهد بما لمست؛ ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.

المهمُّ الآن أنَّ اللوح المحفوظ هو هذا اللوح الذي كتب الله فيه مقاديرَ كلِّ شيءٍ، هو محفوظٌ من التغيير، محفوظٌ من أن يناله أحدٌ، والله سبحانه وتعالى يعلم ما كتب فيه، وقلنا: إنَّه محفوظٌ لأنه لا يتغيَّر، وما بأيدي الملائكة يتغيَّر. وقلنا: إنَّ الكتابات أربع:
اللوح المحفوظ.
الثاني: كتابة الأجنَّة.
والثالث: الكتابة الحوليَّة تكون في ليلة القدر. والرابعة: كتابة الأعمال بعد وقوعها وتكون هذه بأيدي الملائكة؛ عن اليمين واحد من الملائكة وعن الشمال واحد، يسجِّلون على الإنسان كلَّ ما يقول.



group-telegram.com/tafseer712/1591
Create:
Last Update:

﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾

﴿بَلْ هُوَ﴾ أي: ما جاء به الرسولُ عليه الصلاة والسلام ﴿قُرْآنٌ مَجِيدٌ﴾ أي: ذو عظمةٍ ومجد، ووَصْف القرآنِ بأنَّه مجيدٌ لا يعني أن المجد وصْفٌ للقرآن نفسه فقط، بل هو وصْفٌ للقرآن ولِمَن تحمَّل هذا القرآنَ فحمله وقام بواجبه من تلاوته حقَّ تلاوته، فإنَّه سيكون له المجد والعِزَّة والرِّفعة.

وقوله تعالى: ﴿فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ يعني بذلك اللوحَ المحفوظَ عند الله عز وجل الذي هو أمُّ الكتاب؛ كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد ٣٩]. هذا اللوح لو سألَنا سائلٌ: من أيِّ مادَّةٍ هو؟ ماذا نقول؟
* طالب: نقول: الله أعلم.
* الشيخ: نقول: الله أعلم.
يعني لو قال: هل من خشب؟ من حديد؟ من زجاج؟ من ذهب؟ من فضة؟ ما ندري، هو لوحٌ كتب الله به مقاديرَ كلِّ شيءٍ، ومن جُملة ما كتب به أنَّ هذا القرآن سينزل على محمد ﷺ، فهو ﴿فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾.

قال العلماء: ﴿مَحْفُوظٍ﴾ لا يناله أحدٌ، محفوظٌ عن التغيير والتبديل.

والتبديلُ والتغييرُ إنما يكون في الكتب الأخرى؛ لأنَّ الكتابة من الله عز وجل أنواعٌ، وأرجو أن تنتبهوا لهذا: النوع الأول: الكتابة في اللوح المحفوظ، وهذه الكتابة لا تُبَدَّل ولا تُغَيَّر، ولهذا سَمَّاه الله لوحًا محفوظًا، لا يمكن أن يُبَدَّل أو يُغَيَّر ما فيه؛ لأنَّه هو النهائي.

الثاني: الكتابة على بني آدم وهُم في بطون أمَّهاتهم؛ لأنَّ الإنسان في بطن أمِّه إذا تَمَّ له أربعة أشهرٍ بعثَ الله إليه ملكًا موكَّلًا بالأرحام فينفخ فيه الروح بإذن الله، لأنَّ الجسد عبارة عن قطعة من لحم إذا نُفِخت فيه الروح صار إنسانًا، ويؤمَر بأربع كلمات: بكَتْب رِزقه، وأجَله، وعمله، وشقيٌّ أو سعيدٌ.

هناك كتابة أخرى حوليَّة؛ كلَّ سَنَة، وهي الكتابة التي تكون في ليلة القَدْر؛ فإنَّ الله سبحانه وتعالى يُقَدِّر في هذه الليلة ما يكون في تلك السَّنَة؛ قال الله تبارك وتعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان ٤]، فيُكتَب في هذه الليلة ما يكون في تلك السَّنَة.

هناك كتابة رابعة، وهي كتابة الصُّحُف التي في أيدي الملائكة، وهذه الكتابة تكون بعد العمل، والكتابات الثلاث السابقة كلُّها قبل العمل، لكن الكتابة الأخيرة هذه تكون بعد العمل، يُكتَب على الإنسان ما يعمل من قولٍ بلسانه أو فعلٍ بجوارحه أو اعتقادٍ بقلبه، فإنَّ الملائكة الموكَّلين بحفظ بني آدم -أي: بحفظ أعمالهم- يكتبون؛ قال الله تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾.

لكن هذه الكتابة الأخيرة تختلف عن الكتابات الثلاث السابقة؛ لأنها كتابة ما بعد العمل حتى يُكتَب على الإنسان ما عَمِل، فإذا كان يوم القيامة فإنَّه يُعطى هذا الكتاب؛ كما قال تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾. يعني تُعطَى الكتابَ ويُقال: أنت، اقرأْ وحاسبْ نفسَك.

قال بعض السلف: لقد أَنْصفك مَن جعلك حسيبًا على نفسك.
وهذا صحيح، أيُّ إنصافٍ أَبْلغ مِن أن يُقال للشخص: تفضَّل، هذا ما عَمِلْتَ، حاسبْ نفسَك؟! أليس هذا هو الإنصاف؟! أكبرُ إنصافٍ هو هذا، فيوم القيامة تُعطى هذا الكتابَ منشورًا مفتوحًا أمامك ليس مغلقًا، تقرأ، ويتبيَّن لك أنك عملتَ في يوم كذا في مكان كذا: كذا وكذا، شيءٌ مضبوطٌ ما يتغيَّر، وإذا أنكرتَ هنا مَن يشهد عليك؟ ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ﴾ يقول اللسان: نطقتُ بكذا، ﴿أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، تقول اليد: بطشتُ، تقول الرِّجل: مشيتُ، بل يقول الجِلد أيضًا، الجلود تشهد بما لمست؛ ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.

المهمُّ الآن أنَّ اللوح المحفوظ هو هذا اللوح الذي كتب الله فيه مقاديرَ كلِّ شيءٍ، هو محفوظٌ من التغيير، محفوظٌ من أن يناله أحدٌ، والله سبحانه وتعالى يعلم ما كتب فيه، وقلنا: إنَّه محفوظٌ لأنه لا يتغيَّر، وما بأيدي الملائكة يتغيَّر. وقلنا: إنَّ الكتابات أربع:
اللوح المحفوظ.
الثاني: كتابة الأجنَّة.
والثالث: الكتابة الحوليَّة تكون في ليلة القدر. والرابعة: كتابة الأعمال بعد وقوعها وتكون هذه بأيدي الملائكة؛ عن اليمين واحد من الملائكة وعن الشمال واحد، يسجِّلون على الإنسان كلَّ ما يقول.

BY الدُّر النَّثِير مِن أنوارِ التنزيلِ


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/tafseer712/1591

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

Again, in contrast to Facebook, Google and Twitter, Telegram's founder Pavel Durov runs his company in relative secrecy from Dubai. The SC urges the public to refer to the SC’s I nvestor Alert List before investing. The list contains details of unauthorised websites, investment products, companies and individuals. Members of the public who suspect that they have been approached by unauthorised firms or individuals offering schemes that promise unrealistic returns These entities are reportedly operating nine Telegram channels with more than five million subscribers to whom they were making recommendations on selected listed scrips. Such recommendations induced the investors to deal in the said scrips, thereby creating artificial volume and price rise. Official government accounts have also spread fake fact checks. An official Twitter account for the Russia diplomatic mission in Geneva shared a fake debunking video claiming without evidence that "Western and Ukrainian media are creating thousands of fake news on Russia every day." The video, which has amassed almost 30,000 views, offered a "how-to" spot misinformation. Telegram does offer end-to-end encrypted communications through Secret Chats, but this is not the default setting. Standard conversations use the MTProto method, enabling server-client encryption but with them stored on the server for ease-of-access. This makes using Telegram across multiple devices simple, but also means that the regular Telegram chats you’re having with folks are not as secure as you may believe.
from cn


Telegram الدُّر النَّثِير مِن أنوارِ التنزيلِ
FROM American