أيوب الجهني
#مكتبتي أنا كثير الأُنس بآراء المعري ومذاهبه في اللغة، فهو غوّاص مسبار، صاحب نظر لطيف قلَّ نظيره، خاصة في الصرف والعروض. وإني لآسى على علمه المفرق في الكتب، فتجد مسألة في شرحه لشعر أبي تمام، وأخرى في "عبث الوليد" شرحه على شعر البحتري، وأُخَر يأتي بها مستطردا…
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
#نفثة
أَمُرْتَخِيًا حَوْلًا عِنانُ قريحتي
ومُجْفِلَةً عني المعاني الشواردُ؟
وما كنتُ أَعْيا باقتناصِ شَريدةٍ
ولا أَعْجَزَتْ نَظمي اللآلي الفرائدُ
كأنيَ ما أَنبَطتُّ يومًا قَريحةً
يُصِيخُ بها العِزْهاةُ ليْ وَهْو مائدُ
ولا نَسجَتْ في ظُلْمةِ الليل فِكْرَتي
مَطارِفَ خَزٍّ والنجومُ شواهدُ
مُحَبَّرَةً، يُّغري الغريرَ اقترابُها
وإن رامَ نَسْجًا مثلَها تتباعدُ
ولا عُدتُّ مِن طَعْنيِ الفلاةَ بِمَرْكبي
بِمُحْكَمَةٍ شَيطانُها ثَمَّ قاعدُ
بِمُفْغِرَةِ الأفواهِ مُطْرِبَةِ النُّهى
مُرَقِّصَةٍ، تُحْدَى فَتُنْسى القصائدُ
يَخِفُّ لها الشيخُ الوُقُورُ، ويستوي
لها قائمًا نشوانَ مَن هو قاعدُ
يكادُ البَصيرُ حين يَلقاهُ حُسْنُها
يَبِيتُ لها -لولا التُّقَى- وَهْوَ ساجدُ
مُقَدَّرَةٌ ما شانَها غيرُ أَنْ أَتَتْ
على غير ما يهوى الزمانُ المعاندُ
فقد رَتعَتْ أذوادُ شِعْري بِمَرْتَعٍ
أَذُودُ المَلَا عنهُ وما لِيَ ذائدُ
رَعاهُ ابنُ حُجْرٍ وابن سُلْمَى وجَرْوَلٌ
وأضرابُهم، فكلُّهُمْ ليَ رائدُ
فعُدتُّ بِأَذْوادٍ كِرامٍ صَريحةٍ
عليهنَّ مِن حُسْنِ انتجاعيَ شاهدُ
عليها مِنَ ٱهْلِ الجاهليةِ مِيسَمٌ
وزَيَّنَها مِن كلِّ عَصْرٍ قلائدُ
تَجَنَّبَ حُوشِيَّ الأعاريبِ لَفْظُها
فَمُنْشِدُها يَمْضي ولا يَتَكاءَدُ
ونَزَّهْتُها عن عُجْمَةٍ مُّسْتَسِرَّةٍ
وإني لِأَوْضارِ الأعاجمِ راصدُ
وثَقَّفْتُها حتى كأنَّ صُدُورَها
وأَعْجازَها -لولا التَّأَمُّلُ- واحدُ
وعَوَّذْتُها مِن أنْ تُعابَ بِرائثٍ
من الفِكْرِ، إلا أَن يُّنَبِّثَ حاسدُ
أُطِيلُ وُقُوفًا بين أبياتِها فما
أُغادِرُها إلا وذَوْقيَ حامدُ
فقد جَعلَتْ في مَهْبِطِ الوَحْيِ تُصْطَفى
وليس لها مِن غيرِ سِرِّيَ ناقدُ
فإنَّ امرءًا يَّسْتَرشِدُ العُمْيَ ضائعٌ
وشِعْرًا فَلَاهُ نَقْدُ عَصْرِك فاسدُ
فما ليْ أَراني اليومَ لا أنا صادرٌ
بِرِيٍّ، ولا عَذْبَ المشاربِ واردُ؟
لقد عَلِمَتْ نفسي مكانَ بلائها
ولكنْ جَفَا عنها الطبيبُ المساعدُ
أَرِيٌّ ولا ماءٌ! وخِصْبٌ ولا حَيًا!
وشِعْرٌ ولا وَحْيٌ! فماذا تُكابدُ؟
ـ ١٤٤٥/١٢/٣٠
أَمُرْتَخِيًا حَوْلًا عِنانُ قريحتي
ومُجْفِلَةً عني المعاني الشواردُ؟
وما كنتُ أَعْيا باقتناصِ شَريدةٍ
ولا أَعْجَزَتْ نَظمي اللآلي الفرائدُ
كأنيَ ما أَنبَطتُّ يومًا قَريحةً
يُصِيخُ بها العِزْهاةُ ليْ وَهْو مائدُ
ولا نَسجَتْ في ظُلْمةِ الليل فِكْرَتي
مَطارِفَ خَزٍّ والنجومُ شواهدُ
مُحَبَّرَةً، يُّغري الغريرَ اقترابُها
وإن رامَ نَسْجًا مثلَها تتباعدُ
ولا عُدتُّ مِن طَعْنيِ الفلاةَ بِمَرْكبي
بِمُحْكَمَةٍ شَيطانُها ثَمَّ قاعدُ
بِمُفْغِرَةِ الأفواهِ مُطْرِبَةِ النُّهى
مُرَقِّصَةٍ، تُحْدَى فَتُنْسى القصائدُ
يَخِفُّ لها الشيخُ الوُقُورُ، ويستوي
لها قائمًا نشوانَ مَن هو قاعدُ
يكادُ البَصيرُ حين يَلقاهُ حُسْنُها
يَبِيتُ لها -لولا التُّقَى- وَهْوَ ساجدُ
مُقَدَّرَةٌ ما شانَها غيرُ أَنْ أَتَتْ
على غير ما يهوى الزمانُ المعاندُ
فقد رَتعَتْ أذوادُ شِعْري بِمَرْتَعٍ
أَذُودُ المَلَا عنهُ وما لِيَ ذائدُ
رَعاهُ ابنُ حُجْرٍ وابن سُلْمَى وجَرْوَلٌ
وأضرابُهم، فكلُّهُمْ ليَ رائدُ
فعُدتُّ بِأَذْوادٍ كِرامٍ صَريحةٍ
عليهنَّ مِن حُسْنِ انتجاعيَ شاهدُ
عليها مِنَ ٱهْلِ الجاهليةِ مِيسَمٌ
وزَيَّنَها مِن كلِّ عَصْرٍ قلائدُ
تَجَنَّبَ حُوشِيَّ الأعاريبِ لَفْظُها
فَمُنْشِدُها يَمْضي ولا يَتَكاءَدُ
ونَزَّهْتُها عن عُجْمَةٍ مُّسْتَسِرَّةٍ
وإني لِأَوْضارِ الأعاجمِ راصدُ
وثَقَّفْتُها حتى كأنَّ صُدُورَها
وأَعْجازَها -لولا التَّأَمُّلُ- واحدُ
وعَوَّذْتُها مِن أنْ تُعابَ بِرائثٍ
من الفِكْرِ، إلا أَن يُّنَبِّثَ حاسدُ
أُطِيلُ وُقُوفًا بين أبياتِها فما
أُغادِرُها إلا وذَوْقيَ حامدُ
فقد جَعلَتْ في مَهْبِطِ الوَحْيِ تُصْطَفى
وليس لها مِن غيرِ سِرِّيَ ناقدُ
فإنَّ امرءًا يَّسْتَرشِدُ العُمْيَ ضائعٌ
وشِعْرًا فَلَاهُ نَقْدُ عَصْرِك فاسدُ
فما ليْ أَراني اليومَ لا أنا صادرٌ
بِرِيٍّ، ولا عَذْبَ المشاربِ واردُ؟
لقد عَلِمَتْ نفسي مكانَ بلائها
ولكنْ جَفَا عنها الطبيبُ المساعدُ
أَرِيٌّ ولا ماءٌ! وخِصْبٌ ولا حَيًا!
وشِعْرٌ ولا وَحْيٌ! فماذا تُكابدُ؟
ـ ١٤٤٥/١٢/٣٠
#فائدة
النحو علمٌ يَعصم الفَهمَ والإفهامَ مِن الخطأ، ويحوز البيانَ والتبيُّنَ عن الخطَل.
أما عِصْمةُ اللسان فهي أَمَارةُ عِصمةِ الفَهم والبيان.
وعلمُ النحو استوى على سُوقِه وتمّتْ كلمتُه وتَوطَّدتْ أركانُه واستوسقَتْ أصولُه قبل تمام القرن الثاني. والعربُ حاضرون، والسلائقُ غضَّة، والقرائحُ صحيحة.
والذين قاموا عليه -مِن لدن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه حتى سيبويه- عربٌ خُلَّصٌ، وإنْ لا يَكُنْ بعضُهم عربيَّ النسَب فهو عربيُّ اللسان ما تفتَّقت قريحته بغير العربية ولا غُذِيَ عقلُه بسواها.
وإنْ لا تَكُنْ عربيةُ الطبقة الأخيرة منهم سليقةً كعربية أشياخِهم فإنَّ خِلاطَ أهلِ السليقة والأخذَ عنهم فَمًا لِفَمٍ وشُهودَ أحوالِهم= قام لهم مَقام السليقة في معرفة مقاصد اللسان ومعهود الخطاب.
وما جدَّ في النحو بعد هؤلاء إنما هو تشقيق وتثوير وتفريع وترتيب، ذلك؛ وبناءُ السالفين نُصُبٌ إليه يُوفِضون.
مَن لم يَعِ كل ذلك عند البحث والنظر خبَطَ خبْطَ عشواء وركِبَ عمياء.
قال ابن جني مستطردًا معرِّفًا بقدر سيبويه ومنزلته من علم العربية، وتأمَّلْ آخرَ كلامِه:
(فإن قيل: وما الذي سوغ سيبويه هذا وليس مما يرويه عن العرب روايةً وإنما هو شيء رآه واعتقده لنفسه وعلل به؟ قيل: يدل على صحة ما رآه من هذا وذهب إليه ما عرفه وعرفناه معه: من أن العرب إذا شبهت شيئًا بشيء مكَّنَتْ ذلك الشبَهَ لهما، وعَمَرَتْ به الحال بينهما... فلما رأى سيبويه العربَ إذا شبَّهت شيئًا بشيء فحملته على حكمه عادت أيضًا فحملت الآخر على حكم صاحبه، تثبيتًا لهما وتتميمًا لمعنى الشبه بينهما حكم أيضًا لجر "الوجه".
ولما كان النحويون بالعرب لاحقين، وعلى سَمْتِهم آخذين، وبألفاظهم مُتَحلِّين ولِمعانيهم وقُصُودِهم آمِّين، جاز لصاحب هذا العلم [يعني سيبويه!] الذي جمع شَعاعَه، وشَرَعَ أوضاعَه، ورسمَ أشكالَه، ووسَمَ أغفالَه، وخَلَجَ أشطانَه، وبَعَجَ أحضانَه، وزَمَّ شواردَه، وأفاءَ فواردَه= أن يرى فيه نحوًا مما رأوا، ويَحْذُوَهُ على أمثلتهم التي حَذَوا، وأن يعتقد في هذا الموضع نحوًا مما اعتقدوا في أمثاله. لا سيما والقياسُ إليه مُصْغٍ وله قابل وعنه غير متثاقل. فاعرف إذن ما نحن عليه للعرب مذهبًا، ولِمَن شرح لُغاتِها مُضْطَرَبًا، وأن سيبويه لاحقٌ بهم وغيرٌ بعيد فيه عنهم).
النحو علمٌ يَعصم الفَهمَ والإفهامَ مِن الخطأ، ويحوز البيانَ والتبيُّنَ عن الخطَل.
أما عِصْمةُ اللسان فهي أَمَارةُ عِصمةِ الفَهم والبيان.
وعلمُ النحو استوى على سُوقِه وتمّتْ كلمتُه وتَوطَّدتْ أركانُه واستوسقَتْ أصولُه قبل تمام القرن الثاني. والعربُ حاضرون، والسلائقُ غضَّة، والقرائحُ صحيحة.
والذين قاموا عليه -مِن لدن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه حتى سيبويه- عربٌ خُلَّصٌ، وإنْ لا يَكُنْ بعضُهم عربيَّ النسَب فهو عربيُّ اللسان ما تفتَّقت قريحته بغير العربية ولا غُذِيَ عقلُه بسواها.
وإنْ لا تَكُنْ عربيةُ الطبقة الأخيرة منهم سليقةً كعربية أشياخِهم فإنَّ خِلاطَ أهلِ السليقة والأخذَ عنهم فَمًا لِفَمٍ وشُهودَ أحوالِهم= قام لهم مَقام السليقة في معرفة مقاصد اللسان ومعهود الخطاب.
وما جدَّ في النحو بعد هؤلاء إنما هو تشقيق وتثوير وتفريع وترتيب، ذلك؛ وبناءُ السالفين نُصُبٌ إليه يُوفِضون.
مَن لم يَعِ كل ذلك عند البحث والنظر خبَطَ خبْطَ عشواء وركِبَ عمياء.
قال ابن جني مستطردًا معرِّفًا بقدر سيبويه ومنزلته من علم العربية، وتأمَّلْ آخرَ كلامِه:
(فإن قيل: وما الذي سوغ سيبويه هذا وليس مما يرويه عن العرب روايةً وإنما هو شيء رآه واعتقده لنفسه وعلل به؟ قيل: يدل على صحة ما رآه من هذا وذهب إليه ما عرفه وعرفناه معه: من أن العرب إذا شبهت شيئًا بشيء مكَّنَتْ ذلك الشبَهَ لهما، وعَمَرَتْ به الحال بينهما... فلما رأى سيبويه العربَ إذا شبَّهت شيئًا بشيء فحملته على حكمه عادت أيضًا فحملت الآخر على حكم صاحبه، تثبيتًا لهما وتتميمًا لمعنى الشبه بينهما حكم أيضًا لجر "الوجه".
ولما كان النحويون بالعرب لاحقين، وعلى سَمْتِهم آخذين، وبألفاظهم مُتَحلِّين ولِمعانيهم وقُصُودِهم آمِّين، جاز لصاحب هذا العلم [يعني سيبويه!] الذي جمع شَعاعَه، وشَرَعَ أوضاعَه، ورسمَ أشكالَه، ووسَمَ أغفالَه، وخَلَجَ أشطانَه، وبَعَجَ أحضانَه، وزَمَّ شواردَه، وأفاءَ فواردَه= أن يرى فيه نحوًا مما رأوا، ويَحْذُوَهُ على أمثلتهم التي حَذَوا، وأن يعتقد في هذا الموضع نحوًا مما اعتقدوا في أمثاله. لا سيما والقياسُ إليه مُصْغٍ وله قابل وعنه غير متثاقل. فاعرف إذن ما نحن عليه للعرب مذهبًا، ولِمَن شرح لُغاتِها مُضْطَرَبًا، وأن سيبويه لاحقٌ بهم وغيرٌ بعيد فيه عنهم).
#نفثة
لقد صَدئتْ أسيافُنا، وجِلاؤها
برقراقةٍ بين العمائم واللِّحى
وقد دَوِيَتْ أجوافُنا، وشفاؤها
بتلكَ، ومَن يطلبْ سواها فما اشتفى
لقد صَدئتْ أسيافُنا، وجِلاؤها
برقراقةٍ بين العمائم واللِّحى
وقد دَوِيَتْ أجوافُنا، وشفاؤها
بتلكَ، ومَن يطلبْ سواها فما اشتفى
دعاني فتًى: (يا عمُّ)، دعوةَ ظالمٍ
وتلك التي تَسْتكُّ منها المسامعُ
وما كنت أرجو أن أُنادى بمثلها
فبيني وبين الشّيبِ جُرْدٌ بلاقعُ
ألستُ فتًى ما زال غُصْنُ شبابِهِ
وَرِيقًا وإنْ هزَّتْهُ يومًا زعازعُ؟
فإنْ طار عن وجهي الرُّواءُ، فإنَّ ذا
غرابُ شبابي فوق رأسيَ واقعُ
دعاني فتًى مثلي فضاعفَ غُمَّتي
ولو أنها حسناءُ فالعذرُ واسعُ
وتلك التي تَسْتكُّ منها المسامعُ
وما كنت أرجو أن أُنادى بمثلها
فبيني وبين الشّيبِ جُرْدٌ بلاقعُ
ألستُ فتًى ما زال غُصْنُ شبابِهِ
وَرِيقًا وإنْ هزَّتْهُ يومًا زعازعُ؟
فإنْ طار عن وجهي الرُّواءُ، فإنَّ ذا
غرابُ شبابي فوق رأسيَ واقعُ
دعاني فتًى مثلي فضاعفَ غُمَّتي
ولو أنها حسناءُ فالعذرُ واسعُ
#نفثة
أُوصيك باليأس لا أوصيك بالأملِ
اليأسُ أَرْوَحُ مِن أُمْنِيَّةٍ عُطُلِ
واليأسُ يَصْدُقُ، والآمالُ ضاربةٌ
سُرَادِقًا بين صِدْقِ الوعدِ والفشَلِ
واليأسُ إن يُّؤْذِ يَأْسُ في عواقبهِ
وعاقباتُ الأماني جَمَّةُ العِلَلِ
لا تَفرحنَّ بما تُبْدِيهِ صَفْحَتُها
أَمَا ترى حُسْنَ نَبْتِ الدِّمْنَةِ الخَضِلِ؟
فإنْ تُذِقْكَ الأماني عَذْبَ مَشْرَبِها
ففي قَرَارَتِها ما شئتَ مِن طَحَلِ
كم حُلَّةٍ نسجَتْها كفُّ أُمْنِيَتِي
زُهِيتُ دهرًا بها، والدهرُ ذو دُوَلِ
راقَتْ، ولكنَّها رَقَّتْ، فما تركَتْ
أَيدِي المقاديرِ ما ظاهَرْتُ مِن حُلَلِ
وكيف أَبْلُغُ ما أَمَّلْتُ في سَعَةٍ
وقد أرى أَمَلي مِن دونِهِ أجلي؟
فإن يكن لك في الآمالِ مَشْغَلَةٌ
فما المقاديرُ عن دُنياك في شُغُلِ
وللمقادير رِيحٌ قَرَّةٌ شَمَلٌ
فما اتِّقاؤكُ في ثوب المُنَى السَّمَلِ؟
تَدَرَّعِ اليأْسَ تَسْلَمْ، أَيَّةً سلكَتْ
بك المقاديرُ، إن تُحْرَمْ وإن تَنَلِ
ما عاش مَن نازعَ الدنيا أَزِمَّتَها
فدَعْ زِمامَ مَطايا عَيشِكَ الذُّلُلِ
وإنَّ أَهْنَأَ سارٍ في مَعِيشَتِهِ
مَن لَّا يُبالي بِعَدْلِ سارَ أو مَيَلِ
ما دام في نَجْوَةٍ من وَحْلِ مَأْثَمَةٍ
ولم يَزَلْ من هَجِيرِ الضَّيْمِ في ظُلَلِ
١٤٤٦/٢/٣٠ ـ
أُوصيك باليأس لا أوصيك بالأملِ
اليأسُ أَرْوَحُ مِن أُمْنِيَّةٍ عُطُلِ
واليأسُ يَصْدُقُ، والآمالُ ضاربةٌ
سُرَادِقًا بين صِدْقِ الوعدِ والفشَلِ
واليأسُ إن يُّؤْذِ يَأْسُ في عواقبهِ
وعاقباتُ الأماني جَمَّةُ العِلَلِ
لا تَفرحنَّ بما تُبْدِيهِ صَفْحَتُها
أَمَا ترى حُسْنَ نَبْتِ الدِّمْنَةِ الخَضِلِ؟
فإنْ تُذِقْكَ الأماني عَذْبَ مَشْرَبِها
ففي قَرَارَتِها ما شئتَ مِن طَحَلِ
كم حُلَّةٍ نسجَتْها كفُّ أُمْنِيَتِي
زُهِيتُ دهرًا بها، والدهرُ ذو دُوَلِ
راقَتْ، ولكنَّها رَقَّتْ، فما تركَتْ
أَيدِي المقاديرِ ما ظاهَرْتُ مِن حُلَلِ
وكيف أَبْلُغُ ما أَمَّلْتُ في سَعَةٍ
وقد أرى أَمَلي مِن دونِهِ أجلي؟
فإن يكن لك في الآمالِ مَشْغَلَةٌ
فما المقاديرُ عن دُنياك في شُغُلِ
وللمقادير رِيحٌ قَرَّةٌ شَمَلٌ
فما اتِّقاؤكُ في ثوب المُنَى السَّمَلِ؟
تَدَرَّعِ اليأْسَ تَسْلَمْ، أَيَّةً سلكَتْ
بك المقاديرُ، إن تُحْرَمْ وإن تَنَلِ
ما عاش مَن نازعَ الدنيا أَزِمَّتَها
فدَعْ زِمامَ مَطايا عَيشِكَ الذُّلُلِ
وإنَّ أَهْنَأَ سارٍ في مَعِيشَتِهِ
مَن لَّا يُبالي بِعَدْلِ سارَ أو مَيَلِ
ما دام في نَجْوَةٍ من وَحْلِ مَأْثَمَةٍ
ولم يَزَلْ من هَجِيرِ الضَّيْمِ في ظُلَلِ
١٤٤٦/٢/٣٠ ـ
Forwarded from أيوب الجهني (أيوب الجهني)
#نفثة :
كلانا أخو شَجْوٍ، فإن يَبْكِ شَجْوَهُ
بكيتُ، وإن يَشْتَقْ فإنيَ أَشْوَقُ
يُذَكِّرُنيك الجِدُّ والهَزْل والنوى
ورُشْدي وغَيِّي، واللِّقا والتفرُّقُ
فأنَّى لي السُّلوان والقلبُ طامعٌ
وطَرْفيَ طمَّاحٌ ونفسي تَزهَقُ!
ـ ١٤٤٢/٦/٣
كلانا أخو شَجْوٍ، فإن يَبْكِ شَجْوَهُ
بكيتُ، وإن يَشْتَقْ فإنيَ أَشْوَقُ
يُذَكِّرُنيك الجِدُّ والهَزْل والنوى
ورُشْدي وغَيِّي، واللِّقا والتفرُّقُ
فأنَّى لي السُّلوان والقلبُ طامعٌ
وطَرْفيَ طمَّاحٌ ونفسي تَزهَقُ!
ـ ١٤٤٢/٦/٣
#مكتبتي
(سيبويه إمام النحاة) لعلي النجدي ناصف.
هذا الكتاب من خير ما يتخذ مدخلًا لسيبويه وحياته وكتابه.
لكني لغير هذا أردت الحديث عن الكتاب، فإن في مقدمته الوجيزة (في ٤٥ صفحة) عرضًا حسنًا لأسباب نشأة النحو، وعناية النحاة وجهدهم، وشأن النحو في الزمان الأول عند الخاصة والعامة.
ثم فيه حديث حسنٌ جدًّا عن أصالة النحو في علوم المسلمين وعلوِّ شأنه، ثم ما قيل فيه من دعاوى التجديد والتيسير في عصرنا، والرد عليها، وما لاقى من المجديين أو الدارسين من التبرُّم به والتذمر منه، ثم ما ينبغي أن يكون له في تدريسه أو التأليف فيه والعناية بكتبه.
كل ذلك بعبارة مشرقة وبيان عذب، واستقراء وافٍ، ونظر حسن.
رحمه الله وجزاه خيرًا
(سيبويه إمام النحاة) لعلي النجدي ناصف.
هذا الكتاب من خير ما يتخذ مدخلًا لسيبويه وحياته وكتابه.
لكني لغير هذا أردت الحديث عن الكتاب، فإن في مقدمته الوجيزة (في ٤٥ صفحة) عرضًا حسنًا لأسباب نشأة النحو، وعناية النحاة وجهدهم، وشأن النحو في الزمان الأول عند الخاصة والعامة.
ثم فيه حديث حسنٌ جدًّا عن أصالة النحو في علوم المسلمين وعلوِّ شأنه، ثم ما قيل فيه من دعاوى التجديد والتيسير في عصرنا، والرد عليها، وما لاقى من المجديين أو الدارسين من التبرُّم به والتذمر منه، ثم ما ينبغي أن يكون له في تدريسه أو التأليف فيه والعناية بكتبه.
كل ذلك بعبارة مشرقة وبيان عذب، واستقراء وافٍ، ونظر حسن.
رحمه الله وجزاه خيرًا
أيوب الجهني
الحرُّ إن يَّدْنُ عادٍ مِن حِمَاهُ حَمِيْ وإن يَّرُمْ أَنفَهُ مستكبرٌ يَرِمِ لا يعرفُ العفوَ، إلا عَفْوَ مُقْتَدِرٍ ولا الجَهَالةَ إلا جَهْلَ مُنْتَقِمِ والعَفْوُ إن يَّـنتَزِعْهُ العَجْزُ ليسَ سِوى ذُلٍّ، وإن رَّقَّعوُهُ العزَّ يَنْخَرِمِ وإنَّ أَوْلى…
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
#نفثة
وحيدٌ، وإنْ جارَتْكَ في السَّيرِ رِجْلاهُ
فما أنتما فيما تَؤُمَّانِ أَشباهُ
أرى حافرًا قد زَلَّ عن وَقْعِ حافرٍ
كأنكَ لفظٌ لمْ يُوافقْهُ مَعناهُ
تَعجَّلَ طعمَ الموتِ مَن لمْ يَكُن لهُ
شَبِيهٌ إذا ما هَمَّ بالأمر أَمْضاهُ
وكيف يُرَجِّي نَيْلَ غاياتِهِ امرؤٌ
ودُنيا مُماشِيهِ تُخالفُ دُنْياهُ؟
وَدِدتُّ -وما تُغْني الوَدادَةُ- أنَّ لي
فؤادًا يَّرى عَيْشَ الهُوَيْنى فَيَرْضاهُ
فإني رأيتَ الحُرَّ يَشْقى بنفسِهِ
ويَلْتَذُّ، فاعْجَبْ كيف يَلْتَذُّ شَكْواهُ!
ولَمْ أَرَ لي مِن حِيلةٍ، فانطَوَتْ على
تَمَنُّعِها نفسي، وللغيبِ مَجْراهُ
ولمَّا رأيتُ الصبرَ قد عِيلَ، واستَوَتْ
على اليأسِ آمالي، وحُثَّتْ مَطاياهُ
نفثتُ بشعري نفثةً لو شوى بها
مُضَحٍّ نهارَ العيدِ طابَتْ ضحاياهُ
وإن بَقِيَتْ في الصدر بعدُ نُفَاثةٌ
تؤرِّقُني فإنني حسبي اللهُ
وحيدٌ، وإنْ جارَتْكَ في السَّيرِ رِجْلاهُ
فما أنتما فيما تَؤُمَّانِ أَشباهُ
أرى حافرًا قد زَلَّ عن وَقْعِ حافرٍ
كأنكَ لفظٌ لمْ يُوافقْهُ مَعناهُ
تَعجَّلَ طعمَ الموتِ مَن لمْ يَكُن لهُ
شَبِيهٌ إذا ما هَمَّ بالأمر أَمْضاهُ
وكيف يُرَجِّي نَيْلَ غاياتِهِ امرؤٌ
ودُنيا مُماشِيهِ تُخالفُ دُنْياهُ؟
وَدِدتُّ -وما تُغْني الوَدادَةُ- أنَّ لي
فؤادًا يَّرى عَيْشَ الهُوَيْنى فَيَرْضاهُ
فإني رأيتَ الحُرَّ يَشْقى بنفسِهِ
ويَلْتَذُّ، فاعْجَبْ كيف يَلْتَذُّ شَكْواهُ!
ولَمْ أَرَ لي مِن حِيلةٍ، فانطَوَتْ على
تَمَنُّعِها نفسي، وللغيبِ مَجْراهُ
ولمَّا رأيتُ الصبرَ قد عِيلَ، واستَوَتْ
على اليأسِ آمالي، وحُثَّتْ مَطاياهُ
نفثتُ بشعري نفثةً لو شوى بها
مُضَحٍّ نهارَ العيدِ طابَتْ ضحاياهُ
وإن بَقِيَتْ في الصدر بعدُ نُفَاثةٌ
تؤرِّقُني فإنني حسبي اللهُ
Forwarded from منصت
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
Forwarded from أيوب الجهني (أيوب الجهني)
#نفثة
يا ليلةً تَمخَّضَتْ عن صُبحِ
وجمرةً تلهَّبَتْ عن لَفْحِ
هل ليلةٌ كأختِها في النُّجْحِ؟
أَضْحي بخيرِ ما يكون أَضْحي
إنا ظِماءٌ كَرَعوا في مِلْحِ
فأَوْرِدينا عَذْبَها، ونَحِّي
عن مائنا قَذَاهمُ، وأَنْحي
على الغِراب الواردين الكُلْحِ
بِمُصْلِحاتِ العُوجِ لا بالصُّلْحِ
يا ليلةً تَمخَّضَتْ عن صُبحِ
وجمرةً تلهَّبَتْ عن لَفْحِ
هل ليلةٌ كأختِها في النُّجْحِ؟
أَضْحي بخيرِ ما يكون أَضْحي
إنا ظِماءٌ كَرَعوا في مِلْحِ
فأَوْرِدينا عَذْبَها، ونَحِّي
عن مائنا قَذَاهمُ، وأَنْحي
على الغِراب الواردين الكُلْحِ
بِمُصْلِحاتِ العُوجِ لا بالصُّلْحِ
Forwarded from منصت
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
من بلاغة الحذف
والفرق بين الحذف والتقدير
أ. أيوب الجهني
مقتطف من تفسير القطعة التاسعة والعشرون، للاستماع للتفسير:
انقر هنا
#جزالة_الحماسة
.✨
والفرق بين الحذف والتقدير
أ. أيوب الجهني
مقتطف من تفسير القطعة التاسعة والعشرون، للاستماع للتفسير:
انقر هنا
#جزالة_الحماسة
.✨
#نفثة
هو الجِدُّ لا ما تدّعيه المنابرُ
وذا الحقُّ لا ما زوّرتْه الدفاترُ
لقد كاد رَسْمُ العزِّ يُمْحى فجدّدتْ
معالمَهُ نيرانُكم لا المحابرُ
إذا عجَز الأقلامُ عن كفِّ باطلٍ
فما عَجَزتْ عن ردِّ ذاك البواترُ
وإن قعَدَ الأدنَوْنَ عن نصرةٍ ففي
يمينك -أَفْديها- وجنبَيكَ ناصرُ
وإنَّ امرءًا حطَّ العدوُّ ببابهِ
فلم يَرْمِهِ حتى يُغاثَ لَصاغرُ
وليسا سواءًا عند حُرٍّ: مماتُه
ذليلًا، وموتٌ مثلما انحطَّ كاسرُ
ومن رنَّقَتْ طيرُ المنيَّةِ فوقه
فدافَعها بالموت في الذُلِّ= خَاسرُ
هو الجِدُّ لا ما تدّعيه المنابرُ
وذا الحقُّ لا ما زوّرتْه الدفاترُ
لقد كاد رَسْمُ العزِّ يُمْحى فجدّدتْ
معالمَهُ نيرانُكم لا المحابرُ
إذا عجَز الأقلامُ عن كفِّ باطلٍ
فما عَجَزتْ عن ردِّ ذاك البواترُ
وإن قعَدَ الأدنَوْنَ عن نصرةٍ ففي
يمينك -أَفْديها- وجنبَيكَ ناصرُ
وإنَّ امرءًا حطَّ العدوُّ ببابهِ
فلم يَرْمِهِ حتى يُغاثَ لَصاغرُ
وليسا سواءًا عند حُرٍّ: مماتُه
ذليلًا، وموتٌ مثلما انحطَّ كاسرُ
ومن رنَّقَتْ طيرُ المنيَّةِ فوقه
فدافَعها بالموت في الذُلِّ= خَاسرُ
#نفثة
حتَّامَ تَرْجِعُ قولًا لا غَناءَ بهِ!
إنَّ الغَناء بأفعال المَصاليتِ
أن يَّنطِقَ الحدُّ نُطْقًا لا يُلَعْثِمهُ
دمٌ، ولا ينحني إلا على لِيتِ
وأن يقومَ خطيبًا فوق كَفِّ فَتًى
ولا يعودَ بفعلٍ غيرِ منعوتِ
وأن يُّدافِعَ -قبلَ الثأرِ- مِيتَتَهُ
فإن يَّنَلْ ثأرَهُ نادى بها: إيتي
وأن يقولَ لنفسٍ غيرِ مُرْخَصَةٍ:
تِيهي عليهم، وإن لَّا تُكْرَمي مُوتي
فِعْلَ الأُلَى حين ضلَّ الموتُ ساحتَهم
ساروا إلى الموت فجرًا سَيْرَ خِرِّيتِ
حتى تَدَلَّوا وعينُ الشمسِ مُغْمَضَةٌ
على جيادِ سليمان العفاريتِ
فانقضَّ كلُّ جَسُورٍ ثائرٍ حَنِقٍ
كأنه كوكبٌ في إثْرِ عِفْريتِ
فانفضَّ جَمْعُ بغايا الأرضٍ منتثرًا
يَخوضُ في مثلِ أَدْنانِ الحوانيتِ
لم يَشْرَبِ الموتَ صِرْفًا لا مِزاجَ لهُ
بل ذاقَ ما لمْ يُجِدْهُ أيُّ حانوتِ
مَن اغتدَوا بِكُئوسِ الخمرِ قد بُهِتوا
مِن أَكْؤُسِ الموتِ راحوا كالمَباهيتِ
لمَّا اسْتَتَبَّ لهم قَرْعُ الكُئوسِ أتى
مَن اسْتَتَبَّ له قَرْعُ الطواغيتِ
مَن لا يرى في سواد الحِبْرِ زخرفةً
بل في احْمِرارِ المواضي كاليواقيتِ
ومَن إذا خاضَ لُجَّ القولِ زِعْنِفَةٌ
نظرتَ منه إلى سِيمَاءِ سِكِّيتِ
حتى إذا عَضَّلَتْ بالناس مُعْضِلَةٌ
فليس حينئذٍ عنها بِصِمِّيتِ
يُمضي الحياةَ بِصَمْتِ الغائبين، وما
يغادرُ العيشَ إلا ذائعَ الصِّيتِ
حتَّامَ تَرْجِعُ قولًا لا غَناءَ بهِ!
إنَّ الغَناء بأفعال المَصاليتِ
أن يَّنطِقَ الحدُّ نُطْقًا لا يُلَعْثِمهُ
دمٌ، ولا ينحني إلا على لِيتِ
وأن يقومَ خطيبًا فوق كَفِّ فَتًى
ولا يعودَ بفعلٍ غيرِ منعوتِ
وأن يُّدافِعَ -قبلَ الثأرِ- مِيتَتَهُ
فإن يَّنَلْ ثأرَهُ نادى بها: إيتي
وأن يقولَ لنفسٍ غيرِ مُرْخَصَةٍ:
تِيهي عليهم، وإن لَّا تُكْرَمي مُوتي
فِعْلَ الأُلَى حين ضلَّ الموتُ ساحتَهم
ساروا إلى الموت فجرًا سَيْرَ خِرِّيتِ
حتى تَدَلَّوا وعينُ الشمسِ مُغْمَضَةٌ
على جيادِ سليمان العفاريتِ
فانقضَّ كلُّ جَسُورٍ ثائرٍ حَنِقٍ
كأنه كوكبٌ في إثْرِ عِفْريتِ
فانفضَّ جَمْعُ بغايا الأرضٍ منتثرًا
يَخوضُ في مثلِ أَدْنانِ الحوانيتِ
لم يَشْرَبِ الموتَ صِرْفًا لا مِزاجَ لهُ
بل ذاقَ ما لمْ يُجِدْهُ أيُّ حانوتِ
مَن اغتدَوا بِكُئوسِ الخمرِ قد بُهِتوا
مِن أَكْؤُسِ الموتِ راحوا كالمَباهيتِ
لمَّا اسْتَتَبَّ لهم قَرْعُ الكُئوسِ أتى
مَن اسْتَتَبَّ له قَرْعُ الطواغيتِ
مَن لا يرى في سواد الحِبْرِ زخرفةً
بل في احْمِرارِ المواضي كاليواقيتِ
ومَن إذا خاضَ لُجَّ القولِ زِعْنِفَةٌ
نظرتَ منه إلى سِيمَاءِ سِكِّيتِ
حتى إذا عَضَّلَتْ بالناس مُعْضِلَةٌ
فليس حينئذٍ عنها بِصِمِّيتِ
يُمضي الحياةَ بِصَمْتِ الغائبين، وما
يغادرُ العيشَ إلا ذائعَ الصِّيتِ
Forwarded from أيوب الجهني (أيوب الجهني)
#نفثة
لا يطفئنّ حُزنُك الأحقادا
فالحزن إن زاد غدا رمادا
والحقد إن زاد غدا جِلادا
مُسدِّدًا قلب الفتى سَدادا
حتى يَميزَ الغيَّ والرشادا
فأَوْقِدِ الحقد به إيقادا
وأورِثَنْه بعدك الأولادا
توريثكَ الطارفَ والتِّلادا
لا يطفئنّ حُزنُك الأحقادا
فالحزن إن زاد غدا رمادا
والحقد إن زاد غدا جِلادا
مُسدِّدًا قلب الفتى سَدادا
حتى يَميزَ الغيَّ والرشادا
فأَوْقِدِ الحقد به إيقادا
وأورِثَنْه بعدك الأولادا
توريثكَ الطارفَ والتِّلادا
لا أعجب من شيء عجَبي من طالب علمٍ يجعل هذه المواقع محلًّا لدقيق المسائل التي تجلُّ عنها فهوم عامَّة الناس، مما لم يكن أهل العلم يُديرونه إلا بينهم في مجالسهم وكتبهم، فصرت ترى الهرج والمرج والتجرُّؤ والتقحُّم، وصاحبنا يرى أنَّه في علم وإفادة!
بل كان من العلماء من لا يُبدي أشياء لطلبة العلم أنفسِهم، إذا رأى أنَّ فيهم نُبُوًّا عن فهمها أو إدراك حقائقها. فكيف بمن يمشي بها بين الجاهل والغبي ورقيق الدين والمستهتر!
ولابن جني كتاب (المحتسب) في تبيين وجوه القراءات الشاذَّة، وأراد أن يكون في جملته لأهل القراءات الذين لا تنفُذ أنظارهم في دقيق مسائل العربية نُفوذَ أنظار النحويين والصرفيين، فربَّما سالت به شِعاب القول فأبعد النظر وأَغْمض ثم يتنبَّه فيرجع. وقال في موضع من مواضع استرساله وهو يذكر توجيه قراءةٍ:
"وفيه أكثر من هذا، إلا أنَّا نكره ونتحامى الإطالة، لا سيَّما في الدقيق، لأنه مما يجفو على أهل القرآن. وقد كان شيخنا أبو علي عمل كتابه (الحُجَّة) وظاهرُ أمره أنه لأصحاب القراءة، وفيه أشياء كثيرة قلَّما ينتصف فيها كثير ممن يدَّعي هذا العلم، حتى إنه مجفوٌّ عند القُرَّاء لما ذكرناه".
بل كان من العلماء من لا يُبدي أشياء لطلبة العلم أنفسِهم، إذا رأى أنَّ فيهم نُبُوًّا عن فهمها أو إدراك حقائقها. فكيف بمن يمشي بها بين الجاهل والغبي ورقيق الدين والمستهتر!
ولابن جني كتاب (المحتسب) في تبيين وجوه القراءات الشاذَّة، وأراد أن يكون في جملته لأهل القراءات الذين لا تنفُذ أنظارهم في دقيق مسائل العربية نُفوذَ أنظار النحويين والصرفيين، فربَّما سالت به شِعاب القول فأبعد النظر وأَغْمض ثم يتنبَّه فيرجع. وقال في موضع من مواضع استرساله وهو يذكر توجيه قراءةٍ:
"وفيه أكثر من هذا، إلا أنَّا نكره ونتحامى الإطالة، لا سيَّما في الدقيق، لأنه مما يجفو على أهل القرآن. وقد كان شيخنا أبو علي عمل كتابه (الحُجَّة) وظاهرُ أمره أنه لأصحاب القراءة، وفيه أشياء كثيرة قلَّما ينتصف فيها كثير ممن يدَّعي هذا العلم، حتى إنه مجفوٌّ عند القُرَّاء لما ذكرناه".