group-telegram.com/KonnashAMQ/330
Last Update:
"والذي يظهر أن النفوس الطاهرة السليمة لا تبغض أحدا ولا تعاديه إلا بسبب: إما واصل إليها، أو إلى من تحبه أو يحبها، أو توقع وصول ذلك؛ فيحصل لها نفرة منه، وينبو طبعها عنه.
ومن هذا الباب عداوتنا للكفار بسبب تعرضهم إلى من هو أحب إلينا من أنفسنا، وعداوتنا لإبليس كذلك ولقصده أذانا، وعداوتنا للحية والعقرب لتوقع الأذى منهما ...
والعداوة هي النفرة الطبيعية الحاصلة من ذلك، وليس من شرطها الفرح بالمساءة، ولا المساءة بالمسرة كما قاله الفقهاء.
ونحن نحب للكفار أن يؤمنوا ويهتدوا، ونبغضهم لكفرهم بالله، ونمتثل أمر الله في قتلهم وجهادهم.
والغرض أن النفوس الطاهرة لا تبغض أحدا إلا بسبب، ولا يترتب على بغضها إياه إلا مجرد النفرة والاحتراس عن أذاه؛ كما قال الله تعالى: {فاتخذوه عدوا} [فاطر: 6]، أما قصد أذاه أو الفرح بذلك فلا.
نعم، لا يبعد أن تكون نفوس خبيثة جبلت على الشر كالحية وإبليس من طبعها الأذى؛ فيحصل لها هذه الحالة، كما يحصل منها ذلك الفعل لمن لم يتقدم له إليها أذى. فلعل في نوع الإنسان شيئا من ذلك، والله أعلم.
والناس عندي أقسام:
أحدها: رجل له عليّ إحسان وإن قلّ، فلا أنساه له أبدا ...
الثاني: رجل له علي إحسان، لكن له صحبة ومودة، فهو كالأول ...
الثالث: رجل ليس له عليّ إحسان ولا صحبة، لكن له فضل أو نفع للناس؛ فأنا أرعى له ذلك.
وقد اتفق لي ذلك في شخص بهذه المثابة، وبلغني عنه في حقي كل قبيح، وقصد أذاي مرات، وشهد بالزور في حقي مرات، وما غيّرني ذلك عليه، لا والله! ولما مرض مرض موته تألمت له ولفقده، ونظمت قصيدة في ذلك. هذا في من يقصد أذاي، فكيف في من لم يحصل لي منه أذى من الأقسام الثلاثة!
الرابع: رجل لا أعرفه ولا يعرفني، فكيف أعاديه؟ بل إذا بلغني عنه أنه في ضرر أتألم، وإذا حصل له خير أسَرّ به؛ فإن الناس كالبنيان يشد بعضه بعضا، بل أرى الخير الذي يحصل له يغنيه عني، فكأنني غَنِيتُ به، ويكون غناه غنى لي؛ أليس لو احتاج وجب عليّ إسعافُه؟"
تقيّ الدّين السّبكيّ (فتاواه، 2/ 476-477)
#أدب
#فقه
BY الأترجة || كناشة أبي الحسن
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/KonnashAMQ/330