Telegram Group & Telegram Channel
ما أجلَّها نعمةً حين يكسو اللهُ عبده المبتلى رداءًا من نور، يستُرُ به انكسارَ قلبهِ عن أعينِ العباد، فلا يشهد الناسُ منه إلا وجهًا ناضرًا، ونفسًا رضيَّة، وقلبًا مطمئنًا.

وما أعجبها من ساعة حين يخلو فيها بنفسهِ! هنالك تنهمرُ دموعُ القلبِ المكلومِ كأنها قطراتُ الندى على وردةٍ ذابلة، وتتصاعدُ آهاتُ الروحِ المتعَبةِ كأنها نسماتُ الفجرِ تحملُ أنينَ الوجود. ولكنَّ اللهَ -جلَّ في عُلاه- يحفظُ على عبدهِ كرامتَه أمامَ خلقهِ، فلا يرى الناسُ إلا ظاهرًا جميلاً يُخفي وراءه ليلًا من البؤس.

وإني لأعجبُ من أولئك الذين يظنونَ سكونَ المبتلى من راحةِ باله! كلا والله! إنما هو سرٌّ من أسرارِ الله في خلقه، ونعمةٌ من نِعَمِهِ على عباده، أن يسترَ انكسارَهم بستارٍ من نورٍ وجمال، فلا يفتضحُ المكروبُ أمامَ الناس، ولا تنكشفُ جراحاتُ قلبهِ للعيون.

وما أجمل أن يكونَ العبدُ على هذه الحال! صابراً أمامَ الخلق، منكسرًا أمامَ الخالق، يحملُ همَّهُ بين جنَباتِ قلبهِ كما تحملُ الصدفةُ لؤلؤتَها، لا يراها إلا من خلقها وصاغها.

وإني لأراها نعمةً فوق نِعَم الدنيا مجتمعة، أن يكونَ للعبدِ سِرٌّ مع ربِّه لا يعلمُه أحدٌ من خلقه. فكائنْ من قلبٍ مثخنٍ بالجراح، يمشي صاحبُه بين الناسِ مرفوعَ الرأس، كأنه نجمٌ في السماءِ يُضيءُ لمن حوله، وما دَرَوا أنَّ هذا النورَ إنما هو انعكاسٌ لدموعٍ حُبِسَت في القلب!

أيُّها المبتلى! إنَّ في سترِ انكسارِك تجليًّا من تجليَّاتِ الرحمة الإلهية. فكأنَّ اللهَ - سبحانه - قد كساك من نورِ رحمتِه حجابًا رقيقًا يحجبُ ما في قلبِك عن الأعين، حتى إذا خلوتَ بربِّك تهاوى هذا الحجابُ كما يتهاوى الليلُ أمامَ نور الفجر.

وما أعجبَ حالَ هذا المستورِ بسترِ الله! تراهُ في المجالسِ باسمَ الثغر، مشرقَ الوجه، بهيَّ الطلعة، حتى لَيظنُّ الناسُ أنَّه ما ذاق بؤسًا قطُّ، ولو علموا أنَّ ذلك إنما هو قنديلٌ أضاءَه اللهُ في ظلماتِ حزنِه، وأنَّ ذلك الإشراقَ ما هو إلا فيضٌ من أنوارِ الصبرِ الجميل!

إنَّ المصائبَ -يا صاحبي- كالرياحِ العاتية، تَقصِفُ ضعيف الشجر وتُعرِّيه من ورقه للناظرين، وما تأثَّل من الشجر وصلُب ما تنال منه الرياح إلا أن ينحني انحناء الراكع في كبريائه، ثم ترجع منتصبةً شامخة انتصاب القائم من ركوعه.
وهكذا المؤمنُ حين يبتليهِ الله، يَنكسرُ في خلوتِه، ويتجلَّدُ في علَنِه، فلا تراهُ العيونُ إلا وقورًا صابرًا، كأنَّما كُسِيَ من الوقارِ حُلَّةً، ومن الصبرِ تاجًا.



group-telegram.com/ayuobh/926
Create:
Last Update:

ما أجلَّها نعمةً حين يكسو اللهُ عبده المبتلى رداءًا من نور، يستُرُ به انكسارَ قلبهِ عن أعينِ العباد، فلا يشهد الناسُ منه إلا وجهًا ناضرًا، ونفسًا رضيَّة، وقلبًا مطمئنًا.

وما أعجبها من ساعة حين يخلو فيها بنفسهِ! هنالك تنهمرُ دموعُ القلبِ المكلومِ كأنها قطراتُ الندى على وردةٍ ذابلة، وتتصاعدُ آهاتُ الروحِ المتعَبةِ كأنها نسماتُ الفجرِ تحملُ أنينَ الوجود. ولكنَّ اللهَ -جلَّ في عُلاه- يحفظُ على عبدهِ كرامتَه أمامَ خلقهِ، فلا يرى الناسُ إلا ظاهرًا جميلاً يُخفي وراءه ليلًا من البؤس.

وإني لأعجبُ من أولئك الذين يظنونَ سكونَ المبتلى من راحةِ باله! كلا والله! إنما هو سرٌّ من أسرارِ الله في خلقه، ونعمةٌ من نِعَمِهِ على عباده، أن يسترَ انكسارَهم بستارٍ من نورٍ وجمال، فلا يفتضحُ المكروبُ أمامَ الناس، ولا تنكشفُ جراحاتُ قلبهِ للعيون.

وما أجمل أن يكونَ العبدُ على هذه الحال! صابراً أمامَ الخلق، منكسرًا أمامَ الخالق، يحملُ همَّهُ بين جنَباتِ قلبهِ كما تحملُ الصدفةُ لؤلؤتَها، لا يراها إلا من خلقها وصاغها.

وإني لأراها نعمةً فوق نِعَم الدنيا مجتمعة، أن يكونَ للعبدِ سِرٌّ مع ربِّه لا يعلمُه أحدٌ من خلقه. فكائنْ من قلبٍ مثخنٍ بالجراح، يمشي صاحبُه بين الناسِ مرفوعَ الرأس، كأنه نجمٌ في السماءِ يُضيءُ لمن حوله، وما دَرَوا أنَّ هذا النورَ إنما هو انعكاسٌ لدموعٍ حُبِسَت في القلب!

أيُّها المبتلى! إنَّ في سترِ انكسارِك تجليًّا من تجليَّاتِ الرحمة الإلهية. فكأنَّ اللهَ - سبحانه - قد كساك من نورِ رحمتِه حجابًا رقيقًا يحجبُ ما في قلبِك عن الأعين، حتى إذا خلوتَ بربِّك تهاوى هذا الحجابُ كما يتهاوى الليلُ أمامَ نور الفجر.

وما أعجبَ حالَ هذا المستورِ بسترِ الله! تراهُ في المجالسِ باسمَ الثغر، مشرقَ الوجه، بهيَّ الطلعة، حتى لَيظنُّ الناسُ أنَّه ما ذاق بؤسًا قطُّ، ولو علموا أنَّ ذلك إنما هو قنديلٌ أضاءَه اللهُ في ظلماتِ حزنِه، وأنَّ ذلك الإشراقَ ما هو إلا فيضٌ من أنوارِ الصبرِ الجميل!

إنَّ المصائبَ -يا صاحبي- كالرياحِ العاتية، تَقصِفُ ضعيف الشجر وتُعرِّيه من ورقه للناظرين، وما تأثَّل من الشجر وصلُب ما تنال منه الرياح إلا أن ينحني انحناء الراكع في كبريائه، ثم ترجع منتصبةً شامخة انتصاب القائم من ركوعه.
وهكذا المؤمنُ حين يبتليهِ الله، يَنكسرُ في خلوتِه، ويتجلَّدُ في علَنِه، فلا تراهُ العيونُ إلا وقورًا صابرًا، كأنَّما كُسِيَ من الوقارِ حُلَّةً، ومن الصبرِ تاجًا.

BY أيوب الجهني


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/ayuobh/926

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

But Telegram says people want to keep their chat history when they get a new phone, and they like having a data backup that will sync their chats across multiple devices. And that is why they let people choose whether they want their messages to be encrypted or not. When not turned on, though, chats are stored on Telegram's services, which are scattered throughout the world. But it has "disclosed 0 bytes of user data to third parties, including governments," Telegram states on its website. WhatsApp, a rival messaging platform, introduced some measures to counter disinformation when Covid-19 was first sweeping the world. On December 23rd, 2020, Pavel Durov posted to his channel that the company would need to start generating revenue. In early 2021, he added that any advertising on the platform would not use user data for targeting, and that it would be focused on “large one-to-many channels.” He pledged that ads would be “non-intrusive” and that most users would simply not notice any change. However, the perpetrators of such frauds are now adopting new methods and technologies to defraud the investors. Although some channels have been removed, the curation process is considered opaque and insufficient by analysts.
from es


Telegram أيوب الجهني
FROM American