«والنفس النفيسة تتأذى بفقد العلم أكثر مما يتأذى الجسم بعدم الطُّعم». - أبو الطيب اللغوي
Forwarded from قناة | مِهاد الأُصُول (زياد خياط)
بابُ التألُّف على الدين من أدق أبواب الدعوة، وهو متصل اتصالا وثيقا بعمق النظر المقاصديّ.
ومما يشيع في استعمال قاعدة التأليف هذه في المسلك الدَّعويّ: أنْ يستعملها بعضهم بمحض الذوق الشخصي، فهو يريد التألف بغير ضابط علميّ، وقد يطوّع الضوابط أو يخترعها، وهذا مزلق، فضبط التألف بمسلك العلم أهم المهمات.
وليس كلُّ ما بدا للشّخص أنّه مما يمكن التألُّف به يكون مشروعا، بل ليس كلُّ ما يحصل به التألُّف حقا في واقع الأمر يكون مشروعا، بل ذلك منوطٌ بألا يكون التألف معارضا بمصلحة أقوى منه، وألا يترتب عليه مفسدة أكبر من مصلحته.
وفي التألُّف اتجاهان:
- اتجاه يفرِط في مراعاته، فيكون غرضه مقصورا على تألف الناس على الدين، حتى يغيب عنه مقصود الشرع في رسوخ الشريعة وتثبيتها وعدم تغيير أوضاعها، فكلما لاحت له مصلحة التأليف؛ أجرى معول النقض في حكم من الأحكام المستقرة أو غيّر مرتبته في الشريعة؛ فهو تبديل من أجل التأليف: إما بإسقاط الحكم تارة، وإما بتغيير رتبته تارة.
- واتّجاه آخر يفرّط في مراعاته، فيغلو في معنى تقرير الشريعة وتثبيتها، ويهمل ما راعته الشريعة من المعاني التي يقع بها الاستثناء والتخصيص والتقديم والتأخير بحسب العوارض والحاجات والضرورات وتفاوت الأحوال، والحق بين هذا وهذا، وعلى الله قصد السبيل.
ومما يشيع في استعمال قاعدة التأليف هذه في المسلك الدَّعويّ: أنْ يستعملها بعضهم بمحض الذوق الشخصي، فهو يريد التألف بغير ضابط علميّ، وقد يطوّع الضوابط أو يخترعها، وهذا مزلق، فضبط التألف بمسلك العلم أهم المهمات.
وليس كلُّ ما بدا للشّخص أنّه مما يمكن التألُّف به يكون مشروعا، بل ليس كلُّ ما يحصل به التألُّف حقا في واقع الأمر يكون مشروعا، بل ذلك منوطٌ بألا يكون التألف معارضا بمصلحة أقوى منه، وألا يترتب عليه مفسدة أكبر من مصلحته.
وفي التألُّف اتجاهان:
- اتجاه يفرِط في مراعاته، فيكون غرضه مقصورا على تألف الناس على الدين، حتى يغيب عنه مقصود الشرع في رسوخ الشريعة وتثبيتها وعدم تغيير أوضاعها، فكلما لاحت له مصلحة التأليف؛ أجرى معول النقض في حكم من الأحكام المستقرة أو غيّر مرتبته في الشريعة؛ فهو تبديل من أجل التأليف: إما بإسقاط الحكم تارة، وإما بتغيير رتبته تارة.
- واتّجاه آخر يفرّط في مراعاته، فيغلو في معنى تقرير الشريعة وتثبيتها، ويهمل ما راعته الشريعة من المعاني التي يقع بها الاستثناء والتخصيص والتقديم والتأخير بحسب العوارض والحاجات والضرورات وتفاوت الأحوال، والحق بين هذا وهذا، وعلى الله قصد السبيل.
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
هناك شعور عميق حريٌ بالعبد أن يتأمله وهو يسير في ميادين السعي لإعلاء كلمة الله تعالى، معنى أحسب أنه يؤلم مرة ويدفع مرات عديدة إلى السعي الطيب، وهو أن لا يُحصر السعي في ميادين الخير على أن تنجو النفس وتفوز بالعطايا والأجور وتغنم بالأثر وحسب، ويكون روح بهجتها مقصورًا على هذه الحدود؛ فهناك معنى أعمق وأكمل يجعل حبال السعي متصلة بالسماء دائمًا، وهو أن يصبح القلب مهمومًا بأن يكون شيئًا في الملكوت الأعلى، أن تكون غايته ومناه بأن سعيه مذكورًا عند خالقه، أن نفسًا ما، في بقعة معينة على هذا الكوكب قد أثبتت لخالقها سعيًّا، سعيًّا بانتمائها للإسلام، سعيًّا تدلل به على حبها لخالقها، سعيًّا يؤكده إيمان عميق بأن هذا النور لا بد أن ينفذ للغير فتحركت ليضيء غيرها، حركة تُثبت عبودية تامة، تقول بها: أسعى لأجل أن أكتب من "جندك".
ويكون معها الأمل الوحيد والغاية الأسمى أن تكون حركة فاعلة في نور الإسلام، صادقة، مقبولة، مرضية.. وأحسب أن هذا من معاني الكمال الذي يقضي الإنسان عمره كله لأجل تحقيقه، ولهذا الشعور عمق، وصدى، وبوصلة دائمة مع السماء.
ويكون معها الأمل الوحيد والغاية الأسمى أن تكون حركة فاعلة في نور الإسلام، صادقة، مقبولة، مرضية.. وأحسب أن هذا من معاني الكمال الذي يقضي الإنسان عمره كله لأجل تحقيقه، ولهذا الشعور عمق، وصدى، وبوصلة دائمة مع السماء.
عجيب هذا التشبيه من ابن القيم في الكشف عن صدق النفس عند بذلها لله تعالى! .. أستوقفني كثيرًا، لم أقف على وصف دقيق وكاشف في (النفس وبذلها لله) كمثل هذا التشبيه البليغ!
«والقصد: أنَّ من بذل نفسه لله بصدقٍ كره بقاءه معها، لأنَّه يريد أن يتقبَّلها من بُذلت له، لأنَّه قد قرَّبها له قربانًا، ومن قرَّب قربانًا فتُقبِّل منه ليس كمن رُدَّ عليه قربانه، فبقاء نفسه معه دليلٌ أنَّه لم يتقبَّل قربانه».
- | ابن القيم، مدارج السالكين (٢) |
«والقصد: أنَّ من بذل نفسه لله بصدقٍ كره بقاءه معها، لأنَّه يريد أن يتقبَّلها من بُذلت له، لأنَّه قد قرَّبها له قربانًا، ومن قرَّب قربانًا فتُقبِّل منه ليس كمن رُدَّ عليه قربانه، فبقاء نفسه معه دليلٌ أنَّه لم يتقبَّل قربانه».
- | ابن القيم، مدارج السالكين (٢) |
لا تغفلوا عن الدعاء والتضرع الصادق لأهلنا في غزة..
اللهم واغفر تقصيرنا مع إخواننا وأهلنا.
اللهم واغفر تقصيرنا مع إخواننا وأهلنا.
التعرض للبشر له ثمن، وثمنه باهض، والتعامل مع أنواع مختلفة من النفوس والعقول يحتاج معه لنفس صبورة، متأنية، هادئة، تنظر إلى حق الله تعالى قبل حق نفسها، ويُعظم هذا في حق العامل في دين الله عز وجل.
هذه الفترة وبشكل خاص، تعرضت ولا أزال لفئات مختلفة من الناس، ومن دول ومناطق متنوعة، متباينة في التفكير، والهم، والأخلاق.. وإلى غير ذلك، فكان ولا بد أن يمسني ما يؤذيني، الأذى المتوقع من مخالطة الناس.
وكنت في بعض المواطن التي يعجز عقلي عن استيعاب مستوى قلة الأدب فيها، أو ظهور الظلم والعدوان الصريح فيها كنت أستعين -بالفضفضة- لأختي، فكانت هذه النافذة المتاحة لطرد سوء الموقف عني وهو بالحديث معها عن تفاصيل الموقف، وكان من قولي معها أن هذا التعرض للناس جعلني ألزم دعاء النبي ﷺ: "اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت"، وهذا التعرض جعلني أتأدب في عرض حاجتي ونصيحتي كذلك مع الناس، وجعلني أكثر رحمة بهم وأسمح في معذرتهم، وغيرها من الدروس التي تعلمتها بسبب هذا التعرض، وأشعر بحديثي معها بشيء من الراحة، ولكني شعرت في الفترة الأخيرة بأن الصمت أكمل، وأفضل، الصمت حتى مع نفسي!
فقرأت هذا النص قبل يومين لابن القيم رحمه الله، يقول فيه: (وها هنا للعبد عشرة مشاهد، فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه..)، فذكر المشاهد ومنزلتها وفضلها وختم بهذا المشهد العظيم! وهو مشهد مختلف عن كل المشاهد، وعن كل المعاني التي أعرفها في الإحسان في معاملة الناس، من كتم الغيظ والعفو وإلخ من المعاني السامية، وهو مشهد التوحيد، والذي تعجبت منه عند مطلع قراءتي له (مشهد التوحيد) وما علاقته بذلك؟! فوجدت هذا الجواب الشافي، والذي طيّب نفسي وروحي وعقلي.
واليوم كلما هممت بالتفكير في موقف أزعجني، ورغبت نفسي بالاستغراق معه، وبالحزن به، وبالتعبير عنه؛ أحجمتها بتذكر هذا المشهد!، إرغامًا لها بالتطبّع بالفضيلة.
وتذكرت هذا المعنى هنا: (يُكسب علو الهمة في الإنسان معنى فاضلاً يستفزّه إلى بذل غاية الجهد ونهاية السعي، حتى يكتب الله تحقيق مراداته ومطالبه)، فاللهم بك نحاول ونصاول ونقاتل.
هذه الفترة وبشكل خاص، تعرضت ولا أزال لفئات مختلفة من الناس، ومن دول ومناطق متنوعة، متباينة في التفكير، والهم، والأخلاق.. وإلى غير ذلك، فكان ولا بد أن يمسني ما يؤذيني، الأذى المتوقع من مخالطة الناس.
وكنت في بعض المواطن التي يعجز عقلي عن استيعاب مستوى قلة الأدب فيها، أو ظهور الظلم والعدوان الصريح فيها كنت أستعين -بالفضفضة- لأختي، فكانت هذه النافذة المتاحة لطرد سوء الموقف عني وهو بالحديث معها عن تفاصيل الموقف، وكان من قولي معها أن هذا التعرض للناس جعلني ألزم دعاء النبي ﷺ: "اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت"، وهذا التعرض جعلني أتأدب في عرض حاجتي ونصيحتي كذلك مع الناس، وجعلني أكثر رحمة بهم وأسمح في معذرتهم، وغيرها من الدروس التي تعلمتها بسبب هذا التعرض، وأشعر بحديثي معها بشيء من الراحة، ولكني شعرت في الفترة الأخيرة بأن الصمت أكمل، وأفضل، الصمت حتى مع نفسي!
فقرأت هذا النص قبل يومين لابن القيم رحمه الله، يقول فيه: (وها هنا للعبد عشرة مشاهد، فيما يصيبه من أذى الخلق وجنايتهم عليه..)، فذكر المشاهد ومنزلتها وفضلها وختم بهذا المشهد العظيم! وهو مشهد مختلف عن كل المشاهد، وعن كل المعاني التي أعرفها في الإحسان في معاملة الناس، من كتم الغيظ والعفو وإلخ من المعاني السامية، وهو مشهد التوحيد، والذي تعجبت منه عند مطلع قراءتي له (مشهد التوحيد) وما علاقته بذلك؟! فوجدت هذا الجواب الشافي، والذي طيّب نفسي وروحي وعقلي.
واليوم كلما هممت بالتفكير في موقف أزعجني، ورغبت نفسي بالاستغراق معه، وبالحزن به، وبالتعبير عنه؛ أحجمتها بتذكر هذا المشهد!، إرغامًا لها بالتطبّع بالفضيلة.
وتذكرت هذا المعنى هنا: (يُكسب علو الهمة في الإنسان معنى فاضلاً يستفزّه إلى بذل غاية الجهد ونهاية السعي، حتى يكتب الله تحقيق مراداته ومطالبه)، فاللهم بك نحاول ونصاول ونقاتل.
Forwarded from || غيث الوحي ||
.
فلا تحسبن.. الله لا يخبرنا بالوعد فحسب، بل يريدنا نحن ألا نحسب تخلفه أو نشك في تحققه، يريدنا نحن أن نتعبده في هذه الأزمات، يريد منا تحت وطأة الشدائد أن نوقن به، ونصدق وعده، ونحسن الظن به، يريد منا أن يكون تصديقنا بأنه صادق الوعد، وأنه (عزيز ذو انتقام)، أكبر من تصديقنا بميزان القوى المادية فحسب، وذلك هو اختبار الإيمان بالغيب.
فلا تحسبن.. الله لا يخبرنا بالوعد فحسب، بل يريدنا نحن ألا نحسب تخلفه أو نشك في تحققه، يريدنا نحن أن نتعبده في هذه الأزمات، يريد منا تحت وطأة الشدائد أن نوقن به، ونصدق وعده، ونحسن الظن به، يريد منا أن يكون تصديقنا بأنه صادق الوعد، وأنه (عزيز ذو انتقام)، أكبر من تصديقنا بميزان القوى المادية فحسب، وذلك هو اختبار الإيمان بالغيب.
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
لقطة ختام 🩵 🩵
سبحان الحيّ، يحيي كل ما تعلق به.. بدأت بكُوَّة وانتهت بكُوى متعددة في قلوب كثيرة، فضائل النور أن يتسع فيشمل كل محيطٍ به!
الحمد لله القيّوم الذي أقامَ كُوَّة بإذنه، له الحمد والجلال والجمال أن يسر وأعان، والطمع برحمته أن يزيد ويرضى.
سبحان الحيّ، يحيي كل ما تعلق به.. بدأت بكُوَّة وانتهت بكُوى متعددة في قلوب كثيرة، فضائل النور أن يتسع فيشمل كل محيطٍ به!
الحمد لله القيّوم الذي أقامَ كُوَّة بإذنه، له الحمد والجلال والجمال أن يسر وأعان، والطمع برحمته أن يزيد ويرضى.
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM