group-telegram.com/modar_abualhayjaa/6514
Last Update:
إضاءات منهجية ومعايير توعوية ،،،
التحدي الكبير .. رفع مستوى الوعي الجمعي
تشير النوازل التي تحل بأمتنا العربية والإسلامية في السودان واليمن ومصر والخليج والعراق وفلسطين وعموم الشام، إلى أن شعوبنا تعيش حقبة هي من أقسى الحقب من حيث ظروفها السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية.
ومن الطبيعي أن الغرب الذي يدرك قيمة تاريخ وجغرافيا بلادنا وحيوية شعوبنا قارئ لشكل وحجم الريادة الحضارية التي قادها المسلمون لأطول مدة في تاريخ الحضارات البشرية، ولذلك فهو يحاول من خلال مشاريع عديدة، كالمشروع الصهيوني، والمشروع القومي العلماني، ومشروع ولي الفقيه، أن يمنع ولادة أي نموذج نهضوي يعبر عن ثقافة الأمة القائمة على الإسلام، ومرتبط بوحدتها السياسية، والمشاريع الثلاثة المعادية المذكورة تتفق في العنصرين اللذين يستهدفها المشروع الغربي الصليبي الذي تقوده أمريكا حاليا.
أما إن ولد نموذج نهضوي في الأمة في ظرف ما، فإن الغرب الصليبي يحاول تشويهه فكريا من خلال مشروع العلمنة، وسياسيا من خلال فك ارتباطه بمفهوم وحدة الأمة السياسية، بحيث يكون مخصيا عن الفعل الحضاري من جهة، وفاقدا للهداية ورسالتها من جهة أخرى.
لقد نجح الغرب في العقود الأخيرة بالعبث بمصائر الدول والشعوب العربية والإسلامية على نحو كبير على المستوى السياسي والأمني والإقتصادي، ولا يزال يبذل جهودا خبيثة لتحقيق النجاح المطلوب في تهديم هوية الأمة الثقافية المرتكزة على القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ودور العلماء العظيم في وراثة النبوة.
والسؤال يقول: ما الذي يضمن إفشال المشروع الغربي في التهديم الثقافي الذي يستهدف شعوب أمتنا؟
الجواب: إن شرط نجاح إفشال مخطط التهديم الثقافي لأمتنا هو تمكين الوعي في مساحة الأمة على المستويين الجمعي والنخبوي.
إن معيار قياس الوعي عند النخب مرتبط بتقدم مساحة النقد في عقولها للدرجة التي تمكنها من القدرة على نقد ذواتها كما تنقد مخالفيها، متجاوزة العصبيات والمصالح والانتماءات الضيقة.
أما معيار قياس الوعي الجمعي فهو قدرة الأتباع على تمييز الطاعة الواجبة والممدوحة للأمير وإن كان عبدا حبشيا رأسه كالزبيبة، والطاعة المنكرة والمذمومة للأمير الذي يوصف عقله بالزبيبة، فحديث الرسول صلى الله عليه وسلم أشار بوجوب الطاعة للأمير وقال اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة. ولم يقل عقله كالزبيبة.
إن حقبتنا الحالية قد تشهد انكسارات سياسية وهزائم عسكرية، نتيجة للفارق المهول في القوة بين معسكر أهل الحق ومعسكر أهل الباطل، لاسيما في ظل خراب وتواطئ المنظومة العربية والإسلامية الحاكمة، ولكن هذا الانكسار المبرر موضوعيا على المستويين السياسي والعسكري، غير مبرر على المستوى الثقافي، لاسيما بأن الأول منوط بالقيادات السياسية والعسكرية، ولكن الثاني منوط بدور العلماء، وهو السبب الحقيقي في حفظ الهوية الثقافية للمسلمين في كل الحقب السابقة، سواء في فترات ضعف الخلافة وأمرائها، أو في حقب الهجمات الصليبية والتترية وغيرها، إذ كان دور العلماء في رفع مستوى الوعي الجمعي هو السبب المباشر لحفظ هوية الأمة الثقافية رغم بطش الحكام أو نير ولظى الأعداء.
مضر أبوالهيجاء فلسطين-جنين 10/11/2024
BY قناة أ. مضر أبوالهيجاء جنين/فلسطين
Share with your friend now:
group-telegram.com/modar_abualhayjaa/6514