Telegram Group & Telegram Channel
الحمد لله وحده.

لن تأتي الساعةُ إلا فجأة والمرء غافل عنها.
بذلك قضى الله تعالى، إذ قال عز وجل: {لا تأتيكم إلا بغتة}.
ومعنى {بغتة}: فجأة.
ويباغتك الشيء:
إذا فاجأكَ وأنت غافل عنه لا تنتظره ولا تتهيأ له، ولا تظنه يأتيك الآن، بل تظن أنك في مأمنٍ منه إلى مدة، أو: لا يخطر ببالك أمره، فأنت عنه: في غفلة.
وصحَّ عن مجاهد رحمه الله أنه فسر {بغتةً} من آية أخرى، قال: «فجأة، آمنين»!
فكذلك هي هنا.
لا تأتي الساعة يوم تأتي إلا بغتة، والناس يومئذ يفاجئون، وقد كانوا يظنون أنهم آمنين من هذه المصيبة الأكبر، التي لا يحل بابن آدم أشد منها شدة في مدة وجوده كلها، حياته ثم موته ثم حياته.
وهذا معنى يستحق التفكر.
وتدبُّرُ هذه الآية من أنفع التدبر لآية من القرآن، ولو أنني اخترت آيات من الكتاب يكون تدبرها هو عمل كل يوم، لكانت هذه إحداها إن شاء الله.
وأنفع شيء لتدبر آية من القرآن أن تعلم ما جاء به الرسول المبيِّن ﷺ في معنى الآية، ثم ما جاء عن الصحابة والتابعين، ولا يحل لأحد أن يخالف جميع ما جاء عن الصحابة والتابعين وعرفه المسلمون، وإلا كان سالكا سبل الزندقة والإلحاد.
■ وينفعك في تدبر قوله تعالى عن القيامة: {لا تأتيكم إلا بغتة}:
- أن تمثِّل نفسَك وتُنزلَها منزلةَ إنسان خرجتَ إلى السوق، لتشتري ثوبا أو طعاما أو متاعا؛ فبينما تريد أن تقضي ثمن الثوب، إذا القيامة قد أتت فجأة وأنت منها آمن.
فاجأك إتيانها، حتى إنك لم يسعكَ أن تشتري، ولا وسع البائعَ أن يطوي الثوب!
- أو تنزل نفسك منزلة إنسان اشتريتَ لبنًا، أو حلبتَ لبن بهيمتك، وأقبلت لتشربَه، لكن: أتتكَ الساعةُ فجأة، وقد كنتَ آمنا منها، فلم تشرب لبنك هذا، ولن تشربه، فلم يعد في الدنيا وقت يسع شربة لبن، وأتت الساعة فجأة.
- أو تُنزلَ نفسك منزلة إنسان رفعتَ لقمة لتأكلها، فأتتك الساعة بين رفع اللقمة من الصحن إلى فمك، فلا تأكلها، إذ قامت القيامة وانتهى الإذن لك ولكل البشر في أن يختار ويفعل، أو لا يفعل!

■ ويوم تقوم الساعة: ينقضي زمن الإذن في الاختيار، وتتوقف الحياة الدنيئة المتزينة الكاذبة، وتبدأ حياة الحق بغتة!
قامت الساعة، وانتهت الدنيا، وتوقفت أعمالها، بزخرفها وزينتها وخداعها، بغتة!
وبدأت أحداث الآخرة بغتة، وليس فيها إلا الحق والعدل، لا كذب ولا تدليس، ولا خديعة ولا مكر.
{يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية}!
ويومئذ يصدر الناس، أشتاتا، من كل حدب وصوب، لكي يرى كل واحد منهم عمله، ويجزَى به بين يدي الله!

■ لقد قضى الله تعالى على الناس أن تأتيهم الساعة بغتة.. وتفجأهم القيامة بأهوالها وأخطارها، وصراطها ونارها وجنّتها وموقفها وحسابها ومحشرها، فجأة!

فجأة على غفلة من الناس!
أي: يتفاجأ بها الناس، وهم غائبون غافلون عن ذكرها، في أعمال الدنيا يبيعون ويشترون ويأكلون ويصلحون الدنيا.

■ وأما علامات الساعة: فحق جاء عن رسول الله ﷺ في حديث جبريل وغيره، ولكنه لا يعارض إتيان الساعة بغتة.
قال ابن عاشور فأحسن إن شاء الله: (لأن تلك الأمارات ممتدة الأزمان، بحيث لا يحصل معها تهيؤ للعلم بحلولها)، فلا بد أن تأتي الساعة بغتة، على العالم بأشراطها وغير العالم.
■ وكذلك الموت:
يأتي الإنسانَ وهو مأمن منه، يظن نفسه في سعة، يؤمل في إصلاح دنياه، وقد يكون مسوفا في العمل لأخراه!
والموت هو ساعة الإنسان، سواء.
فإن الموت يقطع الإذنَ الذي معك من الله، الإذن أن تختار أن تفعل أو تترك، أن تعصي أو تطيع، أن تصدق نفسك فتنجيها أو تكذبها فترديها.
وهكذا الناس النيام: إذا ماتوا انتبهوا!

■ فلا أنفع للإنسان من العمل كل يوم بعمل الآخرة، ولو قليلا مع الدوام.
بل: لا بد للعاقل من ذلك، فإن الموت يفجؤه، والساعة لا تأتي إلا بغتة.
والتخلص من زينة الدنيا والأمل فيها؛ قد يشق أو يطول.
والأيام تمضي ولا تنتظر.
والنفس رهينة انتظار الشيء بعد الشيء والحال بعد الحال من شأن الدنيا، يقول في نفسه: تنصلح الدنيا إذا حصل كذا ثم أفرغ للتوبة والطاعة، فينتظر، ثم يشرط شرطًا آخر، وشرطًا بعد شرط، وينتظر الشرط بعد الشرط، ويبقى في شرط بعد شرط، ولا ترضيه الدنيا أبدا!

فإذا أسلم نفسه، ولم يكن له كل يوم ما يودعه صحيفة حسناته: ضاع عمره، أو كبر فضعف عن العمل، فضاع أكثر عمره.
وهو: المغبون في صحته وفراغه، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
■■ قال رسول الله ﷺ:
(لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها!
فإذا طلعت فرآها الناس: آمنوا أجمعون!
فذلك حين {لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا}!
ولتقومن الساعة: وقد نشر الرجلان ثوبَهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه!
ولتقومن الساعة: وقد انصرف الرجل بلبن لقِحته فلا يطعمه!
ولتقومن الساعة: وهو يليط حوضَه فلا يسقي فيه!
ولتقومن الساعة: وقد رفع أحدُكم أكلته إلى فيهِ فلا يطعمها)!
[رواه البخاري وأصله في مسلم].
- قال قتادة: (قضى الله أنها لا تأتيكم إلا بغتة).

يا رب، نجنا غدا في القيامة!
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.



group-telegram.com/Kbahaa/1059
Create:
Last Update:

الحمد لله وحده.

لن تأتي الساعةُ إلا فجأة والمرء غافل عنها.
بذلك قضى الله تعالى، إذ قال عز وجل: {لا تأتيكم إلا بغتة}.
ومعنى {بغتة}: فجأة.
ويباغتك الشيء:
إذا فاجأكَ وأنت غافل عنه لا تنتظره ولا تتهيأ له، ولا تظنه يأتيك الآن، بل تظن أنك في مأمنٍ منه إلى مدة، أو: لا يخطر ببالك أمره، فأنت عنه: في غفلة.
وصحَّ عن مجاهد رحمه الله أنه فسر {بغتةً} من آية أخرى، قال: «فجأة، آمنين»!
فكذلك هي هنا.
لا تأتي الساعة يوم تأتي إلا بغتة، والناس يومئذ يفاجئون، وقد كانوا يظنون أنهم آمنين من هذه المصيبة الأكبر، التي لا يحل بابن آدم أشد منها شدة في مدة وجوده كلها، حياته ثم موته ثم حياته.
وهذا معنى يستحق التفكر.
وتدبُّرُ هذه الآية من أنفع التدبر لآية من القرآن، ولو أنني اخترت آيات من الكتاب يكون تدبرها هو عمل كل يوم، لكانت هذه إحداها إن شاء الله.
وأنفع شيء لتدبر آية من القرآن أن تعلم ما جاء به الرسول المبيِّن ﷺ في معنى الآية، ثم ما جاء عن الصحابة والتابعين، ولا يحل لأحد أن يخالف جميع ما جاء عن الصحابة والتابعين وعرفه المسلمون، وإلا كان سالكا سبل الزندقة والإلحاد.
■ وينفعك في تدبر قوله تعالى عن القيامة: {لا تأتيكم إلا بغتة}:
- أن تمثِّل نفسَك وتُنزلَها منزلةَ إنسان خرجتَ إلى السوق، لتشتري ثوبا أو طعاما أو متاعا؛ فبينما تريد أن تقضي ثمن الثوب، إذا القيامة قد أتت فجأة وأنت منها آمن.
فاجأك إتيانها، حتى إنك لم يسعكَ أن تشتري، ولا وسع البائعَ أن يطوي الثوب!
- أو تنزل نفسك منزلة إنسان اشتريتَ لبنًا، أو حلبتَ لبن بهيمتك، وأقبلت لتشربَه، لكن: أتتكَ الساعةُ فجأة، وقد كنتَ آمنا منها، فلم تشرب لبنك هذا، ولن تشربه، فلم يعد في الدنيا وقت يسع شربة لبن، وأتت الساعة فجأة.
- أو تُنزلَ نفسك منزلة إنسان رفعتَ لقمة لتأكلها، فأتتك الساعة بين رفع اللقمة من الصحن إلى فمك، فلا تأكلها، إذ قامت القيامة وانتهى الإذن لك ولكل البشر في أن يختار ويفعل، أو لا يفعل!

■ ويوم تقوم الساعة: ينقضي زمن الإذن في الاختيار، وتتوقف الحياة الدنيئة المتزينة الكاذبة، وتبدأ حياة الحق بغتة!
قامت الساعة، وانتهت الدنيا، وتوقفت أعمالها، بزخرفها وزينتها وخداعها، بغتة!
وبدأت أحداث الآخرة بغتة، وليس فيها إلا الحق والعدل، لا كذب ولا تدليس، ولا خديعة ولا مكر.
{يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية}!
ويومئذ يصدر الناس، أشتاتا، من كل حدب وصوب، لكي يرى كل واحد منهم عمله، ويجزَى به بين يدي الله!

■ لقد قضى الله تعالى على الناس أن تأتيهم الساعة بغتة.. وتفجأهم القيامة بأهوالها وأخطارها، وصراطها ونارها وجنّتها وموقفها وحسابها ومحشرها، فجأة!

فجأة على غفلة من الناس!
أي: يتفاجأ بها الناس، وهم غائبون غافلون عن ذكرها، في أعمال الدنيا يبيعون ويشترون ويأكلون ويصلحون الدنيا.

■ وأما علامات الساعة: فحق جاء عن رسول الله ﷺ في حديث جبريل وغيره، ولكنه لا يعارض إتيان الساعة بغتة.
قال ابن عاشور فأحسن إن شاء الله: (لأن تلك الأمارات ممتدة الأزمان، بحيث لا يحصل معها تهيؤ للعلم بحلولها)، فلا بد أن تأتي الساعة بغتة، على العالم بأشراطها وغير العالم.
■ وكذلك الموت:
يأتي الإنسانَ وهو مأمن منه، يظن نفسه في سعة، يؤمل في إصلاح دنياه، وقد يكون مسوفا في العمل لأخراه!
والموت هو ساعة الإنسان، سواء.
فإن الموت يقطع الإذنَ الذي معك من الله، الإذن أن تختار أن تفعل أو تترك، أن تعصي أو تطيع، أن تصدق نفسك فتنجيها أو تكذبها فترديها.
وهكذا الناس النيام: إذا ماتوا انتبهوا!

■ فلا أنفع للإنسان من العمل كل يوم بعمل الآخرة، ولو قليلا مع الدوام.
بل: لا بد للعاقل من ذلك، فإن الموت يفجؤه، والساعة لا تأتي إلا بغتة.
والتخلص من زينة الدنيا والأمل فيها؛ قد يشق أو يطول.
والأيام تمضي ولا تنتظر.
والنفس رهينة انتظار الشيء بعد الشيء والحال بعد الحال من شأن الدنيا، يقول في نفسه: تنصلح الدنيا إذا حصل كذا ثم أفرغ للتوبة والطاعة، فينتظر، ثم يشرط شرطًا آخر، وشرطًا بعد شرط، وينتظر الشرط بعد الشرط، ويبقى في شرط بعد شرط، ولا ترضيه الدنيا أبدا!

فإذا أسلم نفسه، ولم يكن له كل يوم ما يودعه صحيفة حسناته: ضاع عمره، أو كبر فضعف عن العمل، فضاع أكثر عمره.
وهو: المغبون في صحته وفراغه، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
■■ قال رسول الله ﷺ:
(لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها!
فإذا طلعت فرآها الناس: آمنوا أجمعون!
فذلك حين {لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا}!
ولتقومن الساعة: وقد نشر الرجلان ثوبَهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه!
ولتقومن الساعة: وقد انصرف الرجل بلبن لقِحته فلا يطعمه!
ولتقومن الساعة: وهو يليط حوضَه فلا يسقي فيه!
ولتقومن الساعة: وقد رفع أحدُكم أكلته إلى فيهِ فلا يطعمها)!
[رواه البخاري وأصله في مسلم].
- قال قتادة: (قضى الله أنها لا تأتيكم إلا بغتة).

يا رب، نجنا غدا في القيامة!
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

BY قناة: خالد بهاء الدين


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/Kbahaa/1059

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

At the start of 2018, the company attempted to launch an Initial Coin Offering (ICO) which would enable it to enable payments (and earn the cash that comes from doing so). The initial signals were promising, especially given Telegram’s user base is already fairly crypto-savvy. It raised an initial tranche of cash – worth more than a billion dollars – to help develop the coin before opening sales to the public. Unfortunately, third-party sales of coins bought in those initial fundraising rounds raised the ire of the SEC, which brought the hammer down on the whole operation. In 2020, officials ordered Telegram to pay a fine of $18.5 million and hand back much of the cash that it had raised. Telegram was founded in 2013 by two Russian brothers, Nikolai and Pavel Durov. Just days after Russia invaded Ukraine, Durov wrote that Telegram was "increasingly becoming a source of unverified information," and he worried about the app being used to "incite ethnic hatred." The S&P 500 fell 1.3% to 4,204.36, and the Dow Jones Industrial Average was down 0.7% to 32,943.33. The Dow posted a fifth straight weekly loss — its longest losing streak since 2019. The Nasdaq Composite tumbled 2.2% to 12,843.81. Though all three indexes opened in the green, stocks took a turn after a new report showed U.S. consumer sentiment deteriorated more than expected in early March as consumers' inflation expectations soared to the highest since 1981. One thing that Telegram now offers to all users is the ability to “disappear” messages or set remote deletion deadlines. That enables users to have much more control over how long people can access what you’re sending them. Given that Russian law enforcement officials are reportedly (via Insider) stopping people in the street and demanding to read their text messages, this could be vital to protect individuals from reprisals.
from in


Telegram قناة: خالد بهاء الدين
FROM American