Telegram Group Search
(سيقول السّفهاء ...) وغيره ممّا فيه تهيئة النّفس لتلقّي الوحي، وتوطينتها على الأمر العظيم.
قولُ إبراهيم لأبيه: (إنّي أخاف أن يمسَّك عذابٌ مِن الرّحمن فتكون للشّيطان وليًّا) يقيمُ ميزانَ الصّدق والنّصيحة والحبّ والشّفقة، أن يكونَ سلامةَ الآخرة، والنّجاة مِن عذاب الله.
لشيخنا الكريم أبي محمّد أمين بن يوسف الأحمديّ قادريّ، سلسلةٌ جليلةٌ جدًّا يكتب منها كلَّ يومٍ مِن أيّام رمضان، لا ينبغي أن تفوتَ المتعلِّقَ بالكتاب العزيز، وهذا أوّلها:

اقتطاف الرّيحان مِن بساتين القرآن

أسأل الله أن يقضيَها له بخير، ويزيدَه سدادًا وقوّةً وهدايةً، ويُمِدّه بمَدَدِ التّوفيقِ والمعونة، ويتمَّ نعمتَه علينا وعليه.
إجمال سورة النّحل، والوقوف عند (كذلك يتمّ نعمتَه عليكم لعلّكم تسلمون).
(لئن لم ينته المنافقون والّذين في قلوبهم مرضٌ والمرجفون في المدينة لنغرينّك بهم).
بوارق من الكتاب
Voice message
تتمّة للحديث عن سورة النّحل، بيان أوّل النّعم تعدادًا، وأعظمها منزلةً أنّها الدّيانة.
بوارق من الكتاب
Voice message
تتمّة الحديث عن سورة النّحل2
بوارق من الكتاب
Voice message
تتمّة الحديث عن سورة النّحل3
(فقال الملأ الّذين كفروا من قومه ما هذا إلّا بشر مثلكم يريد أن يتفضَّل عليكم).
(أفلم يدّبّروا القول أم جاءهم ما لم يأتِ آباءَهم الأوّلين أم لم يعرفوا رسولَهم).
(ومَن يقترف حسَنةً نزدْ له فيها حسنًا إنّ اللهَ غفورٌ شكورٌ).

ونظيرها قولُ الله: (إنّ الّذين يتلون كتابَ الله وأقاموا الصّلاة وأنفقوا ممّا رزَقناهم سرًّا وعلانيةً يرجون تجارةً لن تبور ليوفِّيَهم أجورَهم ويزيدهم مِن فضلِه إنّه غفورٌ شكورٌ).

وقوله: (إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم).
بوارق من الكتاب
Voice message
وأيضًا:

ممّا يدلّ عليه اسمُ الله الغفور في هذا الموضع: استحثاث المسلم على الطّاعة، وترغيبه في اقتراف الحسَنات، وتهييجُه إلى الاستكثار منها وهو يسمع اللهَ يعدُ بالمزيدِ مِن فضلِه، وأن لا يبطِّئَ به سالفُ الذّنوبُ عن دوامِ الرّكوب.
قول الله: (إنّ الإنسان لربّه لكنودٌ وإنّه على ذلك لشهيدٌ) على القولِ بأنّ الضّمير في (إنّه) عائدٌ على الإنسان: فيه دليلٌ على أنّ الظّاهر بريدُ الباطن، وأنّه مهما كتم المرءُ شيئًا فإنّه تبرزه الأعمال والأقوال، وأنّه يعوَّل على ما ظهر من الإنسان في تفسيرِ ما بطَن مِن أمره.
(ولكنّ الله حبّب إليكم الإيمان ...).
(وإن تظّاهرا عليه فإنّ اللهَ هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير).
قول الله سبحانه على لسان نبيّه عيسى عليه السّلام: (ما قلتُ لهم إلّا ما أمَرتَني به أن اعبدوا الله ربّي وربَّكم) الكلام بين يدي الله الجليلِ في مقامِ الشّهادةِ والحساب على التّبليغِ يوجب الوجازةَ في العبارة والاقتصار على ما لا بدَّ منه، فكان يكفي أن يقول: (ما قلتُ لهم إلّا ما أمرتني به)، ولكنّه جاء بتفسير الأمر: (أن اعبدوا اللهَ ربّي وربَّكم) لمعانٍ جليلةٍ أظهرت منزلةَ عيسى عليه السّلام بما اشتملت عليه مِن حسنِ جوابِه، فمنها: تحقيقُ ما دعا إليه، وتبرئةُ نفسِه مِن التّقصير في تحمّل الرّسالةِ وفهمِها وتبليغِها، وتنزيهُ اللهِ عمّا نسَبت إليه النّصارى مِن التّثليث والصّاحبة والولد، وإيضاحُ الفرقِ بين الرّبِّ والمربوبِ، وانخفاضُ النّبيّ المبلّغ إلى رتبة سائر المربوبين في مقام العبادةِ، وبدءُ المبلّغ بنفسِه في انتسابِه إلى ربِّه اعترافًا وإذعانًا وعرفانًا، وليكونَ قدوةً في الدّينِ، وتقريرُ حقّ الله المأمور به أنّه العبادة، وأنّه له سبحانه على وجه الإفراد، والاستدلالُ عليه بالرّبوبيّة، وتعظيمُ التّوحيدِ القاضي بتكرُّرِ ذكرِه في كلّ مكانٍ، وبمعاودةِ الحديثِ به على كلّ حالٍ، وتجلّتِه عن الاختصارِ والاقتصارِ.
قول الله سبحانه: (وقالت اليهود والنّصارى نحن أبناءُ اللهِ وأحبّاؤُه قل فلِمَ يعذِّبكم بذنوبِكم بل أنتم بشرٌ ممّن خلَق يغفرُ لمَن يشاء ويعذّب مَن يشاء ولله ملك السّماواتِ والأرضِ وما بينهما وإليه المصيرُ) جرت الآيةُ على ما يتعارفه الخلقُ مِن محاباةِ الأقربين، ومسامحةِ الأبناءِ والأحبّاء، واغتفارِ ما يأتون مِن خلافِ الحقِّ وما يَذَرون، فكفكفهم اللهُ عمّا قالوا، وأنكره عليهم ــ على مقتضى ذلك المتعارَف ــ، وقال: فلِمَ يُعذِّبكم بذنوبِكم؟ فاقتضى ذلك أن لا أُثْرةَ لهم عنده على سائرِ الخلقِ. وكان في هذه أصلُ ما يذكُرُ الفقهاءُ مِن منعِ شهادةِ الأقربين لأقربيهم، لما تكونُ عليه مِن المحاباةِ الغالبة.
بوارق من الكتاب
Voice message
ممّا يدلّ على ذلك أيضًا قولُ الله: (الرّحمن علّم القرآن خلَق الإنسان علّمه البيان) الآيات، فأسند إلى اسمِه الرّحمن الّذي هو ذو الرّحمة الواسعة تعليمَ القرآن، وبه بدَأ، ثمّ خلقَ الإنسان، فكان ذلك منبِّهًا على أمرين: الأوّل: أنّ المذكورَ هو مِن مقتضَياتِ الرّحمة، والآخر: أنّ الإنعام بتعليمِ الدّينِ أجلُّ مِن الإنعام بخلقِ الإنسان. ثمّ إنّه بعد ذلك ذكَر ما هو خادمٌ للإنسانِ مِن السّماواتِ والأرضِ، فطابق افتتاح النّحل.
قول الله سبحانه: (الّذين استجابوا لله والرّسول مِن بعدِ ما أصابهم القرحُ للّذين أحسنوا منهم واتّقوا أجرٌ عظيم) تناوَل مَن كان مُنهَكًا بالأحمال، مثقَلًا بالأحزان، مصابًا بالقروجِ والنّدوب، بعد أن جاهدَ في الله، وبذَل فيه النّفسَ والمالَ والحبيبَ، وذكَر أنّه كان منه بعد ذلك الاستجابةُ للهِ ولرسولِه، فكان في ذلك أنّه قد بلَغ مِن الابتلاءِ في الله، ودلَّ مِن صلاحِ القلب، وحسنِ العملِ، وحليةِ النّفسِ، والنّعتِ بخِلالِ المدحِ، على المحلِّ الأرفعِ، فلم يكن ذلك عند الله كافيًا يقتحمُ معه المرءُ ما شاء، ولا يفعلُ بعده ما يريد، ولا منَعه أن يشترطَ له وصف التّقوى ليترتَّب عليه الأجر العظيم، ولا ان ينظرَ في العملِ أيُّه أتمُّ إحسانًا، وأبلغُ إتقانًا. فأعطى ذلك ــ على الوجهين في تقدير (للّذين أحسنوا منهم واتَّقوا) أهو ظاهرٌ في موضعِ المضمَر، والتّقدير: لهم أجرٌ عظيم، أم هو على ظاهرِه من التّبعيضِ والتّقييدِ ــ أمورًا، منها: أنّ دخائلَ النّفسِ لا بدَّ مِن مراقبتِها على كلِّ حالٍ، ولا بدَّ مِن التّجرُّد منها في كلِّ حينٍ، وأنّها قد تدقُّ مسالكُها، وتختلطُ بمعالي الأمورِ، فلا يستغني المرءُ عن تخليصِها، وتصفيتِها، ومحاسبةِ نفسِه، ودوام الاجتهاد والبذل، وأن لا أحدَ أكرمُ على الله أن يكونَ بمنجاةٍ مِن الخطاب بالأمر والنّهي، ولا أسلم مِن التّعرّض للفتنة والبلاء، وأنّ الكرمَ عند اللهِ إنّما هو في إحسان العمل، وتقوى المساخط، أمران لا ينفكُّ أحدُهما عن الآخر، وأنّ الاغترارَ باللهِ سبيلُ العاجزين، وطريقُ المستدرَجين الضّائعين.

كيف وقد قال الله لنبيِّه وهو أشرفُ بريّتِه: (إنّهم لن يغنوا عنك مِن الله شيئًا)، وأخبرنا اللهُ عن يعقوب عليه السّلام أنّه قال لبنيه: (وما أغني عنكم مِن الله مِن شيءٍ إن الحكمُ إلّا لله). وقال النّبيُّ ﷺ لقومِه حين أمر بإعلان الرّسالة: «يا معشرَ قريشٍ، اشتَرُوا أنفسَكم، لا أغني عنكم مِن اللهِ شيئًا، يا بني عبدِ منافٍ، لا أغني عنكم مِن اللهِ شيئًا، يا عباسُ بنَ عبدِ المطّلب، لا أغني عنك مِن اللهِ شيئًا، ويا صفيّةُ عمّةَ رسول الله، لا أغني عنك مِن الله شيئًا، ويا فاطمةُ بنتَ محمّدٍ، سليني ما شئتِ مِن مالي، لا أغني عنك ِمن الله شيئا».

هذا واللهِ التّوحيد الخالص، الّذي لا محاباةَ فيه، وهنالك تذوبُ الأوهام والتّعلّقات الفارغة الّتي غَشِيتنا أيُّها المسلمون، فماذا يقولُ العاجزون والمتهوِّكون، الّذين إحسانُهم في الاستشفاع، وتقواهم في الدَّعوى والأطماع!
قول الله سبحانه: (هنالك دعا زكريّاء ربَّه قال ربّ هب لي مِن لدنك ذرّيّةً طيّبةً إنّك سميعُ الدّعاء فنادتْه الملائكةُ وهو قائمٌ يصلّي في المحرابِ أنّ الله يبشّرك بيحيى مصدِّقًا بكلمةٍ من الله وسيّدًا وحصورًا ونبيًّا من الصّالحين) لا ينقطعُ العبدُ عن ربِّه طرفةَ عين، وليس له غيره يسرّه ويبلّغه مُناه ويدفع عنه السّوء ويحرسُه ويكلؤُه، ولا يتركُ العبدُ أن يسألَ ربَّه حوائجَه، وما فيه أنسُ نفسِه، وشفاءُ قلبِه، ولو طال به أمدُه، وانقطعتْ في العادةِ أسبابُه، فإنّ اللهَ سبحانه لا مانعَ لما أعطى. وخيرُ سبيلٍ إذا رأى العبدُ النّعمةَ عند أخيه أن يسألَ الله منها ما فيه منها بركةٌ وطيبة، وأن يتوسَّل إليه. فكذلك فعَل زكريّاء عليه وعلى نبيِّنا السّلام.

وقد أظهر اللهُ استجابتَه لزكريّا استجابةً مدهشةً أن رزَقه الولَد عند الكَبْرة، وهي عطاءٌ يطمِعُ كلَّ عبدٍ في فضلِ الله، فبُشّر بما سأل ربَّه، وأعطاه من الولدِ النّبيَّ السّيّد الكريم. واقترن بذكر البشرى ذكرُ ما احتفَّت به، وكان ذكرُ ذلك المحتفّ في هذا الموضع: أنفعَ شيءٍ للمؤتسين بنبيِّ الله زكريّاء، فقد جاءته البشرى وهو قائمٌ يصلّي في المحراب، فأعطى ذلك أنّ مَن أراد استجابةَ الدّعاء، وقضاء الحاجات، وتفريج الكربات، فليستعن عليها بملازمة محاريب العبوديّة، وليطُل قيامُه لله، وليتحرَّ الأماكن الّتي يخلُصُ فيها من الشّوائب، والمكدّرات، والّتي يصفو فيها قلبُه للمناجاة، فذلك مِن أقوى ما يجلبُ المسرّة، ويدفعُ المضرّة.

ونظير هذا قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لربيعة بن كعبٍ الأسلميّ، يومَ خدَمه فأتاه بوَضوئِه وحاجتِه، فعرَض عليه رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم أن يسألَه حاجةً، فسأله مرافقته في الجنّة، فاستثبت منه فثبَت على سؤالِه، فقال له النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «فأعنِّي على نفسِك بكثرةِ السُّجود» أخرجه مسلم (489).
2025/07/06 19:04:53
Back to Top
HTML Embed Code: