Telegram Group & Telegram Channel
بعد احتلال العراق وسقوط النظام عام ٢٠٠٣، دخلت البلاد مرحلة مظلمة من الفوضى والضياع. وقف بول بريمر، الحاكم المدني الأمريكي، على أنقاض دولة محطّمة، واتخذ قرارات مصيرية ستُغيّر وجه العراق لعقود قادمة. من بين أولى قراراته الجذرية كان حلّ جميع الأجهزة الأمنية التي شكّلت العمود الفقري لنظام صدام حسين، وعلى رأسها جهاز المخابرات، ذلك الجهاز الذي كان لسنوات طويلة السيف المسلول بيد السلطة، والعين التي لا تنام.
لم يتوقف الأمريكيون عند الهدم، بل شرعوا ببناء منظومة أمنية جديدة بالكامل، مصممة وفق مقاساتهم ورؤيتهم لمستقبل العراق. في صميم هذه المنظومة، وُلد جهاز مخابرات جديد، مهمته الأساسية كما وصفوها “مواجهة مطامع محور الشر في العراق”. لكن، وكما هو الحال في مثل هذه اللحظات المفصلية، كان لا بد من رجل يضع حجر الأساس لهذا الكيان الجديد. وقع اختيار الأمريكيين على العميد المتقاعد محمد عبد الله الشهواني، الرجل الذي رأوا فيه مزيجًا من الولاء والخبرة.
لم يكن اختيار الشهواني صدفة. فالرجل كان قد دخل مدرسة القوات الخاصة الأمريكية في الستينيات، حيث تعلّم فنون القتال والاستخبارات وفق المعايير الأمريكية. ومع مرور السنين، بنى شبكة علاقات قوية مع كبار الساسة الأمريكيين وضباط الـCIA. وعندما هرب الى أمريكا عام ١٩٩٠ بعد خلافاته مع نظام صدام، وجد منزله الجديد في فيرجينيا على مقربة من مقر وكالة الاستخبارات المركزية. هناك، أصبح أكثر من مجرد لاجئ سياسي، لاحقًا عمل كمستشار خلال حرب الخليج عام ١٩٩١، وتلقى راتباً مقابل خدماته الاستخباراتية، قبل أن يشارك لاحقًا في الانقلاب الفاشل ضد صدام عام ١٩٩٦.
بعد ٢٠٠٣، عندما اعتُمد اسمه رسميًا لرئاسة جهاز المخابرات الجديد، فتحت له الولايات المتحدة خزائنها لبناء الجهاز وفق رؤيتها. بدأ الشهواني بإعادة ضباط النظام السابق، محاولًا دمج خبراتهم في الجهاز الجديد، لكن سرعان ما ظهرت تصدعات خطيرة.
حيث اتُّهم الشهواني بالتركيز المفرط على “التجسس على الشيعة وتتبع التهديدات الإيرانية المزعومة”، متجاهلًا الخطر الداهم المتمثل في الجماعات الجهادية السنية التي كانت تشن هجماتها الدموية ضد الشيعة. هذا الانحياز أدخل الشهواني في صراع مباشر مع القوى الشيعية النافذة في السلطة، وزاد من حالة الانقسام الطائفي المتصاعدة في البلاد.
يتبع..



group-telegram.com/bmojjy1/1254
Create:
Last Update:

بعد احتلال العراق وسقوط النظام عام ٢٠٠٣، دخلت البلاد مرحلة مظلمة من الفوضى والضياع. وقف بول بريمر، الحاكم المدني الأمريكي، على أنقاض دولة محطّمة، واتخذ قرارات مصيرية ستُغيّر وجه العراق لعقود قادمة. من بين أولى قراراته الجذرية كان حلّ جميع الأجهزة الأمنية التي شكّلت العمود الفقري لنظام صدام حسين، وعلى رأسها جهاز المخابرات، ذلك الجهاز الذي كان لسنوات طويلة السيف المسلول بيد السلطة، والعين التي لا تنام.
لم يتوقف الأمريكيون عند الهدم، بل شرعوا ببناء منظومة أمنية جديدة بالكامل، مصممة وفق مقاساتهم ورؤيتهم لمستقبل العراق. في صميم هذه المنظومة، وُلد جهاز مخابرات جديد، مهمته الأساسية كما وصفوها “مواجهة مطامع محور الشر في العراق”. لكن، وكما هو الحال في مثل هذه اللحظات المفصلية، كان لا بد من رجل يضع حجر الأساس لهذا الكيان الجديد. وقع اختيار الأمريكيين على العميد المتقاعد محمد عبد الله الشهواني، الرجل الذي رأوا فيه مزيجًا من الولاء والخبرة.
لم يكن اختيار الشهواني صدفة. فالرجل كان قد دخل مدرسة القوات الخاصة الأمريكية في الستينيات، حيث تعلّم فنون القتال والاستخبارات وفق المعايير الأمريكية. ومع مرور السنين، بنى شبكة علاقات قوية مع كبار الساسة الأمريكيين وضباط الـCIA. وعندما هرب الى أمريكا عام ١٩٩٠ بعد خلافاته مع نظام صدام، وجد منزله الجديد في فيرجينيا على مقربة من مقر وكالة الاستخبارات المركزية. هناك، أصبح أكثر من مجرد لاجئ سياسي، لاحقًا عمل كمستشار خلال حرب الخليج عام ١٩٩١، وتلقى راتباً مقابل خدماته الاستخباراتية، قبل أن يشارك لاحقًا في الانقلاب الفاشل ضد صدام عام ١٩٩٦.
بعد ٢٠٠٣، عندما اعتُمد اسمه رسميًا لرئاسة جهاز المخابرات الجديد، فتحت له الولايات المتحدة خزائنها لبناء الجهاز وفق رؤيتها. بدأ الشهواني بإعادة ضباط النظام السابق، محاولًا دمج خبراتهم في الجهاز الجديد، لكن سرعان ما ظهرت تصدعات خطيرة.
حيث اتُّهم الشهواني بالتركيز المفرط على “التجسس على الشيعة وتتبع التهديدات الإيرانية المزعومة”، متجاهلًا الخطر الداهم المتمثل في الجماعات الجهادية السنية التي كانت تشن هجماتها الدموية ضد الشيعة. هذا الانحياز أدخل الشهواني في صراع مباشر مع القوى الشيعية النافذة في السلطة، وزاد من حالة الانقسام الطائفي المتصاعدة في البلاد.
يتبع..

BY صفي الدين




Share with your friend now:
group-telegram.com/bmojjy1/1254

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

The regulator said it has been undertaking several campaigns to educate the investors to be vigilant while taking investment decisions based on stock tips. The message was not authentic, with the real Zelenskiy soon denying the claim on his official Telegram channel, but the incident highlighted a major problem: disinformation quickly spreads unchecked on the encrypted app. This provided opportunity to their linked entities to offload their shares at higher prices and make significant profits at the cost of unsuspecting retail investors. In December 2021, Sebi officials had conducted a search and seizure operation at the premises of certain persons carrying out similar manipulative activities through Telegram channels. In this regard, Sebi collaborated with the Telecom Regulatory Authority of India (TRAI) to reduce the vulnerability of the securities market to manipulation through misuse of mass communication medium like bulk SMS.
from in


Telegram صفي الدين
FROM American