group-telegram.com/Deerayah/594
Last Update:
مضى ذلك الزمن الذي بُشّر فيه بفكرة حيادية التصورات وانفكاك الأفكار والأدوات عن بيئتها وظروف تمددها ومدى فاعليّتها، ويومًا بعد يوم تنزع الأدوات عنها غطاء الحياد وتُظهر الميل إلى قيمها، وما الإعلام بأدواته المتعددة المتكاثرة إلا واحداً من الفنون والعلوم المحمّلة والمسوِّقة لقيم أربابها.
قبل عقد ظهرت منصة "نتفليكس" بوجهها الجديد كعارض ومنتج، ومنصة للأفلام، رافق ظهورها منصات أخرى إلا أن نتفليكس اصطبغت موادها بنسق قيمي استلهم رؤاه من البيئة التي نشأ فيها كغيرها من المنصات، لكن اختلفت المنصة عن غيرها بحضور أكثر فجاجة وتطرّفاً من المنصات الأخرى، ويسهُل على كل متابع رصد حبات الخرز وفي ثنايا كل خرزة قيمة تمهّد الطريق لأختها، وأكثر ما صادمت به المجتمعات: الترويج وإسقاط الوحشة عن فكرة الشـ ـذوذ، بل الترهيب بمعارضتها مروراً بفكرة الإباحية وما تشعله من شهوات، إلى المناداة ودعم التنوع الجنسي الذي لا يقوم على ثنائية الذكر والأنثى وقد صرحوا بدعم 100 مليون دولار عام 2021م للترويج لهذه الفكرة، يودي ذلك غالباً إلى التبشير بالعدمية وتهافت القيم الإنسانية السامية والسخرية ممن يقيم لها وزناً مقابل شهوة القوة والنفوذ، وأحيانا دعوة الانحطاط إلى مرتبة الحيوانات، وكل تلك المنظومة من القيم لم تكن لتطرح إلا لاستبطانها وتماهيها مع الإلحاد، ومع كل الرؤى والتصورات يدرك الناظر إنها صيغت وتشبّعت بتلك المفاهيم، وكل ما يُعرض فيها إن لم يكن داعٍ لتك القيم أو مؤيداً لها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فلا يمكن أن يعارضها.
المقلق في ظاهرة نتفليكس أنها ليست محدودة ببلد معين أو في صالات مغلقة، وإنما هي حالة شعبية في العالم إذ يستطيع أي فرد في أي مكان الاشتراك فيها بأيسر الطرق، وتنطوي تلك الحالة الشعبية على سهولة الانجراف بسيل الشهوات، وإن الفرد المتخم بالشهوات تضعف نفسه، وتسمح لها بتقبل ما يعرض فيها من قيم، بل إن مجرد الاستسلام للشهوات سمة ضعف وهشاشة، فإن ضعف القصد يُورث ضعف الهمة والإرادة؛ وإن الغارقين في الشهوات أضعف من أن تقوم بهم مشاريع أو تُبنى بهم مجتمعات.
https://www.group-telegram.com/jp/Deerayah.com
BY دراية للعلوم الإنسانية
Share with your friend now:
group-telegram.com/Deerayah/594