Telegram Group & Telegram Channel
تعذيب الكفار في الآخرة ثابتٌ في كل المِلل والنِحل، لا تختصّ به مِلة دون أخرى، وإن اختلفتْ ماهيّته بين الملل تَبعا لاختلاف تصوراتها الدينية.

بل صرًّح العلامة المفتي خاتمة المحققين في الديار المصرية الشيخ محمد بخيت المطيعي- رحمه الله- : أن نفيَ العذاب مطلقا عن كل أحد لم يقل به أحدٌ ممن يؤمن بالله واليوم الآخر، حتى إن المجوس يقولون به، مع أنهم بلغوا في الهذيان أقصاه.

ثم لو كان مجرد الجواز العقلي يقدح في القطعيات السمعية الثابتة بالنصوص الصريحة فلماذا خصَّ هؤلاء المُجوِّزون لعدم وقوع العذاب هذا القدحَ بإدخال الكافرين النار ! فهل يستطيعون القول بأن هذا الجواز نفسه - بناءً على كلامهم - يشمل أيضا جواز إدخال المؤمنين النار، بل احتمالية دخول الأنبياء عليهم السلام النار وتخليدهم فيها، مع استواء الطرفين في التجويز العقلي!

فإن كان منشأ هذا القول بأن رحمته تقتضي عدم تمحُّض الضرر للعبد، فهذا أيضا لا ينفعهم؛ لأن تصوُّر الرحمة بناءً على هذا تقتضي عدم خَلقهم كُفارا وإماتتهم على الكفر من أول الأمر، ولا شك أن هذا تطفُّل على الحكمة الإلهية وتحكُّمٌ على الأقدار.

والزعم بأن آيات العذاب دعائية أو أنها تدل على الاستحقاق لا الوقوع يؤدي إلى العبث بنصوص الوحي وعدم الثقة بشيء منها رأسا، ومثاله في الشاهد أن المَلِك الذي تتقاصر همته عن تطبيق القانون الذي وضعه كان ذلك القانون عبثا، ثم مؤدى هذا أن يكون هذا الكلام القاضي بتعذيب الكافر في النار مجازا، ولا قرينةَ هنا تصرف الكلام عن الظاهر.

وفي الأمثلة الأرضية لابد للملك العادل من صفة القهر، وصفة الرحمة، تتحقق كل منهما عند توفُّر مقتضاها ووجود محلها، فما بالك بأحكم الحاكمين، سبحانه وتعالى !.

وكل هذا مأتاه من عدم توازن الخطاب الديني الذي يجنح دائما في هذه الأعصار إما إلى إفراط وإما إلى تفريط، قال بعض العارفين : مَنْ عَبَدَ اللهَ بِالْحُبِّ وَحْدَهُ فَهُوَ زِنْدِيقٌ ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْخَوْفِ وَحْدَهُ فَهُوَ حروري* ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ فَهُوَ مُرْجِئٌ ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْحُبِّ وَالرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُوَحِّدٌ.

* الحرورية طائفة من الخوارج.



group-telegram.com/alnatheerr/11232
Create:
Last Update:

تعذيب الكفار في الآخرة ثابتٌ في كل المِلل والنِحل، لا تختصّ به مِلة دون أخرى، وإن اختلفتْ ماهيّته بين الملل تَبعا لاختلاف تصوراتها الدينية.

بل صرًّح العلامة المفتي خاتمة المحققين في الديار المصرية الشيخ محمد بخيت المطيعي- رحمه الله- : أن نفيَ العذاب مطلقا عن كل أحد لم يقل به أحدٌ ممن يؤمن بالله واليوم الآخر، حتى إن المجوس يقولون به، مع أنهم بلغوا في الهذيان أقصاه.

ثم لو كان مجرد الجواز العقلي يقدح في القطعيات السمعية الثابتة بالنصوص الصريحة فلماذا خصَّ هؤلاء المُجوِّزون لعدم وقوع العذاب هذا القدحَ بإدخال الكافرين النار ! فهل يستطيعون القول بأن هذا الجواز نفسه - بناءً على كلامهم - يشمل أيضا جواز إدخال المؤمنين النار، بل احتمالية دخول الأنبياء عليهم السلام النار وتخليدهم فيها، مع استواء الطرفين في التجويز العقلي!

فإن كان منشأ هذا القول بأن رحمته تقتضي عدم تمحُّض الضرر للعبد، فهذا أيضا لا ينفعهم؛ لأن تصوُّر الرحمة بناءً على هذا تقتضي عدم خَلقهم كُفارا وإماتتهم على الكفر من أول الأمر، ولا شك أن هذا تطفُّل على الحكمة الإلهية وتحكُّمٌ على الأقدار.

والزعم بأن آيات العذاب دعائية أو أنها تدل على الاستحقاق لا الوقوع يؤدي إلى العبث بنصوص الوحي وعدم الثقة بشيء منها رأسا، ومثاله في الشاهد أن المَلِك الذي تتقاصر همته عن تطبيق القانون الذي وضعه كان ذلك القانون عبثا، ثم مؤدى هذا أن يكون هذا الكلام القاضي بتعذيب الكافر في النار مجازا، ولا قرينةَ هنا تصرف الكلام عن الظاهر.

وفي الأمثلة الأرضية لابد للملك العادل من صفة القهر، وصفة الرحمة، تتحقق كل منهما عند توفُّر مقتضاها ووجود محلها، فما بالك بأحكم الحاكمين، سبحانه وتعالى !.

وكل هذا مأتاه من عدم توازن الخطاب الديني الذي يجنح دائما في هذه الأعصار إما إلى إفراط وإما إلى تفريط، قال بعض العارفين : مَنْ عَبَدَ اللهَ بِالْحُبِّ وَحْدَهُ فَهُوَ زِنْدِيقٌ ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْخَوْفِ وَحْدَهُ فَهُوَ حروري* ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ فَهُوَ مُرْجِئٌ ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْحُبِّ وَالرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُوَحِّدٌ.

* الحرورية طائفة من الخوارج.

BY الدُّرّ النَّثِير


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/alnatheerr/11232

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

The S&P 500 fell 1.3% to 4,204.36, and the Dow Jones Industrial Average was down 0.7% to 32,943.33. The Dow posted a fifth straight weekly loss — its longest losing streak since 2019. The Nasdaq Composite tumbled 2.2% to 12,843.81. Though all three indexes opened in the green, stocks took a turn after a new report showed U.S. consumer sentiment deteriorated more than expected in early March as consumers' inflation expectations soared to the highest since 1981. Either way, Durov says that he withdrew his resignation but that he was ousted from his company anyway. Subsequently, control of the company was reportedly handed to oligarchs Alisher Usmanov and Igor Sechin, both allegedly close associates of Russian leader Vladimir Putin. Telegram has become more interventionist over time, and has steadily increased its efforts to shut down these accounts. But this has also meant that the company has also engaged with lawmakers more generally, although it maintains that it doesn’t do so willingly. For instance, in September 2021, Telegram reportedly blocked a chat bot in support of (Putin critic) Alexei Navalny during Russia’s most recent parliamentary elections. Pavel Durov was quoted at the time saying that the company was obliged to follow a “legitimate” law of the land. He added that as Apple and Google both follow the law, to violate it would give both platforms a reason to boot the messenger from its stores. Also in the latest update is the ability for users to create a unique @username from the Settings page, providing others with an easy way to contact them via Search or their t.me/username link without sharing their phone number. In December 2021, Sebi officials had conducted a search and seizure operation at the premises of certain persons carrying out similar manipulative activities through Telegram channels.
from kr


Telegram الدُّرّ النَّثِير
FROM American