Telegram Group Search
قراءة الآيات أو السور التي تعالج أزماتٍ مماثلةً تعانيها =من أعظم ما يعين على الثبات، ويغرس العلم والمعاني القرآنية في القلب، ففرقٌ بين من يقرأ القرآن ومن يصحبه ويعيش معه..

وهذا من حكمة نزول القرآن مفرقًا منجمًا في ثلاث وعشرين سنة؛ كما قال تعالى: (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك..)، (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا).

وهو أيضًا من وجوه فضل علم الصحابة رضي الله عنهم على من بعدهم، كما أنهم شهدوا من قرائن الأحوال ما لم يشهده من بعدهم.

ثم إن القلب يذهل عن الحقائق وقت الشدة، فإذا فزع إلى الوحي عَلِم ..

ولذلك لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وتلا أبوبكر رضي الله عنه: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل..) تنبهوا، قال ابن عباس رضي الله عنه: "فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر".

فالأحداث الجسام تزلزل القلب، فيذهل عما كان يعرف، فمن يفزع إلى الوحي يثبته الله ويبصره بالحق، فيرى غير ما يراه الناس.
لماذا نحافظ على الورد القرآني؟

- لأنه يذكِّرك بحقيقة الدنيا كل يوم، فلا تجزع لمصيبة، ولا تحزن على فائت، ولا تبطر لنعمة، فكل ذلك زائل.

- ويثبّت المفاهيم الشرعية في نفسك، فترى الكون والحياة بعين المؤمن.

- ويدفع عن نفسك سيلًا من المعاني المغلوطة التي تحاول التسلل إليك كل ساعة.

- وتبتعد قليلا عن ضجيج الحياة، لتملأ روحك بالوحي، فتنزل عليك الرحمة، وتغشاك السكينة.

- ويجمع الله به ما تفرّق من همك في أمور دينية (عبادة أو علم) أو دنيوية؛ فذكر الله يجمع شتات القلوب.

والمقصود بالورد هنا: مقدارٌ من كتاب الله قليلًا كان أو كثيرًا تقرأه بتفهُّم وتحرِّك به قلبك.
شجاعة العربية وشجاعة حراسها

رأيت مقالًا للدكتور عبد الله الغذامي عنوانه: (شجاعة اللغة العربية وجبن حراسها) ذكر فيه أن شجاعة العربية هو في "مهارتها في تصريف الكلام وتحويله بين أساليب تعبيرية لا تقف عند حد"، وقال: "وهذا هو سر العربية، ومتى سلبنا عنها سرها فستفقد شجاعتها"، وذكر أن ما سلبها شجاعتها هم حراس اللغة ممن سماهم: أنصاف النحويين، وأنصاف اللغويين، الذين ابتكروا قاعدة: (قل ولا تقل).. وبذلك تحبس اللغة في "ثلاجات الموتى". إلخ.

ولي مع ما ذكره الدكتور وقفات:

١- اللغة العربية -بل اللغات الإنسانية عمومًا- نظامٌ، فإذا قبلتَ كل تغيير وصححت كل مخالفةٍ انتقضت عرى اللغة وفقدت اللغة أهم مقوِّماتها، وحينئذٍ فستموت اللغةُ وقد أردتَ حياتَها !

٢- مارس الدكتور في مقاله مغالطة (رجل القش)، وفكرته تقديم حججٍ واهيةٍ للخصم ليسهل تفنيدها، كحال من اصطنع رجلاً مِن قَشٍّ ثم قارعه بسيفه! وهكذا فعل الدكتور فإنه أتى بحجةٍ واهيةٍ، بل لم يذكرها عالمٌ معتبر، ثم بنى عليها مقاله، وهي قوله: (فيشترطوا لصحة أي تعبير أن يكون قد قيل قبلنا بلسان شخص ما، وشرطه وتأهيله الوحيد أن يكون قد مات قبلنا بقرون)، فهذا لا قائل به، ولم يشترط أحدٌ هذا الشرط، وما زال الكتّاب والشعراء مذ كانوا يكتبون ويبدعون من غير أن يُحجِّر عليهم أحد. هذا المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس وقد جاء بعد عصور الاحتجاج، ولم يشترط أحدٌ أن يكون قد قلَّد من سبق في كل ما قال، وإنما اشترطوا أن لا يخالف اللغة، وفرق بين الأمرين.

٣- من الطريف أن عنوان المقال يرد عليه؛ فإن هذا الوصف (شجاعة العربية) نقله الدكتور عن ابن جني، وقد أراد به ابن جني ظواهرَ ثابتةً في اللغة كالحذف والتقديم والتأخير.. وسماها شجاعةً لما فيها من العدول عن الأصل، كحال الشجاع في حومة الوغى من الكر والفر والإقدام والإحجام.. ويريد بها أيضًا الضرورات التي يرتكبها الشاعر، فمثله في ذلك "مثل وارد الحرب الضروس حاسرًا بلا احتشام، فهو وإن كان ملومًا في عنفه وتهالكه، فإنه مشهودٌ له بشجاعته وقوة مُنَّتِه..".

٤- خلط الدكتور بين الفصاحة عند النحاة واللغويين، والفصاحة عند البلاغيين، كما سوّى بين الغلط في المفردات والغلط في التراكيب، فجاء المقال مضطربًا.

٥- يقع الخلاف بين العلماء في صحةِ لفظةٍ أو صيغةٍ أو تركيبٍ، وربما وقع نزاعٌ في أكبر من ذلك كالتوسع في استعمال المجاز عند المصوِّبين.. أما رد هذا الباب كله فرأيٌ فائل لم يقل به أحد.

٦- ألّف في لحن العامة الكسائي وابن قتيبة وابن السِّيْد البَطَلْيَوْسي وغيرهم، وليس هؤلاء بأنصاف نحاةٍ ولغويين ولا بنحاةٍ تعساء كما قال الدكتور، وبئس ما قال.

الحديث ذو شجون.. وأكتفي بهذا.
أحبابي: تقبل الله منا ومنكم، وأعاد العيد علينا وعليكم بالخيرات والمسرات 🌷
ضمن فعاليات نادي التراث التيمي نستضيف: د. ياسر بن حامد المطيري، للحديث عن كتاب فريد ومركزي من كتب شيخ الإسلام📝

نلقاكم بمشيئة الله يوم الاثنين ٢٧ شوال في لقاء:
نظرات في نقد ابن تيمية لبعض مناهج التفقه
قراءة في فصول من كتاب الاستقامة. 📖💡

🔗للانضمام:https://www.group-telegram.com/ibntaymiiya
على طريقة العلوم الطبيعية: رصد الظاهرة ثم تعليلها..
يمكن تطبيق ذلك في العلوم النظرية.. بل في تدبر القرآن على وجه الخصوص.
رصد الظاهرة وحدها من لذة العلم التي تُطرِب وتُمتِع وتفتح أبوابًا من المعرفة.
سألني صديق عن مقطع فيه تخطئة الإحالة بلفظة: (ينظر) في حواشي الرسائل العلمية، وأن الصواب: (انظر)، فهل هذا صحيح؟

وأقول: الترجيح هنا ليس بين الصواب والخطأ، بل بين الحسن والأحسن، فكلاهما صحيح، ولكن الأحسن والأبلغ الإحالة بصيغة الخبر: (ينظر) سواء كان بالبناء للمعلوم أو للمجهول، وغرضه التأدب مع المخاطبين (القراء)؛ فلا يواجهون بالأمر، وإنما يُتلَطّف في خطابهم بالخبر، وذلك كما تقول لمن تدعوه لزيارتك: تتفضل معنا، أو تزورنا، دون تفضل أو زرنا.

وقد نص على ذلك البلاغيون؛ قال القزويني في الإيضاح: "وقد يقع الخبر موضع الإنشاء لأمور منها: الاحتراز عن صورة الأمر، كقول العبد للمولى إذا حوّل عنه وجهه: يَنظُرُ المولى إليّ ساعة".
قال البهاء السبكي في عروس الأفراح: "فقوله: (ينظر المولى) أكثر تأدبًا من قوله: (انظر)، وإن كان الأمر يشترط فيه الاستعلاءُ ولا استعلاءَ هنا إلا أنه لما كان صيغة أمر اجتُنب".

فالأصل في صيغة (افعل) عند العلماء من الأصوليين والبلاغيين: طلب الإلزام بالفعل، فلذلك استُحسن العدول عنها في هذا المقام.
ومراعاة هذه الاعتبارات يذهل عنها غير البليغ كما يقول السّعد.

- فإن قيل: لكنْ ورد في القرآن: (ربنا اغفر لنا..) بصيغة الأمر.
فيقال: هذا معناه الدعاء، لأن السامع يعلم أن العبد لا يأمر ربه وإنما يدعوه، وهذه هي القرينة التي صرفت صيغة (افعل) إلى هذا المعنى. وقوله: (ربنا) قرينة لفظية.

- فإن قيل: (ينظر) خبر، وإذا لم ينظر فهو كذب؛ لمخالفته الواقع.
فيقال: يلزمك أن تقول مثل ذلك في قوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن..)، وعلى كلٍّ فالجواب ظاهر، وهو أن هذا ليس خبرًا محضًا وإنما هو خبرٌ في لفظه فقط ومعناه إنشاء، وقد نص عليه النحاة ابتداء بسيبويه رحمه الله.

هذا، ومن توفيق الله لطالب العلم أن يتمهل ولا يسارع إلى التخطئة قبل التثبت. والله أعلم

وكتب
ياسر بن حامد المطيري
٢٣ شوال ١٤٤٥
🖋️يكتب لكم د. ياسر المطيري تقريراً عن كتاب الاستقامة لشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله ويقول في مطلع تقريره:
" وسبب كتابتها أن من قرأ الكتاب يلحظ عدم تناسب بعض فصوله لبعض، فهل أُقحِمت فيه فصولٌ كثيرةٌ ليست منه؟ هذا ما أريد الحديث عنه."📖

💻 لقراءة المقال:
https://taymiya.com/2024/04/28/tam/
"واعلم أن معرفة الفصيح والأفصح والرشيق والأرشق والحلو والأحلى والعالي والأعلى من الكلام أمرٌ لا يدرك إلا بالذوق، ولا يمكن إقامة الدلالة المنطقية عليه، وهو بمنزلة جاريتين إحداهما بيضاء مشربة بحمرة، دقيقة الشفتين نقية الثغر كحلاء العينين أسيلة الخد دقيقة الأنف معتدلة القامة، والأخرى دونها في هذه الصفات والمحاسن لكنها أحلى في العيون والقلوب منها وأليق وأصلح، ولا يُدرى لأي سبب كان ذلك ولكنه بالذوق والمشاهدة يعرف ولا يمكن تعليله، وهكذا الكلام، نعم يبقى الفرق بين الموضعين أن حسن الوجوه وملاحتها وتفضيل بعضها على بعض يدركه كل من له عين صحيحة، وأما الكلام فلا يعرفه إلا أهل الذوق، وليس كل من اشتغل بالنحو واللغة أو بالفقه كان من أهل الذوق وممن يصلح لانتقاد الكلام، وإنما أهل الذوق هم الذين اشتغلوا بعلم البيان وراضوا أنفسهم بالرسائل والخطب والكتابة والشعر، وصارت لهم بذلك دربة وملكة تامة، فإلى أولئك ينبغي أن ترجع في معرفة الكلام وفضل بعضه على بعض، إن كنت عادما لذلك من نفسك".

ابن أبي الحديد
الوُصْلة بالنصوص المؤسِّسة ضربٌ عالٍ من التجديد غفل عنه الناس.

د. محمد الطبراني
‏(وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه..):
قال ابن عاشور:
"إن الله يقيِّض لعباده الصالحين حماةً عند الشدائد".
كتابٌ قيِّمٌ في أهم مقاصد الشريعة وهو (حفظ الدين)، جاء في ٥٢٠ صفحة دون الفهارس، وهو قسمان:

الأول: دراسة نظرية تأصيلية لمقصد حفظ الدين، ويمثّل نصف الكتاب، وهو يصلح كتابا قائما برأسه.

الثاني: دراسة تطبيقية استعرض فيها المؤلف المسائل الأصولية والقواعد الفقهية والمسائل الفقهية المتعلقة بهذا المقصد.

ولمن لا يتمكن من قراءة الكتاب كاملا فمن الجيد أن يقرأ قسمه الأول، ولو استله المؤلف وطبعه استقلالا لكان حسنًا.

ومن جميل ما بحثه في القسم التأصيلي: (مرتبة الدين بين الضروريات) وما الذي يقدم عند التعارض، وفي الجانب التطبيقي ذكر أمثلة كثيرة على ذلك.
وذكر جملةً كبيرة من الأدلة من الكتاب والسنة تدل على تعظيم مقصد حفظ الدين، ونقل كلام المفسرين وشراح السنة في ذلك.

وقد قرأ لأجل بحثه الموافقات للشاطبي قراءة متأنية، والغياثي للجويني، وتحصين المآخذ للغزالي، وشفاء الغليل له، هذا سوى المراجع الكثيرة المذكورة في حواشي البحث.

جزى الله الدكتور عبد المجيد خيرا، ونفع بعلمه، وزاده من فضله وتوفيقه.
2024/11/15 02:12:35
Back to Top
HTML Embed Code: