group-telegram.com/mohdromih_drs/1124
Last Update:
.
البلاء والفتنة
-الحكمة والرحمة-
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
إن من مقتضى حكمة الله سبحانه أن يجعل الفتنة والابتلاء والاختبار، ليميز الخبيث من الطيب، وليظهر صاحب الطاعة والثبات وإيثار الدار لآخرة من المفرط المعرض العاصي الذي يتبع هواه.
ولذا قال سبحانه: ﴿هُوَ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ مِنۡهُ ءَایَـٰتࣱ مُّحۡكَمَـٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَـٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَـٰبِهَـٰتࣱۖ فَأَمَّا ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمۡ زَیۡغࣱ فَیَتَّبِعُونَ مَا تَشَـٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَاۤءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَاۤءَ تَأۡوِیلِهِۦۖ وَمَا یَعۡلَمُ تَأۡوِیلَهُۥۤ إِلَّا ٱللَّهُۗ﴾.
فمن حكمته ﷻ أن ركّب الحياة على البلاء والامتحان، فجعل الفتنة والاختبار في الأرض حتى في آياته الشرعية!
ولكن من مقتضى رحمته بعباده أن جعل تنفيسًا، ولم يجعل الفتنة في أكثر الآيات، بل جعل الأكثر هي المحكمات الواضحات البينات المفصلات.
ولذا لم يجعل الآيات المتشابهات هي الأصل والأكثر.
والافتتان بالقرآن واقع لمن لم يأخذه بالقبول والانقياد، وهذا أمر قررته الآيات، كما في قوله تعالى:
﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ مَا هُوَ شِفَاۤءࣱ وَرَحۡمَةࣱ لِّلۡمُؤۡمِنِینَ وَلَا یَزِیدُ ٱلظَّـٰلِمِینَ إِلَّا خَسَارࣰا﴾
وقوله:
﴿وَإِذَا مَاۤ أُنزِلَتۡ سُورَةࣱ فَمِنۡهُم مَّن یَقُولُ أَیُّكُمۡ زَادَتۡهُ هَـٰذِهِۦۤ إِیمَـٰنࣰاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ فَزَادَتۡهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَهُمۡ یَسۡتَبۡشِرُونَ﴾.
وتأمّل أن الله سبحانه جعل من الفتنة شجرة الزقوم، قال سبحانه: ﴿وَمَا جَعَلۡنَا ٱلرُّءۡیَا ٱلَّتِیۤ أَرَیۡنَـٰكَ إِلَّا فِتۡنَةࣰ لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلۡمَلۡعُونَةَ فِی ٱلۡقُرۡءَانِۚ﴾!
فعن اﻟﺤﺴﻦ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺟﻬﻞ ﻭﻛﻔﺎﺭ ﺃﻫﻞ ﻣﻜﺔ: ﺃﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻛﺬﺏ اﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻛﺒﺸﺔ ﺃﻧﻪ ﻳﻮﻋﺪﻛﻢ ﺑﻨﺎﺭ ﺗﺤﺘﺮﻕ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺤﺠﺎﺭﺓ، ﻭﻳﺰﻋﻢ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﺒﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺠﺮﺓ؟
وفي ذلك قال سبحانه: ﴿أَذَ ٰلِكَ خَیۡرࣱ نُّزُلًا أَمۡ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلۡنَـٰهَا فِتۡنَةࣰ لِّلظَّـٰلِمِینَ﴾
وأعظم من ذلك أن تكون الفتنة بالصوت الشيطاني، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولࣲ وَلَا نَبِیٍّ إِلَّاۤ إِذَا تَمَنَّىٰۤ أَلۡقَى ٱلشَّیۡطَـٰنُ فِیۤ أُمۡنِیَّتِهِ﴾.
أي التلاوة النبوية، فيلقي الشيطان بصوته فيها ما يكون سببًا للضلال لمن في قلبه مرض.
فهذا من مقتضى حكمته.
ولكن من مقتضى رحمته أن يذهب ﻣﺎ ﻳﻠﻘﻲ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻧﺒﻴﻪ ﻭﻳﺒﻄﻠﻪ، وﻳﺨﻠﺺ ﺁﻳﺎﺕ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻃﻞ اﻟﺬﻱ ﺃﻟﻘﻰ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ولذا قال سبحانه:
﴿فَیَنسَخُ ٱللَّهُ مَا یُلۡقِی ٱلشَّیۡطَـٰنُ ثُمَّ یُحۡكِمُ ٱللَّهُ ءَایَـٰتِهِ﴾.
ولا يؤثر ذلك ولا يزلزل إلا من كان في قلبه مرض، ولذا قال سبحانه: ﴿لِّیَجۡعَلَ مَا یُلۡقِی ٱلشَّیۡطَـٰنُ فِتۡنَةࣰ لِّلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ وَٱلۡقَاسِیَةِ قُلُوبُهُمۡ﴾.
فتدبر هذا، فإنك إذا تدبرته وأعطيته حقه لم تستشكل ما يستشكله بعض أهل العلم من معنى الآية.
ومما يدل على أن الله ينزل الفتنة ويضعها اختبارًا للخلق، ما جاء في قوله تعالى: ﴿وَمَاۤ أُنزِلَ عَلَى ٱلۡمَلَكَیۡنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَۚ وَمَا یُعَلِّمَانِ مِنۡ أَحَدٍ حَتَّىٰ یَقُولَاۤ إِنَّمَا نَحۡنُ فِتۡنَةࣱ فَلَا تَكۡفُرۡ﴾.
فأنزل الملكين يعلمان السحر!
وهذا من مقتضى اسمه الحكيم!
ولكنه جعل في الفتنة هذه ما يبينها، وهذا من مقتضى اسمه الرحيم، ولهذا يحذران الناس ويقولان لمن أراد تعلم السحر: ﴿إِنَّمَا نَحۡنُ فِتۡنَةࣱ فَلَا تَكۡفُرۡ﴾!
وهذا من التنفيس!
=
BY قناة: محمد آل رميح.
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/mohdromih_drs/1124