Notice: file_put_contents(): Write of 6383 bytes failed with errno=28 No space left on device in /var/www/group-telegram/post.php on line 50

Warning: file_put_contents(): Only 8192 of 14575 bytes written, possibly out of free disk space in /var/www/group-telegram/post.php on line 50
محمد باقر كجك | Telegram Webview: mbagherkojok/2623 -
Telegram Group & Telegram Channel
"ملكُ أشباحِ الجليل الأعلى "
بعد 35 عاماً، رسالةٌ من محمد
.
.
طوت قميصه الأزرق النيلي بعناية..كعادتها حينما تدخل غرفته.
ثلاث وردات جورية في كوب زجاجي من الماء.
رشتان من ماء الورد على السرير.
ثم تمتمت دعاء سريعا في وسط الغرفة، كأنه سحر، وأغلقت باب الخزانة الذي كان كل مرة يفتح بنفسه مصدرا صريرا بطيئا محزنا، كالذكريات التي تسقط من رفّ عتيق في الروح.
لفّت على رقبتها منديلها الوردي. ودارت حول نفسها تريد فتح الباب والخروج من الغرفة..
وفجأة، وقع نظرها على المرآة الضخمة التي ترتكز على مسند خشبي من السنديان المجدول.
رأت، وجهها.
لأول مرة منذ ٣٥ سنة.
لأول مرة ترى وجهها في هذه المرآة بالذات..
٣٥ سنة، من تحاشي النظر.. لعبتها القديمة، في إبقاء الحقيقة كما هي في المرآة، كي لا تخونها الذاكرة يوما ما.
.
قبل ٣٥ عاما.
وقفت ههنا، وجهها مدور، ممتلئ بروحِ وردة جورية..
وعلى خديها، كان أثر العشق واضحا، لا يزول، مهما جرى الماء عليه... الماءُ لا يمحو أسرار العشّاق.
وكانت، في صبيحة ذلك اليوم، تعدد الأمور التي تريد القيام بها.
ترتيب ثياب طفلها، الذي كانت حبلى به في الشهر الثامن. خصوصا تلك المجموعة اللطيفة جدا التي جاء بها محمد، من بطرسبرغ في رحلته الفائتة. ثياب أمير روسي مطرزة بحبيبات صغيرة من الرمان من خيط الصوف الأحمر.
وكانت تريد شراء ماء الورد من جارتها زينب.
وسلة كبيرة من التفاح.
كان محمد يحب التفاح الأحمر..يأكله كأنه صلة وصل بينه وبين الجنة.
وكانت اشترت فستانا زيتيا، به جيوب منفوخة مطرزة بدانتيل أبيض بخيط قطن خفيف جدا.. علقت الفستان على باب الغرفة ، وقالت في نفسها: هنا، ساجده في الوقت المناسب حينما أسمعه يغلق باب السيارة في الحارة.

على الطاولة الصغيرة، جلست تراجع رسالة محمد المطوية بعناية... التي أرسلها كجواب على رسالتها الأخيرة.
كانت بارعة في كتابة الرسائل، كما كان يخبرها جدها ورفاقها في المدرسة.. وكما كان محمد ينتظرها في بداية كل أسبوع في الجامعة.

خطها الأنيق. كلماتها المنتقاة بجنون. الأسطر المنحوتةُ بصبرِ النحّاتين. وملاحظاتها السريعة في هوامش الصفحة.. وصوتها المبثوث في كل مكانٍ.. كأنّك تقرأ رسائلها بصوتها، لا بصوتك: وهذه كانت معجزتها السريّة.
.
قالت الرسالة: إنك لن تأتي يا محمّد.

ستكون في بذلتك الزيتية. مثقوباً صدرك في 15 مكانٍ. تضع الملائكة أيديها على كتفيكَ، ويفوح منها رائحة قميصُ يوسف. وسيكون في يديك ترابٌ من الجنّة، وستقول لي كالعادة: أخذت هذا التراب من تحت خد شهيدٍ أول ما سقطَ على الأرض. وسيكون في جيب قميصك قملك الستيلو القديم، المذهّب، وأعلم أن خرطوشته ستكون شبه فارغة: لكثرةِ ما كتبتَ ومحوت من وصايا الشهداء.. وكتبت اسمي ألف مرةٍ على الأوراق والجرائد وأطراف ثيابك العسكرية وحقيبتك العسكرية وكعب بندقيتك.
.
قالت الرسالةُ: إنك كنت تعلمُ أنّك ستخرجُ من وراء الشريط الشائك على حدود بلدةِ مارون الراس وفلسطين، ومعك مجموعةٌ من الشباب العدّائين. تحملون أسلحتكم وعبواتكم وصواريخكم الموجّهة. ويقفز بينكم شبابٌ على الدراجات النارية العسكرية. وسيكون الدخان كثيفاً. وسينفتح أمامكم الصراط المستقيم الذي تشدد عليه سورة الفاتحة كالمغناطيس.

وسيكون على هذا الصراط المستقيم الواصل إلى أفيفيم وزرعيت، قلبك الذي كنت تشحنه في صلاة الليل، وعقلك الذي امتلأ بكلمات الإمام روح الله، وأنوارٌ ملكوتيةٌ كثيرةٌ جميلة الروح والوجه يقال إنها مخلوقات من عرقِ وجنتيكَ حينما كنتَ تقومُ بترتيب المنزل وأنا أعاني في فراش مرضي الأخير.. وفي الصراط المستقيم، إلى أفيفيم والمطلة ووزرعيت، ينتشرُ نسيمٌ باردٌ منعشٌ من ورق أشجارِ الجنّات التي أنبتتها دمعتان كنت أنت تتقنُ عصرهما من أعماق جيناتك: دمعةٌ في مجلس الحسين عليه السلام، ودمعةٌ كانت تنزل من عينيك كلّما رأيت ابن/ة شهيد.

وقالت الرسالة: إنّك في الهجوم على إصبع الجليل، احتلّت مجموعاتك 12 مستوطنةً. وكنتَ أنتَ، تتقدّم الشبابَ، لأنّكَ كنت تسمعُ صوتاً ملكوتياً جميلاً يشدّك إلى المزيد من التوغّل في بلاد البرتقال. وكان قميصك الأزرق النيلي يبدو من تحت ثيابك العسكرية. تلمعُ كأنّك سمكةٌ في نهرٍ صافٍ من الوجود.
وكان الرصاص يغسّل قدميك. وصواريخ الF16 تمرُّ أمام ظلالك.
ملكُ أشباحِ الجليل الأعلى أنت!
.
حينما انتهت تلك المعاركُ. افتقدك الشباب. كانوا ينتظرون منكَ، أن تقرأ قصيدة الزيتون التي أتقنت كتابتها، عبر الأجهزة اللاسلكية... تلك القصيدة التي ذيّلتها أنت بإهداءٍ: إلى سمير مطوط، الروح الحقيقية لأبناء جبل عامل.
افتقدوك.
قال أحدهم: رأيت صاروخاً باليستياً يائساً أتى من جهة البحر، وسقط حيث كان محمدٌ يجلسُ بعد انتهاء معركة الدخول إلى حيفا، يكتبُ رسالةً بقلم ستيلو قديم، على ورقة مطرّزة بالورد.



group-telegram.com/mbagherkojok/2623
Create:
Last Update:

"ملكُ أشباحِ الجليل الأعلى "
بعد 35 عاماً، رسالةٌ من محمد
.
.
طوت قميصه الأزرق النيلي بعناية..كعادتها حينما تدخل غرفته.
ثلاث وردات جورية في كوب زجاجي من الماء.
رشتان من ماء الورد على السرير.
ثم تمتمت دعاء سريعا في وسط الغرفة، كأنه سحر، وأغلقت باب الخزانة الذي كان كل مرة يفتح بنفسه مصدرا صريرا بطيئا محزنا، كالذكريات التي تسقط من رفّ عتيق في الروح.
لفّت على رقبتها منديلها الوردي. ودارت حول نفسها تريد فتح الباب والخروج من الغرفة..
وفجأة، وقع نظرها على المرآة الضخمة التي ترتكز على مسند خشبي من السنديان المجدول.
رأت، وجهها.
لأول مرة منذ ٣٥ سنة.
لأول مرة ترى وجهها في هذه المرآة بالذات..
٣٥ سنة، من تحاشي النظر.. لعبتها القديمة، في إبقاء الحقيقة كما هي في المرآة، كي لا تخونها الذاكرة يوما ما.
.
قبل ٣٥ عاما.
وقفت ههنا، وجهها مدور، ممتلئ بروحِ وردة جورية..
وعلى خديها، كان أثر العشق واضحا، لا يزول، مهما جرى الماء عليه... الماءُ لا يمحو أسرار العشّاق.
وكانت، في صبيحة ذلك اليوم، تعدد الأمور التي تريد القيام بها.
ترتيب ثياب طفلها، الذي كانت حبلى به في الشهر الثامن. خصوصا تلك المجموعة اللطيفة جدا التي جاء بها محمد، من بطرسبرغ في رحلته الفائتة. ثياب أمير روسي مطرزة بحبيبات صغيرة من الرمان من خيط الصوف الأحمر.
وكانت تريد شراء ماء الورد من جارتها زينب.
وسلة كبيرة من التفاح.
كان محمد يحب التفاح الأحمر..يأكله كأنه صلة وصل بينه وبين الجنة.
وكانت اشترت فستانا زيتيا، به جيوب منفوخة مطرزة بدانتيل أبيض بخيط قطن خفيف جدا.. علقت الفستان على باب الغرفة ، وقالت في نفسها: هنا، ساجده في الوقت المناسب حينما أسمعه يغلق باب السيارة في الحارة.

على الطاولة الصغيرة، جلست تراجع رسالة محمد المطوية بعناية... التي أرسلها كجواب على رسالتها الأخيرة.
كانت بارعة في كتابة الرسائل، كما كان يخبرها جدها ورفاقها في المدرسة.. وكما كان محمد ينتظرها في بداية كل أسبوع في الجامعة.

خطها الأنيق. كلماتها المنتقاة بجنون. الأسطر المنحوتةُ بصبرِ النحّاتين. وملاحظاتها السريعة في هوامش الصفحة.. وصوتها المبثوث في كل مكانٍ.. كأنّك تقرأ رسائلها بصوتها، لا بصوتك: وهذه كانت معجزتها السريّة.
.
قالت الرسالة: إنك لن تأتي يا محمّد.

ستكون في بذلتك الزيتية. مثقوباً صدرك في 15 مكانٍ. تضع الملائكة أيديها على كتفيكَ، ويفوح منها رائحة قميصُ يوسف. وسيكون في يديك ترابٌ من الجنّة، وستقول لي كالعادة: أخذت هذا التراب من تحت خد شهيدٍ أول ما سقطَ على الأرض. وسيكون في جيب قميصك قملك الستيلو القديم، المذهّب، وأعلم أن خرطوشته ستكون شبه فارغة: لكثرةِ ما كتبتَ ومحوت من وصايا الشهداء.. وكتبت اسمي ألف مرةٍ على الأوراق والجرائد وأطراف ثيابك العسكرية وحقيبتك العسكرية وكعب بندقيتك.
.
قالت الرسالةُ: إنك كنت تعلمُ أنّك ستخرجُ من وراء الشريط الشائك على حدود بلدةِ مارون الراس وفلسطين، ومعك مجموعةٌ من الشباب العدّائين. تحملون أسلحتكم وعبواتكم وصواريخكم الموجّهة. ويقفز بينكم شبابٌ على الدراجات النارية العسكرية. وسيكون الدخان كثيفاً. وسينفتح أمامكم الصراط المستقيم الذي تشدد عليه سورة الفاتحة كالمغناطيس.

وسيكون على هذا الصراط المستقيم الواصل إلى أفيفيم وزرعيت، قلبك الذي كنت تشحنه في صلاة الليل، وعقلك الذي امتلأ بكلمات الإمام روح الله، وأنوارٌ ملكوتيةٌ كثيرةٌ جميلة الروح والوجه يقال إنها مخلوقات من عرقِ وجنتيكَ حينما كنتَ تقومُ بترتيب المنزل وأنا أعاني في فراش مرضي الأخير.. وفي الصراط المستقيم، إلى أفيفيم والمطلة ووزرعيت، ينتشرُ نسيمٌ باردٌ منعشٌ من ورق أشجارِ الجنّات التي أنبتتها دمعتان كنت أنت تتقنُ عصرهما من أعماق جيناتك: دمعةٌ في مجلس الحسين عليه السلام، ودمعةٌ كانت تنزل من عينيك كلّما رأيت ابن/ة شهيد.

وقالت الرسالة: إنّك في الهجوم على إصبع الجليل، احتلّت مجموعاتك 12 مستوطنةً. وكنتَ أنتَ، تتقدّم الشبابَ، لأنّكَ كنت تسمعُ صوتاً ملكوتياً جميلاً يشدّك إلى المزيد من التوغّل في بلاد البرتقال. وكان قميصك الأزرق النيلي يبدو من تحت ثيابك العسكرية. تلمعُ كأنّك سمكةٌ في نهرٍ صافٍ من الوجود.
وكان الرصاص يغسّل قدميك. وصواريخ الF16 تمرُّ أمام ظلالك.
ملكُ أشباحِ الجليل الأعلى أنت!
.
حينما انتهت تلك المعاركُ. افتقدك الشباب. كانوا ينتظرون منكَ، أن تقرأ قصيدة الزيتون التي أتقنت كتابتها، عبر الأجهزة اللاسلكية... تلك القصيدة التي ذيّلتها أنت بإهداءٍ: إلى سمير مطوط، الروح الحقيقية لأبناء جبل عامل.
افتقدوك.
قال أحدهم: رأيت صاروخاً باليستياً يائساً أتى من جهة البحر، وسقط حيث كان محمدٌ يجلسُ بعد انتهاء معركة الدخول إلى حيفا، يكتبُ رسالةً بقلم ستيلو قديم، على ورقة مطرّزة بالورد.

BY محمد باقر كجك




Share with your friend now:
group-telegram.com/mbagherkojok/2623

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

"Someone posing as a Ukrainian citizen just joins the chat and starts spreading misinformation, or gathers data, like the location of shelters," Tsekhanovska said, noting how false messages have urged Ukrainians to turn off their phones at a specific time of night, citing cybersafety. Since its launch in 2013, Telegram has grown from a simple messaging app to a broadcast network. Its user base isn’t as vast as WhatsApp’s, and its broadcast platform is a fraction the size of Twitter, but it’s nonetheless showing its use. While Telegram has been embroiled in controversy for much of its life, it has become a vital source of communication during the invasion of Ukraine. But, if all of this is new to you, let us explain, dear friends, what on Earth a Telegram is meant to be, and why you should, or should not, need to care. At its heart, Telegram is little more than a messaging app like WhatsApp or Signal. But it also offers open channels that enable a single user, or a group of users, to communicate with large numbers in a method similar to a Twitter account. This has proven to be both a blessing and a curse for Telegram and its users, since these channels can be used for both good and ill. Right now, as Wired reports, the app is a key way for Ukrainians to receive updates from the government during the invasion. One thing that Telegram now offers to all users is the ability to “disappear” messages or set remote deletion deadlines. That enables users to have much more control over how long people can access what you’re sending them. Given that Russian law enforcement officials are reportedly (via Insider) stopping people in the street and demanding to read their text messages, this could be vital to protect individuals from reprisals. Again, in contrast to Facebook, Google and Twitter, Telegram's founder Pavel Durov runs his company in relative secrecy from Dubai.
from ms


Telegram محمد باقر كجك
FROM American