Telegram Group Search
﴿وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكم وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهم في الأرْضِ كَما اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهم دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهم ولَيُبَدِّلَنَّهم مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ومَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ﴾

قالَ أبُو العالِيَةِ: «مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ بَعْدَ ما أُوحِيَ إلَيْهِ خائِفًا هو وأصْحابُهُ، ثُمَّ أُمِرَ بِالهِجْرَةِ إلى المَدِينَةِ وكانُوا فِيها خائِفِينَ يُصْبِحُونَ ويُمْسُونَ في السِّلاحِ فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ أما يَأْتِي عَلَيْنا يَوْمٌ نَأْمَنُ فِيهِ ونَضَعُ السِّلاحَ ؟ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ: لا تَغْبُرُونَ - أيْ لا تَمْكُثُونَ إلّا قَلِيلًا - حَتّى يَجْلِسَ الرَّجُلُ مِنكم في المَلَأِ العَظِيمِ مُحْتَبِيًا لَيْسَ عَلَيْهِ حَدِيدَةٌ» . ونَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.

#التحرير_والتنوير
﴿لَّیۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ وَٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلنَّبِیِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِیلِ وَٱلسَّاۤىِٕلِینَ وَفِی ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَـٰهَدُوا۟ۖ وَٱلصَّـٰبِرِینَ فِی ٱلۡبَأۡسَاۤءِ وَٱلضَّرَّاۤءِ وَحِینَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ﴾

السُّؤالُ: لِمَ قُدِّمَ هَذا الإيمانُ عَلى أفْعالِ الجَوارِحِ، وهو إيتاءُ المالِ، والصَّلاةُ، والزَّكاةُ.

الجَوابُ: لِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّ أعْمالَ القُلُوبِ أشْرَفُ عِنْدَ اللَّهِ مِن أعْمالِ الجَوارِحِ.

#سؤال_وجوابه
﴿إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين﴾

ومن المفسرين من جعل الخطاب بهذه الآية للمسلمين، ونسب إلى أُبيّ بن كعب وعطاء، لكون خطاب المشركين بعد الهجرة قد صار نادراً، لأنهم أصبحوا بُعداء عن سماع القرآن، فتكون الجملة مستأنفة استينافاً بيانياً فإنهم لما ذُكروا باستجابة دعائهم بقوله: {إذ تستغيثون ربكم} [ الأنفال: 9 ] الآيات، وأمروا بالثبات للمشركين ، وذكروا بنصر الله تعالى إياهم يوم بدر بقوله : {فلم تقتلوهم} إلى قوله {مُوهن كيد الكافرين} [ الأنفال: 17، 18 ] كان ذلك كله يثير سؤالاً يختلج في نفوسهم أن يقولوا أيكون كذلك شأننا كلما جاهدنا أم هذه مزية لوقعة بدر، فكانت هذه الآية مفيدة جواب هذا التساؤل. فالمعنى: إن تستنصروا في المستقبل قوله فقد جاءكم الفتح، والتعبير بالفعل الماضي في جواب الشرط للتنبيه على تحقيق وقوعه، ويَكون قوله {فقد جاءكم الفتح} دليلاً على كلام محذوف، والتقدير: إن تستنصروا في المستقبل ننصركم فقد نصرناكم يوم بدر.

والاستفتاح على هذا التفسير كناية عن الخروج للجهاد، لأن ذلك يستلزم طلب النصر ومعنى { وإن تنتهوا فهو خير لكم } أي إن تمسكوا عن الجهاد حيث لا يتعين فهو أي الإمساك، خير لكم لتستجمعوا قوتكم وأعدادكم، فأنتم في حال الجهاد منتصرون، وفي حال السلم قائمون بأمر الدين وتدبير شؤونكم الصالحة، فيكون كقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تمنّوا لقاء العدو، وقيل المراد وإن تنتهوا عن التشاجر في أمر الغنيمة أو عن التفاخر بانتصاركم يوم بدر فهو خير لكم من وقوعه . وأما قوله : { وإن تعودوا نعد } على هذا التفسير فهو إن تعودوا إلى طلب النصر نعد فننصركم أي لا يُنقص ذلك من عطائنا كما قال زهير:

سألنا فأعطيتكم وعدنا فعُدْتُم
ومن أكثر التَسآل يوماً سيُحرم

يُعلّمهم الله صدق التوجه إليه ، ويكون موقع { ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً } زيادة تقرير لمضمون { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } وقوله : { وإن تعودوا نعد } أي لا تعتمدوا إلاّ على نصر الله.

فموقع قوله : { ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً } بمنزلة التعليل لتعليق مجيء الفتح على أن { تستفتحوا } المشعر بأن النصر غير مضمون الحصول إلاّ إذا استنصروا بالله تعالى وجملَه { ولو كثرت } في موضع الحال ، و { لو } اتصالية ، وصاحب الحال متصف بضد مضمونها ، أي : ولو كثرت فكيف وفئتكم قليلة ، وعلى هذا الوجه يكون في قوله : { وأن الله مع المؤمنين } إظهار في مقام الإضمار ، لأن مقتضى الظاهر أن يقال : وإن الله معكم ، فعدل إلى الاسم الظاهر للإيماء إلى أن سبب عناية الله بهم هو إيمانهم . فهذان تفسيران للآية والوجدان يكون كلاهما مراداً .

#التحرير_والتنوير
فَإنَّ المُؤْمِنِينَ هُمُ الفَرِيقُ الأعَزُّ. وعِزَّتُهم بِكَوْنِ الرَّسُولِ ﷺ فِيهِمْ وبِتَأْيِيدِ اللَّهِ رَسُولَهُ ﷺ وأوْلِياءَهُ لِأنَّ عِزَّةَ اللَّهِ هي العِزَّةُ الحَقُّ المُطْلَقَةُ، وعَزَّةُ غَيْرِهِ ناقِصَةٌ، فَلا جَرَمَ أنَّ أوْلِياءَ اللَّهِ هُمُ الَّذِينَ لا يُقْهَرُونَ إذا أرادَ اللَّهُ نَصْرَهم ووَعْدَهم بِهِ.

ابن عاشور.
اللهم صلّ وسلّم على نبيّنا محمد وآله.
«وجماعُ المعاملة في الدين مع المخالفين، يرجع إلى الدعوة للدين بالحكمة، والموعظة بالتي هي أحسن في قالب التسامح بقدر الإمكان تسامحاً لا يُجرِّؤهم على حرمة الإسلام وسلطانه».

الطاهر بن عاشور || أصول النظام الاجتماعي في الإسلام.
وفيما عدا ما هو معلوم من الدين بالضرورة من الاعتقادات؛ فالمسلم مخيّرٌ في اعتقاد ما شاء منه إلا أنه في مراتب الصواب والخطأ.
فللمسلم أن يكون سنيًّا سلفيًّا، أو أشعريا أو ماتريديًّا، وأن يكون معتزليًّا أو خارجيًّا أو زيديًّا أو إماميًّا. وقواعد العلوم وصحة المناظرة تُميّز ما في هذه النِّحل من مقادير الصواب والخطأ، أو الحق والباطل. ولا نكفر أحدا من أهل القبلة.

[الطاهر بن عاشور|| أصول النظام الاجتماعي في الإسلام ].
إن الفلسفة الإسلامية بمعناها الحقيقي الأخص إنما تعتبر مبتدئة بالغزالي، فإذا كان الغزالي يقال إنه فيلسوف الإسلام أو يلقب بحجة الإسلام فليس ذلك من باب التلقين التنويهي التشريفي وإنما هو عنوان علمي حقيقة. ونجدها حقيقة واضحةً ناصعة إذا نحن وقفنا على حقيقة الفلسفة الإسلامية وماهيتها وكيانها وموقع الإمام أبي حامد منها.

مجلة الثقافة لدار ابن خلدون العدد الأول صـ 57.
وقوله: ﴿لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر﴾ بدل مفصل من مجمل من قوله للبشر، وأعيد حرف الجر مع البدل للتأكيد كقوله تعالى: ﴿قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم﴾، وقوله: ﴿إن هو إلا ذكر للعالمين﴾ ﴿لمن شاء منكم أن يستقيم﴾، وقوله تعالى: ﴿تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا﴾.

والمعنى: إنها نذير لمن شاء أن يتقدم إلى الإيمان والخير لينتذر بها، ولمن شاء أن يتأخر عن الإيمان والخير فلا يرعوي بنذارتها لأن التقدم مشي إلى جهة الأمام فكأن المخاطب يمشي إلى جهة الداعي إلى الإيمان وهو كناية عن قبول ما يدعو إليه، وبعكسه التأخر، فحذف متعلق (يتقدم) و(يتأخر) لظهوره من السياق.

ويجوز أن يقدر: لمن شاء أن يتقدم إليها، أي إلى سقر بالإقدام على الأعمال التي تقدمه إليها، أو يتأخر عنها بتجنب ما من شأنه أن يقربه منها.
وتعليق نذيرا بفعل المشيئة إنذار لمن لا يتذكر بأن عدم تذكره ناشئ عن عدم مشيئته فتبعته عليه لتفريطه على نحو قول المثل "يداك أوكتا وفوك نفخ" وقد تقدم في سورة المزمل قوله (﴿إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا﴾.

#التحرير_والتنوير
من اتقى الله رجا وخافا !
Forwarded from ابن تيمية!
صلة أقارب الميت وأصدقائه بعد موته هو من تمام بره.

[قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة].
‏﴿وَلا تَحسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ

أَمواتًا بَل أَحياءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقونَ

فَرِحينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ

وَيَستَبشِرونَ بِالَّذينَ لَم يَلحَقوا بِهِم

مِن خَلفِهِم أَلّا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ﴾


وقوله بل أحياء للإضراب عن قوله ولا تحسبن الذين قتلوا فلذلك كان ما بعدها جملة غير مفرد، لأنها أضربت عن حكم الجملة ولم تضرب عن مفرد من الجملة، فالوجه في الجملة التي بعدها أن تكون اسمية من المبتدأ المحذوف والخبر الظاهر، فالتقدير: بل هم أحياء، ولذلك قرأه السبعة -بالرفع-، وقرئ -بالنصب- على أن الجملة فعلية، والمعنى: بل أحسبتم أحياء، وأنكرها أبو علي الفارسي.

وقد أثبت القرآن للمجاهدين موتا ظاهرا بقوله قتلوا، ونفى عنهم الموت الحقيقي بقوله بل أحياء عند ربهم يرزقون فعلمنا أنهم وإن كانوا أموات الأجسام فهم أحياء الأرواح، حياة زائدة على حقيقة بقاء الأرواح، غير مضمحلة، بل هي حياة بمعنى تحقق آثار الحياة لأرواحهم من حصول اللذات والمدركات السارة لأنفسهم، ومسرتهم بإخوانهم، ولذلك كان قوله عند ربهم دليلا على أن حياتهم خاصة بهم، ليست هي الحياة المتعارفة في هذا العالم، أعني حياة الأجسام وجريان الدم في العروق، ونبضات القلب، ولا هي حياة الأرواح الثابتة لأرواح جميع الناس، وكذلك الرزق يجب أن يكون ملائما لحياة الأرواح وهو رزق النعيم في الجنة.
فإن علقنا عند ربهم بقوله أحياء كما هو الظاهر، فالأمر ظاهر، وإن علقناه بقوله يرزقون فكذلك، لأن هذه الحياة لما كان الرزق الناشئ عنها كائنا عند الله، كانت حياة غير مادية ولا دنيوية، وحينئذ فتقديم الظرف للاهتمام بكينونة هذا الرزق. وقوله فرحين حال من ضمير يرزقون

#التحرير_والتنوير
﴿إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون﴾

﴿فابتغوا عند الله الرزق﴾

وتنكير رزقا في سياق النفي يدل على عموم نفي قدرة أصنامهم على كل رزق ولو قليلا. وتفريع الأمر بابتغاء الرزق من الله إبطال لظنهم الرزق من أصنامهم، أو تذكير بأن الرازق هو الله، فابتغاء الرزق منه يقتضي تخصيصه بالعبادة كما دل عليه عطف ﴿واعبدوه واشكروا له﴾ . وقد سلك إبراهيم مسلك الاستدلال بالنعم الحسية؛ لأن إثباتها أقرب إلى أذهان العموم.

#التحرير_والتنوير
وعلى الجملة: فهو من حيثُ دبَّر الأمورَ حَكَمٌ، ومن حيث أوجدها جوادٌ، ومن حيث رتبها مصوِّرٌ، ومن حيث وضع كل شيء في موضعه عدلٌ، ومن حيث لم يترك فيها دقائق وجوهِ الرّفق لطيفٌ، ولن يعرف حقيقةَ هذه الأسماء من لم يعرف حقيقة هذه الأفعال!

[المقصد الأسنى].
﴿وكذ ٰ⁠لك أخذ ربك إذا أخذ ٱلقرىٰ وهی ظـٰلمة إن أخذهۥ ألیم شدید﴾ [

الإشارة إلى المذكور من استئصال تلك القرى، وهو ما يدل عليه قوله: (﴿أخذ ربك﴾).

والتقدير: وكذلك الأخذ الذي أخذنا به تلك القرى أخذ ربك إذا أخذ القرى. والتشبيه في الكيفية والعاقبة.

والمقصود من هذا التذييل تعريض بتهديد مشركي العرب من أهل مكة وغيرها. والظلم: الشرك.
وجملة ﴿إن أخذه أليم شديد﴾ في موضع البيان لمضمون ﴿وكذلك أخذ ربك﴾. وفيه إشارة إلى وجه الشبه.

#التحرير_والتنوير
فائدة:

وأما حديث «أول ما خلق الله العقل» فليس له طريق يثبت، وقد أورده الحافظ السيوطي في الجامع الكبير وجه أول، ونسبه للحكيم الترمذي عن الحسن، قال: حدثني عدة من الصحابة، وللحكيم عن الأوزاعي معضلا، والطبراني عن أبي أُمامة، وقال الحافظ السخاوي: في المقاصد الحسنة: قال ابن تيمية معضلا وتبعه غيره، إنه كذب موضوع، وقال السيوطي: وقد وجدت له أصلا صالحاً، أخرجه عبد الله بن أحمد في الزوائد عن الحسن يرفعه. ثم قال: وهذا مرسل جيد الإسناد، وهو موصول في معجم الطبراني في الأوسط من حديث أبي أمامة وأبي هريرة بإسنادين ضعيفين.
((لشيوع أخبار الفواحش بين المؤمنين بالصدق أو بالكذب مفسدة أخلاقية ؛ فإن مما يزع الناس عن المفاسد = تهيبهم وقوعها وتجهمهم وكراهتهم سوء سمعتها وذلك مما يصرف تفكيرهم عن تذكرها بله الإقدام عليها رويدا رويدا حتى تنسى وتنمحي صورها من ‍النفوس، فإذا انتشر بين الأمة الحديث بوقوع شيء من الفواحش تذكرتها الخواطر وخف وقع خبرها على الأسماع فدب بذلك إلى ‍النفوس التهاون بوقوعها وخفة وقعها على الأسماع فلا تلبث ‍النفوس الخبيثة أن تقدم على اقترافها وبمقدار تكرر وقوعها وتكرر الحديث عنها تصير متداولة. هذا إلى ما في إشاعة الفاحشة من لحاق الأذى والضر بالناس ضرا متفاوت المقدار على تفاوت الأخبار في الصدق والكذب)). [الطاهر ابن عاشور]
Forwarded from سُقيا ومربع
فمن حقّ العالمِ بالتشريعِ أن يخبُرَ أفانينَ هذه المصالح في ذاتها، وفي عوارضها، وأن يسبر الحدود والغايات التي لاحظتها الشريعة في أمثالها وأحوالها، إثباتا ورفعا، واعتدادا ورفضا، لتكون له دستورًا يُقتدى، وإمامًا يحتذى، إذ ليس له مطمع -عند عروض كل النوازل النازلة، والنوائب العارضة- بأن يظفر لها بأصلٍ مماثلٍ في الشريعة المنصوصة، ليقيس عليها، بله* نصٍّ مقنعٍ يفيء إليه، فإذا عنّت للأمة حاجةٌ، وهرع الناسُ إليه يتطلّبون قولَه الفصلَ فينا يقدِمون عليه؛ وجدوه ذكيَّ القلبِ، صارم القول، غير كسلانٍ ولا متبلِّد.

-الإمام الطاهر ابن عاشور، مقاصد الشريعة الإسلامية.
Forwarded from أَستارُ النور‏┋صفـاء 𓂆 (صفاء الوادِيّة)
يقول ابن عاشور: إنّ إصابة قوم فرعون بغتةً مِن قِبَل مَن أمَّلوا منه النفع أشدُّ عِبرةً للمعتبر، وأوقعُ حسرة على المستبصر، وأدل على أنَّ انتقام الله يكون أعظم من انتقام العدو كما قال:﴿فَالتَقَطَهُ آلُ فِرعَونَ لِيَكونَ لَهُم عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ مع قوله:
﴿عسى أن يَنفعَنا أو نَتخذَه ولدا﴾.

#تدبر
﴿وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما﴾

والمشي الهون: هو الذي ليس فيه ضرب بالأقدام وخفق النعال فهو مخالف لمشي المتجبرين المعجبين بنفوسهم وقوتهم. وهذا الهون ناشئ عن التواضع لله تعالى والتخلق بآداب النفس العالية وزوال بطر أهل الجاهلية فكانت هذه المشية من خلال الذين آمنوا على الضد من مشي أهل الجاهلية. وعن عمر بن الخطاب أنه رأى غلاما يتبختر في مشيته فقال له: (إن البخترة مشية تكره إلا في سبيل الله) . وقد مدح الله تعالى أقواما بقوله سبحانه: (﴿وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا﴾) فاقصد من مشيتك، وحكى الله تعالى عن لقمان لابنه (﴿ولا تمش في الأرض مرحا﴾ [لقمان: ١٨]) .
والتخلق بهذا الخلق مظهر من مظاهر التخلق بالرحمة المناسب لعباد الرحمن؛ لأن الرحمة ضد الشدة فالهون يناسب ماهيتها وفيه سلامة من صدم المارين.

#التحرير_والتنوير
2024/11/14 09:12:53
Back to Top
HTML Embed Code: