Telegram Group & Telegram Channel
.
من فقه الآثار

في صحيح مسلم ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﻗﺎﻝ ﷺ: «ﻳﺨﺮﺝ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﻓﻴﺘﻮﺟﻪ ﻗﺒﻠﻪ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ المؤمنين، ﻓﺘﻠﻘﺎﻩ اﻟﻤﺴﺎﻟﺢ -ﻣﺴﺎﻟﺢ اﻟﺪﺟﺎﻝ- ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻪ:
ﺃﻳﻦ ﺗﻌﻤﺪ؟
ﻓﻴﻘﻮﻝ:
ﺃﻋﻤﺪ ﺇﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺬﻱ ﺧﺮﺝ!
ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻪ:
ﺃﻭ ﻣﺎ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺮﺑﻨﺎ؟
ﻓﻴﻘﻮﻝ:
ﻣﺎ ﺑﺮﺑﻨﺎ ﺧﻔﺎء!
ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ:
اﻗﺘﻠﻮﻩ!
ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ: ﺃﻟﻴﺲ ﻗﺪ ﻧﻬﺎﻛﻢ ﺭﺑﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﻘﺘﻠﻮا ﺃﺣﺪًا ﺩﻭﻧﻪ!
ﻓﻴﻨﻄﻠﻘﻮﻥ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﻓﺈﺫا ﺭﺁﻩ اﻟﻤﺆﻣﻦ، ﻗﺎﻝ:
ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﻫﺬا اﻟﺪﺟﺎﻝ اﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ!
ﻗﺎﻝ: ﻓﻴﺄﻣﺮ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﺑﻪ ﻓﻴﺸﺒﺢ، ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺧﺬﻭﻩ ﻭﺷﺠﻮﻩ!
ﻓﻴﻮﺳﻊ ﻇﻬﺮﻩ ﻭﺑﻄﻨﻪ ﺿﺮﺑﺎ.
ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺃﻭ ﻣﺎ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻲ؟
ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺃﻧﺖ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﻜﺬاﺏ!
ﻓﻴﺆﻣﺮ ﺑﻪ ﻓﻴﺆﺷﺮ ﺑﺎﻟﻤﺌﺸﺎﺭ ﻣﻦ ﻣﻔﺮﻗﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ رجليه!
ﺛﻢ ﻳﻤﺸﻲ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﻄﻌﺘﻴﻦ!
ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ: ﻗﻢ!
ﻓﻴﺴﺘﻮﻱ ﻗﺎﺋﻤﺎ!
ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ: ﺃﺗﺆﻣﻦ ﺑﻲ؟
ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻣﺎ اﺯﺩﺩﺕ ﻓﻴﻚ ﺇﻻ ﺑﺼﻴﺮﺓ!
ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ: ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻌﺪﻱ ﺑﺄﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ!
ﻓﻴﺄﺧﺬﻩ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﻟﻴﺬﺑﺤﻪ، ﻓﻴﺠﻌﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺭﻗﺒﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﻗﻮﺗﻪ ﻧﺤﺎﺳًﺎ، ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﻴﻼ!
ﻓﻴﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪﻳﻪ ورجليه ﻓﻴﻘﺬﻑ ﺑﻪ، ﻓﻴﺤﺴﺐ اﻟﻨﺎﺱ ﺃﻧﻤﺎ ﻗﺬﻓﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺎﺭ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻟﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ!
قال ﷺ: «ﻫﺬا ﺃﻋﻈﻢ اﻟﻨﺎﺱ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻋﻨﺪ ﺭﺏ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ»!

هذا حديث عظيم فيه فوائد جليلة منها:
- في قوله: «ﻓﻴﺘﻮﺟﻪ ﻗﺒﻠﻪ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ المؤمنين»، فهذا الرجل الصالح تعرّض للدجال، مع قيام الأدلة العامة والخاصة على عدم التعرض للفتن، وثبت في سنن أبي داود وغيره عن ﻋﻤﺮاﻥ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﻣﻦ ﺳﻤﻊ بالدجال ﻓﻠﻴﻨﺄ ﻋﻨﻪ، ﻓﻮاﻟﻠﻪ ﺇﻥ اﻟﺮﺟﻞ ﻟﻴﺄﺗﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺤﺴﺐ ﺃﻧﻪ ﻣﺆﻣﻦ ﻓﻴﺘﺒﻌﻪ، ﻣﻤﺎ ﻳﺒﻌﺚ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﻬﺎﺕ».
فهذا هو الأصل العام والقاعدة الأغلبية وهو القياس.
ولكن لهذا الأصل استثناء، بحسب مظنة التأثر، والمظنة تتخلف عند غلبة ما يقابلها، ويبحثها الفقهاء في أحكام المآلات.
ومنه هذا الفعل من ذلك المجاهد العظيم، فإنه علم من نفسه ثباتًا وجراءة وتوكلًا، بعثه للقيام في وجه هذا الطاغوت.
ونظيره التعرض لمناظرة أهل الباطل، وقراءة شبهات المنحرفين، فإن الأصل منع التعرض لذلك، إلا لصاحب العلم الذي يعلم من نفسه تصلبًا في السنة، فيُفسح له في الأمر ما لا يفسح لغيره.

- وفي قوله ﷺ: «ﻓﻴﻨﻄﻠﻘﻮﻥ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﺪﺟﺎﻝ، ﻓﺈﺫا ﺭﺁﻩ اﻟﻤﺆﻣﻦ، ﻗﺎﻝ:
ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﻫﺬا اﻟﺪﺟﺎﻝ اﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ!».
فيه المبادرة بالنكير على الباطل، فإنه تكلم إذ رآه ولم يتراخَ، وعجل البيان ولم يؤخره، كأنه يبادر ألا يقتل، وكأنه لما خشي أن يباغت بالقتل قبل تبليغ الحق؛ سارع إلى البيان قبل أن تفلت نفسه!

- وقال ﷺ: «ﻓﻴﺄﻣﺮ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﺑﻪ ﻓﻴﺸﺒّﺢ!
ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺧﺬﻭﻩ ﻭﺷﺠّﻮﻩ!
ﻓﻴﻮﺳﻊ ﻇﻬﺮﻩ ﻭﺑﻄﻨﻪ ﺿﺮﺑًﺎ.
ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺃﻭ ﻣﺎ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻲ؟
ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺃﻧﺖ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﻜﺬاﺏ»!
فصاحب الحق والعلم والإصلاح لا يزيده البلاء إلا ثباتًا!

- وقال ﷺ: «ﻓﻴﺆﻣﺮ ﺑﻪ ﻓﻴﺆﺷﺮ ﺑﺎﻟﻤﺌﺸﺎﺭ ﻣﻦ ﻣﻔﺮﻗﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ رجليه!
ﺛﻢ ﻳﻤﺸﻲ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﻄﻌﺘﻴﻦ!
ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ: ﻗﻢ!
ﻓﻴﺴﺘﻮﻱ ﻗﺎﺋﻤﺎ!
ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ: ﺃﺗﺆﻣﻦ ﺑﻲ؟
ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻣﺎ اﺯﺩﺩﺕ ﻓﻴﻚ ﺇﻻ ﺑﺼﻴﺮﺓ»!
فيه أن المؤمن الصالح كلما قويت الفتنة ازداد بصيرة فيها!
وكلما عظم التلبيس قوي يقينه!

- وقال ﷺ: «ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ: ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻌﺪﻱ ﺑﺄﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ!
ﻗﺎﻝ: ﻓﻴﺄﺧﺬﻩ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﻟﻴﺬﺑﺤﻪ، ﻓﻴﺠﻌﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺭﻗﺒﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﻗﻮﺗﻪ ﻧﺤﺎﺳﺎ، ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﻴﻼ!»
فيه أن العالم بالله يعلم من رحمة الله بالعباد أن الفتنة لا تتسلط تسلطًا لا يبقى معه للحق ظهور ولا وضوح!
فتأمل فتنة الدجال، وما فيها من الإضلال والابتلاء، حتى بلغ ذلك إحياء الميت! ولكنه مع ذلك كان إحياء قاصرًا، لا يتكرر ولا يطّرد.
وهذا أمر دلت عليه أدلة كثيرة، ففتنة هاروت وماروت كان فيها ما يبينها، فكانا ينذران من يأتيهما.
والدجال في هيئته ما يبين تهافت فتنته، فإنه أعور قبيح المنظر، قمئ الهيئة، مكتوب بين عينيه كافر!

- وفيه أيضًا: أن أهل الدعوة يجب ألا يفسحوا للباطل خطوة!
وألا يظنوا أنهم إن صانعوه حفظ لهم الود! ورد لهم الجميل!
بل بعكس ذلك، فالباطل إن تأخرتَ خطوة تقدم إليك خطوة!
وإن تراخيت في الحق قليلًا طالبك بالكثير، وقضم كل يوم قضمة!
وهذا البطل المؤمن تقدم ولم يتأخر، ولم يعط رأس الكفر من نفسه شيئًا، فأقفل عليه التسلط على المؤمنين، وعادت بركة ثباته على الأمة كلها، فلم ينل من أحد بعده!

- وقال ﷺ: «ﻫﺬا ﺃﻋﻈﻢ اﻟﻨﺎﺱ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻋﻨﺪ ﺭﺏ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ»!
فقد اجتمع لهذا العبد الصالح العلم والعمل، وبهما يُوقّى المؤمن من الفتن.
فأما العلم فهو ظاهر في معرفته بصفة الدّجال وصفة الفتن والمخرج من الفتن.
وليس يكفي العلم النظري! حتى يتبعه وعي بالواقع، ونباهة لإلحاق الحادثة بالنص!

وأما العمل فانظره في مواجهته للباطل، وثباته على الحق، ورزانته في مخاطبة مسالح الدجال، ثم المضاء على السنة حتى الممات!
وتأمل كلامه هنا، وما فيه من استهتار بأهل الجاهلية:
قال: «ﺃﻋﻤﺪ ﺇﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺬﻱ ﺧﺮﺝ!»
هكذا بتجهيل واستصغار!
وتأمل جوابه: «ﻣﺎ ﺑﺮﺑﻨﺎ ﺧﻔﺎء!»
فصغر عقيدتهم، واستعلى بإيمانه، وأمعن في المحاجة!
ثم انظر قوله:
«ﺃﻧﺖ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﻜﺬاﺏ»! هكذا بصلف المواجهة، وغلظة المقارعة، ووضوح المجابهة!

والله أعلم.



group-telegram.com/mohdromih_drs/1099
Create:
Last Update:

.
من فقه الآثار

في صحيح مسلم ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ ﻗﺎﻝ ﷺ: «ﻳﺨﺮﺝ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﻓﻴﺘﻮﺟﻪ ﻗﺒﻠﻪ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ المؤمنين، ﻓﺘﻠﻘﺎﻩ اﻟﻤﺴﺎﻟﺢ -ﻣﺴﺎﻟﺢ اﻟﺪﺟﺎﻝ- ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻪ:
ﺃﻳﻦ ﺗﻌﻤﺪ؟
ﻓﻴﻘﻮﻝ:
ﺃﻋﻤﺪ ﺇﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺬﻱ ﺧﺮﺝ!
ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻪ:
ﺃﻭ ﻣﺎ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺮﺑﻨﺎ؟
ﻓﻴﻘﻮﻝ:
ﻣﺎ ﺑﺮﺑﻨﺎ ﺧﻔﺎء!
ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ:
اﻗﺘﻠﻮﻩ!
ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ: ﺃﻟﻴﺲ ﻗﺪ ﻧﻬﺎﻛﻢ ﺭﺑﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﻘﺘﻠﻮا ﺃﺣﺪًا ﺩﻭﻧﻪ!
ﻓﻴﻨﻄﻠﻘﻮﻥ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﻓﺈﺫا ﺭﺁﻩ اﻟﻤﺆﻣﻦ، ﻗﺎﻝ:
ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﻫﺬا اﻟﺪﺟﺎﻝ اﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ!
ﻗﺎﻝ: ﻓﻴﺄﻣﺮ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﺑﻪ ﻓﻴﺸﺒﺢ، ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺧﺬﻭﻩ ﻭﺷﺠﻮﻩ!
ﻓﻴﻮﺳﻊ ﻇﻬﺮﻩ ﻭﺑﻄﻨﻪ ﺿﺮﺑﺎ.
ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺃﻭ ﻣﺎ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻲ؟
ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺃﻧﺖ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﻜﺬاﺏ!
ﻓﻴﺆﻣﺮ ﺑﻪ ﻓﻴﺆﺷﺮ ﺑﺎﻟﻤﺌﺸﺎﺭ ﻣﻦ ﻣﻔﺮﻗﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ رجليه!
ﺛﻢ ﻳﻤﺸﻲ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﻄﻌﺘﻴﻦ!
ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ: ﻗﻢ!
ﻓﻴﺴﺘﻮﻱ ﻗﺎﺋﻤﺎ!
ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ: ﺃﺗﺆﻣﻦ ﺑﻲ؟
ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻣﺎ اﺯﺩﺩﺕ ﻓﻴﻚ ﺇﻻ ﺑﺼﻴﺮﺓ!
ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ: ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻌﺪﻱ ﺑﺄﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ!
ﻓﻴﺄﺧﺬﻩ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﻟﻴﺬﺑﺤﻪ، ﻓﻴﺠﻌﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺭﻗﺒﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﻗﻮﺗﻪ ﻧﺤﺎﺳًﺎ، ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﻴﻼ!
ﻓﻴﺄﺧﺬ ﺑﻴﺪﻳﻪ ورجليه ﻓﻴﻘﺬﻑ ﺑﻪ، ﻓﻴﺤﺴﺐ اﻟﻨﺎﺱ ﺃﻧﻤﺎ ﻗﺬﻓﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﻨﺎﺭ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺃﻟﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ!
قال ﷺ: «ﻫﺬا ﺃﻋﻈﻢ اﻟﻨﺎﺱ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻋﻨﺪ ﺭﺏ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ»!

هذا حديث عظيم فيه فوائد جليلة منها:
- في قوله: «ﻓﻴﺘﻮﺟﻪ ﻗﺒﻠﻪ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ المؤمنين»، فهذا الرجل الصالح تعرّض للدجال، مع قيام الأدلة العامة والخاصة على عدم التعرض للفتن، وثبت في سنن أبي داود وغيره عن ﻋﻤﺮاﻥ ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﻣﻦ ﺳﻤﻊ بالدجال ﻓﻠﻴﻨﺄ ﻋﻨﻪ، ﻓﻮاﻟﻠﻪ ﺇﻥ اﻟﺮﺟﻞ ﻟﻴﺄﺗﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺤﺴﺐ ﺃﻧﻪ ﻣﺆﻣﻦ ﻓﻴﺘﺒﻌﻪ، ﻣﻤﺎ ﻳﺒﻌﺚ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﻬﺎﺕ».
فهذا هو الأصل العام والقاعدة الأغلبية وهو القياس.
ولكن لهذا الأصل استثناء، بحسب مظنة التأثر، والمظنة تتخلف عند غلبة ما يقابلها، ويبحثها الفقهاء في أحكام المآلات.
ومنه هذا الفعل من ذلك المجاهد العظيم، فإنه علم من نفسه ثباتًا وجراءة وتوكلًا، بعثه للقيام في وجه هذا الطاغوت.
ونظيره التعرض لمناظرة أهل الباطل، وقراءة شبهات المنحرفين، فإن الأصل منع التعرض لذلك، إلا لصاحب العلم الذي يعلم من نفسه تصلبًا في السنة، فيُفسح له في الأمر ما لا يفسح لغيره.

- وفي قوله ﷺ: «ﻓﻴﻨﻄﻠﻘﻮﻥ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ اﻟﺪﺟﺎﻝ، ﻓﺈﺫا ﺭﺁﻩ اﻟﻤﺆﻣﻦ، ﻗﺎﻝ:
ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﻫﺬا اﻟﺪﺟﺎﻝ اﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ!».
فيه المبادرة بالنكير على الباطل، فإنه تكلم إذ رآه ولم يتراخَ، وعجل البيان ولم يؤخره، كأنه يبادر ألا يقتل، وكأنه لما خشي أن يباغت بالقتل قبل تبليغ الحق؛ سارع إلى البيان قبل أن تفلت نفسه!

- وقال ﷺ: «ﻓﻴﺄﻣﺮ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﺑﻪ ﻓﻴﺸﺒّﺢ!
ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺧﺬﻭﻩ ﻭﺷﺠّﻮﻩ!
ﻓﻴﻮﺳﻊ ﻇﻬﺮﻩ ﻭﺑﻄﻨﻪ ﺿﺮﺑًﺎ.
ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺃﻭ ﻣﺎ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﻲ؟
ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺃﻧﺖ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﻜﺬاﺏ»!
فصاحب الحق والعلم والإصلاح لا يزيده البلاء إلا ثباتًا!

- وقال ﷺ: «ﻓﻴﺆﻣﺮ ﺑﻪ ﻓﻴﺆﺷﺮ ﺑﺎﻟﻤﺌﺸﺎﺭ ﻣﻦ ﻣﻔﺮﻗﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ رجليه!
ﺛﻢ ﻳﻤﺸﻲ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﺑﻴﻦ اﻟﻘﻄﻌﺘﻴﻦ!
ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ: ﻗﻢ!
ﻓﻴﺴﺘﻮﻱ ﻗﺎﺋﻤﺎ!
ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ: ﺃﺗﺆﻣﻦ ﺑﻲ؟
ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻣﺎ اﺯﺩﺩﺕ ﻓﻴﻚ ﺇﻻ ﺑﺼﻴﺮﺓ»!
فيه أن المؤمن الصالح كلما قويت الفتنة ازداد بصيرة فيها!
وكلما عظم التلبيس قوي يقينه!

- وقال ﷺ: «ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ: ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎﺱ ﺇﻧﻪ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻌﺪﻱ ﺑﺄﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ!
ﻗﺎﻝ: ﻓﻴﺄﺧﺬﻩ اﻟﺪﺟﺎﻝ ﻟﻴﺬﺑﺤﻪ، ﻓﻴﺠﻌﻞ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺭﻗﺒﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﻗﻮﺗﻪ ﻧﺤﺎﺳﺎ، ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﻴﻼ!»
فيه أن العالم بالله يعلم من رحمة الله بالعباد أن الفتنة لا تتسلط تسلطًا لا يبقى معه للحق ظهور ولا وضوح!
فتأمل فتنة الدجال، وما فيها من الإضلال والابتلاء، حتى بلغ ذلك إحياء الميت! ولكنه مع ذلك كان إحياء قاصرًا، لا يتكرر ولا يطّرد.
وهذا أمر دلت عليه أدلة كثيرة، ففتنة هاروت وماروت كان فيها ما يبينها، فكانا ينذران من يأتيهما.
والدجال في هيئته ما يبين تهافت فتنته، فإنه أعور قبيح المنظر، قمئ الهيئة، مكتوب بين عينيه كافر!

- وفيه أيضًا: أن أهل الدعوة يجب ألا يفسحوا للباطل خطوة!
وألا يظنوا أنهم إن صانعوه حفظ لهم الود! ورد لهم الجميل!
بل بعكس ذلك، فالباطل إن تأخرتَ خطوة تقدم إليك خطوة!
وإن تراخيت في الحق قليلًا طالبك بالكثير، وقضم كل يوم قضمة!
وهذا البطل المؤمن تقدم ولم يتأخر، ولم يعط رأس الكفر من نفسه شيئًا، فأقفل عليه التسلط على المؤمنين، وعادت بركة ثباته على الأمة كلها، فلم ينل من أحد بعده!

- وقال ﷺ: «ﻫﺬا ﺃﻋﻈﻢ اﻟﻨﺎﺱ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻋﻨﺪ ﺭﺏ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ»!
فقد اجتمع لهذا العبد الصالح العلم والعمل، وبهما يُوقّى المؤمن من الفتن.
فأما العلم فهو ظاهر في معرفته بصفة الدّجال وصفة الفتن والمخرج من الفتن.
وليس يكفي العلم النظري! حتى يتبعه وعي بالواقع، ونباهة لإلحاق الحادثة بالنص!

وأما العمل فانظره في مواجهته للباطل، وثباته على الحق، ورزانته في مخاطبة مسالح الدجال، ثم المضاء على السنة حتى الممات!
وتأمل كلامه هنا، وما فيه من استهتار بأهل الجاهلية:
قال: «ﺃﻋﻤﺪ ﺇﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﺬﻱ ﺧﺮﺝ!»
هكذا بتجهيل واستصغار!
وتأمل جوابه: «ﻣﺎ ﺑﺮﺑﻨﺎ ﺧﻔﺎء!»
فصغر عقيدتهم، واستعلى بإيمانه، وأمعن في المحاجة!
ثم انظر قوله:
«ﺃﻧﺖ اﻟﻤﺴﻴﺢ اﻟﻜﺬاﺏ»! هكذا بصلف المواجهة، وغلظة المقارعة، ووضوح المجابهة!

والله أعلم.

BY قناة: محمد آل رميح.


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/mohdromih_drs/1099

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

A Russian Telegram channel with over 700,000 followers is spreading disinformation about Russia's invasion of Ukraine under the guise of providing "objective information" and fact-checking fake news. Its influence extends beyond the platform, with major Russian publications, government officials, and journalists citing the page's posts. Russians and Ukrainians are both prolific users of Telegram. They rely on the app for channels that act as newsfeeds, group chats (both public and private), and one-to-one communication. Since the Russian invasion of Ukraine, Telegram has remained an important lifeline for both Russians and Ukrainians, as a way of staying aware of the latest news and keeping in touch with loved ones. For tech stocks, “the main thing is yields,” Essaye said. The regulator said it has been undertaking several campaigns to educate the investors to be vigilant while taking investment decisions based on stock tips. "We as Ukrainians believe that the truth is on our side, whether it's truth that you're proclaiming about the war and everything else, why would you want to hide it?," he said.
from nl


Telegram قناة: محمد آل رميح.
FROM American