Telegram Group & Telegram Channel
‏قرأت العام الماضي بعض التغريدات أن عدد المسجلين في البناء المنهجي الدفعة الماضية بمئات الآف، وأنا مراقب عن كثب لهذه الحالة الجديدة التي تنشأ -ولغيرها-، ولا شك عندي لحظة بحكم اختصاصي الأكاديمي الذي منه دراسة الظواهر والدينية والتغيرات الشبابية أن هذه الحالة تغير الآن -ولا أقول ستغير فيما بعد- مجرى التدين العام لعدد كبير من شباب المسلمين حول العالم، وليس الأمر مرده لعدد المشاركين في هذه البرامج فقط بل لعوامل أخرى كثيرة يضيق المقام عن ذكرها الان، (وأنا أعرف ما أقول وأنا الذي كتبت يوما ورقة من يملأ الفراغ ... الكيانات الدينية في مصر بعد انحسار الإسلاميين)

ولا أقصد بالحالة التي اتحدث عنها برنامج البناء المنهجي في ذاته، وإنما الحالة الدعوية العلمية الفكرية العابرة للحدود والتيارات التي يقود جبهة ضخمة فيها سيدنا (وأنا أقصد الوصف بالسيادة في هذا المقام من الخير) الشريف أحمد السيد بكل برامجه وطلابه، ولعل البرامج الواقعية التي نشأت حول العالم على ضفاف الرامج الإلكترونية أكثر مما يتخيل هو صداها ... فأنا من المتجولين حول العالم وأرى ذلك الأثر منهمر في كل بلد نزلت إليه بلا استثناء...

وهذه الحالة إن أردت أن ألخص بعض مضمامينها التي تقوم عليها -ولعلي اكتب في ذلك باستفاضة في قابل الأيام بعون الله- فهي مبنية على أربعة محددات يذكرها أربابها، وهي: العلم والتزكية والوعي والمنهج الإصلاحي.
والمشاهد في الحركات الإسلامية من حولنا أن قل فيها من يجمع هذه الرباعية، فمن اهتم بالعلم ضمرت عنده التزكية والمنهج الإصلاحي إلا من رحم الله، ومن اهتم بالفكر والوعي ضمرت عنده التزكية إلا من رحم الله، ومن اهتم بالتزكية ضمر عنه العلم وكثرت الدروشة بباطل إلا من رحم الله، وهكذا دواليك... ولذلك أن يقوم مشروع يجمع هذه المحددات الأربعة معا لسنين طويلة فهذا مما ينبغي أن يشكر ويحمد ولا يكفر...

من فهم هذا، وفهم طبيعة الواقع الممزق الذي نحن فيه (وحال غزة من حولنا أقرب دليل) = فهم أهمية صناعة هذه الحالة في ذاتها، ثم إن شابها أي نقد كان، فهو لا يقارن بثمراتها.

ولذلك أشفق كثيرا على من يجادل الساعات الطوال (وربما الأشهر وربما السنين) في أن البناء المنهجي لا يخرج علماء!

يا هذا! تدبر ما تقول... تدبر الواقع الذي أنت فيه!
ثم استح على نفسك وقلة بذلك للدين واستوعب غاية هذه البرامج وأنها الآن ليست برامج تعليمية في المقام الأول -برأيي- وإنما هي برامج لحث الناس حثا على التدين والتمسك بالدين بشموله!

ثم خبرني بربك ... كيف ستربى أبنائك وإخوانك على غرس الدين في قلوبهم في هذا الواقع البوليسي الذي نحياه؟!

ثم إني مطلع على مناهج برامج البناء المنهجي لدراسة بعض أقاربي فيه، وقرأت مقرراته قراءة شبه تفصيلية، وإني أشهد -شهادة لا محاباة فيها- أنه فيه علم ليس في كثير من الجامعات الشرعية، وإن كان البناء قد يحتاج إلى تحسين (وهذا أمر يتم من دفعة لأخرى غالبا)، وفي مناهجه تزكية ليست في كليات الشريعة، وفيه فكر ووعي بالواقع أكثر كليات الشريعة، وكذلك الدراية التاريخية فيه جيدة، وفيه وعي بسبيل المصلحين وسبيل المجرمين، وفيه حث للحركة بالإصلاح بين الناس... فماذا يريد إنسان فوق ذلك مع استفادة مئات الآلاف الذين يدخلون كل سنة هذه البرامج؟!

إن قلت لي هذا لا يخرج علماء، أقول لك ومناهج الكليات الشرعية حول العالم لا تخرج علماء، وأساتذة هذه الجامعات هم أول الشهود على ذلك، وإني بذلك عليم ... ومن أراد شيئا انقطع له بهمته هو...

ثم لماذا غاب عن كثيرين أن الدين ونصرته ليست محصورة في العلماء فقط، بل كثير ممن نصر الدين مما يراهم أصحابنا هولاء من عوام الناس، من الدعاة والمجاهدين والمنفقين والمصلحين. بل أن كثير من الصحابة أصحاب الفتوح والورع وأئمة الهدى لم يكونوا علماء بالمعنى الصناعي الذي يحب البعض التبشير به اليوم باعتباره النسخة الحصرية للدين... بل إن المكثرين من الصحابة في الفتيا معدودين على الأصابع كما هو معلوم، ومع ذلك كان الصحابة جيل قرآني فريد...

البناء المنهجي -وإخوانه من البرامج- ليس برنامج علمي وحسب، وإنما هو سبيل كامل لنصرة الدين وحمل همه وتحميل هذا لهم للمنخرطين فيه، ويكفينا مواقفهم المتكررة المشرفة مع قضايا الأمة الكبرى، وهذا لعمري خير من ألف معلومة نظرية يعرفها الإنسان عن دينه ولا يفعلها في واقعه...

وإن أحسب أن القائمين على هذه الأعمال العظيمة يصدق فيهم حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- عن النبي ﷺ قال: مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا"
والحمد لله رب العالمين



group-telegram.com/IbnFotoh/456
Create:
Last Update:

‏قرأت العام الماضي بعض التغريدات أن عدد المسجلين في البناء المنهجي الدفعة الماضية بمئات الآف، وأنا مراقب عن كثب لهذه الحالة الجديدة التي تنشأ -ولغيرها-، ولا شك عندي لحظة بحكم اختصاصي الأكاديمي الذي منه دراسة الظواهر والدينية والتغيرات الشبابية أن هذه الحالة تغير الآن -ولا أقول ستغير فيما بعد- مجرى التدين العام لعدد كبير من شباب المسلمين حول العالم، وليس الأمر مرده لعدد المشاركين في هذه البرامج فقط بل لعوامل أخرى كثيرة يضيق المقام عن ذكرها الان، (وأنا أعرف ما أقول وأنا الذي كتبت يوما ورقة من يملأ الفراغ ... الكيانات الدينية في مصر بعد انحسار الإسلاميين)

ولا أقصد بالحالة التي اتحدث عنها برنامج البناء المنهجي في ذاته، وإنما الحالة الدعوية العلمية الفكرية العابرة للحدود والتيارات التي يقود جبهة ضخمة فيها سيدنا (وأنا أقصد الوصف بالسيادة في هذا المقام من الخير) الشريف أحمد السيد بكل برامجه وطلابه، ولعل البرامج الواقعية التي نشأت حول العالم على ضفاف الرامج الإلكترونية أكثر مما يتخيل هو صداها ... فأنا من المتجولين حول العالم وأرى ذلك الأثر منهمر في كل بلد نزلت إليه بلا استثناء...

وهذه الحالة إن أردت أن ألخص بعض مضمامينها التي تقوم عليها -ولعلي اكتب في ذلك باستفاضة في قابل الأيام بعون الله- فهي مبنية على أربعة محددات يذكرها أربابها، وهي: العلم والتزكية والوعي والمنهج الإصلاحي.
والمشاهد في الحركات الإسلامية من حولنا أن قل فيها من يجمع هذه الرباعية، فمن اهتم بالعلم ضمرت عنده التزكية والمنهج الإصلاحي إلا من رحم الله، ومن اهتم بالفكر والوعي ضمرت عنده التزكية إلا من رحم الله، ومن اهتم بالتزكية ضمر عنه العلم وكثرت الدروشة بباطل إلا من رحم الله، وهكذا دواليك... ولذلك أن يقوم مشروع يجمع هذه المحددات الأربعة معا لسنين طويلة فهذا مما ينبغي أن يشكر ويحمد ولا يكفر...

من فهم هذا، وفهم طبيعة الواقع الممزق الذي نحن فيه (وحال غزة من حولنا أقرب دليل) = فهم أهمية صناعة هذه الحالة في ذاتها، ثم إن شابها أي نقد كان، فهو لا يقارن بثمراتها.

ولذلك أشفق كثيرا على من يجادل الساعات الطوال (وربما الأشهر وربما السنين) في أن البناء المنهجي لا يخرج علماء!

يا هذا! تدبر ما تقول... تدبر الواقع الذي أنت فيه!
ثم استح على نفسك وقلة بذلك للدين واستوعب غاية هذه البرامج وأنها الآن ليست برامج تعليمية في المقام الأول -برأيي- وإنما هي برامج لحث الناس حثا على التدين والتمسك بالدين بشموله!

ثم خبرني بربك ... كيف ستربى أبنائك وإخوانك على غرس الدين في قلوبهم في هذا الواقع البوليسي الذي نحياه؟!

ثم إني مطلع على مناهج برامج البناء المنهجي لدراسة بعض أقاربي فيه، وقرأت مقرراته قراءة شبه تفصيلية، وإني أشهد -شهادة لا محاباة فيها- أنه فيه علم ليس في كثير من الجامعات الشرعية، وإن كان البناء قد يحتاج إلى تحسين (وهذا أمر يتم من دفعة لأخرى غالبا)، وفي مناهجه تزكية ليست في كليات الشريعة، وفيه فكر ووعي بالواقع أكثر كليات الشريعة، وكذلك الدراية التاريخية فيه جيدة، وفيه وعي بسبيل المصلحين وسبيل المجرمين، وفيه حث للحركة بالإصلاح بين الناس... فماذا يريد إنسان فوق ذلك مع استفادة مئات الآلاف الذين يدخلون كل سنة هذه البرامج؟!

إن قلت لي هذا لا يخرج علماء، أقول لك ومناهج الكليات الشرعية حول العالم لا تخرج علماء، وأساتذة هذه الجامعات هم أول الشهود على ذلك، وإني بذلك عليم ... ومن أراد شيئا انقطع له بهمته هو...

ثم لماذا غاب عن كثيرين أن الدين ونصرته ليست محصورة في العلماء فقط، بل كثير ممن نصر الدين مما يراهم أصحابنا هولاء من عوام الناس، من الدعاة والمجاهدين والمنفقين والمصلحين. بل أن كثير من الصحابة أصحاب الفتوح والورع وأئمة الهدى لم يكونوا علماء بالمعنى الصناعي الذي يحب البعض التبشير به اليوم باعتباره النسخة الحصرية للدين... بل إن المكثرين من الصحابة في الفتيا معدودين على الأصابع كما هو معلوم، ومع ذلك كان الصحابة جيل قرآني فريد...

البناء المنهجي -وإخوانه من البرامج- ليس برنامج علمي وحسب، وإنما هو سبيل كامل لنصرة الدين وحمل همه وتحميل هذا لهم للمنخرطين فيه، ويكفينا مواقفهم المتكررة المشرفة مع قضايا الأمة الكبرى، وهذا لعمري خير من ألف معلومة نظرية يعرفها الإنسان عن دينه ولا يفعلها في واقعه...

وإن أحسب أن القائمين على هذه الأعمال العظيمة يصدق فيهم حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- عن النبي ﷺ قال: مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا"
والحمد لله رب العالمين

BY قناة محمد فتوح


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/IbnFotoh/456

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

Since its launch in 2013, Telegram has grown from a simple messaging app to a broadcast network. Its user base isn’t as vast as WhatsApp’s, and its broadcast platform is a fraction the size of Twitter, but it’s nonetheless showing its use. While Telegram has been embroiled in controversy for much of its life, it has become a vital source of communication during the invasion of Ukraine. But, if all of this is new to you, let us explain, dear friends, what on Earth a Telegram is meant to be, and why you should, or should not, need to care. "The argument from Telegram is, 'You should trust us because we tell you that we're trustworthy,'" Maréchal said. "It's really in the eye of the beholder whether that's something you want to buy into." Ukrainian forces have since put up a strong resistance to the Russian troops amid the war that has left hundreds of Ukrainian civilians, including children, dead, according to the United Nations. Ukrainian and international officials have accused Russia of targeting civilian populations with shelling and bombardments. Telegram Messenger Blocks Navalny Bot During Russian Election In 2014, Pavel Durov fled the country after allies of the Kremlin took control of the social networking site most know just as VK. Russia's intelligence agency had asked Durov to turn over the data of anti-Kremlin protesters. Durov refused to do so.
from pl


Telegram قناة محمد فتوح
FROM American