Telegram Group & Telegram Channel
كلام قال عنه ابن القيم: من أنفع الكلام، وشقيق كلام النبوة ومن كنوز العلم، وشرحه بشرح فاخر


قال ابن القيم: -في شرح كلمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه-:

قوله: «فمن خلصت نيته في الحق، ولو على نفسه، كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن ‌تزين ‌بما ‌ليس ‌فيه ‌شانه ‌الله».

هذا شقيق كلام النبوة، وهو جدير بأن يخرج من مشكاة المحدث الملهم.
وهاتان الكلمتان من كنوز العلم، ومَن أحسن الإنفاق منهما؛ نفع غيره، وانتفع غاية الانتفاع.


فأما الكلمة الأولى؛ فهي منبع الخير وأصله.
والثانية أصل الشر وفصله.


فإن العبد إذا خلصت نيته لله وكان قصده وهمه وعمله لوجهه سبحانه كان الله معه، فإنه سبحانه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
ورأس التقوى والإحسان خلوص النية لله في إقامة الحق.
والله سبحانه لا غالب له، فمن كان معه فمن ذا الذي يغلبه أو يناله بسوء؟
فإن كان الله مع العبد فممن يخاف؟ وإن لم يكن معه فمن يرجو وبمن يثق؟ ومن ينصره من بعده؟

فإذا قام العبد بالحق على غيره وعلى نفسه أولا، وكان قيامه بالله ولله؛ لم يقم له شيء. ولو كادته السماوات والأرض والجبال؛ لكفاه الله مؤنتها، وجعل له فرجا ومخرجا.

وإنما يؤتى العبد من تفريطه أو تقصيره في هذه الأمور الثلاثة، أو في اثنين منها، أو في واحد.
فمن كان قيامه في باطل؛ لم ينصر، وإن نصر نصرا عارضا؛ فلا عاقبة له، وهو مذموم مخذول.

وإن قام في حق، لكن لم يقم فيه لله، وإنما قام لطلب المحمدة والشكور والجزاء من الخلق، أو التوصل إلى غرض دنيوي؛ كان هو المقصود أولا، والقيام في الحق وسيلة إليه؛ فهذا لم تضمن له النصرة. 

فإن الله إنما ضمن النصرة لمن جاهد في سبيله، وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، لا لمن كان قيامه لنفسه ولهواه؛ فإنه ليس من المتقين ولا من المحسنين.
وإن نصر؛ فبحسب ما معه من الحق، فإن الله لا ينصر إلا الحق.
وإذا كانت الدولة لأهل الباطل؛ فبحسب ما معهم من الصبر، والصبر منصور أبدا.
فإن كان صاحبه محقا؛ كان منصورا له العاقبة، وإن كان مبطلا لم تكن له عاقبة.

وإذا قام العبد في الحق لله، ولكن قام بنفسه وقوته، ولم يقم بالله مستعينا به، متوكلا عليه، مفوضا إليه، بريئا من الحول والقوة إلا به؛ فله من الخذلان وضعف النصرة بحسب ما قام به من ذلك.

ونكتة المسألة: أن تجريد التوحيدين في أمر الله لا يقوم له شيء البتة، وصاحبه مؤيد منصور، ولو توالت عليه زمر الأعداء.

[إلى أن قال]

وأما قوله: «ومن تزين بما ليس فيه شانه الله». 
لما كان المتزين بما ليس فيه ضد المخلص -فإنه يظهر للناس أمرا وهو في الباطن بخلافه- عامله الله بنقيض قصده، فإن المعاقبة بنقيض القصد ثابتة شرعا وقدرا.

ولما كان المخلص يعجل له من ثواب إخلاصه الحلاوة والمحبة والمهابة في قلوب الناس؛ عجل للمتزين بما ليس فيه من عقوبته: أن شانه الله بين الناس؛ لأنه شان باطنه عند الله.
وهذا موجب أسماء الرب الحسنى وصفاته العلى وحكمته في قضائه وشرعه.

هذا، ولما كان من تزين للناس بما ليس فيه من الخشوع والدين والنسك والعلم وغير ذلك؛ قد نصب نفسه للوازم هذه الأشياء ومقتضياتها؛ فلا بد أن تطلب منه، فإذا لم توجد عنده؛ افتضح، فيشينه ذلك من حيث ظن أنه يزينه.
وأيضا فإنه أخفى عن الناس ما أظهر لله خلافه، فأظهر الله من ‌عيوبه للناس ما أخفاه عنهم، جزاء له من جنس عمله.

وكان بعض الصحابة يقول: أعوذ بالله من خشوع النفاق. قالوا: وما خشوع النفاق؟ قال: أن ترى الجسد خاشعا، والقلب غير خاشع.
وأساس النفاق وأصله هو التزين للناس بما ليس في الباطن من الإيمان.

فعلم أن هاتين الكلمتين من كلام أمير المؤمنين مشتقة من كلام النبوة، وهما من أنفع الكلام، وأشفاه للسقام».

«إعلام الموقعين » ٥١١/٢.



group-telegram.com/assdais/2300
Create:
Last Update:

كلام قال عنه ابن القيم: من أنفع الكلام، وشقيق كلام النبوة ومن كنوز العلم، وشرحه بشرح فاخر


قال ابن القيم: -في شرح كلمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه-:

قوله: «فمن خلصت نيته في الحق، ولو على نفسه، كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن ‌تزين ‌بما ‌ليس ‌فيه ‌شانه ‌الله».

هذا شقيق كلام النبوة، وهو جدير بأن يخرج من مشكاة المحدث الملهم.
وهاتان الكلمتان من كنوز العلم، ومَن أحسن الإنفاق منهما؛ نفع غيره، وانتفع غاية الانتفاع.


فأما الكلمة الأولى؛ فهي منبع الخير وأصله.
والثانية أصل الشر وفصله.


فإن العبد إذا خلصت نيته لله وكان قصده وهمه وعمله لوجهه سبحانه كان الله معه، فإنه سبحانه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
ورأس التقوى والإحسان خلوص النية لله في إقامة الحق.
والله سبحانه لا غالب له، فمن كان معه فمن ذا الذي يغلبه أو يناله بسوء؟
فإن كان الله مع العبد فممن يخاف؟ وإن لم يكن معه فمن يرجو وبمن يثق؟ ومن ينصره من بعده؟

فإذا قام العبد بالحق على غيره وعلى نفسه أولا، وكان قيامه بالله ولله؛ لم يقم له شيء. ولو كادته السماوات والأرض والجبال؛ لكفاه الله مؤنتها، وجعل له فرجا ومخرجا.

وإنما يؤتى العبد من تفريطه أو تقصيره في هذه الأمور الثلاثة، أو في اثنين منها، أو في واحد.
فمن كان قيامه في باطل؛ لم ينصر، وإن نصر نصرا عارضا؛ فلا عاقبة له، وهو مذموم مخذول.

وإن قام في حق، لكن لم يقم فيه لله، وإنما قام لطلب المحمدة والشكور والجزاء من الخلق، أو التوصل إلى غرض دنيوي؛ كان هو المقصود أولا، والقيام في الحق وسيلة إليه؛ فهذا لم تضمن له النصرة. 

فإن الله إنما ضمن النصرة لمن جاهد في سبيله، وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، لا لمن كان قيامه لنفسه ولهواه؛ فإنه ليس من المتقين ولا من المحسنين.
وإن نصر؛ فبحسب ما معه من الحق، فإن الله لا ينصر إلا الحق.
وإذا كانت الدولة لأهل الباطل؛ فبحسب ما معهم من الصبر، والصبر منصور أبدا.
فإن كان صاحبه محقا؛ كان منصورا له العاقبة، وإن كان مبطلا لم تكن له عاقبة.

وإذا قام العبد في الحق لله، ولكن قام بنفسه وقوته، ولم يقم بالله مستعينا به، متوكلا عليه، مفوضا إليه، بريئا من الحول والقوة إلا به؛ فله من الخذلان وضعف النصرة بحسب ما قام به من ذلك.

ونكتة المسألة: أن تجريد التوحيدين في أمر الله لا يقوم له شيء البتة، وصاحبه مؤيد منصور، ولو توالت عليه زمر الأعداء.

[إلى أن قال]

وأما قوله: «ومن تزين بما ليس فيه شانه الله». 
لما كان المتزين بما ليس فيه ضد المخلص -فإنه يظهر للناس أمرا وهو في الباطن بخلافه- عامله الله بنقيض قصده، فإن المعاقبة بنقيض القصد ثابتة شرعا وقدرا.

ولما كان المخلص يعجل له من ثواب إخلاصه الحلاوة والمحبة والمهابة في قلوب الناس؛ عجل للمتزين بما ليس فيه من عقوبته: أن شانه الله بين الناس؛ لأنه شان باطنه عند الله.
وهذا موجب أسماء الرب الحسنى وصفاته العلى وحكمته في قضائه وشرعه.

هذا، ولما كان من تزين للناس بما ليس فيه من الخشوع والدين والنسك والعلم وغير ذلك؛ قد نصب نفسه للوازم هذه الأشياء ومقتضياتها؛ فلا بد أن تطلب منه، فإذا لم توجد عنده؛ افتضح، فيشينه ذلك من حيث ظن أنه يزينه.
وأيضا فإنه أخفى عن الناس ما أظهر لله خلافه، فأظهر الله من ‌عيوبه للناس ما أخفاه عنهم، جزاء له من جنس عمله.

وكان بعض الصحابة يقول: أعوذ بالله من خشوع النفاق. قالوا: وما خشوع النفاق؟ قال: أن ترى الجسد خاشعا، والقلب غير خاشع.
وأساس النفاق وأصله هو التزين للناس بما ليس في الباطن من الإيمان.

فعلم أن هاتين الكلمتين من كلام أمير المؤمنين مشتقة من كلام النبوة، وهما من أنفع الكلام، وأشفاه للسقام».

«إعلام الموقعين » ٥١١/٢.

BY قناة عبدالرحمن السديس


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/assdais/2300

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

In a message on his Telegram channel recently recounting the episode, Durov wrote: "I lost my company and my home, but would do it again – without hesitation." The Securities and Exchange Board of India (Sebi) had carried out a similar exercise in 2017 in a matter related to circulation of messages through WhatsApp. Recently, Durav wrote on his Telegram channel that users' right to privacy, in light of the war in Ukraine, is "sacred, now more than ever." These administrators had built substantial positions in these scrips prior to the circulation of recommendations and offloaded their positions subsequent to rise in price of these scrips, making significant profits at the expense of unsuspecting investors, Sebi noted. At its heart, Telegram is little more than a messaging app like WhatsApp or Signal. But it also offers open channels that enable a single user, or a group of users, to communicate with large numbers in a method similar to a Twitter account. This has proven to be both a blessing and a curse for Telegram and its users, since these channels can be used for both good and ill. Right now, as Wired reports, the app is a key way for Ukrainians to receive updates from the government during the invasion.
from pl


Telegram قناة عبدالرحمن السديس
FROM American