Telegram Group & Telegram Channel
.
من الإحسان المالي في القرية!

كان أهل بلدنا -كأكثر العرب- لهم تحنن ببعضهم، يتعطّف فيه الجميع على الجميع، ولديهم من صور التعاون الاجتماعي، والنفع لبعضهم ما يبهر العارف.

• فمنها ما يسمونه: (العانة)، وهو من العون، يساعد شخص شخصا في صريم الزرع أو بناء البيت.
وهي من جنس قرض المنافع عند الفقهاء، وهذا جائز عند بعض المالكية والشافعية واختاره ابن تيمية، وقال: "ويجوز قرض المنافع، مثل أن يحصد معه يوما ويحصد الآخر يوما"، الفتاوى المصرية (٥/ ٣٩٤).

• ومنه التعاون لضيافة ضيف القرية، ويعنون بضيف القرية: الضيوف الذين يمرون على القرية في طريقهم لسفر أو شأن من الشؤون، وغالب حالهم أنهم ليسوا ضيفان شخص معين، بل في أحيان كثيرة لا يعرفون أهل القرية.
وكان الناس في الزمن الأول في انتقالهم من قرية إلى أخرى لعله أن يطول زمن انتقالهم بالأيام.
وربما تعرّج طريق مسارهم ليمروا على القرى، وكان المثل عندنا: (طريق الضيف عوجا)!
ولم يكن في طريقهم مطاعم ولا فنادق، وهم محتاجون للأكل والمبيت.
فكان أهل القرية يتقسمون الضيوف إلى: (الفروق)، ويعنون بالفروق أن يتقسم الضيوف إلى مجموعات، ويضيف كل مجموعة من هؤلاء واحد من القرية، فيتقسم الضيوف -وربما كانوا بالعشرات- على القرية كاملة، لتتفتت الخسائر على الجميع، فتخف عليهم، وغالبًا أنهم إن مروا ليلًا باتوا في القرية، ثم أفطروا بعد الفجر على نفس تقسيمهم.
وربما جعلوا هناك ترتيبا بالدور، تدور الضيافة على كل شخص، كلما جاء ضيف القرية نزل عند صاحب الدور.
وكانوا يسمونه (الخطّة).
فإذا جاء ضيوف القرية، اجتمعت القرية وقالوا: فيمن الخطة؟
فيقوم بضيوف القرية من كان فيه (السرى).

• ومنه ما يسمونه له: (الفوض)، وهي شراكة من جنس شراكة الأبدان عند الفقهاء، يتشارك اثنان أو أكثر في الزرع، ويتعاونان في الحرث والسقي، وربما كان معها تشارك في ثيران الحرث أو آلة الزراعة، وربما امتد ذلك لسنوات.

• ومن ذلك التعاون بين النساء، كالذي يسمونه: (الهِبّا)، فيجتمع النسوة إلى إحداهنّ، وتخرج أثاث بيتها من الزلّ والملاحف، ويرفعها النساء على الجدار، ويهبونها: أي ينفضون ما بها من غبار، ثم يشمسونها.

- وهناك (الصهار)، و (الخِضَار)، من الصهر والتخضير، فيجتمع النساء ويصبغون عرصة البيت بالقضب (البرسيم)، ليكون ذا لون أخضر.

- ومنه التعاون في (القطّ)، وهي صبغ جدران البيت بتشكيل من الألوان.
وقد كانت الوالدة السعيدة قد أدخلت شيئًا جديدًا في (القطّ)! وهو الكتابة في الجدار، فتكتب البسملة بخطها، وكانت قد درست عند خؤولتي في الشرقية، وعادت تقرأ وتكتب، وقطّت بكتابتها للبسملة في عدد من بيوت القرية، أذكرها وأنا صغير، ترسم صورة شاشة تلفاز وتكتب البسملة داخل الشاشة.

• ومن وجوه التكافل والتعاون في القرى ما يسمونه: (حمل المدماك)، ويقصدون به: أن يحمل شخص تكلفة مدماك شخص من القرية، والمدماك في بيوت الطين كالقواعد في البنيان المسلح الحديث، وكانت بيوت أهل بلادنا في ديار قحطان من رفيدة وبني بشر وعبيدة وغيرهم وفي بلاد شهران من الطين، ورأيت فيها بيوتَ حجر قليلة، بخلاف أرض سراة الحجاز من عسير وبلحمر وبلسمر وبني شهر وبني عمرو فأكثر بيوتهم بيوت حجر.

فإذا كان هناك من يبني البيت تعاون معه أهل القرية في البناء، حتى يأتي من يضيّف عمال بناء المدماك ليوم من أيام البناء، ويساهم بما يقدر، ثم يأتي شخص ثاني في اليوم الثاني، فتتفتت خسائر البناء وأعباؤه على أهل القرية كلهم.

• ومن التأمين التكافلي القديم ما يسمونه: (تعويض الفاقد)، فإذا تلف ثور لشخص أو ضاع، أعانوه بثور آخر، يشترك جميع أهل القرية، فإنهم يعلمون أنه بدون ثوره سينقطع ويبور زرعه.

أدام ﷲ المعروف بين الناس، وتقبل من المحسنين إحسانهم.
والحمد لله.



group-telegram.com/mohdromih_drs/586
Create:
Last Update:

.
من الإحسان المالي في القرية!

كان أهل بلدنا -كأكثر العرب- لهم تحنن ببعضهم، يتعطّف فيه الجميع على الجميع، ولديهم من صور التعاون الاجتماعي، والنفع لبعضهم ما يبهر العارف.

• فمنها ما يسمونه: (العانة)، وهو من العون، يساعد شخص شخصا في صريم الزرع أو بناء البيت.
وهي من جنس قرض المنافع عند الفقهاء، وهذا جائز عند بعض المالكية والشافعية واختاره ابن تيمية، وقال: "ويجوز قرض المنافع، مثل أن يحصد معه يوما ويحصد الآخر يوما"، الفتاوى المصرية (٥/ ٣٩٤).

• ومنه التعاون لضيافة ضيف القرية، ويعنون بضيف القرية: الضيوف الذين يمرون على القرية في طريقهم لسفر أو شأن من الشؤون، وغالب حالهم أنهم ليسوا ضيفان شخص معين، بل في أحيان كثيرة لا يعرفون أهل القرية.
وكان الناس في الزمن الأول في انتقالهم من قرية إلى أخرى لعله أن يطول زمن انتقالهم بالأيام.
وربما تعرّج طريق مسارهم ليمروا على القرى، وكان المثل عندنا: (طريق الضيف عوجا)!
ولم يكن في طريقهم مطاعم ولا فنادق، وهم محتاجون للأكل والمبيت.
فكان أهل القرية يتقسمون الضيوف إلى: (الفروق)، ويعنون بالفروق أن يتقسم الضيوف إلى مجموعات، ويضيف كل مجموعة من هؤلاء واحد من القرية، فيتقسم الضيوف -وربما كانوا بالعشرات- على القرية كاملة، لتتفتت الخسائر على الجميع، فتخف عليهم، وغالبًا أنهم إن مروا ليلًا باتوا في القرية، ثم أفطروا بعد الفجر على نفس تقسيمهم.
وربما جعلوا هناك ترتيبا بالدور، تدور الضيافة على كل شخص، كلما جاء ضيف القرية نزل عند صاحب الدور.
وكانوا يسمونه (الخطّة).
فإذا جاء ضيوف القرية، اجتمعت القرية وقالوا: فيمن الخطة؟
فيقوم بضيوف القرية من كان فيه (السرى).

• ومنه ما يسمونه له: (الفوض)، وهي شراكة من جنس شراكة الأبدان عند الفقهاء، يتشارك اثنان أو أكثر في الزرع، ويتعاونان في الحرث والسقي، وربما كان معها تشارك في ثيران الحرث أو آلة الزراعة، وربما امتد ذلك لسنوات.

• ومن ذلك التعاون بين النساء، كالذي يسمونه: (الهِبّا)، فيجتمع النسوة إلى إحداهنّ، وتخرج أثاث بيتها من الزلّ والملاحف، ويرفعها النساء على الجدار، ويهبونها: أي ينفضون ما بها من غبار، ثم يشمسونها.

- وهناك (الصهار)، و (الخِضَار)، من الصهر والتخضير، فيجتمع النساء ويصبغون عرصة البيت بالقضب (البرسيم)، ليكون ذا لون أخضر.

- ومنه التعاون في (القطّ)، وهي صبغ جدران البيت بتشكيل من الألوان.
وقد كانت الوالدة السعيدة قد أدخلت شيئًا جديدًا في (القطّ)! وهو الكتابة في الجدار، فتكتب البسملة بخطها، وكانت قد درست عند خؤولتي في الشرقية، وعادت تقرأ وتكتب، وقطّت بكتابتها للبسملة في عدد من بيوت القرية، أذكرها وأنا صغير، ترسم صورة شاشة تلفاز وتكتب البسملة داخل الشاشة.

• ومن وجوه التكافل والتعاون في القرى ما يسمونه: (حمل المدماك)، ويقصدون به: أن يحمل شخص تكلفة مدماك شخص من القرية، والمدماك في بيوت الطين كالقواعد في البنيان المسلح الحديث، وكانت بيوت أهل بلادنا في ديار قحطان من رفيدة وبني بشر وعبيدة وغيرهم وفي بلاد شهران من الطين، ورأيت فيها بيوتَ حجر قليلة، بخلاف أرض سراة الحجاز من عسير وبلحمر وبلسمر وبني شهر وبني عمرو فأكثر بيوتهم بيوت حجر.

فإذا كان هناك من يبني البيت تعاون معه أهل القرية في البناء، حتى يأتي من يضيّف عمال بناء المدماك ليوم من أيام البناء، ويساهم بما يقدر، ثم يأتي شخص ثاني في اليوم الثاني، فتتفتت خسائر البناء وأعباؤه على أهل القرية كلهم.

• ومن التأمين التكافلي القديم ما يسمونه: (تعويض الفاقد)، فإذا تلف ثور لشخص أو ضاع، أعانوه بثور آخر، يشترك جميع أهل القرية، فإنهم يعلمون أنه بدون ثوره سينقطع ويبور زرعه.

أدام ﷲ المعروف بين الناس، وتقبل من المحسنين إحسانهم.
والحمد لله.

BY قناة: محمد آل رميح.


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/mohdromih_drs/586

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

"We're seeing really dramatic moves, and it's all really tied to Ukraine right now, and in a secondary way, in terms of interest rates," Octavio Marenzi, CEO of Opimas, told Yahoo Finance Live on Thursday. "This war in Ukraine is going to give the Fed the ammunition, the cover that it needs, to not raise interest rates too quickly. And I think Jay Powell is a very tepid sort of inflation fighter and he's not going to do as much as he needs to do to get that under control. And this seems like an excuse to kick the can further down the road still and not do too much too soon." READ MORE Lastly, the web previews of t.me links have been given a new look, adding chat backgrounds and design elements from the fully-features Telegram Web client. So, uh, whenever I hear about Telegram, it’s always in relation to something bad. What gives? Oh no. There’s a certain degree of myth-making around what exactly went on, so take everything that follows lightly. Telegram was originally launched as a side project by the Durov brothers, with Nikolai handling the coding and Pavel as CEO, while both were at VK.
from pl


Telegram قناة: محمد آل رميح.
FROM American