Telegram Group Search
"والكسل غالبا يصاحبه الرياء لأنه إظهار خلاف ما في الباطن لأجل مدح الغير له فإن النفس عنه نازحة غير ناشطة في عمله، والكسلان لا عزم له على ما شرع فيه من العمل فهو يعمله خشية من اللوم".
(وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ)


"سر هذه الآية أن طبيعة البشر إذا ظفرت بمرادها رقَّت، فإذا دُعيت بالبكاء أجابت ولكن لا يكون بكاءها إلا من فرح الخداع وحب الجاه والرئاسة، وإنَّ ذلك البكاء أكثره تباكيًا، بكوا بغير عبرة ولا بفلق وحزن من أسف، ولا بزفرة جاءوا عشاء حتى لا يتبين تباكيهم من بكائهم، وليرتفع من بينهم وبين أبيهم سجون الاحتشام".
سورة الانبياء:

(وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا).

"استدعت هذه الجملة بسط حال ابتدأت بتأنيسه عليه السلام وتسليته حتى لا يشق عليه لردهم.

فتضمنت سورة طه من هذا الغرض بشارته بقوله:(ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى).
وتأنيسه بقصة موسى عليه السلام وما كان من حال بني إسرائيل وانتهاء أمر فرعون ومكابدة موسى عليه السلام لدد فرعون ومرتكبه إلى أن وقصه الله وأهلكه وأورث عباده أرضهم ديارهم.

ثم أتبعت بقصة آدم عليه السلام ليرى نبيه صلى الله عليه وسلم سننه في عباده حتى أن آدم عليه السلام وإن لم يكن امتحانه بذريته ولا مكابدته من أبناء جنسه فقد كابد من إبليس ما قصه الله في كتابه، وكل هذا تأنيس للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه إذا تقرر لديه أنها سنة الله تعالى في عباده هان عليه لدد قريش ومكابدتهم ثم ابتدأت سورة الأنبياء ببقية هذا التأنيس".

احمد بن ابراهيم بن الزبير الغرناطي-البرهان في تناسب سور القرآن-ص١٣٠-دار ابن الجوزي.
سورة الأنبياء:

وقد تضمنت هذه السورة إلى ابتداء قصة إبراهيم عليه السلام من المواعظ

والتنبيه على الدلالات وتحريك العباد إلى الاعتبار بها ما يعقب لمن اعتبر به التسليم والتفويض لله سبحانه والصبر على الابتلاء وهو من مقصود السورة في قوله تعالى:(ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ).

إجمال لما فسره النصف الأخير من هذه السورة من تخليص الرسل عليهم السلام من قومهم واهلاك من أسرف وأفك ولم يؤمن، وفي ذكر تخليص الرسل وتأييدهم الذى تضمنه النصف الأخير من لدن قوله:(وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ) إلى آخر السورة..  كمال الغرض المتقدم من التأنيس وملاءمة ما تضمنته سورة طه وتفصيل المجمل (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا).

احمد بن ابراهيم بن الزبير الغرناطي-البرهان في تناسب سور القرآن-ص١٣١-دار ابن الجوزي.
في كتاب النبأ العظيم يشير محمد عبد الله دراز إلى خصائص ذكر الأحكام في القرآن الكريم ومنها ارشاد العقل من حيث الحكمة وتبين السنن له.
وإلى خصائص ذكر القصص في القرآن للعاطفة البشرية من جهة ترقيق القلوب عبر القصص القرآني.

في كتاب البرهان في تناسب سور القرآن يقول ابن الزبير الغرناطي في فصل سورة الشعراء:

"وقل ما تجد في الكتاب العزيز ورود تسليته عليه السلام إلا معقبة بقصة
موسى عليه السلام وما كابد من بنى إسرائيل وفرعون، وفي كل قصة منها إحراز ما لم تحرزه الأخرى من الفوائد والمعاني والأخبار حتى لا تجد قصة تتكرر، وإنه ظَنَّ ذلك من لم يمعن النظر، فما من قصة من القصص المتكرر في الظاهر إلا ولو سقطت أو قدر إزالتها لنقص من الفائدة ما لا يحصل من غيرها".

ص١٣٥.
‏(إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ).

"أي يتحيرون فلا يفرقون بين النور والإظلام لارتياب الخواطر والأفهام".

احمد بن ابراهيم بن الزبير الغرناطي-البرهان في تناسب سور القرآن-ص١٣٨-دار ابن الجوزي..
 (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ).

"أي أحسبوا أن يقع الاكتفاء بمجرد استجابتهم وظاهر إنابتهم ولما يقع امتحانهم بالشدائد والمشقات وضروب الاختبارات:

 (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ)
.

فإذا وقع الابتلاء فمن فريق يتلقون ذلك تلقى العليم، إن ذلك من عند الله ابتلاء واختبارا يكون تسخيرا لهم وتخليصا، ومن فريق
يقابلون ذلك بمرضاة الشيطان والمسارعة إلى الكفر والخذلان".


احمد بن ابراهيم بن الزبير الغرناطي-البرهان في تناسب سور القرآن-١٤١-دار ابن الجوزي..
"لما انطوت سورة الروم على ما قد أشير إليه من التنبيه بعجائب ما أودعه
سبحانه في عالم السماوات والأرض على ذكر الفطرة ثم أتبعت بسورة لقمان تعريفا بأن مجموع تلك الشواهد من آيات الكتاب وشواهده ودلائله، وأنه قد هدى به من شاء إلى سبيل الفطرة، وان لم يمتحنه بما امتحن به كثيرا ممن ذُكر فلم يغن عنه، ودُعىَ فلم يجب، وتكررت الإنذارات فلم يُصْغِ لها".


احمد بن ابراهيم بن الزبير الغرناطي-البرهان في تناسب سور القرآن-١٤٥-دار ابن الجوزي..
"(يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ) الساحب هم الملائكة الموكلين بهم، لأن للنار ملائكة موكلين بها، ويقال:(ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) انظر إلى الإذلال: جسدي وقلبي،الجسدي هو أنهم يسحبون على وجوههم، والقلبي أنهم يوبخون".

الشيخ محمد بن صالح العثيمين-تفسير سورة القمر.
"ومن المطرد المعلوم أن اتعاظ الإنسان بأقرب الناس إليه وبأهل زمانه أغلب من اتعاظه بمن بعد عنه زمانا ونسبا، فأتبعت سورة الجمعة بسورة المنافقين وعظا للمؤمنين بحال أهل النفاق".


احمد بن ابراهيم بن الزبير الغرناطي-البرهان في تناسب سور القرآن-١٨٨-دار ابن الجوزي..
(وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً).

"تعرّف العقلاء على كمال القدرة بما ألاح من براهين الربوبية ودلالات الحكمة حيث خلق جميع هذا الخلق من نسل شخص واحد، على اختلاف هيئتهم، وتفاوت صورهم، وتباين أخلاقهم، وإن اثنين منهم لا يتشابهان، فلكل وجه فى الصورة والخلق، والهمة والحالة".
(وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ).


"وإنما هما عقوبتان: معجلة ومؤجلة، ويقترن بهما جميعا الذّلّ فلو اجتهد الخلائق على إذلال المعاصي بمثل الذل الذي يلحقهم بارتكاب المعصية لم يقدموا عليها".
(وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).


"الإنذار إعلام بمواضع الخوف، وإنما خص الخائفين بالإنذار كما خصّ المتقين بإضافة الهدى إليهم حيث قال: (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)  لأن الانتفاع والاتّباع بالتقوى، والإنذار اختص بهم" .
‏"لفرط شفقته صلّى الله عليه وسلّم استقصى فى التماس الرحمة من الله لهم، وحمل على قلبه العزيز بسبب ما علم من سوء أحوالهم ما أثّر فيه من فنون الأحزان. فعرّفه أنهم مبعدون عن التقريب، منكوبون بسالف القسمة" .
‏(وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ).

"يدعو إلى الحق جهرا ثم لا يأتى بذلك سرا.
خالفت أحوالهم قضايا أقوالهم، وجرى إجرامهم مجرى من ألقوا حبالهم على غاربهم، وكذلك من أبعده عن القسمة لم يقربه فعله" .
من أهم دلائل الإعجاز في القرآن الكريم بحسب ابن جزي في كتاب التسهيل لعلوم التنزيل هي وصف الله تعالى لكماله وعظمته وجلاله واسمائه وصفاته وذكر احكام الحلال والحرام للناس.

وفي كتاب دلائل النظام يربط عبدالحميد الفراهي بين الرفعة القرآنية وبين ما أظهر القرآن من جلال الله وعظيم شانه وعزيز سلطانه على قدر لا يوجد في دين من الاديان:

"ولقد وجدت العرب هذه السطوة والرفعة في القرآن فنسبتها للشعر لما يرون الشعر أشد تأثيرا في قلوبهم ثم لم ترض نفوسهم بذلك فقالوا انه سحر أو من الجن".
(فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ)

"فلنخبرنهم يوم الفصل ما هم عليه اليوم، ونوقفهم على ما أسلفوه، ونقيمنهم فى مقام الصّغار ومحل الخزي، وسيعلمون أنه لم يغب عن علمنا صغير ولا كبير.
ويقال أجرى الحقّ- سبحانه- سنّته بتخويف العباد بعلمه مرة كما خوّفهم بعقوبته تارة فقال تعالى: (وَاتَّقُوا يَوماً)  يعنى العذاب الواقع فى ذلك اليوم، وقال فى موضع آخر:
(وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)  وهذا أبلغ فى التخويف، وقال:
(أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى) ".
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ).

"سهّلنا عليكم أسباب المعيشة، ويسّرنا لكم أحوال التصرف، ثم أراد منكم أن تتخذوا إليه سبيلا، ولم يعتص عليه مراد.

(قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ)  لاستعمالكم أبدانكم ولإنفاقكم بالإسراف في أحوالكم، ولاستغراقكم في الحظوظ أوقاتكم.
فلا نعمة الفراغ شكرتم ولا من مسّ العقوبة شكوتم... خسرتم وما شعرتم".
"من المعلوم أن الكتاب العزيز وإن كانت آياته كلها معجزة باهرة وسوره في جليل النظم وبديع التأليف قاطعة بالخصوم قاهرة، فبعضها أوضح من بعض في تبين إعجازها. وتظاهر بلاغتها وإيجازها، ألا ترى تسارع الأفهام إلى الحصول على بلاغة آيات وسور من أول وهلة دون كبير تأمل.

لا يتوقف في أمر إعجازها إلا من طبع الله على قلبه، أو صُد عنه باب الفهم جملة، فأنى له بولوجه وقرعه؟ وسورة القمر من هذا النمط، ألا ترى اختصار القصص فيه مع حصول أطرافها وتوفية أغراضها وما جرى مع كل قصة من الزجر والوعظ والتنبيه".

البرهان في تناسب سور القرآن-ص١٨٠.
2025/03/07 02:18:54
Back to Top
HTML Embed Code: