Telegram Group Search
Forwarded from بوارق من الكتاب (خبيب الواضحي)
قول الله في أوائل سورة آل عمران: (واللهُ يؤيّد بنصرِه مَن يشاء إنّ في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار) بعد أن وصَف حالَ الفئتين المقتتِلتين المؤمنين والكافرين، وبان بذلك قلّةُ ما بيدِ المؤمنين، ورقّةُ حالِهم، وضعفُهم في الأسبابِ الظّاهرة ... ثمّ أظفرهم اللهُ على عدوِّهم، فكان في ذلك آيةٌ للنّاسِ، كما قال اللهُ في أوّل الآية، فعقّب بهذا الكلام الشّريف الفخيم المؤدّب، فانكشف به أنّ معيارَ النّصرِ ليس قوّةَ السّلاح، وإنّما هو قوّة الصّلاح، ولزومُ سبيل الفلاح، فقوّة السّلاحِ يمدّها الغُرور، وقوّة الصّلاح يكلؤُها الغفور الشّكور، وفي تعبيرِه بـ(يؤيّد) الّذي يدلّ على التّجدُّد: ما يطرُدُ المسألةَ إلى زمانِنا هذا.، وإلى ما شاء الله.

ثمّ أدَّب اللهُ المؤمنين أن لا يذهبوا مع الشّائعات، ولا يعملوا على الأوهامِ، فيكونوا كالّذين قالوا: لا قِبَلَ لنا بعدوِّنا! فيتركوا ما أمرهم الله به مِن الجهاد، وإنّما عليهم أن يعتبروا بما جَرى مِن لطفِ اللهِ للمؤمنين السّابقين، فإنّه مقتضى حكمتِه وقوّتِه.

ولكن، أنّى لأكثر النّاسِ أن يدركوا الحقيقةَ أو يضبطوا النّفوسَ في أحلكِ الأيّام! وإنّما هَمُّ أحدِهم اللّغوُ والضّربُ ذاتَ اليمين وذاتَ الشّمال، وكم ممّن يملأ شدقيه صباحَ مساءَ يتخوَّضُ في ما لا يحسن، ويوشك أن يكذِّبَه اللهُ بنصرِ الّذين آمنوا، كما نصَر الّذين آمنوا.

وإنّما يصيبُ الصّوابَ في هذه المآزق مَن رزَقه الله بصَرًا فأحسن البصرَ به، وقليلٌ مّا هم.

وفي هذا التّذييل من الآيةِ تنبيهٌ على مراتبِ النّاس في المعرفة والفهم، ولا سيّما مضايق الحكم، وأنّ كثيرًا مِن النّاسِ ليسوا بأهلٍ للخوضِ في الأمور، وإنّما الّذي يلزمهم ديانةً الإمساكُ، والإقبالُ على اللهِ ودعاؤُه والعملُ الصّالح.

والله أعلم.
هذا أخونا حمزة، من شمال غزة،

تحت الحديد والنّار، وتسلُّط المجرمين الفجّار!

فما عذرُ أمثالِنا؟
﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾ (البقرة: 41)

"وَالثَّمَنُ الْقَلِيلُ: الرِّيَاسَةُ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ فِي قَوْمِهِمْ؛ خَافُوا عَلَيْهَا الْفَوَاتَ لَوْ أَصْبَحُوا أَتْبَاعًا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...

وَقِيلَ: كَانَتْ عَامَّتُهُمْ يُعْطُونَ أَحْبَارَهُمْ مِنْ زُرُوعِهِمْ وَثِمَارِهِمْ، وَيُهْدُونَ إِلَيْهِمُ الْهَدَايَا، وَيَرْشُونَهُمُ الرُّشَا عَلَى تَحْرِيفِهِمُ الْكَلِمَ، وَتَسْهِيلِهِمْ لَهُمْ مَا صَعُبَ عَلَيْهِمْ مِنَ الشَّرَائِعِ،

وَكَانَ مُلُوكُهُمْ يُدِرُّونَ عَلَيْهِمُ الْأَمْوَالَ؛ لِيَكْتُمُوا أَوْ يُحَرِّفُوا."

الكشّاف

#تفسير
أصول العِلم

- العِلمُ يَشتملُ على حقائق، حولَها آراء، حولَها أوهام، حولَها أغاليط، حولَها مَطاعِن.

وهيهاتَ أن يصلَ إلى حقائقِ العِلم الواقفُ عندَ مَطاعنِه!

- لُبُّ العِلم: حقائقُه، ومفاتيحُه: مصطلحاتُه، وطرقُه: أدلّتُه.

- وأصول العِلم عشَرة:

1. معرفةُ مصطلحاتِه.
2. وحقائقِ موضوعِه.
3. وأدلّةِ حقائقه.
4. ووجوهِ الخِلاف فيه (مآخِذ أهلِه من الأدلّة).
5. ومقولاتِه وآرائه.
6. وتاريخِه وأطواره.
7. ومصنّفاتِه وأعلامِه.
8. وصِلتِه بالعلوم الأخرى.
9. والحُجَجِ المنافحة عنه.
10. وصِلته بالحياة.

د. ظافر العمريّ

#معالم
«يا قوم!

قد وَفَدتُّ على كِسرى وهِرَقْل والنَّجاشيّ، وإنّي واللهِ ما رأيتُ مَلِكًا قَطُّ أطوَعَ في مَن هو بينَ ظَهرانَيْهِ مِن محمَّدٍ في أصحابِه!

واللهِ ما يشدُّون إليه النّظرَ، وما يَرفعون عنده الصّوتَ، وما يَكفيهِ إلّا أن يُشِيرَ إلى امرئٍ فيَفعل!

وما يَتنخَّمُ وما يَبصُقُ إلّا وقعَتْ في يَدَيْ رَجُلٍ منهم، يَمْسَحُ بها جِلدَه، وما يَتوضّأ مِن وضوء إلّا ازدَحَموا عليه أيُّهم يَظفَرُ منه بشيء!

وقد حَزَرْتُ القومَ، واعلَموا أنّكم إنْ أَرَدتُّم السَّيْفَ بَذَلُوهُ لكم!

وقد رأيتُ قومًا لا يُبالُونَ ما يُصْنَعُ بهم إذا مُنِعُوا صاحِبَهم!

واللهِ لقد ‌رأيتُ ‌نُسَيَّاتٍ مَعَه، إنْ كُنَّ ليُسْلِمْنَهُ أبدًا على حال! فرَوْا رَأْيَكُم!»

عُروة بن مسعود يصف لقريشٍ رسولَ الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وأصحابَه، رضي الله عنهم.

إمتاع الأسماع 1/ 287

#نبويات
.
قال بعضهم: البهائم التي تنتظر دورها في الافتراس!
لو أن كل (بهيمة!) منها شاركت برفسة أو نطحة لهلك هذا المفترس أو هرَب، ولكنها رضيت بأن تدين وتستنكر، أو تهرب وتفرّ؛ حتى يلحق المفترِس بإحداها!
بل ها هناك بهيمة حمقاء أو خبيثة تحاول إرضاء المفترس فتقول: صاحبتي مخطئة؛ لأنها التي وقفت أمامك!
والغباوة دركات!
.
قِسمة الهوَى

أنشدَ أهلُ اللُّغة، وهو من شواهد النّحويّين:

ثلاثةُ أحبابٍ: فحُبٌّ عَلاقةٌ
         وحُبٌّ تِمِلَّاقٌ، وحُبٌّ هو القَتْلُ!


ويُروَى الأوّلانِ بالإضافة.

- حُبُّ العَلاقة: الّذي يَعْلَقُ بالقلب ولا يَبْرَحُه، وهو أصفى الحُبِّ وأصدقُه.

- والتِّمِلَّاق: التَّمَلُّق، وهو التّودُّد، أو إظهارُ ما لا حقيقةَ له.

- والثّالثُ: الّذي يَغلو فيه صاحبُه، فيَجرُّه إلى حَتْفِه!

#لغويات
في الحمل على الظّاهر

- "كلام الله تعالى مهما أمكَنَ حملُه على ظاهرِه، لا يُعْدَلُ عنه إلى غيرِه."

- "لا يَجوزُ أن يُخاطِبَنا [سبحانه وتعالى] بخِطابٍ لا يريدُ به ظاهرَه، ثمّ لا يَدُلَّ عليه ولا يُبيِّنَ المرادَ به؛ لأنّ ذلك يكونُ إلغازًا وتعميةً وتورية، والإلغازُ والتّعميةُ والتّوريةُ ممّا لا يَجوزُ على اللهِ تعالى."

شرح الأصول الخمسة، ص: 357، 651.

#أصول
[من أخبار العُقَلاء]

قال ابن حزم في رسائله:

"محارب بن دثار، أحد أئمة أهل السنة، وعمران بن حطان، أحد أئمة الصُّفرية من الخوارج: كانا صديقين مخلصين زميلين إلى الحج، لم يَتحارَجا قط.

عبد الرحمن بن أبي ليلى كان يقدم عليا على عثمان، وعبد الله بن عُكيم كان يقدم عثمان على علي، وكانا صديقين لم يتحارجا قط. وماتت أم عبد الرحمن فقدم للصلاة عليها ابن عكيم.

طلحة بن مصرّف، وزُبيد اليامي: صديقان متصافيان، وكان طلحة يقدم عثمان، وكان زبيد يقدم عليا، ولم يتحارجا قط.

داود بن أبي هند، إمام السنة، وموسى بن سيار، من أئمة القدرية: كانا صديقين متصافيين خمسين سنة، لم يتحارجا قط.

سليمان التيمي، إمام أهل السنة، والفضل الرقاشي إمام المعتزلة: كانا صديقين إلى أن ماتا متصافيين، وتزوج سليمان بنتَ الفضل، وهي أم المعتمر بن سليمان".

وأصل هذا الكلام مأخوذ عن الإمام العِجلي، حيث قال:

"وكان طلحة بن مصرف وزُبيد اليامي متواخيين، وكان طلحة عثمانيا، وكان زبيد علويا، وكان طلحة يحرم النبيذ، وكان زيد يشرب، ومات طلحة فأوصى إلى زبيد.

وكان عبد الله بن إدريس الأودي وعبثر بن القاسم أبو زبيد الزبيدي متواخيين، وكان عبد الله بن إدريس عثمانيا، وكان عبثر علويا، وكان ابن إدريس يحرم النبيذ، وكان عبثر يشربه، ومات عبثر فقام ابن إدريس يسعى في دَين عليه حتى قضاه.

وكان عبد الله بن عُكيم الجهني، وكان جاهليا أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري متواخيين، وكان عبد الله بن عُكيم عثمانيا، وكان عبد الرحمن بن أبي ليلى علويا، وما سُمع يتذاكران شيئا من ذلك، إلا أن بن عكيم قال لعبد الرحمن بن أبي ليلى يوما: أما إن صاحبك -يعني عليا- لو صبر لأتاه الناس.

وماتت أم عبد الرحمن بن أبي ليلى، فقدم عليها ابن عكيم، فصلى عليها".

وفي طبقات ابن سعد:

"حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن موسى الجهني، عن ابنة عبد الله بن عكيم، قالت: كان عبد الله بن عكيم يحب عثمان، وكان ابن أبي ليلى يحب عليا، وكانا متواخيين. قالت: فما سمعتُهما يتذاكران شيئا قط، إلا أني سمعت أبي يقول لعبد الرحمن بن أبي ليلى: لو أن صاحبك صبر أتاه الناس."

وقد سَمع هذا الكلام من عبد الرحمن بن مهدي الإمام أحمد بن حنبل ورواه، كما في تاريخ بغداد للخطيب: ترجمة عبد الله بن عُكيم. وقد علق الخطيب على رواية: "وما رأيت أحدًا منهما يكلم صاحبه"، بقوله: "يعني كلام مخاصمة ومناظرة في عثمان وعلي".

وقال الإمام أحمد: "كان طلحة وزبيد مصلاهما واحد، وكان طلحة عثمانيا وزبيد علويا، وكان طلحة من الخيار، ولا يدفع زبيد عن حجته، وكان طلحة يحرم المسكر، وزبيد لا يحرمه". يقصد بالمسكر: النبيذ على مذهب فقهاء الكوفة.

وفي تاريخ الإسلام للذهبي:

"وقال أبو بكر بن عياش، عن عاصم قال: كان أبو وائل عثمانيا، وكان زر بن حبيش علويا، وما رأيت واحدا منهما قط تكلم في صاحبه حتى ماتا، وكان زر أكبر من أبي وائل، فكانا إذا جلسا جميعا لم يحدث أبو وائل مع زر".

هؤلاء هم السلف الصالح! وهذه هي آدابهم!

وهذه الآداب، التي تتقبل الاختلاف وتحترم حقه، هي التي على مثلها يتعايش الناس، وتتآلف القلوب في الوطن الواحد.

[كتبه الشريف حاتم العوني، حفظه الله]

#أدب
#نوادر
(التّراكيبُ مَجالِي كُنوزِ المَعاني)

استوحيتُ هذه العبارةَ من كلامٍ رائق لفضيلة الدّكتور محمود توفيق محمّد سعد، يصفُ فيه شيخَه العلّامة، حُجّةَ البلاغيّين، فضيلة الدّكتور محمّد أبو موسى، حفظهما الله ومتّع بهما، حيث يقول:

"هو ذو اعتناءٍ بالغٍ بالخصائصِ التّركيبيّة؛ من أنّها مَشْهَدُ ومَجْلَى ما هو مكنوزٌ في المَعاني الّتي هي مَعدِنُ القيمِ الآدميّة، الّتي يَتحقّقُ بعلوِّها وغلبتِها على حركةِ الحياة كرامةُ الآدميّ وعزّتُه وريادتُه، فيَتطهّرُ القارئُ الجادُّ وطلّابُ العلمِ الفتيّ من الإمّعيّة، والتّبعيّة، والاستخذاءِ النّفسيّ، والانسياقِ وراءَ أفاعيلِ سَحَرةِ إبليس، الّتي يَشغلون بها النّاسَ عن مراقبةِ الصّراعِ بينَ الحقّ والباطل، على ما تَرى الأعينُ وتَسمعُ الآذان".

#معالم
فائدة (حَسَنيّة شافعيّة)

اشتَهَرَ مِن كلام القوم ذكرُ (التخلّي)، و(التحلّي)، و(التجلّي)، في حديثهم عن منازل السلوك إلى ملك الملوك، جلّ شانُه، وعزّ سلطانُه!

يريدون: التخلّي عن النقائص والرذائل، والتحلّي بالكمالات والفضائل؛ ليحصل التجلّي، وهو إشراقُ الأنوار الإلهية، وإفاضةُ الأسرار الربانية.

وأخَذوا هذا المعنى من مثل قوله تعالى: {ٱتَّقُوا۟ ٱللهَ وَءَامِنُوا۟ بِرَسُولِهِۦ یُؤۡتِكُمۡ كِفۡلَیۡنِ مِن رَّحۡمَتِهِۦ وَیَجۡعَل لَّكُمۡ نُورࣰا تَمۡشُونَ بِهِ} الآية (سورة الحَدِيد: ٢٨).

وسمعتُ أستاذنا الوليّ الصفيّ، فضيلةَ الشيخِ حسن الشافعيّ، يَزيدُ عليها "التدلّي"، منبّهًا على رجوع العارف إلى الخلق بالإرشاد، وهو مقامُ الدالِّين على الله بالله، من الأنبياء عليهم السلامُ، ووُرّاثِهم رضي الله عنهم ونفعنا بهم.

وقد أشار القومُ إلى هذا المقام، وصرّحوا بأنه شأنُ الكُمَّل الأعلام، وذلك في ما وَصفوه من "البقاء بعد الفناء"، و"الفرق بعد الجمع"، و"الصحو بعد المحو"!

قال ابن القيّم، عليه رحمة الله تعالى، في (المَدارج):

"المحب له حالتان: حالة استغراق في محبة محبوبه، كاستغراق صاحب السُّكْر في سُكْره، وذلك عند استغراقه في شهود جماله وكماله، فلا يبقى فيه متسَع لسواه، ولا فضل لغيره. فإذا رآه من لم يعرف حاله: ظنه سكرا؛ فهذا استغراق في محبوبه وصفاته ونعوته.

الحالة الثانية: حالة صحو، يُفيق فيها على عبوديته والقيام بمرضاته، كالمسارعة إلى مَحابّه، فهو في هذا الحال به، أي: متصرف في أوامره ومحابّه به، ليس غائبا عنه بأوامره، ولا غائبا به عن أوامره، فلا يشغله واجب أو أمر وحقوقه عن واجب محبته، والإنابة إليه، والرضا به، ولا يشغله واجب حبه عن أوامره، بل هو مقتد بإمام الحنفاء إبراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليه؛ فإنه كان في أعلى مقامات المحبة وهي الخُلّة، ولم يَشغله ذلك عن القيام بخصال الفطرة من الختان، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، فضلا عما هو فوق ذلك، فوفّى المقامَين حقهما، ولهذا أثنى الله عليه بذلك، فقال: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}."

#سلوك
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
"نورُ العلمِ انشغالُ العقلِ به".

د. مُحمَّد أبو موسى.
#قيامة_الشعر
«إذا ‌فُتِحَ ‌لأحدِكم ‌بابُ ‌خيرٍ ‌فليُسْرِعْ إليه؛ فإنّه لا يَدري متى يُغلَقُ عنه!»

خالد بن مَعدان

حِلية الأولياء (5/ 211)

#إرشاد
الكَذْلَكة

لفظة نادرة، هي مصدر الفعل (كَذْلَكَ)، الّذي تُختصر به حكاية "قال: كَذَلِك ..."، المستعمَلة عند تشبيه شيء بشيء.

وقد وقعت بتصاريفها في كلام بعض العلماء، ولا سيّما أهل القرن الثّامن وما بعدَه.

ومن ذلك قول الصّفَديّ تعقيبًا على فتوى بعض الفقهاء:

"هذه الكَذْلَكةُ الثّانية لا فائدةَ فيها؛ فإنّها هي الأُولى بعينها".

(أعيان العصر)، 4/ 513.

واستعمل ابن القيم عبارة "كَذْلَكة المُفتي"، مقصودًا بها إقرار المفتي بفتوى غيره وتوقيعه بذلك، أي أن يقول: "وكذلك أقول"، أو "جوابي مثل جواب فُلان"، أو "ما أفتى به المفتي أعلاه صحيح، وعليه يوافق فلان" ويسمّي نفسَه.

قال ابن القيّم: "وإن كان المبتدئُ بالجواب أهلًا للإفتاء فلا يخلو: إما أن يَعلم المُكَذْلِكُ صوابَ جوابِه أو لا يَعلم، فإن لم يَعلم صواب جوابه لم يَجُزْ له أن يُكَذْلِكَ تقليدًا له".

(إعلام الموقِّعين)، الفائدة السّادسة والعشرون.

وقال الحجويّ في (الفكر السّامي):

"وإيّاك أن تكون كما قال القائل:

يَمُدُّون للإفتاء باعًا قصيرةً
وأكثرُهمْ عند الفتاوى يُكَذْلِكُ!"

#لغويات
#نوادر
"والذي يظهر أن النفوس الطاهرة السليمة لا تبغض أحدا ولا تعاديه إلا بسبب: إما واصل إليها، أو إلى من تحبه أو يحبها، أو توقع وصول ذلك؛ فيحصل لها نفرة منه، وينبو طبعها عنه.

ومن هذا الباب عداوتنا للكفار بسبب تعرضهم إلى من هو أحب إلينا من أنفسنا، وعداوتنا لإبليس كذلك ولقصده أذانا، وعداوتنا للحية والعقرب لتوقع الأذى منهما ...

والعداوة هي النفرة الطبيعية الحاصلة من ذلك، وليس من شرطها الفرح بالمساءة، ولا المساءة بالمسرة كما قاله الفقهاء.

ونحن نحب للكفار أن يؤمنوا ويهتدوا، ونبغضهم لكفرهم بالله، ونمتثل أمر الله في قتلهم وجهادهم.

والغرض أن النفوس الطاهرة لا تبغض أحدا إلا بسبب، ولا يترتب على بغضها إياه إلا مجرد النفرة والاحتراس عن أذاه؛ كما قال الله تعالى: {فاتخذوه عدوا} [فاطر: 6]، أما قصد أذاه أو الفرح بذلك فلا.

نعم، لا يبعد أن تكون نفوس خبيثة جبلت على الشر كالحية وإبليس من طبعها الأذى؛ فيحصل لها هذه الحالة، كما يحصل منها ذلك الفعل لمن لم يتقدم له إليها أذى. فلعل في نوع الإنسان شيئا من ذلك، والله أعلم.

والناس عندي أقسام:

أحدها: رجل له عليّ إحسان وإن قلّ، فلا أنساه له أبدا ...

الثاني: رجل له علي إحسان، لكن له صحبة ومودة، فهو كالأول ...

الثالث: رجل ليس له عليّ إحسان ولا صحبة، لكن له فضل أو نفع للناس؛ فأنا أرعى له ذلك.

وقد اتفق لي ذلك في شخص بهذه المثابة، وبلغني عنه في حقي كل قبيح، وقصد أذاي مرات، وشهد بالزور في حقي مرات، وما غيّرني ذلك عليه، لا والله! ولما مرض مرض موته تألمت له ولفقده، ونظمت قصيدة في ذلك. هذا في من يقصد أذاي، فكيف في من لم يحصل لي منه أذى من الأقسام الثلاثة!

الرابع: رجل لا أعرفه ولا يعرفني، فكيف أعاديه؟ بل إذا بلغني عنه أنه في ضرر أتألم، وإذا حصل له خير أسَرّ به؛ فإن الناس كالبنيان يشد بعضه بعضا، بل أرى الخير الذي يحصل له يغنيه عني، فكأنني غَنِيتُ به، ويكون غناه غنى لي؛ أليس لو احتاج وجب عليّ إسعافُه؟"

تقيّ الدّين السّبكيّ (فتاواه، 2/ 476-477)

#أدب
#فقه
ملأَني أسَفًا وغَضَبًا، بعدَ أن هزَّني عَجَبًا وطَرَبًا، أن قرأتُ في ترجمة أحد أعيان العلماء قولَ النّاس فيه:

"كان إمامًا في العلوم، عارفًا بالجدَل، يؤدّي درسَه بتؤدةٍ ولطافة، وللفِقه مِن فِيه حلاوةٌ وطلاوة، وهو أنظَرُ مَن رأيناه ... لم يَجتمع لأحد من معاصريه ما اجتمعَ له في فنون العلم، مع الذّكاء المُفرِط، والذّهن السّليم، ودقّة النّظّر، وحسن البحث، وقطع الخصوم".

ثمّ قولَهم:

"كان إذا اتّجهَ عليه البحثُ تظهرُ الكراهةُ في وجهه. وكان يغضُّ من كثير من العلماء، لا سيّما من أهل عصره، وكان يبخلُ بالوظائف على مستحقِّيها، ويخصُّ بها أولادَه".

فقلتُ: ما أقبحَ أن يُقرَنَ هذا بذاك! وأيُّ مَساءةٍ أن يورِّث المرءُ ذِكرَه بهذه الخصال!

فاعتبِروا يا أولي الأبصار!

#إيقاظ
#عجائب
من جميل السِّيَر، قول وليّ الدّين العراقيّ في ترجمة العلّامة الشّيخ الصّالح ابن النّقيب الشّافعيّ:

"وكانَ مِنِ خيرِ أهلِ زمانِه، متينَ الدِّيانةِ، شديدَ الورعِ، عظيمَ الزُّهدِ، طارحًا للتكلُّفِ، متواضعًا، قائمًا بالحقوقِ، كثيرَ الزِّيارةِ لأصحابِه، كثيرَ الإيثارِ والبِرِّ والإحسانِ، مجتهِدًا في إخفاءِ ذلكَ، كثيرَ الحجِّ والمجاورةِ.

ومعَ هذا كلِّه كانَ كثيرَ الانبساطِ، حُلوَ النَّادرةِ، فيه دُعابة زائدة، حُفِظَ عنه فيها أشياءُ لطيفةٌ، إمامًا في القراءاتِ، معَ طِيبِ النَّغْمةِ، وحُسنِ الصَّوتِ، مِصْقَعًا في الخطباءِ، له شِعر في الذِّروةِ.

فمِن لطيفِهِ ما أنشدَنيه:

كيفَ ألهُو ‌ومَشِيبِي ‌وَخَطَا
وحِمَامي دَبَّ نَحْوي وخَطَا

أمشِيبٌ وتَصابٍ بالهَوَى
ذاكَ واللهِ ضَلالٌ وخَطَا!


وبالجملةِ فهو مِن كَمَلَةِ الرِّجال!"

#تراجم
#أدب
العِلمُ فرقٌ وجمع

- «بلغَني عن الشّيخ ‌قطب ‌الدّين ‌السُّنباطيّ، رحمه الله، أنّه كان يقول: الْفِقْهُ ‌مَعْرِفَةُ ‌النَّظَائِرِ».

الزّركشيّ، المنثور في القواعد (1/ 66)

- «وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِقْهَ أَنْوَاعٌ ...

الثَّانِي: مَعْرِفَةُ الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ، وَعَلَيْهِ جُلُّ مُنَاظَرَاتِ السَّلَفِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: الْفِقْهُ ‌فَرْقٌ ‌وَجَمْعٌ».

المنثور في القواعد (1/ 69)

#فقه
#شافعيات
«والحَكِيمُ إذَا أَرَادَ التَّعْلِيمَ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ بَيَانَيْنِ: إجْمَالِيٍّ تَتَشَوَّفُ إلَيْهِ النَّفْسُ، وَتَفْصِيلِيٍّ تَسْكُنُ إلَيْهِ».

الزّركشيّ، المنثور في القواعد (1/ 66)

#فقه_التعليم
Forwarded from خبيب الواضحي
في مقدّمة "المستصفى" كلمةٌ باذخةٌ تلاقي هذه، وهي: (كلُّ علمٍ لا يستولي الطّالبُ في ابتداءِ نظَره على مجامعه ولا مبانيه، فلا مَطمَع له في الظَّفَر بأسرارِه ومباغيه) انتهى، ونظمها الأفيلح اللّخميّ في مقدّمة نظم الدّرر وسلك الزّهر، وهو في السّيرة، فقال:

وكلُّ علمٍ لم تَنلْ في أوّله
مُجمَلَه قصَرتَ عن مفصَّلِه


وفي ذاكرتي أنّي أشبعتُ شرحَه في مكانٍ، ولم أستحضرْه الآن، غير أنّ كنت كتبتُ في شيءٍ عندي أرسُم فيه طريقةً في التّدريسِ تصوُّرتُها مِن التّجربة، فالتزمتُها يومئذٍ:

(والحيلةُ: إشباعُ الشّرحِ، وحسنُ التّقريرِ، والمُعاودةُ بين الإجمالِ المشوِّقِ المشوِّفِ، والتّفصيلِ المحقِّقِ المثقِّفِ، والانتقالُ مِن المعلومِ إلى المجهولِ، وتحريرُ مراتبِ المعارفِ، ووجوهِ المذاهبِ، والعنايةُ بالتّمرينِ، وبسطُ الأمثلةِ، واستعمالُ الحِوارِ، والتّصرُّفُ في المسائلِ، والتّذييلُ بالفروعِ الصِّحاحِ، والتّضميخُ مِن المذاهبِ والعِلَلِ بما يقيمُ معنى التّأصيلِ، وصناعةَ المَلكةِ والتّحصيلِ، والتّعويلُ على الإتقانِ والإجادةِ، واجتنابُ الإكثارِ وما تقلُّ به الإفادةُ، وسلوكُ التَّكرارِ والإعادةِ، وتنويعُ العبارةِ، وقصدُ الإثارةِ، فإنّ المَعانِيَ شِرادٌ، لا تَبِينُ دون المعالجةِ ولا تنقادُ، «وتنويعُ العبارةِ بوجوهِ الدَّلالاتِ مِن أهمِّ الأمورِ وأنفعِها للعِبادِ، في مصالحِ المعاشِ والمعاد») انتهى.
2024/11/14 09:43:27
Back to Top
HTML Embed Code: