أجَلُّ ما رُوي فضل النصف من شعبان ما أخرجه طوائف من العلماء عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ينزلُ ربُّنا إلى سماءِ الدُّنيا ليلةَ النِّصفِ مِن شعبانَ فيغفرُ لأهلِ الأرضِ إلّا مُشرِكٍ أو مُشاحنٍ"، وفي رواية: "أو مُشاحِنٍ لأخيه"، أي: أخيه المسلم، والمُشاحِن هو المُعادي المُخاصِم، وقد جاء في بعض الروايات أيضًا: "أو قاطع رحم"، وفسّر كثيرٌ من أهل العلم المُشاحن بالمبتدع، وهو من التفسير بالمثال، لأن أهل البدع من جملة المشاحنين، ووجه ذلك أنهم "يُشاحنون أهل الإسلام ويعادونهم" كما رواه الطبراني في الدعاء عن الإمام أحمد، فمدار مدلول ذلك اللفظ على معاداة المسلمين ومدابرتهم وقطيعتهم وترك موالاتهم!

وإني لأقطع أن رحمة الله ومغفرته في هذه الليلة وغيرها محجوبة عمّن خذل - مع القدرة - إخواننا في غزة وغيرها، وشدد عليهم وضيّق، وظاهر عليهم عدوَّهم ظاهرًا أو باطنًا، نفاقًا أو جُبنًا، وأخشى أن تكون محجوبة عمّن والى هؤلاء وجرّأهم وزيّن لهم!

وأخشى أن تُحجَب كذلك عمّن غفل عنهم، وتناسى آلامهم، وانقطع عن حيلة العاجز التي كان يبذلها لأجلهم من دعاء أو عبادة أو مقاطعة أو تذكير أو غير ذلك، ولم يطق طول الصبر على هذا مع طول صبرهم هم على الجوع والعطش والدم والفقد والبرد والتشريد وغير ذلك من صنوف البلايا، وإنا لله وإنا إليه راجعون!

فليلة النصف ليلة تجديد الموالاة لأهل الإسلام والإيمان، وتجديد العزم على نصرتهم بكل ممكن وإن قلّ، والتألم لمصابهم والدعاء لهم وعلى من خذلهم!

سبحانكَ يا أُنس المستوحشين، يا ملاذَ التائهين، ما عرفَ من توكّلَ عليك الخذلان، وما عاد راجٍ ببابِك إلّا بسرورٍ واطمئنان، قلوبنا بغيرِ زادك جوعى، أرواحنا بغير غيثكَ ظمأى، والنفس في شوقٍ إليك، وتوقٍ إلى التنعّم برُؤياك يا ربّنا، خذ بأيدينا إليك، ودلّنا بك عليك حتى نلقاكَ وأنتَ راضٍ عنّا .

«وأمضِي ولو كانَ الصباحُ أسنَّةً
وأسرِي ولو كانَ الظَّلامُ جَحافِلُ»

مع كل حادثة كهذه؛ يعزّ عليّ والله جدًّا دعوات الشباب -خاصّةً- للهجرة..
أهدهد نفسي قائلةً: وهو فيه حلّ غير كدا أصلًا؟ وطنٌ يرفضك، أنت فيه متّهم بلا جرم، شرفك ونقاؤك تهمة، حبّك لها وإصلاحك فيها تهمة، وسعيك وتعبك لكسب الرزق الحلال تهمة.. سواء مشيت جنب الحيط أم لا، فأنت متّهم منبوذ.

ورغم ذلك، لا يطاوعك قلبك على كرهها، وكأنّ حبّها لعنة تزداد مع الأيام، وإن قهرتك وسرقت منك أعزّ ما تملك.. نحبّها، ونكره ظلمها.

«أهاجِر وأسيبك لمين
ولسه صبيّة ونيلِك حزين؟»

الله واحد، ولم تنتهِ الحكاية..

عجيبٌ ابن آدم! يصبرُ دهرًا، فإذا ما بُشِّر بالفرَج لم يطق صبرًا لنزوله وإن كان قليلًا. فإن قيل له: ليلتان وتُنال مُرادك؛ كانت هاتان الليلتَان أشدَّ وأقسىٰ من زمنِ صبره كلِّه!

مسكين..

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
الله يحييكم 🤍

ما شاء الله، اللهمّ بارك!
والله نعمة عظيمة جدًّا، والكتب أنيسة فعلًا.. الله يعينك على شُكرها ويسدّد يا رب ويحبّبها إليكِ، الحمد لله ربّ العالمين.

الله يفتح وينفع بإذنه..
تفكير جميل في المنهجية، لا أحبّ القراءة العشوائية :)

محتاجة قبل ما تقرئي تسألي نفسك: لمَ أقرأ؟ (الهدف المُراد تحقيقه من هذه القراءة)

القراء ثلاثة حسبما أعلم:
- من يقرأ للتسلية.
- من يقرأ للفائدة.
- من يقرأ للإصلاح والتنمية.

طبعا الأخير الأفضل؛ المثمرة المتعدّية الداعية إلى العمل. لكن معلوم أنّ القارئ يمرّ على الثلاثة باختلاف الأوقات؛ فلا يقرأ دوما للتسلية فقط مثلًا.

كذلك أحبّ لو تكون القراءة متنوّعة؛ فلا ينغمس القارئ في نوعٍ معيَّن ويملّ بعد فترة، ولكن ينوّع بما يفضّل.. فيقرأ في: الشرعي، والثقافي، الفكر والإصلاح، الأدب.. إلخ، ولكُلٍّ طريقته الخاصّة في ترتيب الأولويات.

أقترح عليكِ لو نطبّق على كتب الشيخ أحمد السيّد -أظن أنك من طالبات البرامج، فلستِ ببعيدة عن هذا الطريق-، حقائب الكتب متنوّعة ومتدرّجة من الأسهل للأعلى منه..

اطلعي هُنــا على مقطع وضّح فيه الشيخ أفضل ترتيب لقراءة كُتبه.

ولمهارات القراءة أوصيكِ بأشياء ومواد:

• قبل البدء في كتاب؛ اطلعي على الفهرس العام والعناوين الرئيسية وكوّني فكرة أوَّلية عنه (هذه الطريقة تحمّسك بإذن الله وتشجّعك على الإكمال لا سيّما إذا كان الكتاب من اهتماماتك).
• حاولي أن تقرئي قراءة يسمّونها «قراءة عميقة»، وهي القراءة المتأنية بتركيز.
• إن استطعتِ أن تلخّصي ما تقرئينه فافعلي، ودوّني ملاحظاتك في الهامش من فوائد ولطائف.. إلخ، واربطي بين موضوعات الكتاب؛ هذه الطريقة تسهّل عليكِ جدًّا بإذن الله، وتعينك بعد ذلك على مراجعته بسهولة وفي وقتٍ أقل.
• المُراجعة وتكرار القراءة.
قيل إن قراءة كتاب مرّتين أفضل من قراءة كتابَين. والمراجعة تثبّت المعلومات السابقة وتفتح آفاقًا جديدة للقارئ، وتنبِّهه على نقاط ربّما كان قد غفل عنها في المرّة الأولى.
• لو كان باستطاعتك مناقشة الكتاب أو تثوير أفكاره مع رفيقات أو رفيقة على الأقلّ، فهذا جيّد جدًّا ويُنصح به، ويُعين على الفهم.

• أرشّح لك هذا الدرس: مهارات القراءة.

• واطلعي كذلك هنا على مقاطع للشيخ بدر الثوعي -فرّج الله همّه-؛ لعلّها تفيدك بإذن الله.

https://www.group-telegram.com/allmriy/139
(ثالثًا: القراءة والمنهجيّة).

أجمعين يا رب، فتح الله لكِ وبارك ونفع وسدّد.

‌
«ظنَّ الخَليُّ بأنَّ البُعدَ يؤنِسني
فكيفَ يؤنسني طَردي وإبعادِي؟!»

"نحوَ المَدينةِ سارَت بِنا
أشواقُنا قبلَ أقدامِنا.."