Telegram Group & Telegram Channel
صفي الدين
بعد احتلال العراق وسقوط النظام عام ٢٠٠٣، دخلت البلاد مرحلة مظلمة من الفوضى والضياع. وقف بول بريمر، الحاكم المدني الأمريكي، على أنقاض دولة محطّمة، واتخذ قرارات مصيرية ستُغيّر وجه العراق لعقود قادمة. من بين أولى قراراته الجذرية كان حلّ جميع الأجهزة الأمنية التي…
في نوفمبر من عام ٢٠٠٦، بلغت التوترات بين محمد الشهواني، مدير جهاز المخابرات العراقي المدعوم بقوة من الأمريكيين، ومعظم القوى الشيعية الحاكمة ذروتها. كان الشهواني قد رسّخ مكانته كرأس حربة المشروع الأمريكي في العراق، متصدياً بلا هوادة لكل من يعارض النفوذ الأمريكي، سواء عبر حملات الاعتقالات والاغتيالات، أو من خلال حرب إعلامية شرسة. لقد تحوّل الجهاز تحت قيادته الى كيان يعمل فوق سلطة الحكومة، حيث لم تكن قراراتها ملزمة له.
في خضم هذا الصراع المحتدم، مارست القوى الشيعية ضغوطاً هائلة على رئيس الوزراء نوري المالكي لإقالة الشهواني، مدفوعةً برغبتها في السيطرة على الجهاز. كان المالكي، المحاصر بين مطرقة النفوذ الأمريكي وسندان المطالب الشيعية، يبحث عن بديل يُسيطر عليه هو. ومن المفارقات أن بعض تلك القوى رشّحت آنذاك الشهيد أبو مهدي المهندس لرئاسة جهاز المخابرات، الذي بدأ الأمريكيون في معرفته كأحد المطلوبين لهم سابقًا قبل أن يغادر العراق عام ٢٠٠٧.
لكن المالكي اصطدم بجدار أمريكي صلب. فقد فشلت كل محاولاته للإطاحة بالشهواني، وتلقت جهوده ضربة مهينة عندما زار مقر جهاز المخابرات عام ٢٠٠٧. هناك، رُفض طلبه بالدخول الى بعض الأقسام الحساسة المعنية بالتجسس على الفصائل والجماعات المختلفة، في مشهد عكس عمق الانقسام بين الحكومة وهذا الجهاز. هذه الإهانة دفعت المالكي الى تعزيز خلية الصقور الاستخباراتية، وتحويلها الى قوة موازية قادرة على منافسة جهاز المخابرات.
رغم رحيل الشهواني عن الجهاز عام ٢٠٠٩، استمرت أزمة القوى الشيعية مع جهاز المخابرات. فقد أدركت تلك القوى حقيقة مُرّة: الولايات المتحدة قد تساوم على الأسماء والمناصب، لكنها لن تتخلى أبداً عن السيطرة على المفاصل الأمنية الحساسة في الجهاز. كان واضحاً أن أي محاولة لانتزاع الجهاز من قبضة الأمريكيين ستُقابل برفض قاطع، مهما تغيرت الحكومات وتعاقبت الوجوه.

اليوم، وبعد سنوات من الصراع والتجاذبات، وفي ظل المفاوضات الحالية بين الحكومة والفصائل بشأن تسليم السلاح والانخراط ضمن هيئة الحشد الشعبي. وهي خطوة رفضتها الفصائل بشكل قاطع، لكن مع تطور المفاوضات بدأت بعض الفصائل تُبدي استعدادًا مبدئيًا لتقديم تنازلات جزئية، مثل تسليم جزء من سلاحها، مقابل الحصول على السيطرة الكلية على جهاز المخابرات. وهو أمر مستحيل بالنسبة للأمريكيين، إذ يشكّل تهديدًا أمنيًا يعادل، بل قد يفوق، خطر سلاح الفصائل نفسها.



group-telegram.com/bmojjy1/1255
Create:
Last Update:

في نوفمبر من عام ٢٠٠٦، بلغت التوترات بين محمد الشهواني، مدير جهاز المخابرات العراقي المدعوم بقوة من الأمريكيين، ومعظم القوى الشيعية الحاكمة ذروتها. كان الشهواني قد رسّخ مكانته كرأس حربة المشروع الأمريكي في العراق، متصدياً بلا هوادة لكل من يعارض النفوذ الأمريكي، سواء عبر حملات الاعتقالات والاغتيالات، أو من خلال حرب إعلامية شرسة. لقد تحوّل الجهاز تحت قيادته الى كيان يعمل فوق سلطة الحكومة، حيث لم تكن قراراتها ملزمة له.
في خضم هذا الصراع المحتدم، مارست القوى الشيعية ضغوطاً هائلة على رئيس الوزراء نوري المالكي لإقالة الشهواني، مدفوعةً برغبتها في السيطرة على الجهاز. كان المالكي، المحاصر بين مطرقة النفوذ الأمريكي وسندان المطالب الشيعية، يبحث عن بديل يُسيطر عليه هو. ومن المفارقات أن بعض تلك القوى رشّحت آنذاك الشهيد أبو مهدي المهندس لرئاسة جهاز المخابرات، الذي بدأ الأمريكيون في معرفته كأحد المطلوبين لهم سابقًا قبل أن يغادر العراق عام ٢٠٠٧.
لكن المالكي اصطدم بجدار أمريكي صلب. فقد فشلت كل محاولاته للإطاحة بالشهواني، وتلقت جهوده ضربة مهينة عندما زار مقر جهاز المخابرات عام ٢٠٠٧. هناك، رُفض طلبه بالدخول الى بعض الأقسام الحساسة المعنية بالتجسس على الفصائل والجماعات المختلفة، في مشهد عكس عمق الانقسام بين الحكومة وهذا الجهاز. هذه الإهانة دفعت المالكي الى تعزيز خلية الصقور الاستخباراتية، وتحويلها الى قوة موازية قادرة على منافسة جهاز المخابرات.
رغم رحيل الشهواني عن الجهاز عام ٢٠٠٩، استمرت أزمة القوى الشيعية مع جهاز المخابرات. فقد أدركت تلك القوى حقيقة مُرّة: الولايات المتحدة قد تساوم على الأسماء والمناصب، لكنها لن تتخلى أبداً عن السيطرة على المفاصل الأمنية الحساسة في الجهاز. كان واضحاً أن أي محاولة لانتزاع الجهاز من قبضة الأمريكيين ستُقابل برفض قاطع، مهما تغيرت الحكومات وتعاقبت الوجوه.

اليوم، وبعد سنوات من الصراع والتجاذبات، وفي ظل المفاوضات الحالية بين الحكومة والفصائل بشأن تسليم السلاح والانخراط ضمن هيئة الحشد الشعبي. وهي خطوة رفضتها الفصائل بشكل قاطع، لكن مع تطور المفاوضات بدأت بعض الفصائل تُبدي استعدادًا مبدئيًا لتقديم تنازلات جزئية، مثل تسليم جزء من سلاحها، مقابل الحصول على السيطرة الكلية على جهاز المخابرات. وهو أمر مستحيل بالنسبة للأمريكيين، إذ يشكّل تهديدًا أمنيًا يعادل، بل قد يفوق، خطر سلاح الفصائل نفسها.

BY صفي الدين





Share with your friend now:
group-telegram.com/bmojjy1/1255

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

The message was not authentic, with the real Zelenskiy soon denying the claim on his official Telegram channel, but the incident highlighted a major problem: disinformation quickly spreads unchecked on the encrypted app. The regulator said it has been undertaking several campaigns to educate the investors to be vigilant while taking investment decisions based on stock tips. I want a secure messaging app, should I use Telegram? If you initiate a Secret Chat, however, then these communications are end-to-end encrypted and are tied to the device you are using. That means it’s less convenient to access them across multiple platforms, but you are at far less risk of snooping. Back in the day, Secret Chats received some praise from the EFF, but the fact that its standard system isn’t as secure earned it some criticism. If you’re looking for something that is considered more reliable by privacy advocates, then Signal is the EFF’s preferred platform, although that too is not without some caveats. The Securities and Exchange Board of India (Sebi) had carried out a similar exercise in 2017 in a matter related to circulation of messages through WhatsApp.
from sa


Telegram صفي الدين
FROM American