group-telegram.com/shazarat77/622
Last Update:
قوله ﴿فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله﴾ فيه سؤال، وهو أن ذكر الله سبب لحصول النور والهداية وزيادة الاطمئنان، كما قال: ﴿ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾ [الرعد: ٢٨] فكيف جعله في هذه الآية سببا لحصول قسوة القلب ؟!
والجواب أن نقول: إن النفس إذا كانت خبيثة الجوهر، كدرة العنصر، بعيدة عن مناسبة الروحانيات، شديدة الميل إلى الطبائع البهيمية، والأخلاق الذميمة، فإن سماعها لذكر الله يزيدها قسوة وكدورة، وتقرير هذا الكلام بالأمثلة، فإن الفاعل الواحد تختلف أفعاله بحسب اختلاف القوابل؛ كنور الشمس يسود وجه القصار ويبيض ثوبه، وحرارة الشمس تلين الشمع وتعقد الملح، وقد نرى إنسانا واحدا يذكر كلاما واحدا في مجلس واحد، فيستطيبه واحد ويستكرهه غيره، وما ذاك إلا ما ذكرناه من اختلاف جواهر النفوس، ومن اختلاف أحوال تلك النفوس، «ولما نزل قوله تعالى: ﴿ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين﴾ [المؤمنون: ١٢] وكان قد حضر هناك عمر بن الخطاب وإنسان آخر، فلما انتهى رسول الله ﷺ إلى قوله تعالى: ﴿ثم أنشأناه خلقا آخر﴾ قال كل واحد منهم: ﴿فتبارك الله أحسن الخالقين﴾ [المؤمنون: ١٤] فقال رسول الله ﷺ: اكتب، فهكذا أنزلت فازداد عمر إيمانا على إيمان، وازداد ذلك الإنسان كفرا على كفر»، إذا عرفت هذا لم يبعد أيضا أن يكون ذكر الله يوجب النور والهداية والاطمئنان في النفوس الطاهرة الروحانية، ويوجب القسوة والبعد عن الحق في النفوس الخبيثة الشيطانية.
إذا عرفت هذا فنقول: إن رأس الأدوية التي تفيد الصحة الروحانية، ورئيسها هو ذكر الله تعالى، فإذا اتفق لبعض النفوس أن صار ذكر الله تعالى سببا لازدياد مرضها، كان مرض تلك النفس مرضا لا يرجى زواله، ولا يتوقع علاجه، وكانت في نهاية الشر والرداءة، فلهذا المعنى قال تعالى: ﴿فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين﴾ وهذا كلام كامل محقق.
[التفسير الكبير].
#سؤال_وجوابه
BY سلطان المتكلمين!
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/shazarat77/622