group-telegram.com/sokyaaaa/2161
Last Update:
يقول ابن رشيق في العمدة: "الغناء حلة الشعر، إن لم يلبسها طُويت".
وذلك أنّ الاقتران والتلازم بين الشعر والغناء قديم، عند العرب وعند غيرهم من الأمم وحتى عند الشعوب البدائية*، وهذا ما يعزّز عندي كونهما -الشعر والغناء- من الأمور الملازمة والمصاحبة للإنسان، المنتمية إليه انتماءا طبيعيا بأصل فطرته. سمعت الدكتور طه عبد الرحمن في إحدى حوارياته يقول ما معناه: «يُخال إليّ أنّ الإنسان نطق أول ما نطقَ شعرا!».
والعرب عرفت أنواعا كثيرة من الغناء منها الحداء والنصب والهزج والتغبير والرجز والسناد وغيرها، لكلٍّ منه موضع تحسن فيه.
يقول سيدنا حسان بن ثابت:
تغنّ بالشعر إمّا أنت قائله
إنّ الغناء لهذا الشعر مضمار!
ويقول طرفة بن العبد في معلقته:
ندامايَ بيضٌ كالنجوم وقينـــــةٌ
تروح علينا بين بُردٍ ومُجْســــــد
رحيبٌ قطاب الجيْب منها رفيقـــةٌ
بجَسِّ النّدامى، بضَّةُ المتجــــــرَّد
إذا نحن قلنا أَسمعينا انبرتْ لنــا
على رسلها مطروفةً لم تَشـــــَدّد
إذا رجّعت في صوتها خلت صوتهـا
تجاوبَ أظآرٍ على رُبَـــــعٍ رَدِيْ!
ولهذا الغرض مكث أبو فرج الأصفهاني العالم الموسوعي خمسين سنة يجمع أغانيه، وهو المصنّف ذائع الصيت، وأشهر دواوين العرب وأجلها وأضخمها، بل الإجماع منعقد على أنه منقطع النظير في بابه.
فجمع فيه ما غنى المغنون من الشعر العربي، مع ذكر تراجمهم وأخبارهم، وذكر الصوت والطريقة الإيقاع وواضعه وغير ذلك، فصهر في كتابه هذا صفوة معارفه، حتى أنّ الصاحب بن عباد كان معتادا أن يصحب معه في أسفاره حمل ثلاثين جملا من الكتب، فلما حظي بالأغاني استغنى عن جميعها.
*وقعت منذ فترة على كتاب بعنوان لافت ويغري بالاطلاع عليه، واسمه: "الغناء والشعر عند الشعوب البدائية".
BY سُقيا ومربع
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/sokyaaaa/2161