Telegram Group & Telegram Channel
قال شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله:

فائدة
تأمَّلْ خطابَ القرآن، تجدْ ملكًا له الملك كلُّه وله الحمدُ كلُّه، أزِمَّةُ الأمور كلِّها بيدَيْه ومصدَرُها منه ومردُّها إليه، مستويًا على سرير ملكه، لا تخفى عليه خافيةٌ في أقطار مملكتِهِ، عالِمًا بما في نفوس عبيدِهِ، مُطَّلِعًا على إسرارِهِم وعلانِيَتِهِم، منفردًا بتدبير المملكة، يَسمعُ ويَرى،ويُعطِي ويَمنعُ، ويُثيبُ ويعاقِبُ، ويُكْرِمُ ويُهِيْن، ويخلُق ويرزُقُ، ويُميتُ ويُحْيي، ويُقدِّرُ ويَقضي ويُدبِّر، الأمورُ نازلةٌ من عنده دقيقُها وجليلُها وصاعدةٌ إليه، لا تتحرَّكُ ذرَّةٌ إلا بإذِنِه، ولا تسقطُ ورقةٌ إلا بعلمِهِ.
فتأمَّلْ كيف تجِدُهُ يُثْني على نفسِهِ، ويُمجِّد نفسه، ويحمدُ نفسه، وينصِح عباده، ويدُلُّهم على ما فيه سعادتُهم وفلاحُهم، ويُرغِّبُهم فيه، ويُحذِّرُهم مما فيه هلاكُهم، ويتعرَّفُ إليهم بأسمائِهِ وصفاتِهِ، ويَتحبَّبُ إليهم بنعمِهِ وآلائِهِ؛ فيُذكِّرهم ييعَمِه عليهم ويَأمرهم بما يستوجبون به تمامَها، ويُحذِّرهم من نِقَمِه ويُذكِّرهم بما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه، وما أعدَّ لهم من العقوبة إن عصوهُ، ويُخبِرُهم بصنعِهِ في أوليائِهِ وأعدائِهِ، وكيف كانت عاقبةُ هؤلاءِ وهؤلاءِ، ويُثني على أوليائِهِ بصالح أعمالِهِم وأحسن أوصافهم، ويذمُّ أعداءه بسيِّىءِ أعمالِهِم وقبيح صفاتهم، ويضرب الأمثال، ويُنوِّعُ الأدلة والبراهين، ويُجيب عن شُبه أعدائِهِ أحسنَ الأجوبة، ويُصدِّقُ الصادق، ويكذِّبُ الكاذب، ويقولُ الحقَّ، ويهدي السبيل، ويدعو إلى دار السلام ويَذكُرُ أوصافها وحُسنها ونعيمها، ويُحذِّرُ من دار البوار ويَذكُرُ عذابها وقبحها وآلامها، ويُذكِّرُ عباده فقرهم إليه وشدَّة حاجتهم إليه من كلِّ وجهٍ، وأنَّهم لا غِنًى لهم عنه طرفةَ عينٍ، ويذكُرُ غِناه عنهم وعن جميع الموجودات، وأنه الغنيُّ بنفسه عن كلِّ ما سواه، وكلُّ ما سواه فقيرٌ إليه بنفسه، وأنه لا ينالُ أحدٌ ذرَّةً من الخير فما فوقها إلا بفضله ورحمته، ولا ذرَّة من الشر فما فوقها إلا بعدلِهِ وحكمتِهِ.
ويشهدُ من خطابه عتابَهُ لأحبابهِ ألطفَ عتابٍ، وأنه مع ذلك مُقِيلٌ عثراتهم، وغافرٌ زلَّاتِهم، ومُقيمٌ أعذارهم، ومُصلحٌ فسادهم، والدافع عنهم، والمُحامي عنهُم، والناصرُ لهم، والكفيلُ بمصالحهم، والمُنجي لهم من كلِّ كربٍ، والمُوفِي لهم بوعده، وأنَّه وليُّهم الذي لا وليَّ لَهم سواهُ؛ فهو مولاهم الحقُ، ونَصيرُهم على عدوِّهم؛ فنعم المولى ونعم النصيرُ.
فإذا شَهدتِ القلوبُ من القرآن ملكًا عظيمًا رحيمًا جوادًا جميلًا هذا شأنُهُ، فكيف لا تُحِبُّه، وتُنافِسُ في القُرْب منه، وتُنْفِقُ أنفاسها فيِ التودُّد إليه، ويكون أحبَّ إليها من كل ما سواه، ورضاهُ آثر عندها من رِضى كلِّ ما سواه؟! وكيف لا تلهَجُ بذكْرِهِ، ويصير حبُّه والشوقُ إليه والأُنسُ به هو غذاءها وقُوتَها ودواءَها؛ بحيثُ إن فقدتْ ذلك، فسدتْ وهلكتْ ولم تَنتفعْ بحياتِها؟!

📚الفوائد ص٣٩ - ط دار عالم الفوائد📚



group-telegram.com/almaqdisy_al7anbali/6128
Create:
Last Update:

قال شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله:

فائدة
تأمَّلْ خطابَ القرآن، تجدْ ملكًا له الملك كلُّه وله الحمدُ كلُّه، أزِمَّةُ الأمور كلِّها بيدَيْه ومصدَرُها منه ومردُّها إليه، مستويًا على سرير ملكه، لا تخفى عليه خافيةٌ في أقطار مملكتِهِ، عالِمًا بما في نفوس عبيدِهِ، مُطَّلِعًا على إسرارِهِم وعلانِيَتِهِم، منفردًا بتدبير المملكة، يَسمعُ ويَرى،ويُعطِي ويَمنعُ، ويُثيبُ ويعاقِبُ، ويُكْرِمُ ويُهِيْن، ويخلُق ويرزُقُ، ويُميتُ ويُحْيي، ويُقدِّرُ ويَقضي ويُدبِّر، الأمورُ نازلةٌ من عنده دقيقُها وجليلُها وصاعدةٌ إليه، لا تتحرَّكُ ذرَّةٌ إلا بإذِنِه، ولا تسقطُ ورقةٌ إلا بعلمِهِ.
فتأمَّلْ كيف تجِدُهُ يُثْني على نفسِهِ، ويُمجِّد نفسه، ويحمدُ نفسه، وينصِح عباده، ويدُلُّهم على ما فيه سعادتُهم وفلاحُهم، ويُرغِّبُهم فيه، ويُحذِّرُهم مما فيه هلاكُهم، ويتعرَّفُ إليهم بأسمائِهِ وصفاتِهِ، ويَتحبَّبُ إليهم بنعمِهِ وآلائِهِ؛ فيُذكِّرهم ييعَمِه عليهم ويَأمرهم بما يستوجبون به تمامَها، ويُحذِّرهم من نِقَمِه ويُذكِّرهم بما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه، وما أعدَّ لهم من العقوبة إن عصوهُ، ويُخبِرُهم بصنعِهِ في أوليائِهِ وأعدائِهِ، وكيف كانت عاقبةُ هؤلاءِ وهؤلاءِ، ويُثني على أوليائِهِ بصالح أعمالِهِم وأحسن أوصافهم، ويذمُّ أعداءه بسيِّىءِ أعمالِهِم وقبيح صفاتهم، ويضرب الأمثال، ويُنوِّعُ الأدلة والبراهين، ويُجيب عن شُبه أعدائِهِ أحسنَ الأجوبة، ويُصدِّقُ الصادق، ويكذِّبُ الكاذب، ويقولُ الحقَّ، ويهدي السبيل، ويدعو إلى دار السلام ويَذكُرُ أوصافها وحُسنها ونعيمها، ويُحذِّرُ من دار البوار ويَذكُرُ عذابها وقبحها وآلامها، ويُذكِّرُ عباده فقرهم إليه وشدَّة حاجتهم إليه من كلِّ وجهٍ، وأنَّهم لا غِنًى لهم عنه طرفةَ عينٍ، ويذكُرُ غِناه عنهم وعن جميع الموجودات، وأنه الغنيُّ بنفسه عن كلِّ ما سواه، وكلُّ ما سواه فقيرٌ إليه بنفسه، وأنه لا ينالُ أحدٌ ذرَّةً من الخير فما فوقها إلا بفضله ورحمته، ولا ذرَّة من الشر فما فوقها إلا بعدلِهِ وحكمتِهِ.
ويشهدُ من خطابه عتابَهُ لأحبابهِ ألطفَ عتابٍ، وأنه مع ذلك مُقِيلٌ عثراتهم، وغافرٌ زلَّاتِهم، ومُقيمٌ أعذارهم، ومُصلحٌ فسادهم، والدافع عنهم، والمُحامي عنهُم، والناصرُ لهم، والكفيلُ بمصالحهم، والمُنجي لهم من كلِّ كربٍ، والمُوفِي لهم بوعده، وأنَّه وليُّهم الذي لا وليَّ لَهم سواهُ؛ فهو مولاهم الحقُ، ونَصيرُهم على عدوِّهم؛ فنعم المولى ونعم النصيرُ.
فإذا شَهدتِ القلوبُ من القرآن ملكًا عظيمًا رحيمًا جوادًا جميلًا هذا شأنُهُ، فكيف لا تُحِبُّه، وتُنافِسُ في القُرْب منه، وتُنْفِقُ أنفاسها فيِ التودُّد إليه، ويكون أحبَّ إليها من كل ما سواه، ورضاهُ آثر عندها من رِضى كلِّ ما سواه؟! وكيف لا تلهَجُ بذكْرِهِ، ويصير حبُّه والشوقُ إليه والأُنسُ به هو غذاءها وقُوتَها ودواءَها؛ بحيثُ إن فقدتْ ذلك، فسدتْ وهلكتْ ولم تَنتفعْ بحياتِها؟!

📚الفوائد ص٣٩ - ط دار عالم الفوائد📚

BY الانتصار لأهل الحديث والأثر


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/almaqdisy_al7anbali/6128

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

Telegram boasts 500 million users, who share information individually and in groups in relative security. But Telegram's use as a one-way broadcast channel — which followers can join but not reply to — means content from inauthentic accounts can easily reach large, captive and eager audiences. At the start of 2018, the company attempted to launch an Initial Coin Offering (ICO) which would enable it to enable payments (and earn the cash that comes from doing so). The initial signals were promising, especially given Telegram’s user base is already fairly crypto-savvy. It raised an initial tranche of cash – worth more than a billion dollars – to help develop the coin before opening sales to the public. Unfortunately, third-party sales of coins bought in those initial fundraising rounds raised the ire of the SEC, which brought the hammer down on the whole operation. In 2020, officials ordered Telegram to pay a fine of $18.5 million and hand back much of the cash that it had raised. Given the pro-privacy stance of the platform, it’s taken as a given that it’ll be used for a number of reasons, not all of them good. And Telegram has been attached to a fair few scandals related to terrorism, sexual exploitation and crime. Back in 2015, Vox described Telegram as “ISIS’ app of choice,” saying that the platform’s real use is the ability to use channels to distribute material to large groups at once. Telegram has acted to remove public channels affiliated with terrorism, but Pavel Durov reiterated that he had no business snooping on private conversations. In February 2014, the Ukrainian people ousted pro-Russian president Viktor Yanukovych, prompting Russia to invade and annex the Crimean peninsula. By the start of April, Pavel Durov had given his notice, with TechCrunch saying at the time that the CEO had resisted pressure to suppress pages criticizing the Russian government. This provided opportunity to their linked entities to offload their shares at higher prices and make significant profits at the cost of unsuspecting retail investors.
from tr


Telegram الانتصار لأهل الحديث والأثر
FROM American