Telegram Group Search
س: لماذا الإكثار من الحديث عن أهمية السيرة النبوية؟

ج: إذا لم تعد للسيرة مركزيتها في سلّم الدراسة في العلم والدعوة فلا يطمع المرء بصلاح الأمة ولا إصلاحها ..

كل حديث عن طرق الدعوة ووسائلها والبصيرة بها من غير الربط الوثيق بينه وبين السيرة النبوية فهو لغو لا فائدة منه !

تسويد للأوراق وإشباع للنفوس وتضييع للأوقات والجهود ..

ولا شك لدي بأنّ الشيطان وراء ابعاد الناس -خاصة طلاب العلم- عن السيرة النبوية تأملا ودراسة كما قام بالإبعاد عن تدبر القرآن وتأمله والعيش معه ..

ألا يعجب المرء من تقصير الخاصة قبل العامة في التعامل مع القرآن مع اعتقادهم عظمة هذا الكتاب وفخرهم به وحديثهم عنه !

يسهل على المرء الحديث الطويل عن عظمة القرآن ويشق عليه أن يعيش مع سورة واحدة عيشا يثمر الإيمان والعلم والوعي والعمل؟!

وألا يثير العجب غفلة الكثير من المهتمين بالعلم والوعي والدعوة والثقافة عن مركزية السيرة في معرفة الإسلام وعدم القدرة على فهم القرآن من غيرها ؟!

تكرار الحديث والتطبيق العملي وإقامة الدروس والمشاريع الموصلة إلى القرآن والسيرة النبوية من واجبات الدعوة لا مستحباتها ..

مع التذكير بأنّه في كل مرحلة تدخل مجموعة جديدة بوابة العمل والدعوة لابد من طرق هذه المعاني أسماعها .. حتى لا يأتي جيل من الدعاة يقول:
"مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ"

وهذا من أسباب التذكير الدائم بالإيمان - الشيطان - الصلاة .. الخ في جميع مراحل الدعوة مع كثرة سماع من دخلها منذ بدايتها ..

تقام الحجة على اللاحق وتتأكد المعاني وتتمركز في قلب السابق ..
س: كيف استطاع مصعب بن عمير نشر الإسلام في المدينة في سنة واحدة؟ ولماذا لم يحدث ذلك مع أهل مكة؟

ج: العرب كانوا أصحاب فطر سليمة بالجملة ولم تكن لديهم حجج عقلية بل كانت نفسية .. وأعظم حججهم على الإطلاق تقليد الآباء ..
ومن رحمة الله بأهل المدينة أن جاءت الدعوة بعد مقتل آبائهم يوم بعاث ..
روى البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت:
كانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقَدِ افْتَرَقَ مَلَؤُهُمْ، وقُتِّلَتْ سَرَوَاتُهُمْ وجُرِّحُوا، قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في دُخُولِهِمْ في الإسْلَامِ.

مع معرفة أهل المدينة بما يقوله اليهود عن النبي المنتظر .. فسبقوهم إليه ..

فكانت هذه الأسباب مع صفاء قلوب أهل المدينة أقوى ما دفعهم للدخول في الإسلام ..

إذا طرق القرآن سليم الفطرة، نقي القلب، صافي النفس، جيد العقل، تكون النتيجة الإسلام ولابد ..
هل ما زلت تشعر بذاك الحنين إليه ﷺ ؟

هل ما زالت مكانته في القلب عالية منيفة مصونة من اختطاف الشركاء = زوجة - أبناء - أصحاب - شيوخ .. الخ لها ؟

علامة حبّه ﷺ انفعال القلب عند سماع ذكره و انطلاق الجوارح في خدمة دينه ونصر سنّته ﷺ ..

قال النبي ﷺ :
" لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ "

من طبيعة القلب كثرة التقلب ..

يرفع أشخاص ويخفض آخرين ..

من أراد المحافظة على قدره ﷺ فليجعل بينه وبين سيرته ﷺ علاقة دائمة لا تنفك حتى الوفاة ..
ثبات الداعية ..

من أكثر المعاني الملفتة في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- الثبات على تكرار المعاني مع كثرة الطرق والمحاولة للحرف من قبل الكفار ..

سر الثبات على التكرار
الذي يعجز عنه عامة الدعاة بسبب الملل أو التأويل خشية نفرة الناس هو المذكور في حديث أنس رضى الله عنه أنّه قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: (يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ).

ثبت قلبي على دينك يشمل الثبات على الإسلام والموت عليه وتطبيق الدين في كل لحظة وحين من غير حيدة عنه ولا تأويل ..
جلاء الأفهام _الكتاب.pdf
8.1 MB
أهم الكتب المصنفة في فضل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
من الحسن قراءته وتدارسه.
موقفان من السيرة لهما هيبة:

الأول: بكاء الصديق فرحا لاختيار النبي -صلى الله عليه وسلم- له في أخطر رحلة في تاريخ البشرية !

الثاني: بكاء السبعة حزنا على عدم القدرة على الإنفاق والسفر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقتال الروم !

حتى مرّ بعضهم على اثنين منهم وهما يبكيان فأعطاهما بعيرا فطارا فرحا به وركباه ثم لحقا بالنبي ﷺ في الحر والشدّة والشمس !

أي نوع من الحب هذا ؟!
أثر الكلمات ..

تعتري الفاضل لحظات يضعف فيها .. يفتقر إلى مَنْ يذكره ويثبته .. وقد يكون المثبِّت أقل درجة وأدنى منزلة من المثبَّت ..

يحكي ابن اسحاق أنّ أنس بن النضر في غزوة أحد انتهى إلى عمر بن الخطاب ، وطلحة بن عبيد الله ، في رجال من المهاجرين والأنصار ، وقد ألقوا بأيديهم ، فقال: ما يجلسكم؟

قالوا: قتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ قال: فماذا تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ثم استقبل القوم ، فقاتل حتى قتل.

فرجع عمر وطلحة -رضي الله عنهما- للقتال حتى وصلوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقام طلحة بموقفه العظيم في حماية النبي -صلى الله عليه وسلم- وقام عمر بموقفه الكبير في الرد على قائد الكفر والدفاع عن حق الله وهو على رأس أحد ..

واستحق الرجلان العظيمان فضل التبشير بالشهادة في ذلك الموقف !

لا تحتقر أثر الكلمات في التثبيت خاصة عند نزول البلاء المحرك للنفس ..
فن التعامل مع الإنسان !

لكل إنسان طاقة في العطاء تختلف باختلاف طبعه وحبه ومصلحته ..
مثال:

عطاء العامل والخادم قائم على المصلحة فإن قطعت توقف العطاء ..

عطاء الزوج/ة والصاحب والابن قائم على الطبع والحب .. ولهما حد .. فليس من الصواب الإجحاف في الطلب .. حتى يتكلف العطاء ..

إن وصل الحال بالشخص إلى التكلف = توقف عن مطالبته إن أردت الحفاظ على حبه وصحبته .. ثم ليكن التقدير .. فإن كان الأمر من الزوجة فإما الصبر أو الزواج عند عدم القدرة على الصبر .. وإن كان من الإبن فحمل غيره أو قم أنت بالحمل .. وإن كان من الصاحب فخفف عليه وابتعد عنه قليلا حتى يعتدل الأمر ولا تخسر الأقربين .. ولا تبالغ في العتب .. لأن النفس لها حد .. والعتب دوره استثارة الحب .. فإن زاد عن الحد أورث النفرة ولابد !

من حوادث السيرة الكاشفة عن شيء من عظمة النبي -صلى الله عليه وسلم- في التعامل مع الإنسان لمّا تحضر نفسه عند النصح والطلب ..

دخل مرة على ابنته وزوجها -رضي الله عنهما- وقال لهما: ألا تصليان؟

فقال الزوج: يا رَسولَ اللَّهِ، أَنْفُسُنَا بيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذلكَ ولَمْ يَرْجِعْ إلَيَّ شيئًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وهو مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ، وهو يقولُ: {وَكانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شيءٍ جَدَلًا}.

يقف النصح والتوجيه والطلب عند حضور النفس ..

أعط الإنسان ما أعطاك من نفسه ..
فقه النصح والتوجيه ..

كثير من الناس لمّا يأتيه من يستشيره في أمر ويطلب نصحه في شيء أو يطلب دلالته على عمل ينصر به الدين يجيبه بقائمة طويلة من النصائح والإرشادات حتى يعسر على السائل القيام بها ..

كان هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- التوجيه لأهم الأمور التي يحتاج إليها السائل ويقدر على القيام بها ولا يزيد إلا عند الحاجة أو زيادة الطلب ..

أجاب أحدهم بلا تغضب .. وآخر بعليك بالصوم فإنه لا مثل له .. وثالث بالزهد .. ورابع بالذكر ..

ولما سئل عن أحب الأعمال إلى الله قال: الصلاة على وقتها. وسكت! حتى قال له السائل ثم أي؟ فقال: بر الوالدين. وسكت! حتى قال السائل ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.

القصد من ذلك:
المعلم والمربي والموجه ينبغي عليه تقدير الإجابة المناسبة للسائل، ويكون التقدير مبنيا على حاجة السائل وقدرته على التطبيق ..

انظر إلى كلامك كيف يفهم ويطبق لا كيف يخرج ويقال ..
قصد النص ..

لكل نص نبوي قصد وحد إن تجاوزه العبد وقع في الخطأ والخلل ودخل في حدود النصوص الأخرى !

مثال:
النصوص الوادة في التحذير من الرياء خاصة لمن سلك طريق العلم كحديث:
"إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ .. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ.
قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ .."


وحديث:
"لا تعلَّموا العِلمَ لتباهوا بِهِ العلماءَ ، ولا تُماروا بِهِ السُّفَهاءَ ولا تخيَّروا بِهِ المجالسَ فمَن فعلَ ذلِكَ فالنَّارُ النَّارُ"

القصد من هذه النصوص:
تنبيه العبد وتحذيره من خطر الإشراك في النية ووجوب تصفية القصد والعناية الدائمة بالقلب .. وليس المراد ترك طلب العلم بحجة الخوف من الرياء !

ولا يصح التأول في ذلك بأنه قرار خاص كما يتوهمه الكثير من محبي الخير ..

العلم منه ما هو فرض عين ومنه ما هو فرض كفاية .. ومنه ما يتعين على بعض الأفراد في بعض الأزمان ..

فمن ملك آلة العلم وذلل الله له الطريق لتحصيله والفوز بمرضاته والدخول في آياته المشرفة لهذا الصنف من البشر ثم تركه وصد وأعرض فهو مغبون .. مغبون .. مغبون ..

وهو بين الإثم لتقصيره في القيام بالواجب عليه من طاعة الله أو الخسارة للدرجات العالية من الجنة والتضحية بها إن كان في أمر مستحب ..

وفي كلا الحالتين هو مطيع للشيطان مخالف للرحمن فيما صنعه وفعله ..

ولو لم يكن من خسارة إلا الحرمان من الدخول في هذا الشرف العظيم لكفى:

"شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"

وخسران ميراث النبوة:
"وإنّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ ، وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثُوا دينارًا ولا درهمًا ، ورَّثُوا العِلمَ فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافرٍ"


وأختم بالتنبيه على وهم كبير يطرأ على عقول عامة المحبين للخير:

الكثير منهم يظن بأنّه بطاقته وجهده وقراءته وعلمه ومعرفته سيحمي نفسه من مداخل الشيطان وشراكه وثوران نفسه الأمارة بالسوء ..

فلما يقارن بين مصائد الشيطان وخدعه وطرقه وبين ضعفه البشري يغلب عليه التفكير بمثل هذه الطريقة المتجاوزة لحدود النصوص وقصدها ..

والباب الذي دخل منه الشيطان عليه هو ظنه بأنه هو الذي سيحمي نفسه ونسي بأن الحامي هو الله ..

ابذل الأسباب الموجبة للحماية ولا تتعلق بها ..
بل علق القلب دائما بالله وتوكل عليه وانكسر بين يديه حتى تدخل في قوله تعالى:
"إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَٰنٌ إِلَّا مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ"

ليكن همك الدخول في ياء عبادي ..
توجيه خاص ..

من الأمور الملفتة في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- الاهتمام بالنصح الخاص لبعض الأصحاب وعدم الاكتفاء والاتكال على التوجيه العام ..

تأمل في تخصيص عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لقراءة سورة الفتح عليه فور نزولها ..

ونصح عثمان -رضي الله عنه- بعدم النزول عن الخلافة إذا طلب منه ذلك ..

ونصح أبي ذر -رضي الله عنه- بعدم طلب الإمارة ولا قبولها ..

وأمثال هذه النصائح والتوجيهات الخاصة لمن يغلب على الظن غلبة نفسه عليه عند حلول الفتن والاجتهاد والاختيار ..

شرط التوجيه الخاص معرفة موطن ضعف الإنسان والمدخل الذي سيدخل من خلاله الشيطان ..

للطالب على المعلم القادر حق النصح الخاص وعدم الاكتفاء بالتوجيه العام ..
شرط الإصابة !

حتى نصيب في التقدير وينقلب مكر الأعداء وكيدهم إلى فتح ونصر وعطاء لابد من سلوك طريق الشرع:

الجمع بين العلم بالدين والعلم بالواقع ثم تكون الشورى وفي جوفها يكون النصر ..

يحق للقائد عدم الأخذ بالشورى في حالة واحدة لمّا يجزم إذا كان الأعلم والأتقى والأورع بصواب رأيه ..

في هذه الحال الضيقة يحق له عدم الأخذ بالشورى ويكون في رأيه الخير وعلى البقية السمع والطاعة ..

وجود الجماعة القائمة على الشورى المسودة للأفضل والأعلم والأتقى شرط الإصابة والتقدم السريع .. كما كان الحال في صدر الإسلام ..

إذا لم توجد الجماعة الجامعة لابد من فتنة الإعجاب بالرأي والخطأ في التقدير .. وتكون الإصابة في أفراد من الأمة والنصر بمقدار الاستجابة لهم ..

سبب تأخر النصر في كثير مما حصلناه منه هو المخالفة ..

قد لا نستطيع تحقيق ذلك في الزمن القريب لكن لابد من التذكير بالتصور الإسلامي والسعي للتحقيق له غاية الوسع والإمكان ..

الامتثال يعجل النصر والمخالفة تؤخره .. بمقدار عدد وجهد الممتثل يكون التقدم .. وبقدر المخالفة يكون التأخر ..

انظر وتأمل في السيرة النبوية وعصر الخلفاء الراشدين .. تجد صدق هذا المعنى ووضوحه ..
تخصيص بعض الأصحاب ..

كل موقف بالسيرة له فقه في التنظير والتطبيق .. من ذلك تخصيص بعض الصحابة بمزيد علم أو استشارة ومباحثة .. وهذا مبني على أمور أعظمها:
صناعة المختص للقيام بالدور المطلوب منه .. وكلما كان الدور كبيرا كانت التخصيص له والاختصاص به أكبر ..

من تلك المواقف الموضحة لهذا المعنى ما رواه في البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما-:

وُضِعَ عُمَرُ علَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ، يَدْعُونَ ويُصَلُّونَ قَبْلَ أنْ يُرْفَعَ وأَنَا فيهم، فَلَمْ يَرُعْنِي إلَّا رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي، فَإِذَا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ فَتَرَحَّمَ علَى عُمَرَ، وقَالَ: ما خَلَّفْتَ أحَدًا أحَبَّ إلَيَّ أنْ ألْقَى اللَّهَ بمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وايْمُ اللَّهِ إنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مع صَاحِبَيْكَ، وحَسِبْتُ إنِّي كُنْتُ كَثِيرًا أسْمَعُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ذَهَبْتُ أنَا وأَبُو بَكْرٍ، وعُمَرُ، ودَخَلْتُ أنَا وأَبُو بَكْرٍ، وعُمَرُ، وخَرَجْتُ أنَا وأَبُو بَكْرٍ، وعُمَرُ.

هذا الاختصاص هو الذي أثمر:
(فإن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا) رواه مسلم.
(اقتدوا باللذين من بعدي: أبو بكر وعمر)
رواه الترمذي.
المربي الأعظم ..

المربون درجات:
منهم من يصلح لعشرة، ومنهم من يقدر على الجماعة، ومنهم من يحوي بخلقه الكبير الموافق والكثير من المخالف في عصره، لكن أن يصل الأثر إلى تربية الأجيال على مر العصور وتنوع الثقافات والأعراق واختلاف النفوس .. فهذه مرتبة خاصة لعظيم خاص وهو المربي الأعظم بأبي وأمي -صلى الله عليه وسلم-

بلغت العزّة والأنفة عند العرب في الزمان الذي بعث فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- مبلغا عظيما منعتهم من الانقياد للملوك .. بل تفاخروا بقتلهم لهم وعدم انصياعهم لأوامرهم !

حتى بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- فانقادوا له انقياد الطفل الصغير للمعلم الكبير !
ما السر في ذلك؟
هل النسب؟ أم الحجة العقلية الغالبة؟ أو الفصاحة والبيان؟ أم التأييد بالملائكة؟
الجواب في قوله تعالى:
" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ "

اللين والرحمة في التعامل أثرها أبلغ من أثر السحر في النفوس ..

حق
على الدعاة التعرف على أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- والتأسي بها غاية الوسع والإمكان ..

لا يخسر الدعاة دعوتهم كما يخسرونها بسوء أخلاقهم ..
2025/02/23 14:18:05
Back to Top
HTML Embed Code: