رؤية_شرعية_في_مفاهيم_الانفتاح_الفكري.pdf
1.2 MB
#مستلات
◼️| رؤية شرعية في مفاهيم الانفتاح الفكري
مستل من كتاب: «الانفتاح الفكري حقيقته وضوابطه»
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1282
◼️| رؤية شرعية في مفاهيم الانفتاح الفكري
مستل من كتاب: «الانفتاح الفكري حقيقته وضوابطه»
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1282
#مقال
إعذار الجاهل والمتأوِّل
ظهر في الساحة العلمية أصوات تنتمي إلى السَّلف لا ترى أنَّ للجاهل والمتأوِّل عذرًا إذا أخطأ في العقيدة، ثم يقومون بتأصيل ذلك بذكر نصوص الوعيد في الأسماء والأحكام، أو إطلاقات السلف الكفر والبدع على الأقوال والأفعال، ويجعلون من ذلك دليلًا كافيًا في نفي العذر مطلقًا.
وبعض هؤلاء لا يُصرِّحون بعدم العذر مطلقًا ولكن يُمارسون من القول والعمل ما يدُلُّ على عدم العذر مطلقًا، وينزلون الأسماء والأحكام على الأعيان دون مراعاة لأحوالهم، ونصوص الوعيد وإطلاقات السَّلف تحتاج عند الحكم على المعيَّنين إلى وجود شروط وانتفاء موانع.
ولا يخفى أنَّ نسبة هذا القول إلى منهج السَّلف نسبة باطلة، فإنَّ عُذرَ الجاهل والمتأوِّل قاعدة من قواعد الشريعة الظاهرة؛ لأنَّ الجهل والتأوُّل من موانع التكليف، وهذا داخل في رفع الحرج، وشواهدها من أقوال الرسول ﷺ وأفعاله، وعمل الصحابة والتابعين في باب الأسماء والأحكام المتعلِّقة بالعقائد أو الشرائع متواترة تواترًا معنويًا.
وأصل المسألة: أنَّ الله تعالى لا يُكلِّف أحدًا إلا ما يقدر عليه، كما قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286]، فإذا لم يَقدر لوجود مانع حقيقي فإنَّ التكليف لا يقع عليه، وقيام الحجة لا يكون إلا ببلوغ المكلَّف حجة الله بالرسالة النبوية، كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء:15]، فإذا لم تبلغه الحجة لمانع، أو تأوُّل في فهمها فإنَّ الحجة لم تبلغه على الحقيقة.
وقد ذكر النبي ﷺ خبر الرجل -وهو من أهل التوحيد- الذي أمر أبناءه إذا مات أن يَحرقوه، ثم يذَرُوه في الرِّيح، وقال: (فَوَاللهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا، فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللهُ الْأَرْضَ فَقَالَ: اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ، فَفَعَلَتْ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ، فَغَفَرَ لَهُ) [رواه البخاري «3481»، ومسلم «2756»].
فهذا رجُلٌّ موحِّد شك في قدرة الله على بعثه، وهذا كفر، لكنَّه لم يكفر لأنَّه جاهل، وقد غفر الله له لأنَّه يخاف منه، والخوف من الله من الإيمان، وهو أصل في العذر بالجهل في الاعتقاد.
وفي حديث حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه ما يدُلُّ على العذر بالتأوُّل، فإنَّه راسل المشركين بخبر مسير الرسول ﷺ إليهم، وتأوُّلُه قائم على أنَّه ظن أنَّ هذه المراسلة تنفعه في حفظ مصالحه بمكة، ولا تنفعهم بشيء، ولا تضرّ النبي ﷺ وأصحابه، ولم يكن رضي الله عنه منافقًا بل كان من أهل بدر، وقد قبِل الرسول ﷺ اعتذاره، ولم يوقع عليه الكفر أو النفاق، وهذا أصل في أنَّ المتأوِّل لا يجوز تكفيره، وأهل البدع وقعوا في مكفِّرات ولم يكفرهم السَّلف بسبب التأوُّل.
ولكن؛ ينبغي التفريق بين عذر الجاهل حقًّا وعذر المفرط والمعرِض، أو عذر المتأوِّل حقًّا وعذر المنافق والمتلاعب باسم التأويل.
ولهذا لا يصح إعذار من كان في حواضر العلم ويمكنه السؤال، فإنَّ دعوى الجهل هنا تفريط لا يُعذر به صاحبه، أما من كان في بادية بعيدة، أو في فترات انتشار الجهل العظيم فهذا يُعذر ويُعلَّم، ولا يُحكم عليه بالكفر مادام أنَّه يُقرُّ بالتوحيد ومتابعة الرسول ﷺ.
والمتأوِّل الذي له شبهة يُعذر في ذلك، أما المنافق والمتلاعب، ومتبع الهوى الذي يحتَجُّ على مقالته أو فعله بأدنى اشتباه، فهذا لا يكون معذورًا؛ لأنَّ شُبهته غير حقيقية، كما هو حال زنادقة الرافضة والباطنيَّة والحداثة.
وهذا الإعذار يكون لمن ثبت له أصل التوحيد ومتابعة الرسول ﷺ «وهو مقتضى الشهادتين»، أمَّا من زعم الجهل بأصل توحيد الله ووجوب عبادته، أو في أصل متابعة الرسول ﷺ؛ فهذا لم يدخل الإسلام لأنَّه لا يثبت إلا بالعلم بأصل التوحيد ومتابعة الرسول ﷺ.
وقد بلغ الغلو بالبعض إلى القول بتكفير العاذر بالجهل، أو تكفير الفرق المتأوِّلة مطلقًا، أوتكفير بعض علماء المسلمين المشهود لهم بالعلم لوقوعهم في بعض البدع، وغير ذلك من صور الضلال، وقابلهم بعض المتحرِّزين من التكفير فزعموا أن تكفير المعين متعذِّر، وهذا باطل؛ لأنَّ حد الردة لا ينفذ إلا على معيَّن مرتد، وزعم البعض أنَّ الحكم بالكفر من خصائص القضاة ولا يصح لأحدٍ غيرهم، وهذا باطل؛ لأنَّ التكفير حكم شرعي يشترط فيه العلم وليس الولاية، وإنَّما تشترط الولاية في تنفيذ الحدود والتعزيرات، وهذا الأمر من ولاية القاضي، وكثير من علماء الإسلام لم يكونوا قضاة مثل: الإمام أحمد، وابن تيمية، وابن باز، ويحكمون بالكفر على مستحقِّه، وغيرهم كثير.
وأكثر ما يأتي الخلل في هذه المسائل بين طلبة العلم الذين يتَّفقون على أصل الإعذار ثم يختلفون في بعض صوره وفروعه؛ هو: عدم وضوح صورة المسألة، أو المبالغة في أخذ طرف يقابله طرف آخر، أو عدم العذر في مسائل الاجتهاد، أو الغلو المنافي لأدلة الشرع.
إعذار الجاهل والمتأوِّل
ظهر في الساحة العلمية أصوات تنتمي إلى السَّلف لا ترى أنَّ للجاهل والمتأوِّل عذرًا إذا أخطأ في العقيدة، ثم يقومون بتأصيل ذلك بذكر نصوص الوعيد في الأسماء والأحكام، أو إطلاقات السلف الكفر والبدع على الأقوال والأفعال، ويجعلون من ذلك دليلًا كافيًا في نفي العذر مطلقًا.
وبعض هؤلاء لا يُصرِّحون بعدم العذر مطلقًا ولكن يُمارسون من القول والعمل ما يدُلُّ على عدم العذر مطلقًا، وينزلون الأسماء والأحكام على الأعيان دون مراعاة لأحوالهم، ونصوص الوعيد وإطلاقات السَّلف تحتاج عند الحكم على المعيَّنين إلى وجود شروط وانتفاء موانع.
ولا يخفى أنَّ نسبة هذا القول إلى منهج السَّلف نسبة باطلة، فإنَّ عُذرَ الجاهل والمتأوِّل قاعدة من قواعد الشريعة الظاهرة؛ لأنَّ الجهل والتأوُّل من موانع التكليف، وهذا داخل في رفع الحرج، وشواهدها من أقوال الرسول ﷺ وأفعاله، وعمل الصحابة والتابعين في باب الأسماء والأحكام المتعلِّقة بالعقائد أو الشرائع متواترة تواترًا معنويًا.
وأصل المسألة: أنَّ الله تعالى لا يُكلِّف أحدًا إلا ما يقدر عليه، كما قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286]، فإذا لم يَقدر لوجود مانع حقيقي فإنَّ التكليف لا يقع عليه، وقيام الحجة لا يكون إلا ببلوغ المكلَّف حجة الله بالرسالة النبوية، كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء:15]، فإذا لم تبلغه الحجة لمانع، أو تأوُّل في فهمها فإنَّ الحجة لم تبلغه على الحقيقة.
وقد ذكر النبي ﷺ خبر الرجل -وهو من أهل التوحيد- الذي أمر أبناءه إذا مات أن يَحرقوه، ثم يذَرُوه في الرِّيح، وقال: (فَوَاللهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبَنِّي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا، فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ، فَأَمَرَ اللهُ الْأَرْضَ فَقَالَ: اجْمَعِي مَا فِيكِ مِنْهُ، فَفَعَلَتْ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ يَا رَبِّ خَشْيَتُكَ، فَغَفَرَ لَهُ) [رواه البخاري «3481»، ومسلم «2756»].
فهذا رجُلٌّ موحِّد شك في قدرة الله على بعثه، وهذا كفر، لكنَّه لم يكفر لأنَّه جاهل، وقد غفر الله له لأنَّه يخاف منه، والخوف من الله من الإيمان، وهو أصل في العذر بالجهل في الاعتقاد.
وفي حديث حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه ما يدُلُّ على العذر بالتأوُّل، فإنَّه راسل المشركين بخبر مسير الرسول ﷺ إليهم، وتأوُّلُه قائم على أنَّه ظن أنَّ هذه المراسلة تنفعه في حفظ مصالحه بمكة، ولا تنفعهم بشيء، ولا تضرّ النبي ﷺ وأصحابه، ولم يكن رضي الله عنه منافقًا بل كان من أهل بدر، وقد قبِل الرسول ﷺ اعتذاره، ولم يوقع عليه الكفر أو النفاق، وهذا أصل في أنَّ المتأوِّل لا يجوز تكفيره، وأهل البدع وقعوا في مكفِّرات ولم يكفرهم السَّلف بسبب التأوُّل.
ولكن؛ ينبغي التفريق بين عذر الجاهل حقًّا وعذر المفرط والمعرِض، أو عذر المتأوِّل حقًّا وعذر المنافق والمتلاعب باسم التأويل.
ولهذا لا يصح إعذار من كان في حواضر العلم ويمكنه السؤال، فإنَّ دعوى الجهل هنا تفريط لا يُعذر به صاحبه، أما من كان في بادية بعيدة، أو في فترات انتشار الجهل العظيم فهذا يُعذر ويُعلَّم، ولا يُحكم عليه بالكفر مادام أنَّه يُقرُّ بالتوحيد ومتابعة الرسول ﷺ.
والمتأوِّل الذي له شبهة يُعذر في ذلك، أما المنافق والمتلاعب، ومتبع الهوى الذي يحتَجُّ على مقالته أو فعله بأدنى اشتباه، فهذا لا يكون معذورًا؛ لأنَّ شُبهته غير حقيقية، كما هو حال زنادقة الرافضة والباطنيَّة والحداثة.
وهذا الإعذار يكون لمن ثبت له أصل التوحيد ومتابعة الرسول ﷺ «وهو مقتضى الشهادتين»، أمَّا من زعم الجهل بأصل توحيد الله ووجوب عبادته، أو في أصل متابعة الرسول ﷺ؛ فهذا لم يدخل الإسلام لأنَّه لا يثبت إلا بالعلم بأصل التوحيد ومتابعة الرسول ﷺ.
وقد بلغ الغلو بالبعض إلى القول بتكفير العاذر بالجهل، أو تكفير الفرق المتأوِّلة مطلقًا، أوتكفير بعض علماء المسلمين المشهود لهم بالعلم لوقوعهم في بعض البدع، وغير ذلك من صور الضلال، وقابلهم بعض المتحرِّزين من التكفير فزعموا أن تكفير المعين متعذِّر، وهذا باطل؛ لأنَّ حد الردة لا ينفذ إلا على معيَّن مرتد، وزعم البعض أنَّ الحكم بالكفر من خصائص القضاة ولا يصح لأحدٍ غيرهم، وهذا باطل؛ لأنَّ التكفير حكم شرعي يشترط فيه العلم وليس الولاية، وإنَّما تشترط الولاية في تنفيذ الحدود والتعزيرات، وهذا الأمر من ولاية القاضي، وكثير من علماء الإسلام لم يكونوا قضاة مثل: الإمام أحمد، وابن تيمية، وابن باز، ويحكمون بالكفر على مستحقِّه، وغيرهم كثير.
وأكثر ما يأتي الخلل في هذه المسائل بين طلبة العلم الذين يتَّفقون على أصل الإعذار ثم يختلفون في بعض صوره وفروعه؛ هو: عدم وضوح صورة المسألة، أو المبالغة في أخذ طرف يقابله طرف آخر، أو عدم العذر في مسائل الاجتهاد، أو الغلو المنافي لأدلة الشرع.
وكما أنَّ نصوص الوعيد لا تتحقَّق في المعيَّنين في الدنيا إلا بوجود شروط وانتفاء موانع، فكذلك في الآخرة لا يتحقق العذاب إلا بعد وجود الشروط وانتفاء الموانع، فليس كل صاحب بدعة يُعذَّب؛ لأنَّه قد تكون له حسنات ماحية، أو مصائب مكفرة، أو عفو إلهي، أو نحوها من موانع الوعيد في الآخرة.
والمقصود هو الإشارة إلى المسألة والتنبيه عليها بما يتناسب مع المقام، والله الموفق.
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1283
والمقصود هو الإشارة إلى المسألة والتنبيه عليها بما يتناسب مع المقام، والله الموفق.
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1283
#مقال
الحكمة بين القرآن والفلسفة
اشتُهر عند كثير من المؤلفين في الحقل الفكري تسمية الفلسفة بـ«الحكمة»، أو «حكمة الأوائل»، وتسمية الفلاسفة بـ«الحكماء»، والحقيقة أنَّ الفلسفة ليست حكمة على التحقيق؛ لأنَّها ظنون وأوهام، وبعضها معارض لقطعيات العقل، وهي دعاوى مرسلة ليس عليها دليل صحيح.
فالقول بالجواهر العقلية، وأنَّ الكليات موجودة في الخارج، وأنَّ الماهية غير الوجود، ودعوى الفيض والصدور، والعلة الموجبة بالذات، وقدم الأفلاك ونحوها هي من القول بلا علم، والطعن في الربوبية، والنبوات.
وفي الطبيعيات لهم أقوال مضحكة تدُلُّ على أنَّهم لم يختبروا الواقع بأدنى اختبار، مثل: زعم أرسطو أن أسنان الذكور أكثر من أسنان الإناث؛ مع أنه تزوَّج مرتين، ولم يكلف نفسه فحص أسنان زوجاته، ويرى أنَّ الإنسان لا أول له، أما الإلهيات فإنَّ الفلاسفة مشركون وعُبَّاد للأصنام، ولا يعرفون النبوات، والملائكة، والوحي ونحوها، والإله -عندهم-: مجرد علَّة عقلية، لا صفات له ولا أفعال؛ لأنَّه ساكن غير متحرك، وليس له وجود في الخارج، ونحو ذلك من الأفكار الشاذة الغريبة! فأيُّ حكمة لدى أمة جاهلية، لا تعرف ربها، ولا تدري ما هو مصيرها بعد الموت!
والحكمة الحقيقية مصدرها الوحي، وما جاءت به الأنبياء، يقول تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}، وقد بيَّن الله تعالى حكمة لقمان التي قال عنها: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ}، وأنَّها التوحيد، والنهي عن الشرك، وبر الوالدين، واتباع المؤمنين، ومعرفة ربوبية الله وصفاته، وإقام الصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواضع، والابتعاد عن الكبر.
وقد جاءت الحكمة في القرآن بمعنى: النبوة، والسنة النبوية، والعلم بالقرآن والفقه في الدين، كما جاءت بمعنى العقل والفهم وصواب القول والرشد في الفكر.
فهذه هي الحكمة الحقيقية التي من أوتيها فقد أوتي خيرًا كثيرًا.
ومن أعظم الجناية على الأمة: هجر الوحي، والإقبال على أفكار الفلاسفة، وإحياء تراثهم، وتسمية ذلك بالحكمة، فهذه الحكمة الموهومة والمشؤومة هي أساس الضلال، فالفلسفة ليست مجرد تأملات وتجارب في الحياة، بل هي أفكار وثنية، ومناهج باطلة، وعقائد ضالة، وشرك وتعطيل وإلحاد بالله تعالى.
فالذي يُسمِّيها حكمةً ويرى عدم تعارضها مع الإسلام فإنَّه إمَّا جاهل بالفلسفة والإسلام معًا، أو منافق يريد تضليل الناس عن دينهم.
فالحكمة في القرآن متعارضة مع الفلسفة من جذورها إلى أعلى أغصانها، والذي لا يغنيه كلام الله فالفقر الفكري والنفسي ملازم له لا ينفك عنه.
وبعض الناس مهموم بتذكار حكم الفلاسفة بحجة أنَّ (الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحقُّ بها) [الترمذي في سننه برقم:«2687»، وابن ماجه في سننه برقم: «4169»]، ومع ضعف الحديث ضعفًا شديدًا إلا أنَّ معناه ليس الانحراف عن كلام حكماء الإسلام والاستغراق في كلام غيرهم، فإنَّ من يبحث عن الحكمة في كلام الفلاسفة وكل صاحب ضلالة كمن يبحث عن الدر في صناديق القمامة، وهذه الدرر موجودة في الأماكن النظيفة، وهجر حكماء المسلمين إلى حكماء الفلاسفة هو انحراف في المنهج، وليس دعوى الحكمة ضالة المؤمن.
ولا حكمة تساوي حكمة الوحي، ومن لا تقنعه هذه الحكمة فهذا لفساد قلبه وعقله، وإذا صحَّ القلب والعقل فإنَّه يعلم محل الحكمة، ويطلبها منه.
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1288
الحكمة بين القرآن والفلسفة
اشتُهر عند كثير من المؤلفين في الحقل الفكري تسمية الفلسفة بـ«الحكمة»، أو «حكمة الأوائل»، وتسمية الفلاسفة بـ«الحكماء»، والحقيقة أنَّ الفلسفة ليست حكمة على التحقيق؛ لأنَّها ظنون وأوهام، وبعضها معارض لقطعيات العقل، وهي دعاوى مرسلة ليس عليها دليل صحيح.
فالقول بالجواهر العقلية، وأنَّ الكليات موجودة في الخارج، وأنَّ الماهية غير الوجود، ودعوى الفيض والصدور، والعلة الموجبة بالذات، وقدم الأفلاك ونحوها هي من القول بلا علم، والطعن في الربوبية، والنبوات.
وفي الطبيعيات لهم أقوال مضحكة تدُلُّ على أنَّهم لم يختبروا الواقع بأدنى اختبار، مثل: زعم أرسطو أن أسنان الذكور أكثر من أسنان الإناث؛ مع أنه تزوَّج مرتين، ولم يكلف نفسه فحص أسنان زوجاته، ويرى أنَّ الإنسان لا أول له، أما الإلهيات فإنَّ الفلاسفة مشركون وعُبَّاد للأصنام، ولا يعرفون النبوات، والملائكة، والوحي ونحوها، والإله -عندهم-: مجرد علَّة عقلية، لا صفات له ولا أفعال؛ لأنَّه ساكن غير متحرك، وليس له وجود في الخارج، ونحو ذلك من الأفكار الشاذة الغريبة! فأيُّ حكمة لدى أمة جاهلية، لا تعرف ربها، ولا تدري ما هو مصيرها بعد الموت!
والحكمة الحقيقية مصدرها الوحي، وما جاءت به الأنبياء، يقول تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}، وقد بيَّن الله تعالى حكمة لقمان التي قال عنها: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ}، وأنَّها التوحيد، والنهي عن الشرك، وبر الوالدين، واتباع المؤمنين، ومعرفة ربوبية الله وصفاته، وإقام الصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواضع، والابتعاد عن الكبر.
وقد جاءت الحكمة في القرآن بمعنى: النبوة، والسنة النبوية، والعلم بالقرآن والفقه في الدين، كما جاءت بمعنى العقل والفهم وصواب القول والرشد في الفكر.
فهذه هي الحكمة الحقيقية التي من أوتيها فقد أوتي خيرًا كثيرًا.
ومن أعظم الجناية على الأمة: هجر الوحي، والإقبال على أفكار الفلاسفة، وإحياء تراثهم، وتسمية ذلك بالحكمة، فهذه الحكمة الموهومة والمشؤومة هي أساس الضلال، فالفلسفة ليست مجرد تأملات وتجارب في الحياة، بل هي أفكار وثنية، ومناهج باطلة، وعقائد ضالة، وشرك وتعطيل وإلحاد بالله تعالى.
فالذي يُسمِّيها حكمةً ويرى عدم تعارضها مع الإسلام فإنَّه إمَّا جاهل بالفلسفة والإسلام معًا، أو منافق يريد تضليل الناس عن دينهم.
فالحكمة في القرآن متعارضة مع الفلسفة من جذورها إلى أعلى أغصانها، والذي لا يغنيه كلام الله فالفقر الفكري والنفسي ملازم له لا ينفك عنه.
وبعض الناس مهموم بتذكار حكم الفلاسفة بحجة أنَّ (الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحقُّ بها) [الترمذي في سننه برقم:«2687»، وابن ماجه في سننه برقم: «4169»]، ومع ضعف الحديث ضعفًا شديدًا إلا أنَّ معناه ليس الانحراف عن كلام حكماء الإسلام والاستغراق في كلام غيرهم، فإنَّ من يبحث عن الحكمة في كلام الفلاسفة وكل صاحب ضلالة كمن يبحث عن الدر في صناديق القمامة، وهذه الدرر موجودة في الأماكن النظيفة، وهجر حكماء المسلمين إلى حكماء الفلاسفة هو انحراف في المنهج، وليس دعوى الحكمة ضالة المؤمن.
ولا حكمة تساوي حكمة الوحي، ومن لا تقنعه هذه الحكمة فهذا لفساد قلبه وعقله، وإذا صحَّ القلب والعقل فإنَّه يعلم محل الحكمة، ويطلبها منه.
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1288
#كتاب_صوتي
🎙 حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين
▪️الجزء الأول:
🟥| https://www.youtube.com/watch?v=_7F_60QIpFo
▪️الجزء الثاني:
🟥| https://www.youtube.com/watch?v=Iw5gbCCkwYA
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com
🎙 حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين
▪️الجزء الأول:
🟥| https://www.youtube.com/watch?v=_7F_60QIpFo
▪️الجزء الثاني:
🟥| https://www.youtube.com/watch?v=Iw5gbCCkwYA
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com
YouTube
مركز التأصيل|الكتاب الصوتي(16)|حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين(1)|د.عبدالرحيم بن صمايل السلمي
مركز التأصيل|الكتاب الصوتي(16)|حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين(1)|د.عبد الرحيم بن صمايل السلمي
#التأصيل
#الكتاب الصوتي
#د. عبد الرحيم
#السلمي
#حقيقة التوحيد
# أهل السنة
#المتكلمين
#التأصيل
#الكتاب الصوتي
#د. عبد الرحيم
#السلمي
#حقيقة التوحيد
# أهل السنة
#المتكلمين
#مقال
مقامات الإيمان
الإيمان هو الأصل في العبودية لله تعالى، وقد أجمع أهل السنة والجماعة على أنَّه يزيد بطاعة الله وينقص بمعصيته، وفي زيادة الإيمان مقامات عظيمة ورفيعة، وأعلاها ما وصل إليه الأنبياء والمرسلون ثُمَّ الصديقون والشهداء وغيرهم من أهل المقامات العالية عند الله تعالى.
ولا ريب أنَّ الإيمان من أعظم النعم الربانية، والمنح الإلهية، يقول تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة:6-7]، وكل من حقَّق أصل الإيمان فهو داخل فيهم، ولكن الذين أنعم الله عليهم درجات ومقامات وليسوا على مرتبة واحدة، ولهذا كانت الجنَّة درجات عظيمة، يقول تعالى في أهل مقامات الإيمان: {فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا} [النساء:69]، ويقول تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر:32].
ومن أعلى مقامات الإيمان: العلم بالله، والجهاد في سبيل الله، فهذان مقامان عاليان؛ لأنَّهما يتضمَّنان أعلى درجات اليقين بالله، وفيهما من بذل الجهد والمجاهدة والصبر أمرًا لا يعرفه إلا من خَبَرَ حقيقة كل منهما.
فالعالم يبذل حياته ووقته وأيامه في تعلُّم العلم، وآثاره في الناس كبيره من إقامة الحق والدفاع عنه والصبر عليه، والمجاهد في سبيل الله يبذل نفسه لإقامة الحق والدفاع عنه، ويصبر على ذلك.
والعلاقة بين العلم والجهاد: أنَّ الأول من الحياة في سبيل الله، والثاني: يفضي إلى الموت في سبيل الله، ويجتمعان في أمرين شريفين:
الأمر الأول: القيام بالحق.
والأمر الثاني: الدفاع عنه.
وفي هذين الأمرين معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويتفرَّع عن مقام العلم بالله، والجهاد في سبيله سائر شعب الإيمان وفضائله، فإنَّ العلم أصل دافع للعمل الصالح، والجهاد أصل دافع لمجاهدة النفس والشيطان وأعداء الدين، وبهما يقوم الإيمان في النفس والمجتمع.
والعلم أحد طرق الجهاد في سبيل الله، ولهذا أمر الله تعالى نبيه بالجهاد بالقرآن فقال تعالى: {وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان:52]، ويكون ببيان الحق والدفاع عنه كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة:73]، وجهاد الكفار بالسنان، وجهاد المنافقين بالبيان، ولهذا كان من الجهاد بيان باطل الأديان المحرَّفة، والمذاهب الإلحادية، وكشف زيف الفرق الضالة، والشبهات الباطلة، وبهذا يتحقق بالعلم الجهاد بالبيان.
وأعلى من ذلك: الجمع بين جهاد البيان والسنان كما كان علماء الصحابة والتابعين يجاهدون الكفار والمنافقين، فكل علماء الصحابة مجاهدون، ومن أبرز العلماء المجاهدين عبدالله بن المبارك وغيره من علماء السلف الصالح.
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1291
مقامات الإيمان
الإيمان هو الأصل في العبودية لله تعالى، وقد أجمع أهل السنة والجماعة على أنَّه يزيد بطاعة الله وينقص بمعصيته، وفي زيادة الإيمان مقامات عظيمة ورفيعة، وأعلاها ما وصل إليه الأنبياء والمرسلون ثُمَّ الصديقون والشهداء وغيرهم من أهل المقامات العالية عند الله تعالى.
ولا ريب أنَّ الإيمان من أعظم النعم الربانية، والمنح الإلهية، يقول تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة:6-7]، وكل من حقَّق أصل الإيمان فهو داخل فيهم، ولكن الذين أنعم الله عليهم درجات ومقامات وليسوا على مرتبة واحدة، ولهذا كانت الجنَّة درجات عظيمة، يقول تعالى في أهل مقامات الإيمان: {فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا} [النساء:69]، ويقول تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر:32].
ومن أعلى مقامات الإيمان: العلم بالله، والجهاد في سبيل الله، فهذان مقامان عاليان؛ لأنَّهما يتضمَّنان أعلى درجات اليقين بالله، وفيهما من بذل الجهد والمجاهدة والصبر أمرًا لا يعرفه إلا من خَبَرَ حقيقة كل منهما.
فالعالم يبذل حياته ووقته وأيامه في تعلُّم العلم، وآثاره في الناس كبيره من إقامة الحق والدفاع عنه والصبر عليه، والمجاهد في سبيل الله يبذل نفسه لإقامة الحق والدفاع عنه، ويصبر على ذلك.
والعلاقة بين العلم والجهاد: أنَّ الأول من الحياة في سبيل الله، والثاني: يفضي إلى الموت في سبيل الله، ويجتمعان في أمرين شريفين:
الأمر الأول: القيام بالحق.
والأمر الثاني: الدفاع عنه.
وفي هذين الأمرين معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويتفرَّع عن مقام العلم بالله، والجهاد في سبيله سائر شعب الإيمان وفضائله، فإنَّ العلم أصل دافع للعمل الصالح، والجهاد أصل دافع لمجاهدة النفس والشيطان وأعداء الدين، وبهما يقوم الإيمان في النفس والمجتمع.
والعلم أحد طرق الجهاد في سبيل الله، ولهذا أمر الله تعالى نبيه بالجهاد بالقرآن فقال تعالى: {وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان:52]، ويكون ببيان الحق والدفاع عنه كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة:73]، وجهاد الكفار بالسنان، وجهاد المنافقين بالبيان، ولهذا كان من الجهاد بيان باطل الأديان المحرَّفة، والمذاهب الإلحادية، وكشف زيف الفرق الضالة، والشبهات الباطلة، وبهذا يتحقق بالعلم الجهاد بالبيان.
وأعلى من ذلك: الجمع بين جهاد البيان والسنان كما كان علماء الصحابة والتابعين يجاهدون الكفار والمنافقين، فكل علماء الصحابة مجاهدون، ومن أبرز العلماء المجاهدين عبدالله بن المبارك وغيره من علماء السلف الصالح.
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1291
#دروس_مكتملة
🎙| شرح كتاب: «ذم التأويل» لموفق الدين ابن قدامة المقدسي -رحمه الله-.
🟥| https://youtube.com/playlist?list=PL3kYgJXeZ5tKbLTLLZk_caSv-NlF8LOGk&si=1_o-81NspQ52rOvB
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com
🎙| شرح كتاب: «ذم التأويل» لموفق الدين ابن قدامة المقدسي -رحمه الله-.
🟥| https://youtube.com/playlist?list=PL3kYgJXeZ5tKbLTLLZk_caSv-NlF8LOGk&si=1_o-81NspQ52rOvB
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com
YouTube
شرح كتاب: "ذم التأويل" لابن قدامة | 1442هـ
شرح كتاب: "ذم التأويل" لموفق الدين ابن قدامة -رحمه الله-. شرح الشيخ: أ.د.عبدالرحيم بن صمايل السلمي.
#مقال
ورضوا بالحياة الدنيا «١»
المراد بالرضا بالحياة الدنيا: اعتقاد أنَّها المبدأ والمنتهى، والركون إليها، وجعلها غاية الأمر، ونهاية القصد، وهي المعنى المطلوب للحياة، وهذا ما يقتضي تهوين الآخرة، وشَغْل الحياة عنها بكافة وسائل اللهو، وطرق الشهوات، ومسالك الملذَّات.
وهذا التصور يُسمَّى في مجال الفكر المعاصر: العلمانية، وهي ترجمة خاطئة لمصطلح (secularism)، وأقرب المعاني الصحيحة (الدنيوية/اللادينية)، فهي تُرسِّخ الرضا بالدنيا، وترى في الدِّين ترسيخ الآخرة، وعلى هذا بنى العلمانيون مذهبهم في مركزية الدنيا وغائيتها، ومن لوازم ذلك الغفلة عن الآخرة، واعتبارها أمرًا مظنونًا، وكل البرامج في هذا التصوُّر يجب أن تكون دنيوية، أما الآخرة فهي قناعة شخصية لا تُبنى عليها الحياة، وليست أصلًا لمعنى الحياة.
والرضا بالحياة الدنيا هي أحد معالم الحياة المعاصرة التي يسعى الغرب إلى ترويجها من خلال أدواته الإعلامية والتعليمية وبرامجه للأسرة والمرأة والشباب، ويرسخه من خلال المواثيق والمعاهدات الدولية باعتباره حقًّا أصيلًا من حقوق الإنسان، وقد تأثر بها كثير من المسلمين، ليس في مجال الفكر فقط بل غدت تيارًا شعبيًّا يمارسه البعض بصورة لا واعية، وهذا من نتائج الانفتاح على الغرب.
وهذا التصوُّر الدنيوي مع كونه شركًا بالله تعالى فهو مُدمِّر للعقيدة والأخلاق والقيم والنفس والمجتمع؛ لأنَّه فكر من عقل قاصر ينابذ العبودية التي خُلق من أجلها الإنسان، والإيمان الذي هو معنى الحياة، {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء:82]، وقد جاء في إبطال هذا المشروع وآثاره قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يونس: 7-8].
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1294
ورضوا بالحياة الدنيا «١»
المراد بالرضا بالحياة الدنيا: اعتقاد أنَّها المبدأ والمنتهى، والركون إليها، وجعلها غاية الأمر، ونهاية القصد، وهي المعنى المطلوب للحياة، وهذا ما يقتضي تهوين الآخرة، وشَغْل الحياة عنها بكافة وسائل اللهو، وطرق الشهوات، ومسالك الملذَّات.
وهذا التصور يُسمَّى في مجال الفكر المعاصر: العلمانية، وهي ترجمة خاطئة لمصطلح (secularism)، وأقرب المعاني الصحيحة (الدنيوية/اللادينية)، فهي تُرسِّخ الرضا بالدنيا، وترى في الدِّين ترسيخ الآخرة، وعلى هذا بنى العلمانيون مذهبهم في مركزية الدنيا وغائيتها، ومن لوازم ذلك الغفلة عن الآخرة، واعتبارها أمرًا مظنونًا، وكل البرامج في هذا التصوُّر يجب أن تكون دنيوية، أما الآخرة فهي قناعة شخصية لا تُبنى عليها الحياة، وليست أصلًا لمعنى الحياة.
والرضا بالحياة الدنيا هي أحد معالم الحياة المعاصرة التي يسعى الغرب إلى ترويجها من خلال أدواته الإعلامية والتعليمية وبرامجه للأسرة والمرأة والشباب، ويرسخه من خلال المواثيق والمعاهدات الدولية باعتباره حقًّا أصيلًا من حقوق الإنسان، وقد تأثر بها كثير من المسلمين، ليس في مجال الفكر فقط بل غدت تيارًا شعبيًّا يمارسه البعض بصورة لا واعية، وهذا من نتائج الانفتاح على الغرب.
وهذا التصوُّر الدنيوي مع كونه شركًا بالله تعالى فهو مُدمِّر للعقيدة والأخلاق والقيم والنفس والمجتمع؛ لأنَّه فكر من عقل قاصر ينابذ العبودية التي خُلق من أجلها الإنسان، والإيمان الذي هو معنى الحياة، {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء:82]، وقد جاء في إبطال هذا المشروع وآثاره قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يونس: 7-8].
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1294
#مقال
ورضوا بالحياة الدنيا «٢»
الرضا بالحياة الدنيا من صفات المشركين الذين لا يؤمنون بالآخرة، وقد يُوجد في المسلمين من يشابههم في هذه الصفة، ويكون ذلك بسبب ضعف الإيمان بالآخرة في قلبه وقلَّة اليقين بها، فتكون دنياه مقدَّمة على كل شيء.
وهذا ما يجعل المسلم يُفرِّط في الواجبات وينتهك المحرَّمات، فلا يردعه إيمانه عن أكل الحرام والفواحش والظلم، وغيرها من المعاصي والذنوب.
ولهذا كان الحرص على الحياة الدنيا مهلك لصاحبه، فقد ثبت عن كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ)، [الترمذي في سننه برقم: «2376»].
والرضا بالدنيا أساس الذلة والمهانة والغثائية ونزع المهابة من الأعداء كما ثبت عن ثوبان قال قال رسول الله ﷺ: (يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْوَهْنَ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ)، [أبو داود في سننه برقم: «4297»].
ونرى اليوم استهانة اليهود بالمسلمين، وهم يستذلون طائفة منهم استذلالًا رهيبًا، وتنقل صورهم على القنوات، وتشاهدها بقية الأمم، وأهل الإسلام لا يُحرِّكون ساكنًا، هذه الحالة هي نفسها المقصودة بالحديث.
وقد يتعجَّب البعض من تحمُّل المسلمين للقتل والأذى، وأن يجود المجاهد بنفسه في سبيل الله مقبلًا غير مدبر، في حالة نادرة في زمان الوهن والتعلق بالدنيا، ويزول العجب بمعرفة مقام الآخرة في نفوس المؤمنين، والصورة التامة بين حالة الإذلال والاستبسال في جهاد الأعداء تدُلُّ على أنَّ التعلُّق بالدنيا مهين، والتعلُّق بالآخرة مُعز لجناب صاحبه، ولدار الآخر خير، ولأجر الآخرة أكبر.
والدواء الناجع لمشكلة الرضا بالدنيا والوهن هو: التذكير بالآخرة، وربط الأمة بها علمًا وعملًا، وتقليل الاهتمام بالدنيا والزهد فيها والإقبال على الآخرة، يقول تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} [الأعلى:16-17]، وفي المسند مرفوعًا: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَحْمِي عَبْدَهُ الدُّنْيَا وَهُوَ يُحِبُّهُ ، كَمَا تَحْمُونَ مَرْضَاكُمْ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ تَخَوُّفًا لَهُ عَلَيْهِ) [أحمد في مسنده برقم: «24122»، وروي عن جندب البجلي: (حب الدنيا رأس كل خطيئة)، ولا يصح مرفوعًا.
وهذا ما يريده الله تعالى منَّا بعكس ما تريده العلمانية الدنيوية كما قال تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء:27].
ولهذا ينبغي ملء الحياة بالتذكير بالآخرة والعمل لها في كافة وسائل التواصل ومجتمعات الناس، فهو الكفيل ببقاء الأمة حية متيقظة مؤمنة متعلقة بالله تعالى، تصنع الدنيا على منهاج الآخرة، لأن الدنيا مزرعة الآخرة.
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1297
ورضوا بالحياة الدنيا «٢»
الرضا بالحياة الدنيا من صفات المشركين الذين لا يؤمنون بالآخرة، وقد يُوجد في المسلمين من يشابههم في هذه الصفة، ويكون ذلك بسبب ضعف الإيمان بالآخرة في قلبه وقلَّة اليقين بها، فتكون دنياه مقدَّمة على كل شيء.
وهذا ما يجعل المسلم يُفرِّط في الواجبات وينتهك المحرَّمات، فلا يردعه إيمانه عن أكل الحرام والفواحش والظلم، وغيرها من المعاصي والذنوب.
ولهذا كان الحرص على الحياة الدنيا مهلك لصاحبه، فقد ثبت عن كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ)، [الترمذي في سننه برقم: «2376»].
والرضا بالدنيا أساس الذلة والمهانة والغثائية ونزع المهابة من الأعداء كما ثبت عن ثوبان قال قال رسول الله ﷺ: (يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْوَهْنَ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ)، [أبو داود في سننه برقم: «4297»].
ونرى اليوم استهانة اليهود بالمسلمين، وهم يستذلون طائفة منهم استذلالًا رهيبًا، وتنقل صورهم على القنوات، وتشاهدها بقية الأمم، وأهل الإسلام لا يُحرِّكون ساكنًا، هذه الحالة هي نفسها المقصودة بالحديث.
وقد يتعجَّب البعض من تحمُّل المسلمين للقتل والأذى، وأن يجود المجاهد بنفسه في سبيل الله مقبلًا غير مدبر، في حالة نادرة في زمان الوهن والتعلق بالدنيا، ويزول العجب بمعرفة مقام الآخرة في نفوس المؤمنين، والصورة التامة بين حالة الإذلال والاستبسال في جهاد الأعداء تدُلُّ على أنَّ التعلُّق بالدنيا مهين، والتعلُّق بالآخرة مُعز لجناب صاحبه، ولدار الآخر خير، ولأجر الآخرة أكبر.
والدواء الناجع لمشكلة الرضا بالدنيا والوهن هو: التذكير بالآخرة، وربط الأمة بها علمًا وعملًا، وتقليل الاهتمام بالدنيا والزهد فيها والإقبال على الآخرة، يقول تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} [الأعلى:16-17]، وفي المسند مرفوعًا: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَحْمِي عَبْدَهُ الدُّنْيَا وَهُوَ يُحِبُّهُ ، كَمَا تَحْمُونَ مَرْضَاكُمْ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ تَخَوُّفًا لَهُ عَلَيْهِ) [أحمد في مسنده برقم: «24122»، وروي عن جندب البجلي: (حب الدنيا رأس كل خطيئة)، ولا يصح مرفوعًا.
وهذا ما يريده الله تعالى منَّا بعكس ما تريده العلمانية الدنيوية كما قال تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء:27].
ولهذا ينبغي ملء الحياة بالتذكير بالآخرة والعمل لها في كافة وسائل التواصل ومجتمعات الناس، فهو الكفيل ببقاء الأمة حية متيقظة مؤمنة متعلقة بالله تعالى، تصنع الدنيا على منهاج الآخرة، لأن الدنيا مزرعة الآخرة.
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1297
ذم السلف الصالح لعلم الكلام.pdf
1.4 MB
#مستلات
⬛️| ذم السلف الصالح لعلم الكلام
مستل من كتاب: «حقيقة التوحيد بين اهل السنة والمتكلمين»
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com
⬛️| ذم السلف الصالح لعلم الكلام
مستل من كتاب: «حقيقة التوحيد بين اهل السنة والمتكلمين»
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com
#مقال
الأزمات وحسن الظن بالله
من المحكمات العقدية: أنَّ حسن الظن بالله من معالم إيمان القلب، والقنوط من رحمة الله من علامات الكفر، وحسن الظن بالله يرجع إلى العلم به تعالى وحكمته البالغة، فالبلاء الذي يحصل للمؤمنين هو امتحان ربَّاني يعود إلى مقصد عظيم وهو ظهور إيمان العبد وصبره وشكره لله تعالى.
ويأتي الفرج من الله تعالى لمَّا يبلغ البلاء أعلى درجاته، ويكون مصاحبًا له إيمان عميق، وعلم عظيم بالله، في هذه الحالة التي يتعانق فيها الإيمان العميق، والعلم العظيم يأتي الفرج الربَّاني.
كما حصل في قصة فَقْد يعقوب -عليه السلام- لأحب أبنائه إليه على يد بعض أبنائه الحاسدين، ثم عَمِي، ثم فقد ابنه الآخر المحبوب، وهو مع كل هذه المصائب مؤمن إيمانًا عميقًا، فحقَّق مقام الصبر الجميل بلا اعتراض على أمر الله، وهو مع ذلك عالم بالله، ولم يتطرق القنوط واليأس من رحمة الله إلى قلبه، ويدل على أنَّ المصائب لم تزده إلا إيمانًا قوله: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف:86]، وعلمه بالله هو أنَّ رحمته تتنزَّل حيث تبلغ المصيبة ذروتها، والإيمان قمته، ويدل على ثقته بذلك قوله وهو في ذروة الأزمة والمصيبة: {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87].
ولمَّا حاصر فرعون وجنوده موسى وأصحابه قالوا إنَّا لمدركون، قال: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء:61]، فجاء الفرج الربَّاني بالآية الكبرى وهو انفلاق البحر ونجاتهم، وغرق فرعون وجنوده.
وهكذا الحال في كثير من الأزمات الصعبة في الأمة، كان الإيمان وحسن الظن بالله، والعلم به تعالى هو النهج الفسيح الذي تتبدَّل معه الأحوال وتكون العاقبة للمؤمنين.
وإنَّ الرجاء بالله عظيم في أن ينصر إخواننا في فلسطين، وأن يلطف بهم، وأن يغلب عدوهم، ويكسر شوكة الكافرين والمنافقين، وهو خير مرجو، وخير مأمول، فلا يشقى من توكل عليه، وأحسن الظن به، ودعاه وسأله.
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1300
الأزمات وحسن الظن بالله
من المحكمات العقدية: أنَّ حسن الظن بالله من معالم إيمان القلب، والقنوط من رحمة الله من علامات الكفر، وحسن الظن بالله يرجع إلى العلم به تعالى وحكمته البالغة، فالبلاء الذي يحصل للمؤمنين هو امتحان ربَّاني يعود إلى مقصد عظيم وهو ظهور إيمان العبد وصبره وشكره لله تعالى.
ويأتي الفرج من الله تعالى لمَّا يبلغ البلاء أعلى درجاته، ويكون مصاحبًا له إيمان عميق، وعلم عظيم بالله، في هذه الحالة التي يتعانق فيها الإيمان العميق، والعلم العظيم يأتي الفرج الربَّاني.
كما حصل في قصة فَقْد يعقوب -عليه السلام- لأحب أبنائه إليه على يد بعض أبنائه الحاسدين، ثم عَمِي، ثم فقد ابنه الآخر المحبوب، وهو مع كل هذه المصائب مؤمن إيمانًا عميقًا، فحقَّق مقام الصبر الجميل بلا اعتراض على أمر الله، وهو مع ذلك عالم بالله، ولم يتطرق القنوط واليأس من رحمة الله إلى قلبه، ويدل على أنَّ المصائب لم تزده إلا إيمانًا قوله: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف:86]، وعلمه بالله هو أنَّ رحمته تتنزَّل حيث تبلغ المصيبة ذروتها، والإيمان قمته، ويدل على ثقته بذلك قوله وهو في ذروة الأزمة والمصيبة: {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87].
ولمَّا حاصر فرعون وجنوده موسى وأصحابه قالوا إنَّا لمدركون، قال: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء:61]، فجاء الفرج الربَّاني بالآية الكبرى وهو انفلاق البحر ونجاتهم، وغرق فرعون وجنوده.
وهكذا الحال في كثير من الأزمات الصعبة في الأمة، كان الإيمان وحسن الظن بالله، والعلم به تعالى هو النهج الفسيح الذي تتبدَّل معه الأحوال وتكون العاقبة للمؤمنين.
وإنَّ الرجاء بالله عظيم في أن ينصر إخواننا في فلسطين، وأن يلطف بهم، وأن يغلب عدوهم، ويكسر شوكة الكافرين والمنافقين، وهو خير مرجو، وخير مأمول، فلا يشقى من توكل عليه، وأحسن الظن به، ودعاه وسأله.
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1300
#دروس_مكتملة
🎙| شرح كتاب: «أخبار الآحاد» من صحيح الإمام البخاري -رحمه الله-.
🟥| https://youtube.com/playlist?list=PL3kYgJXeZ5tIyZro1nr1E1d2pbPPRzp7g&si=Vs3UV_GWvEDJvFhP
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com
🎙| شرح كتاب: «أخبار الآحاد» من صحيح الإمام البخاري -رحمه الله-.
🟥| https://youtube.com/playlist?list=PL3kYgJXeZ5tIyZro1nr1E1d2pbPPRzp7g&si=Vs3UV_GWvEDJvFhP
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com
YouTube
شرح كتاب أخبار الآحاد من صحيح البخاري | 1444هـ
شرح كتاب أخبار الآحاد من صحيح البخاري. شرح الشيخ أ.د.عبدالرحيم بن صمايل السلمي.
#مقال
ورضوا بالحياة الدنيا «٣»
يبدو الفارق المنهجي بين المنهج الإيمانيِّ والمنهج الدنيوي في الآثار والحياة الواقعية، فالمؤمن يجعل الدنيا وسيلة في العمل للآخرة، فهي حقل لزراعة الأعمال النافعة في الآخرة، ولهذا فبرنامجه لبناء حياته ومستقبله في الآخرة يكون بتحقيق رضوان الله بالصالحات، وترك محارمه.
فأغلب وقته يبذله لهذه الغاية، فيعطي من وقته وماله وحياته ويبني خططه على هذا الأساس، فلا يرى في بذل الوقت والجهد والمال والحال إلا ربحًا خالصًا إذا كان لله والدار الآخرة، وكل المتاعب والأذى الذي يجده ينقلب إلى لذة وسعادة؛ لأنَّ غايته الآخرة، بل إنَّه يجود بنفسه في سبيل الله، والجود بالنفس أغلى غاية الجودِ، فكل حياته لله.
أما الدنيوي؛ فحياته كلها لأجل الدنيا، يشقى لها، ويتعب من أجلها، ثم يجدها ظلًّا زائلًا، فالمال يذهب، والعمر يتبخر، والجمال يذبل، والشهرة تزول، والحياة تنتهي، ولن يأتيه من الدنيا إلا ما كتبه الله له.
والسبب أن نفس الدنيوي متعلقة بالعاجلة، ولا تشعر بقيمة الآخرة كما قال تعالى: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ} [القيامة:20-21].
فالفارق بين المنهجين يتجلَّى في دوافع العمل وقوة النشاط في أمر الدنيا والآخرة، كما يكون في الإرادة والغاية والمقصد، ويظهر في تلقي المصائب والآلام، ويبرز في الأماني والطموح والتطلعات، فالمؤمن يتمنى رضا الله، ويطمح إلى جنته، ويتطلع إلى كثرة العمل الصالح، والدنيوي أمنيته مكاسب مالية أو مناصب دنيوية، وهذا طموحه وتطلعاته التي ينفق فيها نفيس الوقت والجهد والهم والفكر والنشاط، فكلٌ يعمل على شاكلته.
ولهذا نجد الخطاب المدني يَعِدُ النَّاس بفردوس أرضي خيالي لا واقع له، فالدنيوية تبعث على التنافس كما نراه في الرأسمالية المتوحشة التي لا ترحم فقيرًا، ولا تسعى على أرملة، ولا تعمل أمرًا إلا لمكاسب دنيوية محضة، وهذا التنافس هو أصل الحروب والقتل والفتك بالإنسانية كما نشاهده اليوم، فلا يوجد في جعبة الخطاب المدني إلا وعود برَّاقة وأماني زائفة، والحريات المزعومة هي التي يصنعها الأقوياء على ما يرغبون، وأكبر ضحاياها المرأة المخدوعة، والشباب المغرور، فلا حرية إلا للفساد والانحلال الأخلاقي، أما المرأة التي تطحنها آلات القتل العسكرية الرأسمالية فلا ذكر لها، والمرأة الفقيرة الضعيفة لا يهتمون بها، فالحرية للأزياء الفاتنة، والتعري الفاضح، والعلاقات الآثمة.
وعلى هذا؛ فإنَّ الخطاب المدني لا يحقق أي مكاسب حقيقية حتى في أمور الدنيا التي هي غاية قصده، وإنَّما مهامه الحقيقية هي إشغال الناس عن غاية وجودهم وهي العبودية لله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56].
والمخرج من الفتنة يكون بالعودة الصادقة إلى الله، والعمل للآخرة، وإقامة الدين، والدفاع عنه، والعمل بمنهاج الأنبياء، وهذا المخرج هو سفينة نوح الوحيدة من تركها فهو من الهالكين.
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1303
ورضوا بالحياة الدنيا «٣»
يبدو الفارق المنهجي بين المنهج الإيمانيِّ والمنهج الدنيوي في الآثار والحياة الواقعية، فالمؤمن يجعل الدنيا وسيلة في العمل للآخرة، فهي حقل لزراعة الأعمال النافعة في الآخرة، ولهذا فبرنامجه لبناء حياته ومستقبله في الآخرة يكون بتحقيق رضوان الله بالصالحات، وترك محارمه.
فأغلب وقته يبذله لهذه الغاية، فيعطي من وقته وماله وحياته ويبني خططه على هذا الأساس، فلا يرى في بذل الوقت والجهد والمال والحال إلا ربحًا خالصًا إذا كان لله والدار الآخرة، وكل المتاعب والأذى الذي يجده ينقلب إلى لذة وسعادة؛ لأنَّ غايته الآخرة، بل إنَّه يجود بنفسه في سبيل الله، والجود بالنفس أغلى غاية الجودِ، فكل حياته لله.
أما الدنيوي؛ فحياته كلها لأجل الدنيا، يشقى لها، ويتعب من أجلها، ثم يجدها ظلًّا زائلًا، فالمال يذهب، والعمر يتبخر، والجمال يذبل، والشهرة تزول، والحياة تنتهي، ولن يأتيه من الدنيا إلا ما كتبه الله له.
والسبب أن نفس الدنيوي متعلقة بالعاجلة، ولا تشعر بقيمة الآخرة كما قال تعالى: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ} [القيامة:20-21].
فالفارق بين المنهجين يتجلَّى في دوافع العمل وقوة النشاط في أمر الدنيا والآخرة، كما يكون في الإرادة والغاية والمقصد، ويظهر في تلقي المصائب والآلام، ويبرز في الأماني والطموح والتطلعات، فالمؤمن يتمنى رضا الله، ويطمح إلى جنته، ويتطلع إلى كثرة العمل الصالح، والدنيوي أمنيته مكاسب مالية أو مناصب دنيوية، وهذا طموحه وتطلعاته التي ينفق فيها نفيس الوقت والجهد والهم والفكر والنشاط، فكلٌ يعمل على شاكلته.
ولهذا نجد الخطاب المدني يَعِدُ النَّاس بفردوس أرضي خيالي لا واقع له، فالدنيوية تبعث على التنافس كما نراه في الرأسمالية المتوحشة التي لا ترحم فقيرًا، ولا تسعى على أرملة، ولا تعمل أمرًا إلا لمكاسب دنيوية محضة، وهذا التنافس هو أصل الحروب والقتل والفتك بالإنسانية كما نشاهده اليوم، فلا يوجد في جعبة الخطاب المدني إلا وعود برَّاقة وأماني زائفة، والحريات المزعومة هي التي يصنعها الأقوياء على ما يرغبون، وأكبر ضحاياها المرأة المخدوعة، والشباب المغرور، فلا حرية إلا للفساد والانحلال الأخلاقي، أما المرأة التي تطحنها آلات القتل العسكرية الرأسمالية فلا ذكر لها، والمرأة الفقيرة الضعيفة لا يهتمون بها، فالحرية للأزياء الفاتنة، والتعري الفاضح، والعلاقات الآثمة.
وعلى هذا؛ فإنَّ الخطاب المدني لا يحقق أي مكاسب حقيقية حتى في أمور الدنيا التي هي غاية قصده، وإنَّما مهامه الحقيقية هي إشغال الناس عن غاية وجودهم وهي العبودية لله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56].
والمخرج من الفتنة يكون بالعودة الصادقة إلى الله، والعمل للآخرة، وإقامة الدين، والدفاع عنه، والعمل بمنهاج الأنبياء، وهذا المخرج هو سفينة نوح الوحيدة من تركها فهو من الهالكين.
..
https://www.group-telegram.com/dr_alsolami.com/1303