Telegram Group Search
تنبيهٌ:

سببُ إيجاب النظر - عند مَن أوجَبه - هو أنه الطريق إلى المعرفة بالله تعالى التي هي المقصود بالذات؛ إذ لا تصح العبادة دون معرفة المعبود، ولا يُقام بالتكاليف قبل معرفة مَن كَلَّف بها.

ثم إن هذه المعرفة ليست ضرورية، وإلا لكان كل الخلق عارفين بربهم ولم يقع من أحد منهم جُحود وكُفران، وهو خلاف الواقع، فثبت بهذا أنها مُكتسَبة، واكتسابها وتحصيلها ينبغي أن يكون من خلال طريقٍ مأمون وهو النظر الصحيح المُوصِل إلى المطلوب، فالنظر إذن وسيلة إلى غايةٍ ذاتية مقصودة - وهي المعرفة - والوسائل لها حكم المقاصد، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
نقد شيخ الإسلام ابن تيمية القانون الذي قال به الرازي ومن وافقه عليه وهو تقديم الدليل العقلي على السمعي (النقلي) في حالة تعارضهما نقدا بديعا؛ فقد قال الفخر الرّازي رحمه الله تعالى في أساس التقديس: التقديم في حالة التعارض بين الأدلة يكون للدليل العقلي؛ وذلك لأنه إذا ثبت أمر ما بدليل عقلي قطعي، ثم وجد دليل نقلي ظاهره يخالف ما أثبته العقل، فهناك أربعة احتمالات لا خامس لها، وهي:
الأول: العمل بالدليلين معاً، وهذا = محال، لأنه جمع بين النقيضين.
الثاني: أن نردَّ الدليلين معاً، وهذا = محال أيضاً؛ لأن النقيضين لا يرتفعان معاً، ويلزم عنه خلو المسألة عن الحكم.
الثالث: العمل بالدليل النقلي، وهو = ممتنع، لأن العقل أصل النقل، وعن طريق العقل عرفنا صحة النقل، والقدح في أصل الشيء قدح في الشيء ذاته، لذا فتقديم النقل يؤدي إلى إبطال العقل، وإبطال العقل يؤدي إلى إبطال النقل لأنه ثبت بواسطته، فتقديم النقل يستلزم الطعن في صحة العقل والنقل معاً.
الرابع: لا يبقى إلا الاحتمال الأخير، وهو تقديم الدليل العقلي على الدليل النقلي، وعند ذلك يقال: إن المراد بالدليل النقلي غير ظاهره، فنلجأ إما إلى تأويله أو تفويض المراد منه إلى الله تعالى.

فبين ابن تيمية أن هذا التقسيم غير صحيح؛ والتقسيم الصحيح أن يقال:

في حال تعارض دليلين سمعيين أو عقليين، أو أحدهما سمعي، والآخر عقلي

= فإما أن يكونا قطعيين أو ظنيين، أو أحدهما قطعي والآخر ظني

- فإن كانا قطعيين = فلا مجال للقول بوقوع التعارض بينهما سواء أكانا عقليين أم سمعيين، أو أحدهما عقلي والآخر سمعي، لأن القطعي يوجب ثبوت مدلوله، ودلالته لا يمكن أن تكون باطلة لأنه قطعي، فالقول بتعارض الدليلين القطعيين = باطل، لأنه يؤدي إلى ثبوت مدلول كل منهما المناقض للمدلول الآخر، وهذا جمع بين نقيضين وهو محال.

- أما إن كانا ظنيين = فعند ذلك يكون التقديم للراجح مطلقاً، عقليا كان أم سمعياً.

- وفي حال كون أحد الدليلين قطعيا والآخر ظنيا = فإننا نقدم القطعي منهما سواء أكان سمعيا أو عقلياً.

فالتقديم يكون للدليل القطعي بغض النظر عن كونه سمعيا أو عقلياً.
فيما يتعلق بقول الرازي: إن تقديم النقل على العقل إبطال للعقل الذي هو الأصل في إثبات النقل، فيرد ابن تيمية 728هـ عليه من عدة وجوه وهي:

أولاً: إن الدليل الواجب تقديمه أولا هو الدليل القطعي سواء أكان نقليا أم عقليا، وإن كان العقلي قطعيا فإنه يقدم لكونه قطعيا لا لكونه أصلا للسمع.

ثانياً: بالنسبة لمقولة: العقل أصلٌ للسمع، فالرد عليها بقولنا: إن قيل: إنه أصل في ثبوته في نفس الأمر= فهذا ممنوع، وذلك لأن السمع ثابت في نفسه علمنا بذلك أم لم نعلم، فعدم العلم بالشيء ليس علما بالعدم، وعدم معرفتنا بحقائق الشرع لا يعني عدم ثبوتها في نفسها، فكل ما أخبر به الرسول -صلَّى الله عليه وسلم- ثابت في نفس الأمر، علمنا بصدقه أم لم نعلم، وكذلك من أرسله الله تعالى للناس فهو رسوله، سواء علم الناس أنه رسول أو لم يعلموا، فثبوت الرسالة في نفسها، وثبوت صدق الرسول -صلَّى الله عليه وسلم-، وثبوت كل ما أخبر به في نفس الأمر= ليس موقوفا على وجودنا، فضلا عن أن يكون موقوفا على عقولنا، فالعقل ليس أصلا لثبوت الشرع في نفسه.

ثالثا: بالنسبة لتقديم العقل على النقل، وذلك بعد إبطال الاحتمالات الأخرى، وذلك لأن تقديم النقل يؤدي إلى الطعن في العقل والنقل معاً، ويرد عليه بأنه في حال تعارض النقل والعقل، فإنه يمتنع الأخذ بهما معاً أو رفعهما معا، لأن ذلك محال، أو تقديم العقل، لأنه دل على صحة السمع، ووجوب قبول ما أخبر به، فعند إبطالنا للنقل نبطل دلالة العقل، ولو أبطلنا العقل، فإنه لا يصلح لمعارضة النقل، فما ليس بدليل لا يصلح لمعارضة الدليل، فلم يبق إلا تقديم النقل والتعويل عليه.

[درء التعارض].
فمن أحبَّ مخلوقا كما يحب الخالق فقد جعله ندًّا لله، وهذه المحبة تضره ولا تنفعه. وأما من كان الله تعالى أحب إليه مما سواه، وأحبَّ أنبياءه وعباده الصالحين له فحبه لله تعالى هو أنفع الأشياء. والفرق بين هذين من أعظم الأمور.

[قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة].
صلة أقارب الميت وأصدقائه بعد موته هو من تمام بره.

[قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة].
الله يجيب دعوة المضطر ودعوة المظلوم وإن كان كافرا.

[قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة].
المعروف عن مالك أنه كره للداعي أن يقول: يا سيدي يا سيدي، وقال: قل كما قالت الأنبياء: يا رب يا رب يا كريم. وكره أيضا أن يقول: يا حنان يا منان. فإنه ليس بمأثور عنه. فإذا كان مالك يكره مثل هذا الدعاء إذ لم يكن مشروعا عنده، فكيف يجوز عنده أن يسأل الله بمخلوق نبيا كان أو غيره؟ وهو يعلم أن الصحابة لما أجدبوا عام الرمادة لم يسألوا الله بمخلوق، لا نبي ولا غيره، بل قال عمر: اللهم إنا كنا إذا اجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. فيسقون. وكذلك ثبت في الصحيح عن ابن عمر وأنس وغيرهما أنهم كانوا إذا أجدبوا إنما يتوسلون بدعاء النبي -صلَّى الله عليه وسلم- واستسقائه، لم ينقل عن أحد منهم أنه كان في حياته -صلَّى الله عليه وسلم- سأل الله تعالى بمخلوق، لا به ولا بغيره، لا في الاستسقاء ولا غيره.

[قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة].
ذكر الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهم أنه يتوسل في الاستسقاء بدعاء أهل الخير والصلاح، قالوا: وإن كان من أقارب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فهو أفضل؛ اقتداءً بعمر.

[قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة].
ذكر عن مالك أنه سئل عن أيوب السختياني فقال: ما حدثتكم عن أحد إلا وأيوب أفضل منه. قال: وحج حجتين فكنت أرمقه فلا أسمع منه غير أنه كان إذا ذكر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بكى حتى أرحمه، فلما رأيت منه ما رأيت وإجلاله للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- كتبت عنه.

[قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة].
تبجيل النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وحبه وتعظيمه:

قال مصعب بن عبد الله: كان مالك إذا ذكر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يتغير لونه، وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه. فقيل له يوما في ذلك، فقال: لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم عليّ ما ترون، لقد كنت أرى محمد بن المنكدر -وكان سيد القرّاء- لا نكاد نسأله عند حديث أبدًا إلا يبكي حتى نرحمه، ولقد كنت أرى جعفر بن محمد -وكان كثير الدعابة والتبسم- فإذا ذكر عنده النبي -صلَّى الله عليه وسلم- اصفر لونه، وما رأيته يحدث عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- إلا على طهارة.

[قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة].
قد كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فينظر إلى لونه كأنه نزف منه الدم وقد جف لسانه في فمه هيبة لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-.
"أهل المعرفة يقولون: قيمة كل امرئ ما يطلب". ابن تيميَّة
لقد سلك فجّ الروحاء سبعون نبيا حجاجا عليهم ثياب الصوف.

مجموع الفتوى 6/1.
وأما السفر إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه فهو مستحب.

[قاعدة جليلة في التوسل و الوسيلة].
والمقصود هنا: أن كثيراً من كلام الله ورسوله يتكلم به من يسلك مسلكهم، ويريد مرادهم لا مراد الله ورسوله، كما يوجد في كلام صاحب الكتب المضنون بها، وغيره، مثل ما ذكره في (اللوح المحفوظ) حيث جعله النفس الفلكية، ولفظ (القلم) حيث جعله العقل الأول، ولفظ (الملكوت) و(الجبروت) و(الملك) حيث جعل ذلك عبارة عن النفس والعقل، ولفظ (الشفاعة) حيث جعل ذلك فيضا يفيض من الشفيع على المستشفع وإن كان الشفيع لا يدري، وسلك في هذه الأمور ونحوها مسالك ابن سينا.

[قاعدة جليلة في التوسل و الوسيلة].
والمنقول عن السلف والعلماء يحتاج إلى معرفة بثبوت لفظه ومعرفة دلالته، كما يحتاج إلى ذلك المنقول عن الله ورسوله.

[قاعدة جليلة في التوسل و الوسيلة].
وكان -أبو حامد- من أعظم الناس ذكاء وطلبًا للعلم وبحثًا عن الأمور ولما قاله كان من أعظم الناس قصدًا للحق وله من الكلام الحسن المقبول أشياء عظيمة بليغة ومن حسن التقسيم والترتيب ما هو به من أحسن المصنفين.

[شيخ الإسلام ابن تيميّة].
"الوقوف على حقائق الأشياء ليس في قدرة البشر، ونحن لا نعرف من الأشياء إلا الخواص واللوازم والأعراض، ولا نعرف الفصول المقومة لكل منها الدالة على حقيقته، بل إنها أشياء لها خواص وأعراض؛ فإنا لا نعرف حقيقة الأول ولا العقل ولا النفس ولا الفلك والنار والهواء والماء والأرض، ولا نعرف حقائق الأعراض".

أبو النصر الفارابي - ٣٣٩ هـ

"الوقوف على حقائق الأشياء ليس في قدرة البشر.".

ابن سينا - ٤٢٨ هـ

"..وكيف لا نقول ذلك ولو أحطنا بحقائق الأشياء علما لتأدَّى علمنا من حقائقها إلى لوازمها وأحكامها، حتى تعلمَ جميعَ أحكامها ضرورةً يشترك فيه العالم والجاهل، ومعلوم أن العالِم بالجسم لا يمكنه أن يعلم حدوثه وتناهيه في قبول القسمة إلا بعد زمان طويل، فثبت أنا لا نعلم الأشياء إلى على وجه جُمْلي، فأما الباري فإنه يعلم حقائقَها على ما هي عليه، فلا يلزم تماثلهما".

فخر الدين الرازي - ٦٠٦ هـ

"بل غاية علم الخلق هكذا: يعلمون الشيء من بعض الجهات، ولا يحيطون بكنهه، وعلمهم بنفوسهم من هذا الضرب".

شيخ الإسلام ابن تيمية - ٧٢٨ هـ
Forwarded from 「 سياقات 」
لابد لكل طائفة من بني آدم من دين يجمعهم، الدين هو التعاهد والتعاقد، وإذا كان كذلك فالأمور التي يحتاجون إليها يحتاجون أن يوجبوها على أنفسهم، والأمور التي تضرهم يحتاجون أن يحرموها على نفوسهم، وذلك دينهم، وذلك لا يكون إلا باتفاقهم على ذلك وهو التعاهد والتعاقد...، فهذا هو من الدين المشترك بين جميع بني آدم من التزام واجبات ومحرمات.

ابن تيمية
مما ينبغي أن يعرف ما قد نبهنا عليه غير مرة أن شهادة الكتب المتقدمة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - إما شهادتها بنبوته، وإما شهادتها بمثل ما أخبر به هو من الآيات البينات على نبوته ونبوة من قبله، وهو حجة على أهل الكتاب وعلى غير أهل الكتاب من أصناف المشركين الملحدين، كما قد ذكر الله هذا النوع من الآيات في غير موضع من كتابه.
كما في قوله تعالى:
{أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل} 
وقوله:
{فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك}.
وقوله:
 {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب}.

ابن تيمية.
2024/11/14 09:26:51
Back to Top
HTML Embed Code: