Telegram Group Search
إنٌَ شبابا تراهم قد عادوا إلى القرآن، فاستمسكوا به، وامتلؤوا بحقائقه، وانطلقوا متلبسين بهداياته، لمن أكبر المبشرات عندي بمستقبل الأمة..
Forwarded from || غيث الوحي ||
أكثر ما يملؤني محبةً وتعظيما للرسول ﷺ، وأدرك فيه شيئا من قدره: هو التأمل في الآيات التي تكشف مقامه ومنزلته عند ربه عز وجل..

هذا البشر الذي كان يمشي على الأرض، يصلي الله -في عليائه- عليه، ويُثني عليه، ويُقسم بحياته، ويضم اسمه إلى اسمه..
يواسيه عند حزنه، ويبرئ ساحته عند اتهامه، وينفي عنه الافتراءات، ويصفه بأجمل الأوصاف، ويعلّم المؤمنين أدب التعامل معه، ويعاتبهم إذا ضايقوه..
يجعل طاعته من طاعته، ومخالفته من مخالفته، ويعلن أنّ عدوه عدوه، ووليه وليه، يبشر أنصاره بجنته، ويتوعد أعداءه بعذابه.
يعده بالنصر، ويتكفل له بالحفظ، ويحيطه بالملائكة والجند، ويبشره بمغفرة ما تقدم وما تأخر من الذنب..

فيا لله أيُّ بشرٍ هذا الذي بلغ ذلك المقام عند رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم!

فلا والله ما قدرناه حق القدر، ولا عظمناه حق التعظيم، ولا أحببناه حق الحب، صلوات ربي وسلامه عليه، بأبي هو وأمي.
كان الرسول ﷺ إذا ذَكَرَ أصحابَ أُحُدٍ قال: واللهِ لَوَدِدتُ أنِّي غُودِرتُ مع أصحابي بنِحْصِ الجَبَلِ.

أخرجه أحمد
{ فَٱصدَع بِمَا تُؤمَرُ وَأَعرِض عَنِ المُشرِكِینَ • إِنَّا كَفَینَاكَ المُستَهزِئینَ • الذِینَ یَجعَلُونَ مَعَ الله إِلهًا آخَرَ فَسَوفَ یَعلَمُونَوَلَقَد نَعلَمُ أَنَّكَ یَضِیقُ صَدرُكَ بِمَا یَقُولُونَفَسَبِّح بِحَمدِ رَبكَ وَكُن منَ السَّاجِدِینَ • وَاعبُد رَبَّكَ حَتَّى یَأتِیَكَ الیَقِینُ }
[سُورَةُ الحِجۡر]

هذا المقطع نموذجٌ مكثفٌ لمضامين السورة المكية التي خوطب بها النبي صلى الله عليه وسلم في أول دعوته، كل كلمةٍ فيه قد تجد لها عشرات النظائر في سور أخرى.. وهذا يستدعي مزيدا من العناية بتلك الرسائل المتكررة التي كانت ترعى أعظم دعوةٍ على وجه الأرض..

الأمر بأداء مهمة الدعوة وإبلاغ الرسالة، الإشارة إلى الاستهزاء العظيم، والافتراءات والأقوال المسمومة، وأثرها على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بيان علم الله بكل ما يحصل، ومعيته وتصبيره وتثبيته لعبده الذي يبلغ رسالته، وتبشيع ملة المشركين المعرضين، ووعده الجازم بهزيمتهم وتحقق سنته فيهم، ثم إعطاؤه نبيه صلى الله عليه وسلم أسباب الأنس والقرب والثبات، بوصيته إياه بالإعراض عن المعرضين، والإقبال على رب العالمين، بالصلاة والتسبيح والتعظيم حتى الممات.

فذلك -إن سألت- هو المنهج لأتباع المرسلين!
إذا رأيت الخلق وأعمالهم، أو نظرت إلى السماء، أو شاهدت أي مظهرٍ من مظاهر هذا الوجود، فتذكر حلم الله عز وجل، فإن سبب هلاك الخلق قد تحقق، ولولا كلمة سبقت من الله، اقتضاها سعة حلمه ومغفرته وحكمته، لزالت السماوات والأرض، ولما بقي على ظهر هذه الأرض أحد.
ما أطول الطريق وما أشقه إذا تجرد من الاستعانة بالله، هنالك تجد الملاذ الآمن، والركن القوي، والمعين الذي لا تزال تتزود منه طوال الطريق.
.
أيُّ آيةٍ هذه!

بدلا من الرد التفصيلي على كلام المشركين، تأخذهم -والقارئين- من مشهد الاستهزاء والتكذيب، إلى مشهد الحرق والتعذيب.. من كلمات الريب والتشكيك، إلى كلمات الحق واليقين، فياله من كلام، ويالها من عزة عزيزٍ مقتدر!
.
"ونتبع الرسل"..
عندما تتكشف الحقائق يوم القيامة، سيعلم الجميع أن (اتباع الرسل) كان هو حبل النجاة الوثيق، ولكن الشأن بمن يعلم ذلك في الدنيا، فيقضي حياته كلها في سبيل إحسان ذلك الاتباع!
هدى ولاية الله، د أحمد الوتاري.pdf
2.8 MB
هدى ولاية الله، د أحمد الوتاري.pdf
|| غيث الوحي ||
هدى ولاية الله، د أحمد الوتاري.pdf
.
• خلاصة الأمر من جهة العلم: أن توقن بأن الله هو الولي الحق، المتصرف المدبر لكل أمر، الذي يكفي أولياءه وينصرهم.

• وخلاصة الأمر من جهة العمل:
أن تتوجه إليه وتتوكل عليه وحده في كل شأنك، ولا تتخذ من دونه وليا ولا وكيلا.

وهذان من أعظم مقاصد القرآن، من أخذ بهما فقد أخذ بحظٍ وافرٍ من العلم والإيمان.
لا تُرمَم الروح بعد الفقد بمثل الإقبال على الله، وكما قال الأول: من وجد الله فماذا فقد؟
يا لها من كلمات لابن عاشور!

(إنَّ الذي فرض عليك القرآن لرآدك إلى معاد)

يقول: "أيْ أنَّ الَّذِي أعْطاكَ القُرْآنَ ما كانَ إلّا مُقَدِّرًا نَصْرَكَ وكَرامَتَكَ؛ لِأنَّ إعْطاءَ القُرْآنِ شَيْءٌ لا نَظِيرَ لَهُ، فَهو دَلِيلٌ عَلى كَمالِ عِنايَةِ اللَّهِ بِالمُعْطَى".
Forwarded from || غيث الوحي ||
أراد الله أن يحق الحق، فوقعت موقعة بدر، وكان النصر الأكبر للمسلمين..

وكان من جملة الأسباب التي قدرها الله لوقوع مراده: قائدٌ مغرور، كان بيده الرجوع إلى مكة بعد إذ نجت القافلة، لكنه أصر واستكبر، وقال: «والله لا نرجع حتى نرد بدرًا، فنقيم بها ثلاثًا، فننحر الجزور، ونطعم الطعام، ونسقي الخمر، وتعزف لنا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبداً»
فقاد بغروره معسكر الشرك إلى حتفه، وأحق الله -بذلك القدر- الحق، وأبطل الباطل، وقطع دابر المجرمين، وأعز الله المؤمنين من حيث لا يحتسبون..

وهنا تكمن قوة المؤمن، أنه يتوكل ويحتمي بالذي له الغيب، وإليه يُرجع الأمر كله!

{ وَلِلَّهِ غَیۡبُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَإِلَیۡهِ یُرۡجَعُ ٱلۡأَمۡرُ كُلُّهُۥ فَٱعۡبُدۡهُ وَتَوَكَّلۡ عَلَیۡهِۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ }
كما حُفت جنة الآخرة بالمكاره، فقد حُفت جنة الدنيا وعطايا الله الكبرى فيها (كمحبته ومعيته وولايته) بحاجزٍ من الابتلاءات والمجاهدة والمصابرة والمدافعة، فأقدم ولا تخف، فلا خوف على أولياء الله، وخض تلك الغمار وأبشر، فقد بشَّر الله الصابرين بمحبته ومعيته، وأيٌّ جِنانٍ تلك!
(هدى ورحمة)
من ينظر للقرآن بأنه كتابٌ أنزل للهداية، يرى فيه ما لا يرى غيره من الرحمات.. ويرى كم هو الله رحيمٌ بالخلق إذ صرَّف لهم -وهو الغني عنهم- كل تلك الآيات!
المشهد:
في الثواني الأخيرة قبل وصول الضيوف، تدخل إلى المجلس لتنظر نظرة أخيرة، ولا تكاد تخفي إعجابك بالمنظر الذي اجتهدت في إعداده، السجاد على الأرض يزين المكان ويملؤه، الوسائد مصفوفة على طول المجلس بانتظام، الأكواب موضوعةٌ ومعدةٌ لجلسةٍ غنيةٍ بالمسامرة والأحاديث والأنس..

مهلا.. هل ذكرتك المفردات بشيء، ألا فاعلم أن دارا أخرى قد "أُعِدت" اليوم تنتظر ضيوفها، ومجالس قد هُيئت لسمَّارها، فهذه سررها قد رُفعت، وأكوابها قد وُضعت، ونمارقها قد صُفَّت، وزرابيها قد بُثَّت، والمكان في أبهى صورة، والأحاديث فيه طويلةٌ طويلة، والضيوف على وشك الوصول..
من الاستهداء بالقرآن: تقديم موضوع (الحديث عن القرآن ومكانته وغايته ومصدره) في سلم خطابات الإصلاح والتربية والدعوة إلى الله، ليكون أولا، فكثيرا ما افتتح الله به حديثه في أوائل السور، وذكَّر به قبل ذِكر بقية الحقائق.
Forwarded from || غيث الوحي ||
من ألذِّ الجهاد: أن تخالفَ عاداتك المتأصلة فيك، وتَخرجَ من طبعك الذي طالما ظننتَ أنك لا تستطيع تغييره، راضيا راغبا، طلبا لمرضاة الله عز وجل.
تسبيح اللسان مع استحضار القلب: من أعظم العبادات التي يُتقرب بها إلى الله.


فمالذي يمكن (استحضاره في القلب) من الحقائق عند قول "سبحان الله"؟

• أن يتذكر المسبح ما نزه الله نفسه عنه في كتابه من النقائص التي نسبها إليه الجاهلون، فتعالى الله أولا عن الشريك والند، وتعالى عن الصاحبة والولد، وتنزه عن الخطأ والنسيان، والسنة والنوم، لا يعجزه شيء، ولا يمسه لغوب، ولا تخفى عليه خافية، ولا يظلم مثقال ذرة، ولا يحتاج إلى أحد...

• ثم بعد تنزيهه عن أفراد النقائص، فإنه يتذكر تنزيه الله المطلق عن كل ما لا يليق بكماله، بصرف النظر عن المخلوقين وأقوالهم، فهو سبحانه المنزه عن كل نقص -علمناه أم لم نعلمه-، المطهر من كل دنس، السلام من كل عيب، سبحانه لا يناله السوء، ولا يُنسب الشر إليه.

• وكما ينزه المسبِّح ربه عن كل نقص، فهو ينسب له في المقابل كل كمال، فيتذكر صفاته العلى وينسبها بكمالها إليه، فهو العليم كامل العلم، الرحمن كامل الرحمة، القوي كامل القوة، اللطيف كامل اللطف، وهكذا.. يتذكر صفات الله ويتذكر كمالها الذي لا تشوبه شائبة.

• ويتذكر أن التسبيح هو مقام تعظيم، وهو المقصود من كل ذلك التنزيه، ولذلك كان التسبيح لائقا بهيئة التذلل والتعظيم والانحناء للرب، كما هو الحال في السجود والركوع، ومن عظمته أنه هو ذكر الملائكة وحملة العرش، الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فللتسبيح شأن مهيب عظيم.

• ويتذكر أنه ما من شيء إلا يسبح بحمده، تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن، فالمسبح ينسجم بتسبيحه مع كل المخلوقات، ولو كُشف له ما خفي لشهد تسبيح ما حوله كما كانت المخلوقات تسبح حقيقةً مع داوود عليه السلام، وفي تذكر هذا معنى وجداني عميق في نفس المسبح.

• ويتذكر أنه بتسبيحه فإنه يحقق غاية الخلق التي خلقه الله لأجلها، وبعث رسوله لتحقيقها { إِنَّاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ شَـٰهِدࣰا وَمُبَشِّرࣰا وَنَذِیرࣰا • لِّتُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُۚ وَتُسَبِّحُوهُ بُكۡرَةࣰ وَأَصِیلًا }

• ويتذكر فضل التسبيح العظيم، وأن بقوله تُغفر الخطايا، وفوق ذلك فهو أحب الكلام إلى الله، وكفى بذلك فضلا يستحضره العبد عند تسبيحه، ودافعا للازدياد منه.
2025/02/19 00:27:08
Back to Top
HTML Embed Code: