Telegram Group & Telegram Channel
نصّ منهجي إصلاحي مركزي مكثّف:

كان قيام النبي ﷺ بالدين جامعا بين أمرين:
1- تلقي الرسالة وفهمها وبيانها وتعليمها والتربية عليها.
2- تطبيقها والتفاعل بها مع الواقع على مختلف المستويات الفردية والسياسية والاجتماعية والتدافعية.

ثم كان له ﷺ وارثون جمعوا بين منهاجه العلمي والعملي، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون الذين جمعوا بين العمل (الفتوحات والخلافة والبلاغ) وبين الرسالة والمضمون الشرعي فكانت حركتهم على (منهاج النبوة) ولذلك سموا بـ (الراشدين).

وهذا الجمع هو المذكور في قول الله سبحانه: (ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) لأن الرباني كما يقول الطبري هو: "الجامعُ إلى العلم والفقه، البصرَ بالسياسة والتدبير والقيام بأمور الرعية، وما يصلحهم في دُنياهم ودينهم؛ فمعنى الآية: ولكن يقول لهم: كونوا أيها الناس سادة الناس، وقادتهم في أمر دينهم ودنياهم، ربَّانيِّين بتعليمكم إياهم كتاب الله وما فيه من حلال وحرام، وفرض وندب، وسائر ما حواه من معاني أمور دينهم، وبتلاوتكم إياه ودراسَتِكموه"
فالربانية على هذا التفسير متعلقة بالإصلاح والعمل وسياسة الناس، وهي على منهاج النبوة لأنها متعلقة بالكتاب الموحى به (بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون)

وآل الأمر بكثير من السياقات الإسلامية اليوم إلى ثلاثة أحوال:
1 من اكتفى بالرسالة دون النزول بها إلى الواقع (سياقات علمية مجردة/ حلقات للحفظ فقط/ سياقات أكاديمية نظرية/…) فضلا عمن أخطأ في العلم نفسه؛ فجمع بذلك بين خللين [الخطأ في الرسالة وترك العمل]
2- من نزل إلى الواقع دون حقيقة الرسالة (شعارات إسلامية بلا مضامين شرعية محكمة/ أو الضمور في حضور الرسالة وحمْلها على حساب البُنى الحزبية والكيانات الحركية)
3- من جمع بين الأمرين ولكن وقع عنده الخلل إما بنقص في العلم بعدم شمولية الأخذ لأبواب الدين أو الخطأ في فهم شيء منها.
وإما بالنقص في العمل والحركة، بألا تكون مصيبة لما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي، مما يُنتج حالة غير (راشدة) وإن كانت أفضل من سابقاتها.

(وهذا التوصيف كله دون تعميم على جميع السياقات فقد توجد استثناءات راشدة)

وهذا الإشكال في واقع الأمة اليوم له أسبابه، التي من أهمها:
1- الخلل في طريقة التلقي للقران والسنة، والوقوع فيما حذر منه الجيل الأول الذي تربى على يدي النبي ﷺ وتلقى القرآن منه، فقد حذروا من تحول مركزية التعامل مع القرآن من التدبر والتفقه والاستهداء والعمل إلى مجرد التلاوة والقراءة والأداء -وهو الحاصل اليوم-.
وبقدْر هذا النقص في التلقي يظهر الخلل على العمل إما بانعدامه أو بانحراف بوصلته.
ومنهاج النبوة يبدأ من طريقة التلقي للدين قبل طريقة العمل به.
ومن هنا يُعلَم أنّ أول خطوة في الإصلاح الديني هي في إصلاح طريقة التلقي.

2- عدم الشمولية في البناء الشرعي، وهو من أشد صور الخلل في التلقي والأخذ للعلم والدين، فتجد بعض السياقات تعتني بالعلوم الشرعية دون التزكية ودون الوعي بالواقع ودون القوة الفكرية، وأخرى تعتني بالمهارات دون التزكية والعلم، وثالثة تعتني بالتزكية والتربية دون العلم الشرعي والوعي بالواقع، وهكذا، بينما نجد موضوعات القرآن الكريم والسنة النبوية شاملة؛ ففيها الأحكام والعقائد والمواعظ والآداب والقصص وبيان سبيل المجرمين والرد على شبهاتهم والتحريض على الجهاد والسياسة والحكم بالشريعة وإقامة الدين والتربية عليه، وقد تلقى الصحابة كل ذلك بشموليّته ورأوا فعل النبي ﷺ في القيام به في الواقع، فكانوا نعم الخلفاء له على منهاجه.
وإحياء منهاج النبوة يكون بإعادة الأخذ الشمولي لأبواب الدين، والتفاعل بها في الواقع، مع العناية بتفاوت مراتب الأمر والنهي والخبر فيما جاء في كل تلك الأبواب (مركزة المركزيات).

3- ومن أسباب الخلل كذلك: طول الأمد، واتساع الفجوة الزمنية بين الجيل الإسلامي الذي انطلق من خلال الفكرة والمبدأ وبين الأجيال اللاحقة التي تعلق كثير من أبنائها بالهياكل والأشكال المؤسسية الجامدة التي ظنوا أنها ستحمل قوة الفكرة، ووهموا في ذلك، فآل الأمر إلى هياكل بلا أرواح، أو بأرواح ضعيفة التأثير من غير هيمنة على الفعل والحركة، أو بروح مجملة دون منهجٍ حاكم.
وأسباب الخلل غير ما ذُكر كثيرة.

ومن رحمة الله تعالى أنه قضى في هذه الأمة: سنّة التجديد التي تعيد لها صحة الاتصال بمرجعية الوحي وتعيد لها الفعل (الراشد) المنبثق عن صميم الرسالة.

= تابع (2/1)



group-telegram.com/almoslih/320
Create:
Last Update:

نصّ منهجي إصلاحي مركزي مكثّف:

كان قيام النبي ﷺ بالدين جامعا بين أمرين:
1- تلقي الرسالة وفهمها وبيانها وتعليمها والتربية عليها.
2- تطبيقها والتفاعل بها مع الواقع على مختلف المستويات الفردية والسياسية والاجتماعية والتدافعية.

ثم كان له ﷺ وارثون جمعوا بين منهاجه العلمي والعملي، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون الذين جمعوا بين العمل (الفتوحات والخلافة والبلاغ) وبين الرسالة والمضمون الشرعي فكانت حركتهم على (منهاج النبوة) ولذلك سموا بـ (الراشدين).

وهذا الجمع هو المذكور في قول الله سبحانه: (ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) لأن الرباني كما يقول الطبري هو: "الجامعُ إلى العلم والفقه، البصرَ بالسياسة والتدبير والقيام بأمور الرعية، وما يصلحهم في دُنياهم ودينهم؛ فمعنى الآية: ولكن يقول لهم: كونوا أيها الناس سادة الناس، وقادتهم في أمر دينهم ودنياهم، ربَّانيِّين بتعليمكم إياهم كتاب الله وما فيه من حلال وحرام، وفرض وندب، وسائر ما حواه من معاني أمور دينهم، وبتلاوتكم إياه ودراسَتِكموه"
فالربانية على هذا التفسير متعلقة بالإصلاح والعمل وسياسة الناس، وهي على منهاج النبوة لأنها متعلقة بالكتاب الموحى به (بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون)

وآل الأمر بكثير من السياقات الإسلامية اليوم إلى ثلاثة أحوال:
1 من اكتفى بالرسالة دون النزول بها إلى الواقع (سياقات علمية مجردة/ حلقات للحفظ فقط/ سياقات أكاديمية نظرية/…) فضلا عمن أخطأ في العلم نفسه؛ فجمع بذلك بين خللين [الخطأ في الرسالة وترك العمل]
2- من نزل إلى الواقع دون حقيقة الرسالة (شعارات إسلامية بلا مضامين شرعية محكمة/ أو الضمور في حضور الرسالة وحمْلها على حساب البُنى الحزبية والكيانات الحركية)
3- من جمع بين الأمرين ولكن وقع عنده الخلل إما بنقص في العلم بعدم شمولية الأخذ لأبواب الدين أو الخطأ في فهم شيء منها.
وإما بالنقص في العمل والحركة، بألا تكون مصيبة لما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي، مما يُنتج حالة غير (راشدة) وإن كانت أفضل من سابقاتها.

(وهذا التوصيف كله دون تعميم على جميع السياقات فقد توجد استثناءات راشدة)

وهذا الإشكال في واقع الأمة اليوم له أسبابه، التي من أهمها:
1- الخلل في طريقة التلقي للقران والسنة، والوقوع فيما حذر منه الجيل الأول الذي تربى على يدي النبي ﷺ وتلقى القرآن منه، فقد حذروا من تحول مركزية التعامل مع القرآن من التدبر والتفقه والاستهداء والعمل إلى مجرد التلاوة والقراءة والأداء -وهو الحاصل اليوم-.
وبقدْر هذا النقص في التلقي يظهر الخلل على العمل إما بانعدامه أو بانحراف بوصلته.
ومنهاج النبوة يبدأ من طريقة التلقي للدين قبل طريقة العمل به.
ومن هنا يُعلَم أنّ أول خطوة في الإصلاح الديني هي في إصلاح طريقة التلقي.

2- عدم الشمولية في البناء الشرعي، وهو من أشد صور الخلل في التلقي والأخذ للعلم والدين، فتجد بعض السياقات تعتني بالعلوم الشرعية دون التزكية ودون الوعي بالواقع ودون القوة الفكرية، وأخرى تعتني بالمهارات دون التزكية والعلم، وثالثة تعتني بالتزكية والتربية دون العلم الشرعي والوعي بالواقع، وهكذا، بينما نجد موضوعات القرآن الكريم والسنة النبوية شاملة؛ ففيها الأحكام والعقائد والمواعظ والآداب والقصص وبيان سبيل المجرمين والرد على شبهاتهم والتحريض على الجهاد والسياسة والحكم بالشريعة وإقامة الدين والتربية عليه، وقد تلقى الصحابة كل ذلك بشموليّته ورأوا فعل النبي ﷺ في القيام به في الواقع، فكانوا نعم الخلفاء له على منهاجه.
وإحياء منهاج النبوة يكون بإعادة الأخذ الشمولي لأبواب الدين، والتفاعل بها في الواقع، مع العناية بتفاوت مراتب الأمر والنهي والخبر فيما جاء في كل تلك الأبواب (مركزة المركزيات).

3- ومن أسباب الخلل كذلك: طول الأمد، واتساع الفجوة الزمنية بين الجيل الإسلامي الذي انطلق من خلال الفكرة والمبدأ وبين الأجيال اللاحقة التي تعلق كثير من أبنائها بالهياكل والأشكال المؤسسية الجامدة التي ظنوا أنها ستحمل قوة الفكرة، ووهموا في ذلك، فآل الأمر إلى هياكل بلا أرواح، أو بأرواح ضعيفة التأثير من غير هيمنة على الفعل والحركة، أو بروح مجملة دون منهجٍ حاكم.
وأسباب الخلل غير ما ذُكر كثيرة.

ومن رحمة الله تعالى أنه قضى في هذه الأمة: سنّة التجديد التي تعيد لها صحة الاتصال بمرجعية الوحي وتعيد لها الفعل (الراشد) المنبثق عن صميم الرسالة.

= تابع (2/1)

BY بوصلة المصلح | أحمد السيد


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/almoslih/320

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

The regulator took order for the search and seizure operation from Judge Purushottam B Jadhav, Sebi Special Judge / Additional Sessions Judge. He said that since his platform does not have the capacity to check all channels, it may restrict some in Russia and Ukraine "for the duration of the conflict," but then reversed course hours later after many users complained that Telegram was an important source of information. "The inflation fire was already hot and now with war-driven inflation added to the mix, it will grow even hotter, setting off a scramble by the world’s central banks to pull back their stimulus earlier than expected," Chris Rupkey, chief economist at FWDBONDS, wrote in an email. "A spike in inflation rates has preceded economic recessions historically and this time prices have soared to levels that once again pose a threat to growth." This provided opportunity to their linked entities to offload their shares at higher prices and make significant profits at the cost of unsuspecting retail investors. Investors took profits on Friday while they could ahead of the weekend, explained Tom Essaye, founder of Sevens Report Research. Saturday and Sunday could easily bring unfortunate news on the war front—and traders would rather be able to sell any recent winnings at Friday’s earlier prices than wait for a potentially lower price at Monday’s open.
from us


Telegram بوصلة المصلح | أحمد السيد
FROM American