Telegram Group & Telegram Channel
= تابع

* عبرة:

❏ ولهٰذا المعنىٰ مِن شواهدِ القرآنِ والسّنّة ما لا يضبطُه التّقييدُ، وإذا تأصّل: وُزِن به ما يُشِيعُه كثيرٌ مِن النّاسِ اليومَ علىٰ أنّه هو السّنّةُ المحضةُ، ومقتضى المنهاجِ السّويِّ، يجتثّونه اجتثاثًا: مِن البتِّ في هِجرانِ مَن تلبَّس ببدعةٍ أو أَعلَن خلافًا لما دلّ عليه القرآنُ والسّنّةُ في بابٍ مِن الأبوابِ ممّن ثبَت دينُه بيقينٍ، وإذا عُلِم أنّه خلافُ ما تقرَّر في هٰذه الآيةِ وأمثالِها وهو في القرآنِ والسّنّةِ كثيرٌ: تبيَّن أنّه خلافُ حكمِ اللهِ عزّ وجلّ الّذي رضي لعبادِه المؤمنين أن يعاملوا به. وما هو إلّا مِن فسادِ الفهمِ، المفضي إلى الظُّلم، والبغيِ في الحكمِ.

❏ وقد أوجب قولَهم ذٰلك ولوازمَه الفاسدةَ خللٌ منهم في التّصوُّر يتتابَعون عليه، وخللٌ في الإرادة.

- أمّا خللُ التّصوُّر فأمران:

الأوّل: قصورٌ في النّظر، واستعجالٌ لأواخرِ الأمورِ قبلَ استتمامِ أوائلِها، قذَف بهم في الاشتغالِ بساحاتِ الخلافِ دونَ ضبطٍ لمواضعِ الوفاقِ، ومباني الحقائقِ، ألا ترىٰ أنّهم جعَلوا الأمورَ العارضةَ الّتي تُذكَرُ في مواطنِها المخصوصةِ: هي الأصولَ المستقرّةَ الّتي يعاودونَ الحديثَ فيها، ويدندنون حولَها، ويحاكمون إليها، وإذا ما نُوزِعوا فيها صاحوا: رُدّت السّنّة بالأهواءِ، وانتشرت البدعُ! وإذا رُدّ عليهم قالوا: قد صار أهلُ السّنّةِ غرَضًا لكلِّ أثيمٍ! وقد قلتُ يومًا لبعضِهم:

ولستَ أنت السُّنّةَ، الزَمْ حَدَّكا
فلم يَرُدُّ سنّةً مَن رَدَّكا


والأصولُ الشّرعيّةُ المستقرّةُ شيءٌ غيرُ العوارضِ، ولا تُفهَم العوارضُ حقَّ الفهمِ ولا يُعرَفُ تفسيرُها تمامَ المعرفة، ولا يمكنُ استعمالُها استعمالًا صحيحًا، إلّا بالأصولِ، والأصولُ عن القومِ غائبةٌ، لأنّها تحتاجُ إلىٰ كثيرٍ مِن تحرّي مرادِ اللهِ ورسولِه، وطلَب العلمِ، والقومُ أخَذوا منهجَهم مِن كتبِ الرّدودِ، لا مِن كتابِ المعبود، فصار فهمُهم خلافَ ما أراد اللهُ ورسولُه ...

والآخر: أن ترَكوا التّعويلَ علىٰ ما في الكتابِ والسّنّة، باستقراءِ الأحوالِ، وتتبُّع المواقع، لأنّه أمرٌ شاقٌّ لا يكادُ يقتدرُ عليه إلّا الأفذاذ، فتركوه واكتفَوا دونه بآثارٍ مرويّةٍ عن بعضِ السّلفِ، يحتفُّ بها مِن موجِباتِ التّقييدِ والتّخصيصِ والتّأويلِ والبيان ما يحتفُّ، ويجوزُ عليها الخطأُ، وهم يؤاخذون غيرَهم بترك الاشتغالِ بالوحي، ويرمونهم بالتّقصير في التّعويلِ عليه، ويتلون: ﴿فإن تنازعتم في شيءٍ فردّوه إلى اللهِ والرّسول﴾! وإذا ذاكَرتَ أحدَهم بآيةٍ في موضوعٍ يراودك عليه، أو قرَّرتَ عليه معنًى قرآنيًّا مستمرًّا: رأيتَه ينظُرُ إليك تدور عيناه!

- وأمّا خلل الإرادة: فمترتِّبٌ عن خللِ التّصوُّر، وهو سوءُ الظّنِّ بأهل العلم، وتهمةُ البُرآءِ، وحملُهم علىٰ أضيق المحامل، ثمّ نصبُ الباغين أنفسَهم حكّامًا على الخليقة، يعدّون أنفسَهم حماةَ الحقيقة!

ومِن أعيبِ العيبِ أن يصفَ المرءُ أخاه بما هو فيه، ويبغي البرآءَ العنَتَ، وأن يجعلَ عِرضَه كلَأً يستبيحُ به الأعراضَ المصونةَ!

إنّ الرّجلَ متىٰ ما اشتَغَل بتعرُّفِ نفسِه، وتكميلِ فضائلِها، وإصلاحِها، شغَلته أوهامُه الكثيرة، ونقصُه المستفحلُ، وما يعلمه عن نفسِه مِن ضعفِ الهمّةِ، وسوءِ النّيّة، وقلّةِ الصّدق، ورقّة الدّين، ونقصِ اليقين، شغلتْه عن كلِّ شيءٍ، وإنّ ذٰلك لهو منهاجُ المناهجِ، الّذي لا يقيم العاقلُ في دربٍ سواه.



group-telegram.com/bawarik/143
Create:
Last Update:

= تابع

* عبرة:

❏ ولهٰذا المعنىٰ مِن شواهدِ القرآنِ والسّنّة ما لا يضبطُه التّقييدُ، وإذا تأصّل: وُزِن به ما يُشِيعُه كثيرٌ مِن النّاسِ اليومَ علىٰ أنّه هو السّنّةُ المحضةُ، ومقتضى المنهاجِ السّويِّ، يجتثّونه اجتثاثًا: مِن البتِّ في هِجرانِ مَن تلبَّس ببدعةٍ أو أَعلَن خلافًا لما دلّ عليه القرآنُ والسّنّةُ في بابٍ مِن الأبوابِ ممّن ثبَت دينُه بيقينٍ، وإذا عُلِم أنّه خلافُ ما تقرَّر في هٰذه الآيةِ وأمثالِها وهو في القرآنِ والسّنّةِ كثيرٌ: تبيَّن أنّه خلافُ حكمِ اللهِ عزّ وجلّ الّذي رضي لعبادِه المؤمنين أن يعاملوا به. وما هو إلّا مِن فسادِ الفهمِ، المفضي إلى الظُّلم، والبغيِ في الحكمِ.

❏ وقد أوجب قولَهم ذٰلك ولوازمَه الفاسدةَ خللٌ منهم في التّصوُّر يتتابَعون عليه، وخللٌ في الإرادة.

- أمّا خللُ التّصوُّر فأمران:

الأوّل: قصورٌ في النّظر، واستعجالٌ لأواخرِ الأمورِ قبلَ استتمامِ أوائلِها، قذَف بهم في الاشتغالِ بساحاتِ الخلافِ دونَ ضبطٍ لمواضعِ الوفاقِ، ومباني الحقائقِ، ألا ترىٰ أنّهم جعَلوا الأمورَ العارضةَ الّتي تُذكَرُ في مواطنِها المخصوصةِ: هي الأصولَ المستقرّةَ الّتي يعاودونَ الحديثَ فيها، ويدندنون حولَها، ويحاكمون إليها، وإذا ما نُوزِعوا فيها صاحوا: رُدّت السّنّة بالأهواءِ، وانتشرت البدعُ! وإذا رُدّ عليهم قالوا: قد صار أهلُ السّنّةِ غرَضًا لكلِّ أثيمٍ! وقد قلتُ يومًا لبعضِهم:

ولستَ أنت السُّنّةَ، الزَمْ حَدَّكا
فلم يَرُدُّ سنّةً مَن رَدَّكا


والأصولُ الشّرعيّةُ المستقرّةُ شيءٌ غيرُ العوارضِ، ولا تُفهَم العوارضُ حقَّ الفهمِ ولا يُعرَفُ تفسيرُها تمامَ المعرفة، ولا يمكنُ استعمالُها استعمالًا صحيحًا، إلّا بالأصولِ، والأصولُ عن القومِ غائبةٌ، لأنّها تحتاجُ إلىٰ كثيرٍ مِن تحرّي مرادِ اللهِ ورسولِه، وطلَب العلمِ، والقومُ أخَذوا منهجَهم مِن كتبِ الرّدودِ، لا مِن كتابِ المعبود، فصار فهمُهم خلافَ ما أراد اللهُ ورسولُه ...

والآخر: أن ترَكوا التّعويلَ علىٰ ما في الكتابِ والسّنّة، باستقراءِ الأحوالِ، وتتبُّع المواقع، لأنّه أمرٌ شاقٌّ لا يكادُ يقتدرُ عليه إلّا الأفذاذ، فتركوه واكتفَوا دونه بآثارٍ مرويّةٍ عن بعضِ السّلفِ، يحتفُّ بها مِن موجِباتِ التّقييدِ والتّخصيصِ والتّأويلِ والبيان ما يحتفُّ، ويجوزُ عليها الخطأُ، وهم يؤاخذون غيرَهم بترك الاشتغالِ بالوحي، ويرمونهم بالتّقصير في التّعويلِ عليه، ويتلون: ﴿فإن تنازعتم في شيءٍ فردّوه إلى اللهِ والرّسول﴾! وإذا ذاكَرتَ أحدَهم بآيةٍ في موضوعٍ يراودك عليه، أو قرَّرتَ عليه معنًى قرآنيًّا مستمرًّا: رأيتَه ينظُرُ إليك تدور عيناه!

- وأمّا خلل الإرادة: فمترتِّبٌ عن خللِ التّصوُّر، وهو سوءُ الظّنِّ بأهل العلم، وتهمةُ البُرآءِ، وحملُهم علىٰ أضيق المحامل، ثمّ نصبُ الباغين أنفسَهم حكّامًا على الخليقة، يعدّون أنفسَهم حماةَ الحقيقة!

ومِن أعيبِ العيبِ أن يصفَ المرءُ أخاه بما هو فيه، ويبغي البرآءَ العنَتَ، وأن يجعلَ عِرضَه كلَأً يستبيحُ به الأعراضَ المصونةَ!

إنّ الرّجلَ متىٰ ما اشتَغَل بتعرُّفِ نفسِه، وتكميلِ فضائلِها، وإصلاحِها، شغَلته أوهامُه الكثيرة، ونقصُه المستفحلُ، وما يعلمه عن نفسِه مِن ضعفِ الهمّةِ، وسوءِ النّيّة، وقلّةِ الصّدق، ورقّة الدّين، ونقصِ اليقين، شغلتْه عن كلِّ شيءٍ، وإنّ ذٰلك لهو منهاجُ المناهجِ، الّذي لا يقيم العاقلُ في دربٍ سواه.

BY بوارق من الكتاب


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/bawarik/143

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

Since January 2022, the SC has received a total of 47 complaints and enquiries on illegal investment schemes promoted through Telegram. These fraudulent schemes offer non-existent investment opportunities, promising very attractive and risk-free returns within a short span of time. They commonly offer unrealistic returns of as high as 1,000% within 24 hours or even within a few hours. The perpetrators use various names to carry out the investment scams. They may also impersonate or clone licensed capital market intermediaries by using the names, logos, credentials, websites and other details of the legitimate entities to promote the illegal schemes. Individual messages can be fully encrypted. But the user has to turn on that function. It's not automatic, as it is on Signal and WhatsApp. NEWS Recently, Durav wrote on his Telegram channel that users' right to privacy, in light of the war in Ukraine, is "sacred, now more than ever."
from us


Telegram بوارق من الكتاب
FROM American