Telegram Group Search
غزالة!
وَأَعلَمُ أَنّي إِذا ما اعتَذَرتُ
إِلَيكَ أَرادَ اعتِذاري اعتِذارا

أبو الطيّب المتنبي!
لَقَد حازَني وَجدٌ بِمَن حازَهُ بُعدُ
فَيا لَيتَني بُعدٌ وَيا لَيتَهُ وَجدُ.

أبو الطيّب المتنبي!
رُبَّ عَيْشٍ أَخَفُّ مِنْهُ الحِمَامُ!

أبو الطيّب المتنبي!
أي ؟!
‏فلا هو بالقرب الذي يُريح الفؤاد
ولاهو بالبُعد الذي يُنهي الأمل.
كلّ الذين أحبّهم في كفّةٍ
‏والكفّةُ الأخرى بحبّكَ تثقلُ
خُذني إليك فكل شيءٍ موحشٌ
‏حتى المسير بلا يديك كئيبُ

‏كل الدروب إلى لقائك أُغلقت
‏يا بؤسَ قلبٍ لا يراك تجيبُ
تَلُوحُ الذّكرَياتُ بِكُلَّ دَربٍ
‏لِأَهرُبَ مِنْ شَتَاتِي لِلشّتاتِ

‏ومَابٍي غيرُ شوقٍ لا يُداوى
‏وبَعضُ الشّوقِ أَشبَهُ بِالمَمَاتِ
وأملُّ من طولِ الطّريقِ فإن غَدا
‏كفّي بكفِّكَ قلتُ ليتَ يَطولُ.
على قلَقٍ، كأنّ الريحَ تحتي!

أبو الطيّب المتنبي!
‏كان بين سيف الدَّولة وأعدائه من الرُّوم رسائل ورسل، فقال المتنبي عن عِزَّة العرب:

وما تنفعُ الخيلُ الكِرامُ ولا القَنا
إِذا لم يكن فوقَ الكرامِ كِرامُ

وكُلُّ أُناسٍ يتبَعونَ إِمامَهُم
وأَنتَ لِأهلِ المَكرُماتِ إِمامُ

تَنامُ لديكَ الرُّسْلُ أَمناً وغِبطَةً
وَأَجفانُ رَبِّ الرُسلِ ليسَ تَنامُ

وَشَرُّ الحِمامَينِ الزُؤامَينِ عيشَةٌ
يَذِلُّ الَّذي يَختارُها وَيُضامُ

وَرُبَّ جَوابٍ عن كتابٍ بَعَثتَهُ
وَعُنوانُهُ للناظرينَ قَتامُ

تَضيقُ بِهِ البَيداءُ من قبلِ نَشرِهِ
وما فُضَّ بِالبَيداءِ عنهُ خِتامُ

حُروفُ هِجاءِ النَّاسِ فيهِ ثَلاثَةٌ
جَوادٌ وَرُمحٌ ذابِلٌ وَحُسامُ!
‏كَم قَد كَتَمتُ هَواكُم لا أَبوحُ بِهِ
وَالأَمرُ يَظهَرُ وَالأَخبارُ تَنتَقِلُ

وَبِتُّ أُخفي أَنيني وَالحَنينَ بِكُم
تَوَهُّمًا أَنَّ ذاكَ الجُرحَ يَندَمِلُ

كَيفَ السَبيلُ إِلى إِخفاءِ حُبِّكُمُ
وَالقَلبُ مُنقَلِبٌ وَالعَقلُ مُعتَقَلُ
أَنتَ المُرادُ وَسَيفُ لِحظِكَ قاتِلي
لَكِن فمي عَن شَرحِ حالي مُلجَمُ

تَشكو تَفَرُّقَنا وَأَنتَ جَنَيتَهُ
وَمِن العَجائِبِ ظالِمٌ يتَظَلَّمُ

وَتَقولُ أَنتَ بِعُذرِ بُعدي عالِمٌ
وَاللَهُ يَعلَمُ أَنَّني لا أَعلَمُ

فَتراكَ تَدري أنَّ حُبَّكَ مُتلِفي
لَكنَّني أُخفي هَواكَ وَأَكتِمُ
‏أفدِيك بالنَّفسِ والدُّنيا وما فيهَا
وَالأهْلِ والنَّاسِ قَاصِيهَا ودَانيهَا
لا تَلْقَ دَهْرَكَ إلاّ غَيرَ مُكتَرِث
ما دامَ يَصْحَبُ فيهِ رُوحَكَ البَدنُ

فَمَا يُديمُ سُرُورٌ ما سُرِرْتَ بِهِ
وَلا يَرُدّ عَلَيكَ الفَائِتَ الحَزَنُ!

أبو الطيّب المتنبي!
2024/09/21 10:50:22
Back to Top
HTML Embed Code: