Telegram Group Search
لشيخ الإسلام توجيه بديع فيه بيان عظيم لفضل الدعوة، وذلك لما في السنن من رجحان إيمان أبي بكر وكذا عمر على إيمان الأمة: {وزنْت بالأمة فرجحتُ، ثم وزن أبو بكر بالأمة فرجح ثم وزن عمر بالأمة فرجح ثم رفع الميزان} قال: (فأما كون النبي ﷺ راجحا بالأمة فظاهر؛ لأن له مثل أجر جميع الأمة مضافا إلى أجره، وأما أبو بكر وعمر فلأن لهما معاونة مع الإرادة الجازمة في إيمان الأمة كلها وأبو بكر كان في ذلك سابقا لعمر وأقوى إرادة منه؛ فإنهما هما اللذان كانا يعاونان النبي ﷺ على إيمان الأمة في دقيق الأمور وجليلها؛ في محياه وبعد وفاته).
الفتاوى: (٧٣٠/١٠).
في قوله تعالى: (أنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رابِيًا ومِمّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ في النّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الحَقَّ والباطِلَ) يقول ابن القيم في المثل المائي: (شبه الوحي الذي أنزله لحياة القلوب والأسماع والأبصار بالماء الذي أنزله لحياة الأرض بالنبات، وشبه القلوب بالأودية، فقلب كبير يسع علما عظيما كواد كبير يسع ماء كثيرا وقلب صغير إنما يسع يحسبه كالوادي الصغير، فسالت أودية بقدرها، واحتملت قلوب من الهدى والعمل بقدرها؛ وكما أن السيل إذا خالط الأرض ومر عليها احتمل غثاء وزبدا فكذلك الهدى والعلم إذا خالط القلوب أثار ما فيها من الشهوات والشبهات ليقلعها ويذهبها).
إعلام الموقعين: (١٨١/٢).
سئل شيخ الإسلام هذا السؤال: في من عزم على فعل محرم كالزنا والسرقة وشرب الخمر عزما جازما - فعجز عن فعله: إما بموت أو غيره. هل يأثم بمجرد العزم أم لا؟ وإن قلتم: يأثم فما جواب من يحتج على عدم الإثم بقوله: {إذا هم عبدي بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه} وبقوله: {إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم}..الخ السؤال
فأجاب في إحدى وأربعين صفحة بكلام محرر متين في الإرادة الجازمة وضابط النية التي يؤجر بها ويأثم والفرق بين أصول الإيمان والأفعال الظاهرة، وقد تعيده أحيانا مرات لتستوعبه مع استطرادات وفوائد عزيزة في تفسير آيات وشروح أحاديث، وقال في آخر الفتوى: (وحين كتبت هذا الجواب لم يكن عندي من الكتب ما يستعان به على الجواب؛ فإن له موارد واسعة).
الفتاوى: (١٠/٧٦٥).
Forwarded from عبدالله بن بلقاسم (عبدالله بلقاسم)
(ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)
جاهد نفسك أن تمشي إلى الله في كل حين
بتسبيحة تسبحها
أو ركعة تركعها
أو آية تقرؤها
أو صدقة تعطيها
أو دعاء تدعوه
أو إحسان تحسنه
أو خير تنشره
أو علم تطلبه
لا تنقطع عن المشي إلى ربك
قاعدا وقائما ومضطجعا ومريضا وصحيحا راكبا وماشيا وفارغا ومنشغلا
وحدك ومع الناس
لا تتوقف عن المسير إلى رب تتقرب إليه شبرا. فيتقرب إليك ذراعا
ومفهوم المخالفة من النص
أن من انقطع عن الإتيان إلى ربه
لم يأت الله إليه.
أعاذنا الله وإياكم من الحرمان.
سئل شيخ الإسلام هذا السؤال العظيم فأجاب في قرابة عشر صفحات بجواب نافع، ومنه هذا المصور:
سؤال أبي القاسم المغربي:
يتفضل الشيخ الإمام بقية السلف وقدوة الخلف أعلم من لقيت ببلاد المشرق والمغرب؛ تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية " بأن يوصيني بما يكون فيه صلاح ديني ودنياي؟ ويرشدني إلى كتاب يكون عليه اعتمادي في علم الحديث وكذلك في غيره من العلوم الشرعية وينبهني على أفضل الأعمال الصالحة بعد الواجبات ويبين لي أرجح المكاسب كل ذلك على قصد الإيماء والاختصار والله تعالى يحفظه.
الفتاوى: (٦٥٣/١٠).
لطف الله بعباده المؤمنين في أقداره المؤلمة التي يخفف آخرها أولها: يقول السعدي في قوله تعالى في غزوة أحد: ﴿فأثابكم﴾ أي: جازاكم على فعلكم ﴿غما بغم﴾ أي: غما يتبع غما، غم بفوات النصر وفوات الغنيمة، وغما بانهزامكم، وغما أنساكم كل غم، وهو سماعكم أن محمدا ﷺ قد قتل. ولكن الله -بلطفه وحسن نظره لعباده- جعل اجتماع هذه الأمور لعباده المؤمنين خيرا لهم، فقال: ﴿لكيلا تحزنوا على ما فاتكم﴾ من النصر والظفر، ﴿ولا ما أصابكم﴾ من الهزيمة والقتل والجراح، إذ تحققتم أن الرسول ﷺ لم يقتل هانت عليكم تلك المصيبات، واغتبطتم بوجوده المسلي عن كل مصيبة ومحنة، فلله ما في ضمن البلايا والمحن من الأسرار والحكم). تفسير السعدي
في قوله تعالى: (إِنَّهُۥ لَقُرۡءَانࣱ كَرِیمࣱ فِی كِتَـٰبࣲ مَّكۡنُونࣲ لَّا یَمَسُّهُۥۤ إِلَّا ٱلۡمُطَهَّرُونَ تَنزِیلࣱ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ أَفَبِهَـٰذَا ٱلۡحَدِیثِ أَنتُم مُّدۡهِنُونَ وَتَجۡعَلُونَ رِزۡقَكُمۡ أَنَّكُمۡ تُكَذِّبُونَ) ورد عدد من الأحاديث أنها نزلت لما مُطر الناس، فقالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا، وسياق الآية ورد في نعمة نزول القرآن، وما أبدع تعليق ابن القيم إذ جمع بين النعمتين فقال: (لما كان قوام كل واحد من البدن والقلب إنما هو بالرزق، فرزق البدن الطعام والشراب ورزق القلب الإيمان والمعرفة بربه ومحبته والشوق إليه والإنس بقربه وكان لا حياة له إلا بذلك كما أن البدن لا حياة له إلا بالطعام والشراب أنعم سبحانه على عبادة بهذين النوعين من الرزق وجعل قيام أبدانهم وقلوبهم بهما ثم فاوت بينهم في قسمة هذين الرزقين بحسب ما اقتضاه علمه وحكمته فمنهم من وفر حظه من الرزقين ووسع عليه فيهما ومنهم من قتر عليه في الرزقين ومنهم من وسع عليه رزق البدن وقتر عليه رزق القلب وبالعكس وهذا الرزق إنما يتم ويكمل بالشكر والشكر مادة زيادته وسبب حفظه وبقائه وترك الشكر سبب زواله وانقطاعه عن العبد…فلما وضعوا الكفر والتكذيب موضع الشكر والإيمان جعلوا رزقهم نفسه تكذيبًا..وهذا المعنى هو الذي حام حوله من قال التقدير وتجعلون شكر رزقكم أنكم تكذبون).
التبيان في أيمان القرآن: ٣٤٧
قال شيخ الإسلام: (وقرن بين الرحمة والصبر في قوله تعالى {وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة}. وفي الرحمة الإحسان إلى الخلق بالزكاة فإن القسمة رباعية إذ من الناس من يصبر ولا يرحم كأهل القوة والقسوة ومنهم من يرحم ولا يصبر كأهل الضعف واللين: مثل كثير من النساء ومنهم من لا يصبر ولا يرحم كأهل القسوة والهلع. والمحمود هو الذي يصبر ويرحم كما قال الفقهاء في المتولي: ينبغي أن يكون قويا من غير عنف لينا من غير ضعف فبصبره يقوى وبلينه يرحم وبالصبر ينصر العبد؛ فإن النصر مع الصبر وبالرحمة يرحمه الله تعالى. كما قال النبي {إنما يرحم الله من عباده الرحماء}).
الفتاوى: (٦٧٧/١٠).
قال شيخ الإسلام في فضائل هذه الأمة ونصحها للناس:
(قال أبو هريرة في قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} كنتم خير الناس للناس تأتون بهم في الأقياد والسلاسل حتى تدخلوهم الجنة. يبذلون أموالهم وأنفسهم في الجهاد لنفع الناس فهم خير الأمم للخلق. والخلق عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله).
الفتاوى: (٥٠٩/١٠).
لما كان شأن الطلاق والفراق بين الزوجين ثقيلا على النفوس ويعتريه الشد والجذب، تكرر في هذه السورة ذكر المخرج واليسر والأجر والفأل بتغيير الحال والإيمان بقدر الله…
تأمل فواصل الآيات والأحكام: (لَا تَدۡرِی لَعَلَّ ٱللَّهَ یُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَ ٰ⁠لِكَ أَمۡرࣰا) (قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَیۡءࣲ قَدۡرࣰا) (وَمَن یَتَّقِ ٱللَّهَ یَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجࣰا) (وَمَن یَتَّقِ ٱللَّهَ یَجۡعَل لَّهُۥ مِنۡ أَمۡرِهِۦ یُسۡرࣰا) (وَمَن یَتَّقِ ٱللَّهَ یُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَیِّـَٔاتِهِۦ وَیُعۡظِمۡ لَهُۥۤ أَجۡرًا) (سَیَجۡعَلُ ٱللَّهُ بَعۡدَ عُسۡرࣲ یُسۡرࣰا)، وقد كان بعض الفضلاء يوصي بالرقية بسورة الطلاق لما فيها من تكرار الفرج واليسر.
📚قناة د.محسن المطيري
سئل شيخ الإسلام هذا السؤال: في من عزم على فعل محرم كالزنا والسرقة وشرب الخمر عزما جازما - فعجز عن فعله: إما بموت أو غيره. هل يأثم بمجرد العزم أم لا؟ وإن قلتم: يأثم فما جواب من يحتج على عدم الإثم بقوله: {إذا هم عبدي بسيئة ولم يعملها لم تكتب عليه} وبقوله: {إن…
هذا ملخص لما ذكره شيخ الإسلام من الجواب:
أولا: التفاوت في مراتب النية والهم والإرادة، فالإرادة الجازمة ضابطها هي التي يجب وقوع الفعل معها إذا كانت القدرة حاصلة.
ثانيا: في حديث: (لو أني لي ما لفلان لفعلت..) لا يحصل إلا من جزم الإرادة، وإلا فكثير من الناس تنفسخ عزيمته عند القدرة.
ثالثا: ذكر هم يوسف مع هم امرأة العزيز على الفرق بين الإرادتين: هم الإصرار، وهم الخواطر، ذكره مثالا على الفرق بين الإرادات فإذا لم يمنعه من الفعل إلا العجز فهذا يعاقب عقوبة الفاعل لحديث: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما)، ولا يقال في ذلك: إنه مثل حديث: (لو أن مالا مثل فلان لعملت فيه)، فإنه لم يذكر فيه إلا أن وزرهما سواء، خلافا للمسلم المقاتل للمسلم فإنه حرص على قتله، فالمريد للزنا ونحوه، لابد له من مقدمات للفعل إذا كانت إرادته جازمة مثل النظر ونحوه، فإذا لم يفعل شيئا منها دل على عدم جزمه، بل قد تحصل تلك المقدمات ولا يجزم في الفعل.
رابعا: مجرد الشهوة والتمني ليست من الجزم فقد يتهيأ له ذلك، ولا يفعل، والأصل في ذلك: التجاوز عن الأمة مالم تعمل أو تتكلم.
خامسا: هناك فرق بين الأعمال الظاهرة وما يناقض أصل الإيمان مثل النفاق والشك والبغض والحب فإنه يعاقب عليه ولو لم يعمل أو يتكلم.
ثم ختم تلخيصا لما سبق: (والأصل أن يفرق بين ما كان مجامعا لأصل الإيمان وما كان منافيا له ويفرق أيضا بين ما كان مقدورا عليه فلم يفعل وبين ما لم يترك إلا للعجز عنه فهذان الفرقان هما فصل في هذه المواضيع المشتبهة….
فإذا عرف أن الإرادة الجازمة لا يتخلف عنها الفعل مع القدرة إلا لعجز يجري صاحبها مجرى الفاعل التام في الثواب والعقاب. وأما إذا تخلف عنها ما يقدر عليها فذلك المتخلف لا يكون مرادا إرادة جازمة؛ بل هو الهم الذي وقع العفو عنه، وبه ائتلفت النصوص والأصول).
الفتاوى الجزء العاشر: (٧٢٠_٧٦١).
ولاشك أن حراسة الخواطر مطلب شرعي لحفظ النفس من المعاصي.
من لطيف البلاغة مصطلح الاحتباك، وهو من أنواع الإيجاز، وهو أن يُحذف من الأوائل ما جاء نظيره أو مقابله في الأواخر ، ويُحذف من الأواخر ما جاء نظيره أو مقابله في الأوائل .
ومن أمثلته، قوله تعالى في نعيم الجنة: ﴿مُّتَّكِـِٔینَ فِیهَا عَلَى ٱلۡأَرَاۤىِٕكِۖ لَا یَرَوۡنَ فِیهَا شَمۡسࣰا وَلَا زَمۡهَرِیرࣰا﴾
قال البقاعي: (﴿لا يرون فيها﴾ أي بأبصارهم ولا بصائرهم أصلا ﴿شمسا﴾ أي ولا قمرا ﴿ولا﴾ أي ولا يرون فيها أيضا ببصائرهم أي لا يحسون بما يسمى ﴿زمهريرا﴾ أي بردا شديدا مزعجا ولا حرا، فالآية من الاحتباك: دل بنفي الشمس أولا على نفي القمر، لأن ظهوره بها لأن نوره اكتساب من نور الشمس، ودل بنفي الزمهرير الذي هو سبب البرد ثانيا على نفي الحر الذي سببه الشمس، فأفاد هذا أن الجنة غنية عن النيرين، لأنها نيرة بذاتها وأهلها).
ومن أمثلته المشهورة: (قُلْ إنِّي لا أمْلِكُ لَكم ضَرًّا ولا رَشَدًا): قال ابن عاشور: (وفي الكلام احتباك؛ لأن الضر يقابله النفع، والرشد يقابله الضلال، فالتقدير: لا أملك لكم ضرا ولا نفعا ولا ضلالا ولا رشدا).
مواقف التضحية للمبادىء يسطرها القرآن بمداد التعظيم والإجلال، ومن أعظمها موقف سحرة فرعون (قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)
قال الزمخشري: (سبحان الله ما أعجب أمرهم قد ألقوا حبالهم وعصيهم للكفر والجحود ثم ألقوا رؤسهم بعد ساعة للشكر والسجود، فما أعظم الفرق بين الإلقاءين! وروي أنهم لم يرفعوا رؤسهم حتى رأوا الجنة والنار ورأوا ثواب أهلها). الكشاف
📚قناة د.محسن المطيري
قال علي رضي الله عنه: "كان النبي ﷺ دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب، ولا فحاش، ولا عياب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يؤيس منه راجيه، ولا يخيب فيه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والإكثار، وترك ما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث،…
لابن القيم شرح رائع لأثر علي في وصف النبي ﷺ ومنه قوله: "أكرمهم عشرة": يعني أنه ﷺ لم يكن يعاشر جليسا له إلا أتم عشرة وأحسنها وأكرمها، فكان لا يعبس في وجهه، ولا يغلظ له في مقاله، ولا يطوي عنه بشره، ولا يمسك عليه فلتات لسانه، ولا يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة ونحوها، بل يحسن إلى عشيره غاية الإحسان، ويحتمله غاية الاحتمال، فكانت عشرته لهم احتمال أذاهم وجفوتهم جملة، لا يعاتب أحدا منهم ولا يلومه ولا يباديه بما يكره. من خالطه يقول: أنا أحب الناس إليه، لما يرى من لطفه به، وقربه منه، وإقباله عليه، واهتمامه بأمره، ونصيحته له، وبذل إحسانه إليه، واحتمال جفوته، فأي عشرة كانت أو تكون أكرم من هذه العشرة). جلاء الأفهام: ٢٠٣
دعاء الجمعة:
قال ابن القيم في أكمل أوصاف الدعاء: (والدعاء ثلاثة أقسام:
أحدها: أن تسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته، وهذا أحد التأويلين في قوله تعالى: ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها﴾
والثاني: أن تسأله بحاجتك وفقرك وذلّك، فتقول: أنا العبد الفقير المسكين البائس الذليل المستجير ونحو ذلك.
والثالث: أن تسأل حاجتك ولا تذكر واحدا من الأمرين، فالأول أكمل من الثاني، والثاني أكمل من الثالث، فإذا جمع الدعاء الأمور الثلاثة كان أكمل
. وهذه عامة أدعية النبي ﷺ، وفي الدعاء الذي علمه صديق الأمة ذكر الأقسام الثلاثة، فإنه قال في أوله: "ظلمت نفسي كثيرا" وهذا حال السائل، ثم قال: "وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" وهذا حال المسؤول، ثم قال: "فاغفر لي" فذكر حاجته، وختم الدعاء باسمين من الأسماء الحسنى تناسب المطلوب وتقتضيه).
جلاء الأفهام: ١٥٥
(خذ العفو)
قال الواحدي في البسيط:
قال أهل اللغة: العفو: الفضل وما أتى بغير كلفة)
قال مجاهد: (أمر أن يأخذ عفو أخلاق الناس)، وهو قول الحسن وعروة بن الزبير وقتادة  والمعنى: اقبل الميسور من أخلاق الناس.
تسعة أعشار أزماتنا من نقص العمل بأمر الله هذا.
الذي معناه خذ ما تيسر من أخلاق الناس
معناه تقبل ما سمحت به خواطرهم وأخلاقهم
معناه لا تكلفهم عكس طباعهم وجبلتهم
معناه لا تدقق لا تحقق لا تستقصي
معناه ان الله خلق الناس متفاوتين في طباعهم في طريقتهم في أسلوبهم
خلقهم مختلفين في اقدارهم في خبراتهم في تجاربهم في تعبيرهم
فلا تكلفهم على معيار واحد لا تحاكمهم إلى نموذج مثالي تريده
(خذ العفو)
يعني اي شيء ولو كان قليلا
ارض بجهدهم ولو كان يسيرا
تقبل زوجتك أولادك أقاربك جيرانك زملاءك
افتح صدرك لكل الوجوه لكل الطبائع لكل التعابير
للأذكياء لمحدودي الذكاء لغير القادرين على التعبير للفاشلين في التعبير
(خذ العفو)
معناه شطب هذه الأسئلة
لم لا تهتم بي زوجتي؟
لم لا يعتني بي أولادي ؟
لم تأخرت زيارة أختي؟
لم رفع ابن عمي صوته حين تكلم؟
لم لم يرد فلان على الرسالة؟
كيف عزموا فلان وتركوني؟
كيف اوقف جاري سيارته بهذه الطريقة
كيف استقبلونا آل فلان بهذا الأسلوب
ماهذا الطعام
ماهذا الغسيل
ألف سؤال وسؤال تحتاج للشطب والإلغاء
(خذ العفو)
ليس ليرتاح الناس فحسب
بل لترتاح أنت
لا تتوقع افتراضات مثالية.
احتفل بأي شي جميل ولو كان يسيرا ولو كان دون ما تراه مطلوبا ولو كان ناقصا
(خذ العفو)
يا لتعاسة الذين يقولون
إما زوجة كاملة أو لا
إما بر تام أو لا
إما جار على الكمال أو لا
إما قريب كالعسل أو لا
خذ اي شيء
هذا أمر الله
ووالله أن من أخذ بوصية الله لا يخيب.
قال تعالى: ﴿وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾ [يوسف: ٢١].
(سمى الله هذا البلاء ليوسف تمكينا بعدما بيع واشتراه العزيز، مع أنه تبعه مغالبة على حرام وتهمة وسجن وطول بلاء، وفي هذا أن أول التمكين ابتلاء).
التفسير والبيان لأحكام القرآن: (١٦٢٤/٣).
قال شيخ الإسلام: (والعبد كلما كان أذل لله وأعظم افتقارا إليه وخضوعا له: كان أقرب إليه، وأعز له، وأعظم لقدره، فأسعد الخلق: أعظمهم عبودية لله. وأما المخلوق فكما قيل: احتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأحسن إلى من شئت تكن أميره…. فأعظم ما يكون العبد قدرا وحرمة عند الخلق: إذا لم يحتج إليهم بوجه من الوجوه، فإن أحسنت إليهم مع الاستغناء عنهم: كنت أعظم ما يكون عندهم، ومتى احتجت إليهم - ولو في شربة ماء - نقص قدرك عندهم بقدر حاجتك إليهم، وهذا من حكمة الله ورحمته، ليكون الدين كله لله، ولا يشرك به شيء).
الفتاوى: (٣٩/١).
يقول أبو حفص البزار في شهرة زهد شيخ الإسلام في عصره: (لو سئل عامي من أهل بلد بعيد من كان أزهد أهل هذا العصر وأكملهم في رفض فضول الدنيا واحرصهم على طلب الاخرة لقال ما سمعت بمثل ابن تيمية….لم يسمع انه رغب في زوجة حسناء ولا سرية حوراء ولا دار قوراء ولا مماليك جوار ولا بساتين ولا عقار ولا شد على دينار ولا درهم ولا رغب في دواب ولا نعم ولا ثياب ناعمة فاخرة ولا حشم ولا زاحم في طلب الرئاسات ولا رئي ساعيا في تحصيل المباحات مع أن الملوك والامراء والتجار والكبراء كانوا طوع أمره خاضعين لقوله وفعله وادين ان يتقربوا الى قلبه مهما أمكنهم مظهرين لإجلاله).
الأعلام العلية: ٤٦
2024/11/15 02:42:31
Back to Top
HTML Embed Code: