Telegram Group & Telegram Channel
هل يوجد حقًا أدلة يمكنها دحض نظرية التطور؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسل الله، أما بعد:

فقد أثبتنا في غير موضع أن نظرية التطور لا يمكن أن تكون موضوعا للعلم التجريبي -على المعيار الصحيح للتمييز بين العلم الباطل والصحيح-، وهذا مقال على سبيل التنزل في إثبات أن معيار بوبر لقابلية الدحض، الذي يتبناه عامة العلماء اليوم لتمييز بين العلم الصحيح والباطل، لا ينطبق على نظرية التطور. وسأعرج على بعض تحدياتهم، وأثبت إمكان التأويل فيها كما حصل في غيرها من المعارضات من قبلها، والله أرجو التوفيق والسداد:

١) قالوا: إذا تم العثور على أحفوريات في طبقات جيولوجية لا تتناسب مع الجدول الزمني للتطور، فإن هذا سيدحض نظرية التطور. على سبيل المثال، إذا تم العثور على أحفورة أرنب في صخور ما قبل الكامبري، فإن ذلك سيتعارض تمامًا مع الجدول الزمني للتاريخ التطوري. أو اكتشاف أحفورة لثديي حديث في صخور ما قبل الكامبري.

أقول: بل لن يدحض التطور، بل أول ما سيقوم به العلماء هو اتهام أدواتهم في التجربة والتأريخ بالخطأ، لأن الشاذ لا يعارض المطرد (وهذه قاعدة صحيحة عقلا وإن كان لا اطراد في الحقيقة).
أو ربما قالوا: أنه كان هناك شذوذ جيولوجي geological anomaly تسبب في تحرك الأحفوريات من طبقة إلى أخرى.
فنظرية التطور مرنة بما فيه الكفاية للتكيف مع أي شيء يعارضها حرفيا، وهذا كما قاموا بتعديل السجل الأحفوري في غير موضع، وندرة العثور على ما طابلوا به لا يخرجه عن كونه من جنس ما سبق وعورضوا به ولم يبطلوا النظرية لأجله.

٢) قالوا: تعتمد نظرية التطور على التنوع داخل السكان حتى يتمكن الانتقاء الطبيعي من العمل. إذا وُجد أن السكان لا يختلفون جينيًا بالطريقة المتوقعة وفقًا لنظرية التطور، فقد يتحدى ذلك الآلية الأساسية للتطور.

أقول: حتى لو قدرنا حصوله، فنظرية التطور مرنة بما يكفي لتعديل فهمها للآليات نفسها، ومدى أثر كل واحد منها في الواقع. فإذا وُجد أن مجموعة معينة تفتقر إلى التنوع المطلوب وفق النموذج الحالي، فقد يعدل العلماء في شأن آليات التطور ومدى أثرها، مثل الانجراف الجيني genetic drift، أو التغيرات الوراثية epigenetic changes، ونحوه من العوامل التي يمكن أن تؤثر أيضًا على التطور.
بل قد يكون عدم وجود تنوع جيني في مجموعة معينة نتيجة لعنق الزجاجة السكانية genetic bottleneck، حيث يبقى فقط مجموعة صغيرة من الأفراد، مما يؤدي إلى تقليل التنوع. وأصلا لا تتطلب نظرية التطور تنوعًا جينيًا مستمرًا في جميع السكان، بل تتطلب التنوع بمرور الوقت وعبر النظام البيئي الأوسع.

٣) قالوا: إذا أظهر التحليل الجيني أن الكائنات الحية تتجمع بطرق تتعارض مع التسلسل الهرمي المرتبط بالتاريخ المشترك (مثل كون البشر أقرب جينيًا للفطريات من القرود الأخرى)، فإن ذلك سيدحض التطور.

أقول: والجواب عن هذا نفس ما أجبت به سؤال الحفريات، فإذا وُجدت علاقة جينية غير متوقعة وفق النموذح الحالي، سيتحقق العلماء من دقة التحليل الجيني أو الافتراضات التي وراءه.
وهذا قد حصل تاريخيا بالفعل: على سبيل المثال، عندما تم اكتشاف انتقال الجينات الأفقي horizontal gene transfer (حركة المادة الوراثية بين أنواع مختلفة)، تطلب ذلك مراجعة بعض جوانب شجرة الحياة، لكنه لم يدحض نظرية التطور، بل فقط "حسن الفهم" للعلاقات الجينية، وكذلك سيصنعون ها هنا لو حصل!

وما ذكرت على سبيل المثال لا الحصر، وفيما ذكرت كفاية للبيب الفطن، والله الهادي لسواء السبيل.

#فلسفة_العلم



group-telegram.com/adambno78/3488
Create:
Last Update:

هل يوجد حقًا أدلة يمكنها دحض نظرية التطور؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسل الله، أما بعد:

فقد أثبتنا في غير موضع أن نظرية التطور لا يمكن أن تكون موضوعا للعلم التجريبي -على المعيار الصحيح للتمييز بين العلم الباطل والصحيح-، وهذا مقال على سبيل التنزل في إثبات أن معيار بوبر لقابلية الدحض، الذي يتبناه عامة العلماء اليوم لتمييز بين العلم الصحيح والباطل، لا ينطبق على نظرية التطور. وسأعرج على بعض تحدياتهم، وأثبت إمكان التأويل فيها كما حصل في غيرها من المعارضات من قبلها، والله أرجو التوفيق والسداد:

١) قالوا: إذا تم العثور على أحفوريات في طبقات جيولوجية لا تتناسب مع الجدول الزمني للتطور، فإن هذا سيدحض نظرية التطور. على سبيل المثال، إذا تم العثور على أحفورة أرنب في صخور ما قبل الكامبري، فإن ذلك سيتعارض تمامًا مع الجدول الزمني للتاريخ التطوري. أو اكتشاف أحفورة لثديي حديث في صخور ما قبل الكامبري.

أقول: بل لن يدحض التطور، بل أول ما سيقوم به العلماء هو اتهام أدواتهم في التجربة والتأريخ بالخطأ، لأن الشاذ لا يعارض المطرد (وهذه قاعدة صحيحة عقلا وإن كان لا اطراد في الحقيقة).
أو ربما قالوا: أنه كان هناك شذوذ جيولوجي geological anomaly تسبب في تحرك الأحفوريات من طبقة إلى أخرى.
فنظرية التطور مرنة بما فيه الكفاية للتكيف مع أي شيء يعارضها حرفيا، وهذا كما قاموا بتعديل السجل الأحفوري في غير موضع، وندرة العثور على ما طابلوا به لا يخرجه عن كونه من جنس ما سبق وعورضوا به ولم يبطلوا النظرية لأجله.

٢) قالوا: تعتمد نظرية التطور على التنوع داخل السكان حتى يتمكن الانتقاء الطبيعي من العمل. إذا وُجد أن السكان لا يختلفون جينيًا بالطريقة المتوقعة وفقًا لنظرية التطور، فقد يتحدى ذلك الآلية الأساسية للتطور.

أقول: حتى لو قدرنا حصوله، فنظرية التطور مرنة بما يكفي لتعديل فهمها للآليات نفسها، ومدى أثر كل واحد منها في الواقع. فإذا وُجد أن مجموعة معينة تفتقر إلى التنوع المطلوب وفق النموذج الحالي، فقد يعدل العلماء في شأن آليات التطور ومدى أثرها، مثل الانجراف الجيني genetic drift، أو التغيرات الوراثية epigenetic changes، ونحوه من العوامل التي يمكن أن تؤثر أيضًا على التطور.
بل قد يكون عدم وجود تنوع جيني في مجموعة معينة نتيجة لعنق الزجاجة السكانية genetic bottleneck، حيث يبقى فقط مجموعة صغيرة من الأفراد، مما يؤدي إلى تقليل التنوع. وأصلا لا تتطلب نظرية التطور تنوعًا جينيًا مستمرًا في جميع السكان، بل تتطلب التنوع بمرور الوقت وعبر النظام البيئي الأوسع.

٣) قالوا: إذا أظهر التحليل الجيني أن الكائنات الحية تتجمع بطرق تتعارض مع التسلسل الهرمي المرتبط بالتاريخ المشترك (مثل كون البشر أقرب جينيًا للفطريات من القرود الأخرى)، فإن ذلك سيدحض التطور.

أقول: والجواب عن هذا نفس ما أجبت به سؤال الحفريات، فإذا وُجدت علاقة جينية غير متوقعة وفق النموذح الحالي، سيتحقق العلماء من دقة التحليل الجيني أو الافتراضات التي وراءه.
وهذا قد حصل تاريخيا بالفعل: على سبيل المثال، عندما تم اكتشاف انتقال الجينات الأفقي horizontal gene transfer (حركة المادة الوراثية بين أنواع مختلفة)، تطلب ذلك مراجعة بعض جوانب شجرة الحياة، لكنه لم يدحض نظرية التطور، بل فقط "حسن الفهم" للعلاقات الجينية، وكذلك سيصنعون ها هنا لو حصل!

وما ذكرت على سبيل المثال لا الحصر، وفيما ذكرت كفاية للبيب الفطن، والله الهادي لسواء السبيل.

#فلسفة_العلم

BY آدَم بْن مُحَمَّد المَالِكِي


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/adambno78/3488

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

DFR Lab sent the image through Microsoft Azure's Face Verification program and found that it was "highly unlikely" that the person in the second photo was the same as the first woman. The fact-checker Logically AI also found the claim to be false. The woman, Olena Kurilo, was also captured in a video after the airstrike and shown to have the injuries. In a message on his Telegram channel recently recounting the episode, Durov wrote: "I lost my company and my home, but would do it again – without hesitation." For tech stocks, “the main thing is yields,” Essaye said. On Telegram’s website, it says that Pavel Durov “supports Telegram financially and ideologically while Nikolai (Duvov)’s input is technological.” Currently, the Telegram team is based in Dubai, having moved around from Berlin, London and Singapore after departing Russia. Meanwhile, the company which owns Telegram is registered in the British Virgin Islands. As such, the SC would like to remind investors to always exercise caution when evaluating investment opportunities, especially those promising unrealistically high returns with little or no risk. Investors should also never deposit money into someone’s personal bank account if instructed.
from vn


Telegram آدَم بْن مُحَمَّد المَالِكِي
FROM American