Telegram Group & Telegram Channel
منذ أن انتظمت حياة الناس في مجتمعاتهم أوائل مراحل التحضر والمدنيّة وهاجس التأثير كان مصاحباً لزعمائهم إما ترغيباً أو ترهيباً؛ ويعود ذلك لطبيعة وغريزة التملك والسيطرة ومحبة التحكم في بعض البشر، وكما هو الحال في غالب النظريات فإنها تنشئ متواضعة محدودة وتتخذ أطواراً في التطور وعلى إثر مسيرة العلم ومراحله فإن صنفاً من الناس يريد أن يكون على علم وإدراك ومعرفة بأساليب وأدوات ومحركات المعرفة التي تُعينه على التأثير ومن ثَم التحكم في تصرفات الآخرين.
ذكر "نعوم تشومسكي" في كتابه عدداً من أدوات"السيطرة على الإعلام" ومنها تقسيم المجتمع الذي يراد التأثير عليه :إلى طبقة متعلمة، وقطيع ضال، وهو ما عبّر عنه غيره من المؤلفين بـ الجمهور مقابلَ الطبقة المثقفة، وهنا يبرز تساؤل، هل قُصد إيجاد تلك الطبقتين بذاته؟ ما الفائدة المرجوة من تقسيم المجتمع - الفرنسي أو الأمريكي أو البريطاني مثلاً-إلى هذه الطبقات؟ وكيف يُصنف الفرد داخل تلك الطبقات؟وهل ثمة اختلافاً في الخطاب بين الطبقتين؟
الناظر في تاريخ المجتمعات يجد نخبة متعلمة وأناساً من العامة وهي ما يسمى في تراثنا العربي "رعاع الناس أو دهماء الناس" -وللمثال يُنظر صحيح البخاري(7323)- ولهؤلاء سمات مختلفة عن سمات النخبة المتعلمة، ومع كل انتقال تاريخي يتعمّق هذا التقسيم سواء بحالة سياسية أو ظروف اقتصادية أو إجراءات اجتماعية، أو اتساع تأثير بعض المعارف والعلوم مثلما هو ظاهر من اتساع تأثير الإعلام على الفرد والمجتمع على كافة أطيافه، فنشأت في تلك الظروف طبقة متعلمة تملك أدوات المعرفة والحكم على القضايا، ومنها أدوات التأثير على العقول من خلال الإعلام، تلك الفئة إما أن تحمل راية الوعي وتوجيه الجمهور لقضاياهم الأساسية، أو تمهّر أدوات السيطرة للمؤسسة، فتكون بذلك أداة طيّعة بيد المؤسسات وموثوقة لدى القطيع، من خلال ترديد شعارات المؤسسة دون الوقوف على صوابية أو خطأ تلك المفاهيم، وتبرير وعقلنة أي تصرف، ومن أشهر الأمثلة ما قامت به الحركة النازية من استثمار النخب والكوادر في تمرير أيديولوجيتها، بدا ذلك ظاهراً في الخطاب النازي الذي اكتسح أرجاء أوربا ، ومع أن أدوات التأثير التي نظّر لها مثقفو النازية ومثلهم كذلك الشيوعية وطبّقها جوبلز أو لينين،هي وإن ذُمت في نتائجها فهي حاضرة في مؤسسات أعدائهم الإعلامية - كما ذكره تشومسكي- بل تطوّرت مع الوقت إلى نشوء نظام تعليمي يحتضن من يُراد إخراجه من القطيع إلى الطبقة المتعلمة مختلف عن نظام التعليم لباقي الجمهور، وأصبحت فرص الوظائف والمناصب الراقية أحظى لدى الطبقة المتعلمة من بقية الجمهور، أما طبقة القطيع كما يسميهم "تشومسكي" فاتُخذت أساليب للتعامل والسطيرة على عقولهم كالتجهيل، وبذل المال والجهد لإلهائهم كصناعة الأفلام وترميز الرياضة ونشر التفاهة، إلا أن أشدها تأثيراً على الجمهور عقلنة كل أدوات المؤسسة وتبريرها من قِبل الطبقة المتعلمة.

https://www.group-telegram.com/ye/Deerayah.com



group-telegram.com/Deerayah/566
Create:
Last Update:

منذ أن انتظمت حياة الناس في مجتمعاتهم أوائل مراحل التحضر والمدنيّة وهاجس التأثير كان مصاحباً لزعمائهم إما ترغيباً أو ترهيباً؛ ويعود ذلك لطبيعة وغريزة التملك والسيطرة ومحبة التحكم في بعض البشر، وكما هو الحال في غالب النظريات فإنها تنشئ متواضعة محدودة وتتخذ أطواراً في التطور وعلى إثر مسيرة العلم ومراحله فإن صنفاً من الناس يريد أن يكون على علم وإدراك ومعرفة بأساليب وأدوات ومحركات المعرفة التي تُعينه على التأثير ومن ثَم التحكم في تصرفات الآخرين.
ذكر "نعوم تشومسكي" في كتابه عدداً من أدوات"السيطرة على الإعلام" ومنها تقسيم المجتمع الذي يراد التأثير عليه :إلى طبقة متعلمة، وقطيع ضال، وهو ما عبّر عنه غيره من المؤلفين بـ الجمهور مقابلَ الطبقة المثقفة، وهنا يبرز تساؤل، هل قُصد إيجاد تلك الطبقتين بذاته؟ ما الفائدة المرجوة من تقسيم المجتمع - الفرنسي أو الأمريكي أو البريطاني مثلاً-إلى هذه الطبقات؟ وكيف يُصنف الفرد داخل تلك الطبقات؟وهل ثمة اختلافاً في الخطاب بين الطبقتين؟
الناظر في تاريخ المجتمعات يجد نخبة متعلمة وأناساً من العامة وهي ما يسمى في تراثنا العربي "رعاع الناس أو دهماء الناس" -وللمثال يُنظر صحيح البخاري(7323)- ولهؤلاء سمات مختلفة عن سمات النخبة المتعلمة، ومع كل انتقال تاريخي يتعمّق هذا التقسيم سواء بحالة سياسية أو ظروف اقتصادية أو إجراءات اجتماعية، أو اتساع تأثير بعض المعارف والعلوم مثلما هو ظاهر من اتساع تأثير الإعلام على الفرد والمجتمع على كافة أطيافه، فنشأت في تلك الظروف طبقة متعلمة تملك أدوات المعرفة والحكم على القضايا، ومنها أدوات التأثير على العقول من خلال الإعلام، تلك الفئة إما أن تحمل راية الوعي وتوجيه الجمهور لقضاياهم الأساسية، أو تمهّر أدوات السيطرة للمؤسسة، فتكون بذلك أداة طيّعة بيد المؤسسات وموثوقة لدى القطيع، من خلال ترديد شعارات المؤسسة دون الوقوف على صوابية أو خطأ تلك المفاهيم، وتبرير وعقلنة أي تصرف، ومن أشهر الأمثلة ما قامت به الحركة النازية من استثمار النخب والكوادر في تمرير أيديولوجيتها، بدا ذلك ظاهراً في الخطاب النازي الذي اكتسح أرجاء أوربا ، ومع أن أدوات التأثير التي نظّر لها مثقفو النازية ومثلهم كذلك الشيوعية وطبّقها جوبلز أو لينين،هي وإن ذُمت في نتائجها فهي حاضرة في مؤسسات أعدائهم الإعلامية - كما ذكره تشومسكي- بل تطوّرت مع الوقت إلى نشوء نظام تعليمي يحتضن من يُراد إخراجه من القطيع إلى الطبقة المتعلمة مختلف عن نظام التعليم لباقي الجمهور، وأصبحت فرص الوظائف والمناصب الراقية أحظى لدى الطبقة المتعلمة من بقية الجمهور، أما طبقة القطيع كما يسميهم "تشومسكي" فاتُخذت أساليب للتعامل والسطيرة على عقولهم كالتجهيل، وبذل المال والجهد لإلهائهم كصناعة الأفلام وترميز الرياضة ونشر التفاهة، إلا أن أشدها تأثيراً على الجمهور عقلنة كل أدوات المؤسسة وتبريرها من قِبل الطبقة المتعلمة.

https://www.group-telegram.com/ye/Deerayah.com

BY دراية للعلوم الإنسانية




Share with your friend now:
group-telegram.com/Deerayah/566

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

Also in the latest update is the ability for users to create a unique @username from the Settings page, providing others with an easy way to contact them via Search or their t.me/username link without sharing their phone number. The SC urges the public to refer to the SC’s I nvestor Alert List before investing. The list contains details of unauthorised websites, investment products, companies and individuals. Members of the public who suspect that they have been approached by unauthorised firms or individuals offering schemes that promise unrealistic returns That hurt tech stocks. For the past few weeks, the 10-year yield has traded between 1.72% and 2%, as traders moved into the bond for safety when Russia headlines were ugly—and out of it when headlines improved. Now, the yield is touching its pandemic-era high. If the yield breaks above that level, that could signal that it’s on a sustainable path higher. Higher long-dated bond yields make future profits less valuable—and many tech companies are valued on the basis of profits forecast for many years in the future. In February 2014, the Ukrainian people ousted pro-Russian president Viktor Yanukovych, prompting Russia to invade and annex the Crimean peninsula. By the start of April, Pavel Durov had given his notice, with TechCrunch saying at the time that the CEO had resisted pressure to suppress pages criticizing the Russian government. Crude oil prices edged higher after tumbling on Thursday, when U.S. West Texas intermediate slid back below $110 per barrel after topping as much as $130 a barrel in recent sessions. Still, gas prices at the pump rose to fresh highs.
from ye


Telegram دراية للعلوم الإنسانية
FROM American