group-telegram.com/ashour57/306
Last Update:
﴿وَلا تَحسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ
أَمواتًا بَل أَحياءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقونَ
فَرِحينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ
وَيَستَبشِرونَ بِالَّذينَ لَم يَلحَقوا بِهِم
مِن خَلفِهِم أَلّا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ﴾
وقوله بل أحياء للإضراب عن قوله ولا تحسبن الذين قتلوا فلذلك كان ما بعدها جملة غير مفرد، لأنها أضربت عن حكم الجملة ولم تضرب عن مفرد من الجملة، فالوجه في الجملة التي بعدها أن تكون اسمية من المبتدأ المحذوف والخبر الظاهر، فالتقدير: بل هم أحياء، ولذلك قرأه السبعة -بالرفع-، وقرئ -بالنصب- على أن الجملة فعلية، والمعنى: بل أحسبتم أحياء، وأنكرها أبو علي الفارسي.
وقد أثبت القرآن للمجاهدين موتا ظاهرا بقوله قتلوا، ونفى عنهم الموت الحقيقي بقوله بل أحياء عند ربهم يرزقون فعلمنا أنهم وإن كانوا أموات الأجسام فهم أحياء الأرواح، حياة زائدة على حقيقة بقاء الأرواح، غير مضمحلة، بل هي حياة بمعنى تحقق آثار الحياة لأرواحهم من حصول اللذات والمدركات السارة لأنفسهم، ومسرتهم بإخوانهم، ولذلك كان قوله عند ربهم دليلا على أن حياتهم خاصة بهم، ليست هي الحياة المتعارفة في هذا العالم، أعني حياة الأجسام وجريان الدم في العروق، ونبضات القلب، ولا هي حياة الأرواح الثابتة لأرواح جميع الناس، وكذلك الرزق يجب أن يكون ملائما لحياة الأرواح وهو رزق النعيم في الجنة.
فإن علقنا عند ربهم بقوله أحياء كما هو الظاهر، فالأمر ظاهر، وإن علقناه بقوله يرزقون فكذلك، لأن هذه الحياة لما كان الرزق الناشئ عنها كائنا عند الله، كانت حياة غير مادية ولا دنيوية، وحينئذ فتقديم الظرف للاهتمام بكينونة هذا الرزق. وقوله فرحين حال من ضمير يرزقون
#التحرير_والتنوير
BY الطّاهر ابن عاشور
Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260
Share with your friend now:
group-telegram.com/ashour57/306