ماذا يعني سرد ترامب خطة التهجير كاملة بحضور الملك الأردني دون صد ولا رد؟ مكسوف يقولها بنفسه؟
لا تتعب نفسك مع من لا يصدق المشهد ولا يقرأ الصورة، فبعض الحمقى سيكونون متيّمين ذات يوم بعيون المسيخ الدجال.
عدم السقوط في عار جديد لا يعني الشرف؛ لكنه بلا شك أمر جيد لمن يستحقونه، بلا تشريف لمن يفعله؛ إنما الشكر لله، والشرف للمحاصَرين.
يقرأها البعض "إسرائيل تسمح" ولا أقرأها إلا "غزة تقرر"؛ وكل قرار وأنف العالم مكسورة تحت أقدام رجال الله.
أهل غزة أهل الخاوة والجكر، وأصحاب المبدأ والمستقر، وأدرى الخلق بالحرب والعز والمفاوضة، وأمهر الدنيا بكسر الأنوف وضب الضبوب، وأعلم أهل الأرض بالأرض والسماء.
أثمن درس علمته غزة للمستضعفين هو "مبدأ القوة"، لا يحترم أحد الضعيف البكّاء ولا من يستنجد بالعالم، لأن من فهم قاتلك إدراكك لساديّته، وأن شكواك ومظلوميتك تزيده نشوةً وشراهة، أما كسر إرادته فذلك ما يرغم أنفه ويردع غطرسته ويعلمه الأدب! فالله الله! القوة القوة!
الأهم في نقطة الخيام والكرفانات من أنها بالفعل تعين الغزيين ولو قليلا على مأساتهم الحالية، هي تلك المعاني الأوسع في أبلغ رد على ثرثرة التهجير؛ فإدخالها عنوةً يعني بوضوح وبساطة استمرار الغزيين على أرضهم، و إسكان مئات الآلاف منهم في مآوٍ مؤقتة يعني التمسك بالأرض رغم أنف الجعجعة، والتهديد بوقف الاتفاق حتى تحقيق ذلك يعني أن الغزيّ يلعب بالنار للقتال على قطعة قماش قادمة من الخارج، فما بالك بأرضه التي يغرس فيها جذوره؟ ركع ترامب ونتنياهو، وسجدت غزة.
سيكتشف العدو والعالم أن أكبر حماقة ارتكبوها في تاريخهم هو أنهم لم يبقوا للغزي شيئًا واحدا يخسره؛ وذلك سر انتصاره وهزيمتهم، الآن، وغدًا، وبعد حين.
هذه هي مصر التي نعرفها كما لا يعرفها أحد، هؤلاء ناسنا وشعبنا وأهلنا، رجلٌ في أقاصي البلاد لا يملك من الدنيا سوى قصبات يسترزق من بيعها قوتَ يومه، عساه لا يعرف تفاصيل الأخبار لكن يكفيه أنه يعرف غزة، تمرّ عليه قافلة شعبية "متهالكة"، جمعها الأهالي من لحمهم الحيّ لأهلهم المحاصَرين الصامدين، فما كان من الرجل إلا أن يضع ما بيديه على ظهر القافلة، عساها تبلغ وجهتها، فتبلّ ريق أهل غزة، وتحلّي قليلًا مرارة أيامهم، وترفع معذرة صاحب القصب إلى ربه.
..
لا تحضرني إلا آية الله في الذين "تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزَنا ألا يجدوا ما ينفقون"؛ يصعد الرجل بعد قليلٍ ظهر العربة، ليتأكد من أن حمولته لن تسقط، وأن صدقته ستصل مقصدها، وأن قلبه سيقرّ بعد أسابيع أو أيام، بدعوةٍ صالحةٍ من غزة، تعفيه ولو قليلًا من النار التي في قلبه، والدمع الذي في مآقيه، والحزن ألا يجد ما يعطي.
..
تلك هي مصر، صاحب البرتقال، وصاحب القصب، وصاحب التوكتوك، أهل الكرم والكرامة، الذين قالوا يوم تباهى الناس بما ملكوا، فتباهى المصريون بما أنفقوا رغم ضيق الحال: "بصلة المحب خروف"، فتلك قصباتنا يا غزة، عساها تكون في أيديكم ثمرا من الجنة.
..
لا تحضرني إلا آية الله في الذين "تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزَنا ألا يجدوا ما ينفقون"؛ يصعد الرجل بعد قليلٍ ظهر العربة، ليتأكد من أن حمولته لن تسقط، وأن صدقته ستصل مقصدها، وأن قلبه سيقرّ بعد أسابيع أو أيام، بدعوةٍ صالحةٍ من غزة، تعفيه ولو قليلًا من النار التي في قلبه، والدمع الذي في مآقيه، والحزن ألا يجد ما يعطي.
..
تلك هي مصر، صاحب البرتقال، وصاحب القصب، وصاحب التوكتوك، أهل الكرم والكرامة، الذين قالوا يوم تباهى الناس بما ملكوا، فتباهى المصريون بما أنفقوا رغم ضيق الحال: "بصلة المحب خروف"، فتلك قصباتنا يا غزة، عساها تكون في أيديكم ثمرا من الجنة.
اليوم شيَّعنا ودفنَّا والدة أخٍ لنا، وقد كانت امرأة صالحة مرتبطة بالقرآن كما ذكر أحبابها، توفيت مبتلاةً بالمرض الذي أفقدها زوجها قبل وقت قصير، وقد توفي كلاهما، ولم يريا منذ سنوات طوال ابنًا لهما اسمه عبدالرحمن، بشوش الوجه، صورته الوحيدة المنشورة وهو يضحك من قلبه، قبل أن يُحرما منها باعتقال نظام السيسي له، دون تهمة أو جرم، منذ عشر سنوات وأكثر.
..
شابَ الوالد الطيب الكريم وسقم واشتد مرضه حتى توفي مغتربًا متألما، ولم يرَ ابنه ولم يره، لم ينعم بأنفاسه، برائحته، بوجهه، بضحكته، بطلّته، بانفراج ثناياه، بنكاته التي لا تضحك سوى لأنه يضحك، لم يعانق أحدهما الآخر، ثم اشتد سقم الوالدة الكريمة الصابرة المحتسبة واشتد مرضها حتى لفظت آخر أنفاسها مغتربة يوجعها فقد ابنها أكثر من فقد حياتها، ويؤلمها أن الكفن الذي زُفت به إلى مثواها ووريت به الثرى، لم تمسه أنامل الفتى الصغير الذي كبر ببطء أكثر من اللازم.
..
من يأتي بهذا الثأر ومن يعوض ذلك الفقد، وأي "زعيم" تلتفون حوله وهو يلف المشانق حول حيوات الناس ومصايرهم ويلاحقهم من المهد إلى اللحد؟ ثاراتنا في رقبة السيسي أكبر من أن تمحوها ولو حروب كاملة، قسمًا بالله لن نسامح في ذرة واحدة، في مظلمة واحدة من ملايين المظالم! نحن الذين وورينا الثرى!
..
شابَ الوالد الطيب الكريم وسقم واشتد مرضه حتى توفي مغتربًا متألما، ولم يرَ ابنه ولم يره، لم ينعم بأنفاسه، برائحته، بوجهه، بضحكته، بطلّته، بانفراج ثناياه، بنكاته التي لا تضحك سوى لأنه يضحك، لم يعانق أحدهما الآخر، ثم اشتد سقم الوالدة الكريمة الصابرة المحتسبة واشتد مرضها حتى لفظت آخر أنفاسها مغتربة يوجعها فقد ابنها أكثر من فقد حياتها، ويؤلمها أن الكفن الذي زُفت به إلى مثواها ووريت به الثرى، لم تمسه أنامل الفتى الصغير الذي كبر ببطء أكثر من اللازم.
..
من يأتي بهذا الثأر ومن يعوض ذلك الفقد، وأي "زعيم" تلتفون حوله وهو يلف المشانق حول حيوات الناس ومصايرهم ويلاحقهم من المهد إلى اللحد؟ ثاراتنا في رقبة السيسي أكبر من أن تمحوها ولو حروب كاملة، قسمًا بالله لن نسامح في ذرة واحدة، في مظلمة واحدة من ملايين المظالم! نحن الذين وورينا الثرى!