من يوقف كفرًا ملأ الدنيا ؟!

هذا كلام دكتور في الفقه وأصوله من سكان غزة يتكلم عن انتشار سب وشتم الله عز وجل في الأسواق والخيام والشوارع وعلى البسطات فيقول إننا جميعاً في غزة نعاقب بسبكم ربكم ...

نعم صدق الشيخ هذا البلاء وتسلط أعداء الإسلام علينا بسبب وجود هؤلاء الكفرة الزنادقة بين ظهرانينا دون نكير ودون تمعر للوجوه لخالقها، فيالله ما أشدها من غربة يسبُ ربنا بعض الزنادقة الذين يدعون الإسلام ولا تجد إلا أقل أقل القليل من ينكرون هذا الكفر البووواح

فلا أعلم كفر على وجه الأرض أعظم من شتم الله عزّ وجل؛ إذ الله عز وجل قال عمن نسب إليه الولد (تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا )
قال محمد بن كعب القرظي لما تلا هذه الآية :
إن كاد أعداء الله ليقيمون علينا الساعة .

هذا فمن نسب الولد لله عزّ وجل فكيف بشتم ولعن الله جهارًا نهارًا بين أناس يدعون الإسلام ؟
والله ما حصل في سوريا وما يحصل في فلسطين ما هو إلا عقوبة من الله لسكوت العامة والخاصة عن هذا الكفر، فهذان البلدان مشهوران بانتشار سب الله في الشوارع والأسواق والبيوت

وبما أن الكثير من الناس لا يفهمون إلا لغة العاطفة الغير مضبوطة بميزان الشرع سيقولون:
الناس تقتل وتشرد من بيوتها وأعداء الإسلام استباحوا الحرمات وأنت عن ماذا تتكلم ..

أقول: وقت يتعلق الأمر بسب ربي سأضع عاطفتك تحت قدمي؛ فلا قتل أشد من أن تسمع سب ربك وخالقك ورازقك ولا حرمة أشد من شتم الله العظيم القهار ، وأقول كما قال الشيخ الغزاوي : من يوقف كفرًا ملأ الدنيا !

{ألم يرواْ أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا}

قال الكرجي رحمه الله:

حجة على الجهمية؛ لأنه -جل وتعالى- أخبر أن الإله لا يكون إلا متكلما هاديا.

[نكت القرآن للكرجي ص ٤٤٣/١]

نصيحة: تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم !

طالب العلم يحتاج في بداية الطلب إلى تعلم الأدب حتى يرى ذلك في أخلاقة ومعاملته وهديه وسمته، فكثير من طلبة العلم يقحم نفسه في طلب العلم والتوسع في الطلب؛ وهو سيئ الخلق والمعاملة مع أهله وجيرانه حتى مع إخوانه من طلبة العلم فمجرد مخالفة أحدهم له ببعض المسائل الفرعية يشتد عليه بالشتم والهجر

وبعضهم يصيبه داء الكبر والعُجب فيتجاوز الحد في الخصومة الى رد الحق وغمط الناس، بل ربما يقلب الحق باطلا لهوى في نفسه حتى لا يظهر أنه المخطئ، فالواجب عليه أن يتعلم خلق العفو والتواضع وقبول الحق حتى ممن هو دونه بالسن

وبعضهم يصيبه داء الحسد والبغض؛ فما أن يرى أحد أقرانه تفوق عليه وظهر الحق على لسانه وجعل له القبول عند الناس؛ فإذا به يحذر من أخيه ويسبه ويشتمه ويصفه بالجهل وربما عمد لمخالفة الحق لمجرد أن أخاه من طلبة العلم نطق بالحق وهذا مشاهد، فالاولى به أن يتعلم الأدب وحسن الخلق قبل العلم وكان سلفُنا من أهل الحديث حريصين على تعلم الأدب قبل العلم :

كان أصحابُ عبدالله بن مسعود يرحلون إليه فينظرون إلى سَمْته وهَدْيِه(حسن القصد في دينه ودنياه وحسن الخلق وقلة الأذية)،فيتشبَّهون به.¹

قال الحسَن البصري: كان الرجُلُ ليخرج في أدب نفسه السنتين ثم السنتين .²
قال سفيان الثوري: كان الرجل إذا أراد أن يكتب الحديث تأدب، وتعبد قبل ذلك بعشرين سنة .

قال الإمام مالك : كانت أمي تعممني وتقول لي: اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه .
قال مالك بن أنسٍ لفتًى من قريشٍ: يا بنَ أخي، تعلَّمِ الأدبَ قبل أن تتعلم العلم .قال ابن وهبٍ: ما نقَلْنا مِن أدب مالكٍ أكثرُ مما تعلمنا مِن عِلمه .³

قال إسماعيل: كان يجتمع في مجلس أحمد نحوُ خمسة آلافٍ أو يزيدون نحو خمسمائةٍ يكتبون والباقون يتعلَّمون منه حسنَ الأدب والسَّمت .⁴

¹غريب الحديث لأبي عبيد ٦٤٤، ² لباب الآداب ص٢٢٧ ، ³ ترتيب المدارك ص ١٣٠ ، ⁴ السير .

خالف تُعْرَف أو نافق تجد ألف مرافق ؟!

كثير من المتحاملين على أهل الحديث والأثر - يقولون هؤلاء أصحاب شهرة إنما يردون بكلامهم في ذم الفرق الضالة والتحذير من البدع والعلماء الذين زلوا في العقيدة يردون بذلك الشهرة ومعرفة الناس لهم بالمختصر : خالف تُعْرَف

نحن نخالف من؟! ونطلب المعرفة عند من ؟!

فإذا تقصدون أننا نخالف المتقدمين فهذا كذب بل نحن نتبع آثارهم ونتمسك بما كانوا عليه وهذه كتبهم -كتب السنة- ندعو إليها ونتمسك بما فيها حرفياً، وإذا تقصدون أننا نخالف المعاصرين فليس هم الميزان الذي يعرف به الحق من الباطل وليس من خالفهم بما أحدثوه بالدين بمذموم بل هذه تعتبر منقبة ، والمخالف هو من خالف الرعيل الأول وهو من يستحق الذم

والناظر إلى حال من يدعو إلى السنة اليوم يجد أن سهام الطعن والذم والتحقير تأتيه من كل حدب وصوب، كما قال يونس بن عبيد: ليس شيء أغرب من السنة وأغرب منها من يَعْرِفُهَا. فعن أي شهرة وعن أي معرفة تتحدثون فكلهم يكرهه ويؤذيه لمخالفة طريقته لطريقتهم ومقصوده لمقصودهم ومباينته لِما هم عليه.

وأبو اعرفوني - هو المنافق الذي لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر ويسكت عن ما أحدثه الناس من البدع؛ وبهذا يلتف حوله الجميع لأنه يوافقهم على باطلهم ويداهنهم على حساب دينه ، فمن هو المخالف الذي يريد المعرفة والشهرة ؟!

الاستواء في كلام العرب هو العلو والارتفاع

ذكر النضر بن شميل -وكان ثقة مأمونًا جليلًا في علم الديانة واللغة- قال:

حدثني الخليل -وحسبك بالخليل بن أحمد الفراهيدي- قال: أتيت أبا ربيعة الأعرابي وكان من أعلم من رأيت، فإذا هو على سطح، فسلمنا فرد علينا السلام

وقال لنا: استووا فبقينا متحيرين ولم ندر ما قال؟
فقال لنا أعرابي إلى جنبه: إنه أمركم أن ترتفعوا،

قال الخليل: هو من قول الله عز وجل: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَان﴾ فصعدنا إليه.

[اجتماع الجيوش الإسلامية ١٤٦/٢]

بابٌ وفاةُ النبيِّ ﷺ

كَم هِيَ مُخِيفَةٌ سُرعَةُ الأيٌَامِ ؟!

قال يحيى بن معين رحمه الله (١٥٨هــ) :

الدنيا كالحُلُم ، لقد حججتُ قبل خمسين سنة ماشياً من بغداد إلى مكة ، كأنها أمس !

[ السير ٨٨/١١ ]

ماذَا عَسَانا نقُول !!