Telegram Group & Telegram Channel
مجتبى قصير
Photo
كلامٌ فيه بعض الوفاء للوالد الشهيد، وفيه فائدةٌ عامةٌ إن شاء الله.

التحق "الشيخ صلاح" كما يعرفه رفاق البدايات بخط المقاومة عام ١٩٨٢، وكان له من العمر ١٥ عاما. في سجل خدمته الرسمي حتى لحظة شهادته ٥٠٢ شهرًا، أي ما يعادل ٤١ عامًا وعشرة أشهرٍ من عمره قضاها في هذه المسيرة. وقد كانت إصابته في عمر ١٨ خلال ما سُمّي بـ"القبضة الحديدية" أول إصابةٍ في لائحةٍ طويلة من البذل والتقديمات.

تنقل الحاج ماجد (الاسم الذي عرف به لاحقًا، من بين أسماءٍ كثيرةٍ) خلال هذه السنوات بين مواقع متعددةٍ في جسم المقاومة، وتسلم بعض الملفات الحساسة التي تحدث عنها الإسرائيلي في العلن كثيرًا، فلم تكن خافيةً. أما هو فكان يعبّر عن وظيفته بعبارةٍ مختصرةٍ: "إنفاذ ما يطلبه سماحة السيّد".
أداء هذه الوظيفة كان يستدعي العمل بهمّةٍ قياسيّة. على مرّ سنواتٍ طويلةٍ لم يكن الحاج يعرف فرقًا بين الليل والنهار، وكان آخر الأسبوع عنده كوسطه. لا شيء اسمه "دوامٌ" أو "عطلةٌ"، ما يتطلّبه العمل هو الحاكم على ما سواه من أمورٍ وأولويّاتٍ. همّةٌ ودقّةٌ أتعبت المحيطين بالحاج وكل الذين عملوا معه. لكنها أثمرت نجاحًا في الكثير من الملفات والمهام التي كان العدو يعمل جاهدًا في الليل والنهار أيضًا لإفشالها، ففشل هو.

في المقابل كان العدو يعمل على الاستهداف الشخصي للحاج إلى جانب استهداف الأنشطة التي يقوم بها. محاولاتٌ عديدةٌ للتصفية الجسدية، ثلاثةٌ أو أربعةٌ منها خلال معركة الطوفان وحدها، وكان الله هو الحامي.
عام ٢٠١٨ وضعته وزارة الخزانة الأمريكية على لائحة العقوبات، ثمّ وضعوا جائزةً بقيمة ١٠ ملايين دولارٍ لمن يقدم معلوماتٍ عنه.

في موازاة ذلك لجأوا إلى أسلوبٍ قذرٍ في المواجهة: الاستهداف الإعلامي وتشويه السمعة. لو كتبت اليوم على محركات البحث في الانترنت اسم "محمّد جعفر قصير"، لوجدت آلاف المقالات والتقارير والمنشورات على مئات المواقع، التي تتضمّن اتهاماتٍ لا حد ولا حصر لها. لم يبقَ موبقةٌ أو تهمةٌ إلا وألصقوها به، من تجارة المخدرات والممنوعات إلى التهريب إلى الفساد المالي وسرقة أموال الحزب وأموال اللبنانيين إلى ارتكاب الجرائم المختلفة إلى غير ذلك، إلى الدخول في تفاصيل الحياة الشخصية واختراع الأكاذيب حولها.
مقالاتٌ بدأت منذ عام ٢٠١٥ ولا زالت مستمرّةً حتّى بعد شهادته، مصدرها جميعًا واشنطن وتل أبيب لكنها تتظهّر في وسائل الإعلام الخليجية والعربية واللبنانية الخبيثة، وعلى حسابات الكثير من "النخب المأجورة في سوريا ولبنان وخارجهما.

لم يكن الهدف من محاولة تشويه السمعة هو شخص الحاج ماجد، فليس هناك "معركةٌ شخصيّةٌ" مع أحدٍ، بل الهدف هو الإضرار بالمقاومة وتشويه سمعتها أولًا، والضغط على الشخص للحد من فعاليّته ثانيًا. لكنهم خابوا، فليست السمعة أغلى من الدم الذي يُبذل في سبيل الله وفي سبيل أداء التكليف مهما استدعى.

لكن هل كانت هذه الحملات الإعلامية بلا تأثيرٍ؟ كلا بالطبع.
فلنقلها بصراحةٍ، لطالما كان لدى الكثير من الناس خللٌ في كيفيّة التعامل مع الشائعات، ومع الأفكار التي يضخّها العدوّ بماكيناته الإعلامية الضخمة. لقد كان ما يُلقى على الشاشات والأجهزة يُتناقل في الجلسات وعلى الألسن، وكان "طراطيش الحكي" تصل إلى آذان الجميع. لا أقول إن أبناء مجتمعنا كانوا يصدقون العدو، لكن الضخ الإعلامي المكثف كان يخلق في الأذهان الأسئلة ويثير الشكوك، وكان كثيرون يأتون مستفسرين عن بعض التفاصيل التي ينبغي أن تكون واضحة البطلان.

هذه النقطة هي التي كتبت لأجلها. عندما يقرر الإنسان أن يصغي إلى عدوّه، ظنًا منه أنه أقوى من أن يتأثر بكلامه، فهو يضع عقله في موضع الخطر على أقل التقادير.
اليوم في خضم الحرب التي نعيشها، يتابع الكثيرون من أهلنا القنوات التي نقطع جميعًا بأنّها ناطقةٌ باسم العدو، كالعربية وأخواتها، ويتابعون الناطقين باسمهم كالحسيني (اللي فشر ينتسب للإمام الحسين) وغيره، فضلًا عن متابعة الصفحات الإسرائيلية مباشرةً.
من كان يظن أن عقله معصومٌ من الخضوع لتأثير دعاية الخصوم فهو واهمٌ، هذه منظوماتٌ ضخمةٌ تعمل باحترافيةٍ عاليةٍ، وتأثيرها في لاوعي الإنسان كبيرٌ.
في الحديث أنه "من أصغى إلى ناطقٍ فقد عبده، فإن كان ينطق عن الله فقد عبد الله وإن كان ينطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان". ولا يحتاج المرء إلى بصيرةٍ ثاقبةٍ ليعلم أن الإصغاء إلى العدو -بأي حجةٍ- يحقق أهدافه الإعلاميّة، وأن هذه حماقةٌ في الحرب والسلم.

قبل شهرٍ تمامًا، في الأول من تشرين الأوّل، عند الساعة الخامسة إلا ربع عصرًا، استهدف العدوّ شقةً في منطقة الجناح في بيروت كان الحاج ماجد موجودًا فيها، فارتقى إلى ربه شهيدًا في أشرف معركةٍ في تاريخ صراعنا مع الكيان المؤقت، الذي سننتصر عليه بفضل الله والتضحيات العظيمة التي قدمناها ولا زلنا، وبفضل ثبات شبابنا ومجتمعنا، وسيزول من الوجود على يدينا بإذن الله.

رحم الله من أهدى لروحه الصلاة على محمد وآل محمد.

https://www.group-telegram.com/us/mjtaba_ksr.com



group-telegram.com/mjtaba_ksr/821
Create:
Last Update:

كلامٌ فيه بعض الوفاء للوالد الشهيد، وفيه فائدةٌ عامةٌ إن شاء الله.

التحق "الشيخ صلاح" كما يعرفه رفاق البدايات بخط المقاومة عام ١٩٨٢، وكان له من العمر ١٥ عاما. في سجل خدمته الرسمي حتى لحظة شهادته ٥٠٢ شهرًا، أي ما يعادل ٤١ عامًا وعشرة أشهرٍ من عمره قضاها في هذه المسيرة. وقد كانت إصابته في عمر ١٨ خلال ما سُمّي بـ"القبضة الحديدية" أول إصابةٍ في لائحةٍ طويلة من البذل والتقديمات.

تنقل الحاج ماجد (الاسم الذي عرف به لاحقًا، من بين أسماءٍ كثيرةٍ) خلال هذه السنوات بين مواقع متعددةٍ في جسم المقاومة، وتسلم بعض الملفات الحساسة التي تحدث عنها الإسرائيلي في العلن كثيرًا، فلم تكن خافيةً. أما هو فكان يعبّر عن وظيفته بعبارةٍ مختصرةٍ: "إنفاذ ما يطلبه سماحة السيّد".
أداء هذه الوظيفة كان يستدعي العمل بهمّةٍ قياسيّة. على مرّ سنواتٍ طويلةٍ لم يكن الحاج يعرف فرقًا بين الليل والنهار، وكان آخر الأسبوع عنده كوسطه. لا شيء اسمه "دوامٌ" أو "عطلةٌ"، ما يتطلّبه العمل هو الحاكم على ما سواه من أمورٍ وأولويّاتٍ. همّةٌ ودقّةٌ أتعبت المحيطين بالحاج وكل الذين عملوا معه. لكنها أثمرت نجاحًا في الكثير من الملفات والمهام التي كان العدو يعمل جاهدًا في الليل والنهار أيضًا لإفشالها، ففشل هو.

في المقابل كان العدو يعمل على الاستهداف الشخصي للحاج إلى جانب استهداف الأنشطة التي يقوم بها. محاولاتٌ عديدةٌ للتصفية الجسدية، ثلاثةٌ أو أربعةٌ منها خلال معركة الطوفان وحدها، وكان الله هو الحامي.
عام ٢٠١٨ وضعته وزارة الخزانة الأمريكية على لائحة العقوبات، ثمّ وضعوا جائزةً بقيمة ١٠ ملايين دولارٍ لمن يقدم معلوماتٍ عنه.

في موازاة ذلك لجأوا إلى أسلوبٍ قذرٍ في المواجهة: الاستهداف الإعلامي وتشويه السمعة. لو كتبت اليوم على محركات البحث في الانترنت اسم "محمّد جعفر قصير"، لوجدت آلاف المقالات والتقارير والمنشورات على مئات المواقع، التي تتضمّن اتهاماتٍ لا حد ولا حصر لها. لم يبقَ موبقةٌ أو تهمةٌ إلا وألصقوها به، من تجارة المخدرات والممنوعات إلى التهريب إلى الفساد المالي وسرقة أموال الحزب وأموال اللبنانيين إلى ارتكاب الجرائم المختلفة إلى غير ذلك، إلى الدخول في تفاصيل الحياة الشخصية واختراع الأكاذيب حولها.
مقالاتٌ بدأت منذ عام ٢٠١٥ ولا زالت مستمرّةً حتّى بعد شهادته، مصدرها جميعًا واشنطن وتل أبيب لكنها تتظهّر في وسائل الإعلام الخليجية والعربية واللبنانية الخبيثة، وعلى حسابات الكثير من "النخب المأجورة في سوريا ولبنان وخارجهما.

لم يكن الهدف من محاولة تشويه السمعة هو شخص الحاج ماجد، فليس هناك "معركةٌ شخصيّةٌ" مع أحدٍ، بل الهدف هو الإضرار بالمقاومة وتشويه سمعتها أولًا، والضغط على الشخص للحد من فعاليّته ثانيًا. لكنهم خابوا، فليست السمعة أغلى من الدم الذي يُبذل في سبيل الله وفي سبيل أداء التكليف مهما استدعى.

لكن هل كانت هذه الحملات الإعلامية بلا تأثيرٍ؟ كلا بالطبع.
فلنقلها بصراحةٍ، لطالما كان لدى الكثير من الناس خللٌ في كيفيّة التعامل مع الشائعات، ومع الأفكار التي يضخّها العدوّ بماكيناته الإعلامية الضخمة. لقد كان ما يُلقى على الشاشات والأجهزة يُتناقل في الجلسات وعلى الألسن، وكان "طراطيش الحكي" تصل إلى آذان الجميع. لا أقول إن أبناء مجتمعنا كانوا يصدقون العدو، لكن الضخ الإعلامي المكثف كان يخلق في الأذهان الأسئلة ويثير الشكوك، وكان كثيرون يأتون مستفسرين عن بعض التفاصيل التي ينبغي أن تكون واضحة البطلان.

هذه النقطة هي التي كتبت لأجلها. عندما يقرر الإنسان أن يصغي إلى عدوّه، ظنًا منه أنه أقوى من أن يتأثر بكلامه، فهو يضع عقله في موضع الخطر على أقل التقادير.
اليوم في خضم الحرب التي نعيشها، يتابع الكثيرون من أهلنا القنوات التي نقطع جميعًا بأنّها ناطقةٌ باسم العدو، كالعربية وأخواتها، ويتابعون الناطقين باسمهم كالحسيني (اللي فشر ينتسب للإمام الحسين) وغيره، فضلًا عن متابعة الصفحات الإسرائيلية مباشرةً.
من كان يظن أن عقله معصومٌ من الخضوع لتأثير دعاية الخصوم فهو واهمٌ، هذه منظوماتٌ ضخمةٌ تعمل باحترافيةٍ عاليةٍ، وتأثيرها في لاوعي الإنسان كبيرٌ.
في الحديث أنه "من أصغى إلى ناطقٍ فقد عبده، فإن كان ينطق عن الله فقد عبد الله وإن كان ينطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان". ولا يحتاج المرء إلى بصيرةٍ ثاقبةٍ ليعلم أن الإصغاء إلى العدو -بأي حجةٍ- يحقق أهدافه الإعلاميّة، وأن هذه حماقةٌ في الحرب والسلم.

قبل شهرٍ تمامًا، في الأول من تشرين الأوّل، عند الساعة الخامسة إلا ربع عصرًا، استهدف العدوّ شقةً في منطقة الجناح في بيروت كان الحاج ماجد موجودًا فيها، فارتقى إلى ربه شهيدًا في أشرف معركةٍ في تاريخ صراعنا مع الكيان المؤقت، الذي سننتصر عليه بفضل الله والتضحيات العظيمة التي قدمناها ولا زلنا، وبفضل ثبات شبابنا ومجتمعنا، وسيزول من الوجود على يدينا بإذن الله.

رحم الله من أهدى لروحه الصلاة على محمد وآل محمد.

https://www.group-telegram.com/us/mjtaba_ksr.com

BY مجتبى قصير




Share with your friend now:
group-telegram.com/mjtaba_ksr/821

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

As the war in Ukraine rages, the messaging app Telegram has emerged as the go-to place for unfiltered live war updates for both Ukrainian refugees and increasingly isolated Russians alike. "He has to start being more proactive and to find a real solution to this situation, not stay in standby without interfering. It's a very irresponsible position from the owner of Telegram," she said. That hurt tech stocks. For the past few weeks, the 10-year yield has traded between 1.72% and 2%, as traders moved into the bond for safety when Russia headlines were ugly—and out of it when headlines improved. Now, the yield is touching its pandemic-era high. If the yield breaks above that level, that could signal that it’s on a sustainable path higher. Higher long-dated bond yields make future profits less valuable—and many tech companies are valued on the basis of profits forecast for many years in the future. And while money initially moved into stocks in the morning, capital moved out of safe-haven assets. The price of the 10-year Treasury note fell Friday, sending its yield up to 2% from a March closing low of 1.73%. In view of this, the regulator has cautioned investors not to rely on such investment tips / advice received through social media platforms. It has also said investors should exercise utmost caution while taking investment decisions while dealing in the securities market.
from us


Telegram مجتبى قصير
FROM American