Telegram Group & Telegram Channel
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله عالم فاضل في الحديث، خدم السنة النبوية بخدماتٍ جليلةٍ لا يدانيه فيها أحد من المعاصرين.

ما ينتقد عليه في فن الحديثِ: إما اختيارٌ منهجيٌّ في أصول الحديث هو مسبوق إليه، يُنظر فيه، ويدفع بالحجة، أو غلطٌ من جنسِ أغلاطِ العلماء.

وقول القائل: «لا شيخ له» .. ذرٌّ للرَّماد في العيون، فالمدار في تقييم عالمٍ وقبول قوله على إتقانِه واستقامة قوله على قانون العلم.

وقد قالَ الذهبي في ابن خيران: «لم يبلغنا على من اشتغل ابن خيران، ولا عن من أخذ العلم»، وهو من أصحاب الوجوه في مذهب الشافعية، ولا خبرَ عن ذلك حتى قال التاجُ السبكيُّ رحمه الله: «لعله جالس في العلم وأدرك مشايخه».

وقيل في بعض العلماء: «لا أعلم له شيخًا مشهورًا»، ومتنه في فنه عمدة لكل طالبٍ.

وقد كتبَ السيوطيُّ شرحًا على الشاطبيةِ، ولا شيخ له في فن القراءات، قال العلامة القسطلاني: «وقد قال لي غير واحد عنه: إنه قال: لم يكن له في القراءاتِ شيخٌ، والله تعالى يَهَب من يشاء ما يشاء، لا مانع لما أعطى»، وصرح هو نفسه بذلك في «التحدث بنعمة الله» فقال عن فن القراءات: «ولم آخذها عن شيخ، فلذلك لم أُقْرِئها أحدًا؛ لأنها فنُّ إسنادٍ، وقد ألفت فيها التأليف البديع».

والإمام الغزالي رحمه الله صَرَّحَ في مقدمة «المنقذ من الضلال» أنه لا شيخ له في الفلسفة، فقال: «فشمرت عن ساق الجد في تحصيل ذلك العلم من الكتب بمجرد المطالعة من غير استعانة بأستاذ، وأقبلت على ذلك في أوقات فراغي من التصنيف والتدريس في العلوم الشرعية، وأنا ممنو بالتدريس والإفادة لثلاثمائة نفس من الطلبة ببغداد، فأطلعني الله سبحانه وتعالى بمجرد المطالعة في هذه الأوقات المختلسة على منتهى علومهم في أقل من سنتين».

نعم، لزوم الشيخ هو الأصل الغالب في الناس، وقلَّما يبلغ إنسانٌ شيئًا في فنٍّ بلا شيخٍ، وليس ذلك للمعلومات المتلقاةِ فقط أصلًا وتدقيقًا، بل لذلك النورِ والهداية التي تسري من الشيخ لتلميذه.

لكن قد يتخلف هذا الأصلُ، ويفتح الله على إنسانٍ بلا شيخ في فن معين، فيتقنه كأهله مع اعتبار اختلاف الزمانِ، ويكون غلطه من جنس أغلاطهم، لا من جنس الأجانب عن الفن.

هذا كله عن الشيخ في فن الحديثِ، أما الفقهُ ونحوه من العلوم فكلامه فيه كلامُ من ليس له تخصصٌ دقيقٌ، ولا مشاركة معتبرة.

وللشيخ رحمه الله مبالغاتٌ وقع جنسُها من المحدثين كقوله عن عالمٍ وليٍّ فاضلٍ: «لا يحسن يصلي»، وهي كلمة سيئة، وإنكاره بألفاظ شديدةٍ في مسائلِ خلاف سائغة، ومع ذلك فهي أغلاط يقع جنسُها في المحدثين، بل أحيانًا في الفقهاء، تنكر عليهم، ولا ينكر فضلهم.

وذلك كقولِ شُعْبة لسُويد بن عبد العزيز في أبي الزبير: «لا تكتب عن أبي الزبيرِ؛ فإنه لا يُحْسِن يُصَلِّي»، وهي كلمة شديدةٌ، إذا كان أبو الزُّبيرِ لا يُحسنُ يُصلِّي فمن ذا الذي يحسن، وهل بلغ شُعبةَ رحمه الله كلُّ حديثٍ في الصلاة، وإذا كان بلغه ألازمٌ أن يفهمه الناسُ جميعًا كما فهمه.

كلُّ ذلك يمكن أن يكتبَ تحت هذه الكلمة، روى أهلُ العلمِ هذه الكلمة في ترجمة أبي الزبير، وردوها على شُعبة حافظين لأبي الزبير حقه، وما كان ردهم إياها إسقاطًا لشعبة، ولا جحدًا لفضله.
علّق مغلطاي رحمه الله على هذه الكلمة فقالَ: «وقولُ شعبة: (لا يُحْسِن يُصَلّي) فهو تحاملٌ وغِيبة، وقد حدّث عنه».

ومن المبالغة في الإنكار في مسائلَ سائغة = ما وقع بين الأوزاعي وسفيان الثوريِّ في مِنى، في مسألة رفعِ اليدين في الهوي للركوع والرفع منه، أي: مسألة من مسائل سننِ الصَّلاة، من مسائل صفة الصلاة.
قال الأوزاعي للثوري: «لِمَ لا ترفَعُ يديك في خفض الركوع ورفعه؟»، فقال الثوري: «حدثنا يزيدُ بن أبي زياد ...»، وذكرَ الحديثَ، فقال الأوزاعي: «رَوَى لك الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي ﷺ، وتعارضني بيزيد، رجل ضعيف الحديث، وحديثه مخالف للسنة؟!»، فاحمَرّ وجهُ سفيان، فقال الأوزاعي: «كأنك كرهت ما قلتُ؟، قال الثوريُّ: «نعم».
فقال: «قُم بنا إلى المقامِ نلتَعِنُ أينا على الحق»، فتبسم سفيان لَمّا رآه قد احتد.

والخلاصة:


الشيخ عالم فاضل في الحديث، الناسُ فيه طرفانِ ووسط:
طرف يريدُ أن يحملَ الناسَ على اختيارته الحديثية، فينكرُ على مخالفيه بأقواله في التصحيح والتضعيف على أنه قول فصل، وهذا رأيتُهُ.
وطرف يريد أن يسلبَ الرجلَ كلَّ فضيلةٍ، تارة لخلافٍ عقدي، ولو كان موافقًا لوصف بالعلامة دون نظر إلى قرائن أخرى، وتارة حسدًا؛ لذيوع صيتِهِ في الناس وكثرة تردادِهم: «صححه الألباني، وضعفه الألباني».
وطرفٌ يعرف للرجل حقه، لا ينزع عنه وصفُ العالمية بالحديثِ، وما وقع له من كلام في غيره، وغلط فيه .. فهو مثل ما يقع للإنسان في العلوم التي يتكلم فيها من غير تخصص دقيق ولا مشاركة معتبرة، وما وقع له من مبالغةٍ وخطأ يُرَدّ.

أسأل الله أن يغفر لنا وللشيخ، وأن يجمعنا به في جنات النعيم إخوانًا على سرر متقابلين، وأن يجزيه عنا خير الجزاء.



group-telegram.com/mohamed_salim/1745
Create:
Last Update:

الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله عالم فاضل في الحديث، خدم السنة النبوية بخدماتٍ جليلةٍ لا يدانيه فيها أحد من المعاصرين.

ما ينتقد عليه في فن الحديثِ: إما اختيارٌ منهجيٌّ في أصول الحديث هو مسبوق إليه، يُنظر فيه، ويدفع بالحجة، أو غلطٌ من جنسِ أغلاطِ العلماء.

وقول القائل: «لا شيخ له» .. ذرٌّ للرَّماد في العيون، فالمدار في تقييم عالمٍ وقبول قوله على إتقانِه واستقامة قوله على قانون العلم.

وقد قالَ الذهبي في ابن خيران: «لم يبلغنا على من اشتغل ابن خيران، ولا عن من أخذ العلم»، وهو من أصحاب الوجوه في مذهب الشافعية، ولا خبرَ عن ذلك حتى قال التاجُ السبكيُّ رحمه الله: «لعله جالس في العلم وأدرك مشايخه».

وقيل في بعض العلماء: «لا أعلم له شيخًا مشهورًا»، ومتنه في فنه عمدة لكل طالبٍ.

وقد كتبَ السيوطيُّ شرحًا على الشاطبيةِ، ولا شيخ له في فن القراءات، قال العلامة القسطلاني: «وقد قال لي غير واحد عنه: إنه قال: لم يكن له في القراءاتِ شيخٌ، والله تعالى يَهَب من يشاء ما يشاء، لا مانع لما أعطى»، وصرح هو نفسه بذلك في «التحدث بنعمة الله» فقال عن فن القراءات: «ولم آخذها عن شيخ، فلذلك لم أُقْرِئها أحدًا؛ لأنها فنُّ إسنادٍ، وقد ألفت فيها التأليف البديع».

والإمام الغزالي رحمه الله صَرَّحَ في مقدمة «المنقذ من الضلال» أنه لا شيخ له في الفلسفة، فقال: «فشمرت عن ساق الجد في تحصيل ذلك العلم من الكتب بمجرد المطالعة من غير استعانة بأستاذ، وأقبلت على ذلك في أوقات فراغي من التصنيف والتدريس في العلوم الشرعية، وأنا ممنو بالتدريس والإفادة لثلاثمائة نفس من الطلبة ببغداد، فأطلعني الله سبحانه وتعالى بمجرد المطالعة في هذه الأوقات المختلسة على منتهى علومهم في أقل من سنتين».

نعم، لزوم الشيخ هو الأصل الغالب في الناس، وقلَّما يبلغ إنسانٌ شيئًا في فنٍّ بلا شيخٍ، وليس ذلك للمعلومات المتلقاةِ فقط أصلًا وتدقيقًا، بل لذلك النورِ والهداية التي تسري من الشيخ لتلميذه.

لكن قد يتخلف هذا الأصلُ، ويفتح الله على إنسانٍ بلا شيخ في فن معين، فيتقنه كأهله مع اعتبار اختلاف الزمانِ، ويكون غلطه من جنس أغلاطهم، لا من جنس الأجانب عن الفن.

هذا كله عن الشيخ في فن الحديثِ، أما الفقهُ ونحوه من العلوم فكلامه فيه كلامُ من ليس له تخصصٌ دقيقٌ، ولا مشاركة معتبرة.

وللشيخ رحمه الله مبالغاتٌ وقع جنسُها من المحدثين كقوله عن عالمٍ وليٍّ فاضلٍ: «لا يحسن يصلي»، وهي كلمة سيئة، وإنكاره بألفاظ شديدةٍ في مسائلِ خلاف سائغة، ومع ذلك فهي أغلاط يقع جنسُها في المحدثين، بل أحيانًا في الفقهاء، تنكر عليهم، ولا ينكر فضلهم.

وذلك كقولِ شُعْبة لسُويد بن عبد العزيز في أبي الزبير: «لا تكتب عن أبي الزبيرِ؛ فإنه لا يُحْسِن يُصَلِّي»، وهي كلمة شديدةٌ، إذا كان أبو الزُّبيرِ لا يُحسنُ يُصلِّي فمن ذا الذي يحسن، وهل بلغ شُعبةَ رحمه الله كلُّ حديثٍ في الصلاة، وإذا كان بلغه ألازمٌ أن يفهمه الناسُ جميعًا كما فهمه.

كلُّ ذلك يمكن أن يكتبَ تحت هذه الكلمة، روى أهلُ العلمِ هذه الكلمة في ترجمة أبي الزبير، وردوها على شُعبة حافظين لأبي الزبير حقه، وما كان ردهم إياها إسقاطًا لشعبة، ولا جحدًا لفضله.
علّق مغلطاي رحمه الله على هذه الكلمة فقالَ: «وقولُ شعبة: (لا يُحْسِن يُصَلّي) فهو تحاملٌ وغِيبة، وقد حدّث عنه».

ومن المبالغة في الإنكار في مسائلَ سائغة = ما وقع بين الأوزاعي وسفيان الثوريِّ في مِنى، في مسألة رفعِ اليدين في الهوي للركوع والرفع منه، أي: مسألة من مسائل سننِ الصَّلاة، من مسائل صفة الصلاة.
قال الأوزاعي للثوري: «لِمَ لا ترفَعُ يديك في خفض الركوع ورفعه؟»، فقال الثوري: «حدثنا يزيدُ بن أبي زياد ...»، وذكرَ الحديثَ، فقال الأوزاعي: «رَوَى لك الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي ﷺ، وتعارضني بيزيد، رجل ضعيف الحديث، وحديثه مخالف للسنة؟!»، فاحمَرّ وجهُ سفيان، فقال الأوزاعي: «كأنك كرهت ما قلتُ؟، قال الثوريُّ: «نعم».
فقال: «قُم بنا إلى المقامِ نلتَعِنُ أينا على الحق»، فتبسم سفيان لَمّا رآه قد احتد.

والخلاصة:


الشيخ عالم فاضل في الحديث، الناسُ فيه طرفانِ ووسط:
طرف يريدُ أن يحملَ الناسَ على اختيارته الحديثية، فينكرُ على مخالفيه بأقواله في التصحيح والتضعيف على أنه قول فصل، وهذا رأيتُهُ.
وطرف يريد أن يسلبَ الرجلَ كلَّ فضيلةٍ، تارة لخلافٍ عقدي، ولو كان موافقًا لوصف بالعلامة دون نظر إلى قرائن أخرى، وتارة حسدًا؛ لذيوع صيتِهِ في الناس وكثرة تردادِهم: «صححه الألباني، وضعفه الألباني».
وطرفٌ يعرف للرجل حقه، لا ينزع عنه وصفُ العالمية بالحديثِ، وما وقع له من كلام في غيره، وغلط فيه .. فهو مثل ما يقع للإنسان في العلوم التي يتكلم فيها من غير تخصص دقيق ولا مشاركة معتبرة، وما وقع له من مبالغةٍ وخطأ يُرَدّ.

أسأل الله أن يغفر لنا وللشيخ، وأن يجمعنا به في جنات النعيم إخوانًا على سرر متقابلين، وأن يجزيه عنا خير الجزاء.

BY قناة الشيخ محمد سالم بحيري


Warning: Undefined variable $i in /var/www/group-telegram/post.php on line 260

Share with your friend now:
group-telegram.com/mohamed_salim/1745

View MORE
Open in Telegram


Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

Pavel Durov, a billionaire who embraces an all-black wardrobe and is often compared to the character Neo from "the Matrix," funds Telegram through his personal wealth and debt financing. And despite being one of the world's most popular tech companies, Telegram reportedly has only about 30 employees who defer to Durov for most major decisions about the platform. The gold standard of encryption, known as end-to-end encryption, where only the sender and person who receives the message are able to see it, is available on Telegram only when the Secret Chat function is enabled. Voice and video calls are also completely encrypted. So, uh, whenever I hear about Telegram, it’s always in relation to something bad. What gives? Pavel Durov, Telegram's CEO, is known as "the Russian Mark Zuckerberg," for co-founding VKontakte, which is Russian for "in touch," a Facebook imitator that became the country's most popular social networking site. The Security Service of Ukraine said in a tweet that it was able to effectively target Russian convoys near Kyiv because of messages sent to an official Telegram bot account called "STOP Russian War."
from us


Telegram قناة الشيخ محمد سالم بحيري
FROM American